وهذا الحديث ظعفه اكثر اهل العلم بينما رأى اخرون ان العقد يصح وان الشرط يبطل واستدلوا على ذلك بحديث بريرة حيث صحح النبي صلى الله عليه وسلم شراء عائشة لها وافضل واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان محمدا عبده ورسوله. صلى الله عليه وعلى اله واصحابه واتباعه وسلم تسليما كثيرا الى يوم الدين. اما بعد فاسأل الله الله فيك وعليكم السلام حياك الله الله يوفقك ممتاز بارك الله فيك والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته حياك الله كيف حالك ممكن دعاء الله يجزاكم خير ادع لنا الحمد لله رب العالمين نحمده ونثني عليه ونشكره على نعمه ونسأله المزيد من فضله جل وعلا ان يستعملنا واياكم في طاعته. وان يجعلنا واياكم من اهل عبادته. وهذا مجلس ثالث من مجالس قراءة كتاب الاجتهاد من كتاب الموافقات للعلامة رحمه الله تعالى حيث ذكر المؤلف عددا من الاحكام المتعلقة بالاجتهاد ومنها ما نبه عليه المؤلف المجتهدين من وجوب النظر الى مآلات الافعال اي ما تصير اليه وما ينتج عنها فان النظر في مآلات الافعال من الامور المعتبرة شرعا المقصودة في دين الله جل وعلا سواء كانت سواء كانت موافقة للشرع او مخالفة له. فاذا سئل الفقيه المجتهد عن بيع السكين او السلاح نظر في حال نظر في حال المشتري. ماذا سيفعل بهذه السكين وهل الغالب على اهل الزمان ان يستعملون مثل هذه الالة في مخالفة الشرع بسفك وانتهاك الحرمات او نحو ذلك. وحينئذ لابد ان يعلم ان الفعل وان كان اصله على الاباحة او كان اصله على الحظر فانه قد يختلف حكمه باعتبار ما يؤول اليه وما يحققه من مصالح يريدها الشرع او يدرأ به من الشر والفساد فمن سأل عن اكل لحم الميتة اجيب بالنظر في حاله هل هو مضطر اليها او كان غير مضطر اليها. وليعلم بان اعظم ما يدل على هذا الاصل ان قد رغبت المكلفين ان ينظروا الى مآلات الامور في اخرتهم. فان العباد سينتقلون عن هذه الدار الى الدار الاخرة. ومن ثم اوجب الله عز وجل على المؤمنين ان تكون مقاصدهم الاخروية بحيث يريدون بذلك الاخرة. فمطالبة الشرع للمؤمنين بان تكون مقاصدهم اخروية مما يدل على ان مآلات الافعال معتبرة. قال تعالى من كان يريد العاجلة عجا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنم يصلاها مذموما مدحورا. ومن اراد الاخرة دعا لها سعيها وهو مؤمن فاولئك كان سعيهم مشكورا. فهذا دليل على ان يجب عليه ان ينظر الى مالات الامور وما تعود عليه. ويدل على ذلك ان الشريعة قد عللت كثيرا من الاحكام بما توصل اليه وتؤول اليه. فمثلا قال تعالى يا ايها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون. فاوجب العبادة من من اجل تحصيل امر يأتي للعباد في مستقبل ايامهم من هذه العبادة الا وهو التقوى ويدل على ذلك ايضا ان الشريعة قد امرت المؤمنين بان يلاحظوا ما تؤول اليه اهل افعالهم ومن هنا قال تعالى ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علما فحرم سب الهة المشركين لئلا يوصل ذلك الى ان يسب رب العالمين جل وعلا ومن ذلك قول الله سبحانه وتعالى ولكم في القصاص حياة يا اولي الالباب لعلكم تتقون فانه قد اوجب القصاص وجعل القصاص من اسباب استمرار الحياة لان لا لان لا يتدافع الناس وينتهك حرمة الدماء. مما يدل على ان المآلات معتبرة في الشريعة. ومن هنا ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة لولا ان قومك حديث عهدهم بكفر لهدمت البيت ولبنيته على قواعد ابراهيم فقد لاحظ مآلات الامور ومثله تركه لقتل اهل النفاق. وجاء في حديث انس في الصحيح ان اعرابيا بال في المسجد فهم الصحابة ان يزرموه فامر النبي صلى الله عليه وسلم اصحابه حتى يتم بوله لان لا ينجس مواطن اخرى من المسجد. ومما يدل على ملاحظة مالات الامور ان النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الغلو في العبادة والتشديد فيها بان لا يؤدي ذلك الى الانقطاع. ومما ترتب على ملاحظة مآلات الامور في الفتوى ان الشريعة قد جاءت بسد الذرائع اي المنع من الطرق المؤدية الى المفاسد والمحرمات وسد الذرائع اصل مقرر في الشريعة وهو مما جاءت به الشرائع وكلها ومما يسير عليه العقلاء كلهم. فاذا نظرت في مسائل الطب مثلا وجدت ان هناك عددا من الاجراءات الاحترازية والوقائية التي تكون من اسباب دفع الامراض قبل وقوعها كالتطعيمات ونحو ذلك. وهكذا ايضا في سائر العلوم. فهذه الامنية وهذه هي وهذه هي التي يقال لها اجراءات السلامة هي من هذا الباب. وسد طائع ليس امرا اعتباطيا وانما هو مبني على قواعد وعلى اسس لابد ان يلاحظها وما ورد عن بعض الائمة انه لم يلتفت الى اه هذا الاصل في بعض المسائل كالامام الشافعي في بعض مسائل الربا لا يعني انه لم يقل بسد الذرائع في مسائل اخرى فشدوا الذرائع في اصله باب معتبر عند جميع العلماء. وان اختلفت التطبيقات انهم في بعض المسائل. ومما يدل على هذا الاصل ما جاءت به الشريعة من منع التعاون على الاثم والعدوان في قوله تعالى وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان فان اي فعل سينتج عنه ان يكون هناك ايداع او شيء من المآثم والمعاصي والذنوب فان تنهى عن الطرق الموصلة اليه. ومن هنا يظهر ان قاعدة سد الذرائع قاعدة معتبرة عند اهل العلم متفق عليها في الجملة وانما الخلاف في بعض تطبيقاتها ومما ينبني على اصل النظر في مآلات الافعال ما يتعلق بامور الحيل فان قد نهت عن الخديعة وبينت ان اصحاب الخديعة والحيلة يعود هذا عليهم بالظرر دنيا واخرة. والتحيل لاسقاط الاحكام الشرعية من طرق غير واردة في الشريعة مما قد اكدت الشريعة على تحريمه. ومنه نجاة في كتاب الله عز وجل ذكر اصحاب السبت الذين لما منعوا من الصيد في يوم السبت نصبوا شباكهم في يوم الجمعة واخذوا هذه الشباك في يوم الاحد بزعم انهم لم يصيدوا في يوم السبت. فقلبهم الله عز وجل وخنازير ولم تنفعهم هذه الحيلة. ومما ينبني على قاعدة النظر في مآلات الافعال قاعدة مراعاة الخلاف التي اشرنا فيها اشرنا اليها في لقائنا السابق وذلك ان الممنوعات في الشرع اذا وقعت فلا بد ان يلاحظ العبد ان ذلك الواقع لابد ان دون قد تنزه فيه عن مخالفة امر الشرع. وفمن واقع منهيا عنه فقد يكون فيما يترتب عليه من الاحكام امور زائدة بحكم التبعية لا بحكم الاصالة. ومن امثلة هذا مثلا ان من زنا بامرأة اجنبية متزوجة فان عليه اثم الزنا وعليه ايضا اثم افساد الفراش وعليه اثم ما سيفعله ذلك الابن الذي جاء من ما له من ماله من كونه يأخذ نصيبا من الميراث وكونه قد يتزوج وكونه قد يدخل على من ليسوا من محارمه وهذا كله نظر وترتيب الاحكام على ما يؤول اليه الحكم. ومن الامور التي بنيت على هذه القاعدة قاعدة النظر في مآلات الافعال قاعدة الاستحسان والمراد بالاستحسان ترك القياس لوجود دليل خاص ترك القياس في بعض مواطنه لوجود دليل خاص بان تكون العلة التي جاء الشرع باعتبارها وترتيب حكم من عليها لا يستمر معها حكمها في بعظ مواطنها. ومن امثلة ذلك ان قد جاءت بتحريم الربا. قد جاءت بتحريم الربا. والربا اخذ ومن الربا فاخذ نقد بنقد يستفيد احدهما من هذا دون الاخر. وهذا اصل مقرر في الشريعة لكن استدنت الشريعة من ذلك مسائل القرظ فان القرظ في الاصل ربا لانه درهم بدرهم واحدهما مؤجل ولكن الشارع اباحه لما فيه من اه الرفق بالعبادة والتوسعة عليهم. ومن امثلة هذا ان الاصل وجوب اداء الصلوات في اوقاتها لقوله تعالى ان الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا. لكن في بعض المواطن اجاز الشرع جمع الصلاتين كما في حال السفر وحال المطر ونحو ذلك. فهذا يقال له رخصة ويقال له استحسان فان السبب والعلة التي رتب الحكم عليه وهو اداء الصلاة في اوقاتها هو دخول الاوقات وهذه العلة موجودة بالنسبة لحال المطر وحال السفر لكن الشارع لكن الشارع رخص في هذه المسائل. ولذا فسر ابن العربي الاستحسان بانه ترك مقتضى الدليل في بعض مواطنه على طريق الاستثناء والترخص لوجود ما يعارض ذلك الدليل وهذا قد يكون لدليل من الكتاب او من السنة او من الاجماع وقد يكون من العرف وقد يكون من مصلحة قد جاء الشرع باعتبارها. والقول بالاستحسان من الامور التي من الامور التي يقررها اهل العلم. ومما بني على هذه القاعدة قاعدة النظر في مآلات الافعال ان الامور الضرورية التي يترتب على فقدها اضطراب حياة او فقدان نعيم الاخرة اذا اكتنفتها امور خارجية لا ترضى شرعا فان اقدامه على جلب المصلحة العظمى ملاحظ في الشريعة بحسب الاستطاعة في نفي ذلك الاثم. ومن امثلة هذا ان طلب العلم من الامور الظرورية التي يحتاج اليها لانها تنقذ العباد من الجهل الذي يترتب عليه فوات نعيم الدنيا والاخرة. لكن اذا كان طلب العلم يترتب في طريقه شيء من المعاصي كما لو كان آآ يسمع شيئا من المعاصي في طريقه الى طلب العلم علم او يراها او كان مثل ذلك في نحوها من المسائل فاننا نقول باننا نلاحظ مآلات الافعال وعواقب الامور وبالتالي نقول مصلحة طلب العلم هنا اعظم ومثل هذا مثلا اقامة الوظائف الشرعية والواجبات الدينية من مثل اقامة في جنازة او نحوها اذا لم يقدر على اقامتها الا بمشاهدة ما لا يرتضى فحين ان نلاحظ مآلات الافعال وعواقب الامور فلا نخرج ونترك هذا الواجب الشرعي من اجل هذا العارظ الذي عرظ عليها. من القواعد من المسائل التي تكلم عنها المؤلف مسألة عن اسباب الاختلاف الواقع بين اسباب خلاف الواقع بين حملة الشريعة. فان اختلاف العلماء ليس امرا اعتباطيا. وليس امرا ناشئا عن اه هوى مجرد وانما هو ناشئ عن اصول وقواعد بنوا عليها اقوالهم وهذا ناتج عن احوال منها ان يكون هناك اختلاف في بعض قواعد الفهم سواء كان الاختلاف في اصل القاعدة كاختلافهم في قاعدة العمل بمفهوم المخالفة حيث رآه الجمهور خلافا للحنفية او كان ذلك الاختلاف في بعض شروط القاعدة هل ذلك الامر مشترط كشروط اعمال الاوامر وحملها على الوجوب و من امثلة ذلك ما ما لو ورد الامر بعد النهي. فان بعض العلماء يقول هذا صارف للامر عن مقتضاه من الوجوب الى الاباحة بينما قال اخرون هو باق على اصل مقتضاه من دلالته على الوجوب وكذلك من اسباب الاختلاف وقوع الاشتراك في بعض الالفاظ. والمراد بالاشتراك ان يكون هناك لفظ واحد يدل على معان متعددة كل منها اصل وضعي مستقل كما في لفظة العين التي تطلق على العين الباصرة والعين الجارية. وهكذا في لفظة القرء لقوله تعالى والمطلقات يتربصن بانفسهن ثلاثة قرون. فان بعض اهل العلم حمله على ان المراد به الاطهار كقول مالك والشافعي وبعضهم حمله على انه الحيض كما هو مذهب ابي حنيفة واحمد رحمة الله على الجميع. فلفظ القرء لفظ مشترك. يطلق على هذين المعنيين وبالتالي وقع الاختلاف بين العلماء في ذلك. ومن هذا من اسباب الاختلاف ان يكون هناك لفظ فله حقيقة وله مجاز فيقع التردد هل المراد بذلك اللفظ؟ حقيقته او المراد به مجازه او المراد به مجازه. ومن امثلة هذا مثلا في قوله تعالى الله في اولادكم فان لفظ الولد هو يطلق على ولد الصلب ولكن هل يطلق على ولد الولد اسمه الولد مجرد هذا انما يطلق على سبيل المجاز فهل في الاية دلالة على ميراث الاحفاد اولى ووقع التردد في ذلك والاختلاف بناء على اختلاف فيهم في قاعدة تردد اللفظ بين حقيقته ومجازه. وهكذا من اسباب الاختلاف ان يكون هناك دليل يقع على الاختلاف فيه هل يستقل بالحكم وحده؟ او لابد له من عظيد ومن امثلة هذا مثلا في قول النبي صلى الله عليه وسلم انما الاعمال بالنيات وانما لكل امرئ ما نوى. فهذا حديث صحيح فوقع الاختلاف بين العلماء هل يصح ان يستقل بالحكم وبالتالي نوجب النية في الوضوء وفي الاغتسال او لا وفي الطواف او لا يستقل بالحكم ويحتاج الى من يعضده وبالتالي فانه لا يقيد ما ورد من النص في قوله تعالى وليطوفوا بالبيت العتيق. وقول يا ايها الذين امنوا اذا قمتم الى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وايديكم الى المرافق. ومن انزلة هذا ايضا ما ذكره المؤلف من مسألة البيع والشر فاذا كان هناك بيع وشرط فما الحكم؟ فان بعض اهل العلم قال يبطل العقد يرضوا اخذا من الحديث الوارد آآ ان النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع وشرط الذي اشترطه بائعوها بان يكون الولاء لهم بينما رأى اخرون ان العقد يصح وان شرط يصح ويظاع واستدلوا عليه بما ورد في حديث جابر انه ان النبي صلى الله عليه وسلم اشترى منه بعيرا فاشترط جابر حملانه الى المدينة. وهكذا ايضا قد يقع الاختلاف بين العلماء في نص هل هو باق على عمومه؟ او قد ورد عليه مخصصات؟ ومن امثلة ذلك في قوله تعالى قال لا اكراه في الدين فان بعض اهل العلم قال هو دليل عام يشمل اهل الكتاب والمجوس واصحاب الاخرى كما هو مذهب الامام مالك. بينما رأى اخرون انه خاص باهل الكتاب والمجوس فقط وهكذا ايضا قد يقع الاختلاف بسبب اختلاف الروايات. ومن امثلة هذا ان بريرة لما اعتقت خيرها النبي صلى الله عليه وسلم في البقاء مع زوجها فاختارت نفسها واختارت فراق زوجها. لكن وقع الاختلاف بين الرواة هل كان زوجها حرا حين ذاك؟ او كان مملوكة وترتب عليه مسألة هل المعتقة تحت حر لها الخيار كالمعتقة تحت مملوك وهكذا قد يقع الاختلاف بسبب الاختلاف في القياس او في آآ النسخ او في اه ورود قرائن تصرف اللفظ عن دلالته الاصلية. اذا تقرر هذا فان الخلاف الذي قد ينقل بعضه يعتبر ويلاحظ ولابد من ملاحظته في مسائل الاختلاف بحيث اذا اراد فقيه ان يفتي في تلك المسألة فلا بد ان ينظر الى ذلك الخلاف وان يحققه وان يقارن بين الاقوال ليعرف الراجح من في تلك المسائل بينما هناك اقوال لا يلتفت اليها ولا يعول عليها ولا يلزم الفقيه المجتهد ان ينظر اليها عند افتائه في المسائل. ومن ذلك ما ذكرناه من الفتاوى الشاذة التي تخالف دليلا مقطوعا به في الشريعة سواء كان من الكتاب او من السنة او من باجماع او مما اه كان تواردت عليه قواعد شرعية متعددة. وهكذا يضع مما لا ينظر اليه الخلاف الذي ليس له حقيقة. فهناك مسائل يحتى فيها فاذا محصت المسألة وجدت انه لا خلاف فيها. فمرة يختلفون في اللفظ هذا نسميه فرض وذاك يسميه واجب ويرتبون عليه من الاحكام ما يتوافقون عليه فهذا ليس خلافا حقيقيا. وهكذا اذا كان هناك لفظ واحد قد فسر بتفسير متعددة كل فقيه لاحظ معنى من معاني اللفظ وذلك اللفظ يصدق على تلك المعاني جميعا فحينئذ لا يوجد اختلاف حقيقي. ومن امثلة هذا مثلا ان لفظة القمح قد يفسرها بعضهم بانه ما يصنع منه الخبز وبعضهم يفسرها بانه اذا طحن كان منه الدم فهذا لا اختلاف فيه حقيقة. ومثله ايضا ما كان غير ناف لغيره من الاقوال ومن هذا القراءات المتواترة فانه لا اختلاف بينها. لانها كلها ثابتة والقراءة الثابتة لا تنفي القراءة الثابتة الاخرى. وانما تقررها وبالتالي لا يوجد اختلاف حقيقي في حقيقة الامر. ومن ذلك ايضا ان يذكر احد الاقوال على جهة التفسير اللغوي والاخر يلاحظ فيه المعنى وان لم يلاحظ فيه اللفظ فان اللفظ دال عليهما يدل على المعنى ويدل على اه التفسير اللغوي ومن ذلك الا يتوارد الخلاف على محل واحد. فمرة مثلا نجد ان بعض اهل العلم قال هذه هذا الفعل لا يجوز. هذا الفعل لا يجوز. ونجد فقيها اخر يقول هذا الفعل يصح فهنا الاختلاف احدهما قال الفعل لا يجوز والاخر قال بان الفعل يصح في حقيقة الامر لم لم تتوارد اقوالهم على محل واحد ومن ثم لا يعد هذا من مسائل اختلاف من امثلة هذا مثلا لو ذكى الذبيحة بسكين ذهب فان التذكية فان استعمال سكين من الذهب حرام يأثم فاعله لكنه لكنه لا ينفي صحة التذكية جواز الاكل من تلك الذبيحة. وهكذا من اه الاختلاف الذي يتبع اه هذا الاصل ولا لا يحسن ملاحظته ان يقع الاختلاف في العمل لا في الحكم فمثلا اذا كان فقيه يوتر اول الليل وفقيه اخر يوتر اخر الليل فحين اذ لا يوجد اختلاف حقيقي بين هذين القولين ومن امثلة هذا مثلا في الفاظ الاذان فانه قد ورد الاذان بصيغتين صيغة رواها كان يقولها بلال ويؤذن بها في المدينة وصيغة كان يؤذن بها ابن ابو محذورة في مكة. فهنا لا اختلاف بين هذين الاذانين. فاذا قال احمد وابو حنيفة اذان بلال وقال الشافعي ومالك باذان ابي محذورة فلا يوجد اختلاف بين القولين. ومن المسائل التي الحقها المؤلف بهذا الباب ما رجع عنه الفقيه والمفتي. فاذا افتى المفتي بفتواه. ثم بعد ذلك تبين له ان الحق في غيرها. فرجع عنها واصبح يقول بقول اخر في المسألة فهذا القول المرجوع عنه هل يعتبر في الخلاف ويلاحظ في الفتوى ويتراجع ادلته ويقارن بغيره من الاقوال او لا هذا من مواطن من الخلاف بين الاصوليين والمؤلف قد اختار ان الرجوع ان رجوع الفقيه عن القول يعني اطراح ذلك القول وترك له ونسخ له. وان كان طائفة من الاصوليين يقولون بانه ينسب الى الفقيه جميع القولين. وهكذا قد يكون هناك لفظ واحد او مسألة واحدة الفقيه فيها احتمالات متعددة فهذا من باب توسيع المعاني ولا يعد من الخلاف الحقيقي وهكذا ايضا قد يقع الخلاف في تنزيل معنى واحد فيحمله قوم على المجاز ويحمله اخرون على الحقيقة. فهنا الاختلاف في تفسير اللفظ لا في الحكم الشرعي. ومن ان امثلة من ذلك ايضا ان يقع الخلاف في التأويل وصرف الظاهر من اللفظ عن مقتضاه اللغوي لوجود دليل خارجي في المسألة. ومثل المؤلف لذلك بمسألة خيار المجيء فان النبي صلى الله عليه وسلم قال البيعان بالخيار ما لم يتفرقا قال الشافعي واحمد المراد التفرق بالابدان. وقال مالك وابو حنيفة المراد التفرق الاقوال وحينئذ نفيا خيار المجلس. قال المؤلف هنا اذا نظرت في حقيقة الامر وجدت انه لا يوجد خلاف حقيقي بين اقوالهم. فان فان مقصود كل متأول معرفة مقصود الشارع بهذا اللفظ. وحينئذ فهما انما اراد الحكم الشرعي الذي قصده الشارع في تلك المسألة. ومن ثم كانت اقوالهم ليس بينها خلاف حقيقي. وحينئذ رتب المؤلف على هذا ان جميع الخلافات التي اين الفقهاء ترجع في حقيقتها الى وفاق لا الى اختلاف. ودلل على ذلك بان الشريعة انما الصواب فيها في احد الاقوال فكل منهم يعمل بما يغلب على ظنه انه صواب وانه حكم الله تعالى. وحكم الله في حق كل واحد منهم العمل ما غلب على ظنه. ولذلك نجد ان كل واحد من الفقيهين يوجب على الفقيه الاخر ان يأخذ باجتهاد ذلك الفقيه الاخر. ويمنعه من ان يقلده فلو قال فلم يوجب مالك على الشافعي ان يأخذ بقوله في خيار المجلس ويرى انه يلزمه ان يعمل باجتهاد نفسه. ولذلك نجد ان الصحابة كانوا يختلفون في المسائل ومع ذلك يوالي بعظهم بعظا ويوجب كل واحد منهم على الاخر ان يأخذ باجتهاد نفسه باجتهاد صاحبه بل ولى بعضهم بعضا القضاء وانواع الولايات جعلوهم يحكمون بناء على اجتهاداتهم مع انها قد تخالف اجتهاد من من ولاهم وكلفهم بذلك العمل. ولذلك وجدنا بينهم من الموالاة والتحاب ومع وجود الاختلاف بينهم في مسائل الاجتهاد فاصبحوا امة واحدة ولم يكونوا شيعا ولا تفرقوا فرقا. وكما اننا فيما سبق مما ذكرناه ان الاختلاف في الاذان لا يدل على وجود اختلاف حقيقي فهكذا فيما لو وجد اختلاف بين وهكذا ما لو اختار بعض الناس عبادة واختار اخرون عبادة اخرى فهذا لا يعني انهم متفرقون هذا يصلي وذاك يطوف هل هم مختلفون متنازعون؟ نقول لا ولا ايظا ان الفقهاء المختلفين اجازوا للمقلدين الاخذ بفتاوى من يرون امامته وعلمه ولم يمنعوهم من تقليد غيرهم من المفتين. وذلك ان ان الخلافة الواقعة بينهم لم يشاء عن هوى وانما نشأ عن اسباب مراجعة الى دلالة النصوص بخلاف الاختلافات التي تكون مع الفرق الاخرى فانها لما نشأت عنها واصبحت مؤدية الى الفرقة والتقاطع والعداوة والبغضاء وذلك لان الاهواء غير متفقة ومن هنا قال النبي صلى الله عليه وسلم كل بدعة ضلالة وذلك لان صاحبها مخطئ مع انه يتوهم انه يتقرب لله بذلك. وحينئذ نعلم ان العلماء قد وقع بينهم التآلف والتحاب مع اختلافهم في المسائل وذلك انهم جميعا يعملون بما يرون ان النص الشرعي قد دل عليه. و اقوال اهل البدع التي يذكرها اهل العلم انما نقلوها في كتبهم من اجل ان يرد من اجل ان يردوها ويبينوا مخالفتها للدليل الشرعي. وحينئذ يعلم بان مقصود الفقيه هو اتباع الشريعة والعمل بالنصوص كتابا وسنة. لكن لما دخل بعض من ليس من اهل الفقه في ابواب الاجتهاد كان ذلك من اسباب وجود عدد من المنازعات الناشئة عن غير اجتهاد صحيح من الامور التي ينبه عليها انقسام من ينتسبون الى طلب العلم الى ثلاثة اقسام لكنهم لم يمتثلوا فدخل على ام سلمة كالمغضب فقال اما ترين ان قومك امرتهم فلا يأتمرون فارشدتهم ان يفعل امامهم. ففعل بالذبح والحلق فساروا على طريقته صلى الله عليه وسلم. ولما القسم الاول من درسوا جزئيات الشريعة ومسائلها الفروعية بحيث يحفظون هذه المسائل ويعرفون القول قول ائمتهم فيها. فهؤلاء هم الدرجة الاولى من طلبة العلم وهؤلاء لن يصلوا الى درجة الاجتهاد. ولا يجوز الاستفتاء لهم ولا العمل باقوال ولا تقليدهم ومثل هؤلاء لا زالوا في حاجة الى مواصلة طلب العلم بحيث ارفعوا معلمهم عنهم الاوهام التي تقع في نفوسهم والاشكالات التي قد تعرض لهم في طريق وحينئذ على من كان في هذه الحال ان يلاحظ المعاني التي اه الشريعة ببناء الاحكام عليها و المقصود ان هذا النوع لا يصح له ان يكون من اهل الاجتهاد ولا يجوز الاعتماد على قوله ولا تقليده في فتاواه النوع الثاني من بكثرة مزاولة لمسائل الفروع عرف المعاني الكلية التي جاءت بها الشريعة. وتناسى الفروع الجزئية. فهذا النوع مع الاختلاف بين اهل العلم هل يعد من اهل الاجتهاد؟ وهل يجوز الرجوع اليه واستفتاؤه؟ وهل يجوز او لا ومن رأى جواز تقليد هذا النوع وانهم من اهل الاجتهاد قال بان هذا النوع قد اتضح له المقصود الشرعي في المسائل وتبينت له معاني النصوص وبالتالي قد مقصد الشريعة ومعناها الكلي. وبالتالي يحق له ان يجتهد وان يقلد في اجتهاده واستدل من اجاز لاصحاب هذا القسم الاجتهاد واجاز للاخرين يقلدوهم بان النظر في الجزئيات انما يقصد به معرفة المعاني الكلية فمن عرف المعنى الكلي اغتنى به ثمان الكلي المقصود للشارع انما ينتظم من التفقه في الجزئية فاذا عرف المعنى الكلي فلا بد ان يكون عنده المامة بالمعاني الجزئية حينما رأى اخرون ان هذا القسم لا يجوز لهم الاجتهاد. ولا يجوز تقليدهم في فتاواهم لان الكلي مع اقتراح الجزئيات من الامور الخاطئة. وذلك لان الخصوصيات التي يختص بها كل محل لها من التأثير في الاحكام ما يجعلها تمايز غيرها من المحال ومن ثم لكل محل جزئية تليق به فمن عرف المعاني الكلية ولم يعرف الجزئيات لم يلتفت لهذا المعنى. ثم من المعلوم ان الشريعة قد قصدت حفظ الظرورية والحاجيات والتكميليات ولكن تنزيل حفظ الضروريات والتكميليات يختلف من مكان الى مكان ومن جزئية الى اخرى. ومن ثم لا يكفي اعتبار الكليات بل لا بد من اعتبار خصوصيات الاحوال والابواب مثل المؤلف لهذا القسم بمن يرى نفي القياس جملة والاكتفاء بالنصوص وفي مقابله من اعمل القياس ولو في مقابلة النصوص صاحب الرأي يقول الشريعة من معانيها حفظ مصالح العباد وذلك يحصل باجراء القياس ولو تغافلنا عن بعض النصوص الجزئية. وهكذا ايضا الاخر من الظواهر يقول بان الشريعة من معانيها الكلية اختبار العباد وجعلهم يسيرون مراسم الشرع وذلك لا يكون الا باعمال النصوص. فكل واحد من هؤلاء رأى معنى كليا لكنه لم يلاحظ الجزئيات الواردة في بعض المسائل وبالتالي وقعت وقع الخطأ في بعض اجتهاداتهم. واما القسم الثالث من المجتهدين فهو من عرف الامرين معا. الكلية والجزئيات فانه يعرف الجزئيات اولا ثم ينتقل منها الى الكليات ويتناسى الجزئيات ثم في المرحلة الثالثة يحيط بالامرين مع ويتمكن من ربط الجزئيات الكليات بحيث لا يصده التبحر في الاستبصار بطرف عن التبحر في معرفة الطرف الاخر واصحاب هذه الرتبة هم الفقهاء وهم المجتهدون وهم الذين يبينون للناس حكم الله وباجماع اهل العلم يجوز استفتائهم والعمل باقوالهم وهؤلاء هم اصحاب التمكين والرسوخ وهم هم الذين يقال عنهم الربانيون والحكماء والراسخون في العلم وهم العلماء والفقهاء والعقلاء ومن خاصيتهم امران الاول انهم يلاحظون ما يليق بحال كل سائل فيجيبون كل سائل بما يتناسب مع حاله. والامر الثاني انهم يلاحظون مآلات الافعال وما تعود اليه. ومن ثم اصحاب هذا الصنف يعطيهم الله من البصيرة ما يجعلهم يدركون العواقب والمآلات ما لا يتمكن منه اصحاب القسمين السابقين عقد المؤلف مسألة في التفريق بين المشروعات المكية والمشروعات المدنية. فان النبي صلى الله عليه وسلم لبث في مكة ثلاث عشرة سنة. وكان يدعو فيها الى مكارم الاخلاق والى صلة الارحام ونحو ذلك من الامور المطلقة التي لم يرد لها تقييد. ومثله هذه الافعال مما تقبله العقول يتوافق مع المكارم التي فطرت عليها النفوس. والقسم الثاني المشروعات المدنية وهي التي شرعت في شرع اغلبها في المدينة. وذلك ان ان الاسلام لما انتشر واتسع ودخل الناس فيه افواجا ربما وقعت بينهم مشاحنات في المعاملات ومطالبات باقصى ما يحق لهم في مقطع الحق فحينئذ يحتاج الى حدود من اجل وجود هذه العوارض الطارئة و حينئذ شرع الله عز وجل الجهاد والامر بالمعروف هذا الامر. وحينئذ المجملات المكية فصلتها اه التشريعات المدنية. ومن ثم نلاحظ ان المكية تبنى على الانصاف من النفس وعلاء الكرم والتجاوز في الخير وبذل المجهود في الامتثال بالنسبة لحقوق الله وحقوق الادميين. بينما الاحكام المدنية فتنزل تنزل في الغالب على آآ الوقائع التي فيها شيء من المنازعات والمشاحات وتقرير العقوبات والرخص والتخفيفات. ولا يعني ذلك نسخ الاحكام المكية بل هي لا زالت باقية لكم مثلا او مثلين يوضحان الحال. اما المثل الاول فما ورد في حديث الزبير رضي الله عنه عندما جاءه جاء الانصاري يشتكيه للنبي صلى الله عليه وسلم بانه كان يمسك السيل عنه. امرهن امر النبي صلى الله عليه وسلم الزبير ان يمسك الى الكعب. لكن الانصاري لم يرتظي ذلك. وقال او كان ابن عمتك فقال النبي صلى الله عليه وسلم حينئذ للزبير احبس ايلا الجدر فاولا ارشده الى حكم يماثل الاحكام المكية. لكن لما بقي صاحبه على المنازعة استوفى استوفى للزبير حقه. ومثل ذلك ايضا في حديث ابن ابي حدرد هو كعب بن مالك عندما جاء الى النبي صلى الله عليه وسلم في دين بينهما رغب النبي صلى الله عليه وسلم صاحب الدين ان يتنازل عن نصف دينه ان تنازل عن نصف دينه. هذا على سبيل الاستحباب ومكارم الاخلاق. والا فان صاحب الدين لو طالب بدينه وافيا للزم اعطاؤه ذلك الدين. وامثل لهذا مثال في العبادات. عندنا في الصلاة. مثلا هناك مقدار مجزئ. وهناك فضيلة ينبغي للعبد ان يحرص على استدراك على اخذ الفضيلة تامة. ولا ينبغي به ان يقتصر على مقدار الواجب فقط وهكذا ايضا في مسائل الحج. بعض الناس يأتيك ويستفتي فيسأل عن مقدار الواجب فقط فترشده الى مقدار الكمال من اجل ان يكون ذلك كمحققا للمقصد الاعلى الذي جاءت به الشريعة في مشروعية في مشروعية من تحصيل التقوى وهكذا في مسائل الصيام. اذا جاءك وسألك عن المفطرات في اخبرته بالمفطرات التي لا يصح الصوم مع وجودها. ولكنك ايضا تخبره ببعض بعض المنهيات التي ينقص اجر الصوم بها من مثل الغيبة والنميمة وايذاء الخلق ترشده الى افعال تكون من اسباب تحصيله الاجر التام في الصيام من قراءة القرآن والذكر والاعتكاف ونحو ذلك. والفقهاء في كتبهم الفقهية انما يعنون بتقرير المدنية في الحدود والاحكام الجزئية والتي هي مظنة النفس او التنازع بين الخلق او ملاحظة الحظوظ الخاصة. اما ما سوى ذلك مما هو ومن اصول مكارم الاخلاق فعلا وتركا فهذا لا يذكره الفقهاء وان كان ينبغي بالمفتي ان يذكره لي المستفتي ليرشده على اكمل الاحوال واتمها. واذا نظرت الى اوصاف النبي صلى الله عليه وسلم وافعاله. تبين لك الفرق بين مقدار الواجب ومقدار التمام والكمال فرق بين من يسبح واحدة ومن يسبح تمام مقدار التسبيح. وهكذا في مكارم الاخلاق في التعامل مع الناس عندما يوجد شخص يعتدي على اخر اكمل الاخلاق ان يقال له ان يقال للمعتدى عليه احسن لمن اساء اليك لتصل الى اعلى الرتب. كما قال قال ادفع بالتي هي احسن السيئة نحن اعلم بما يصفون. وفي الاية الاخرى ادفع بالتي هي احسن اذا الذي بينك وبينه عداوة كانه ولي حميم. وان كان يجوز له ان يقتص او ان يأخذ حقه لقوله تعالى فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم. وحينئذ اذا لاحظنا النبي صلى الله عليه وسلم وسيرة الصحابة وما عندهم من شيم الاخلاق ومكارمها علمنا الفرق بينهم ولعل منشأ هذا ان من لاحظ الاخرة وجعل الاخرة بين عينيه قدم آآ امورا لا يراها من اقتصرت نظرته على الدنيا فقط. وبالتالي من كان عن الوصال وكان يواصل تشككوا واستمروا في الوصال وما ذاك؟ الا انهم ارادوا ان يكون امامهم فعل يقتدون به. وهكذا لما سافر في رمضان واستمر صائما وامرهم بالافطار بقوا صواما نظرته قاصرة على الدنيا فحينئذ سيقتصر على ما جاءت به الشريعة من احكام عند التنازل والمشاحة مما اه يتقرر في المعاملات والمناكحات ونحوها. وحينئذ اذا كانت الاخرة بين اعين الناس وجدت مكارم الاخلاق لديهم ووجدت لهم الشيم الطيبة والاقوال الحسنة وحينئذ تتآلف قلوبهم تجتمع كلمتهم اما اذا كانت نظرتهم قاصرة على الدنيا واشتغل وكثر اشتغالهم بالدنيا وغفلوا عن الاستعداد بالاخرة فحينئذ ستكون تلك الاصول السابقة كالنسي المنسي في حقهم ومن ثم ينبغي ان يكون النظر في الكليات مما يشترك فيه العلماء مع جمهوري الناس ولكن الجزئيات يختص بالنظر فيها علماء كان المسلمون قبل الهجرة يأخذون التشريعات المكية على ما اداهم اليه اجتهادهم احتياطهم وحينئذ كانوا من السابقين. وكملت بهم شعب الايمان ومكارم الاخلاق اذا جاءت النصوص برفع مكانتهم واعلاء منزلتهم وكانوا ممن يسبقون. فقوله تعالى والسابقون السابقون اولئك المقربون الارجح من اقوال اهل التفسير ان المراد به من هذه الامة من امة محمد صلى الله عليه وسلم. ولهذا كان اولئك هم اما في الدين وقدوة يقتدى بهم. ولذا قال تعالى والسابقون الاولون من المهاجرين والانصار الذين اتبعوهم باحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه واعد لهم جنات تجري تحتها الانهار خالدين فيها فهنا اذن الله عز وجل على من اتبع اولئك السابقين. ومثله في قوله تعالى بع سبيل من اناب الي. فمن اخذ بهذه الاصول واستقام فيها فطوبى وما اعظم مكانته فهو من السابقين. واما من اخذ الاصل الثاني والتشريعات المدنية فبها ونعمة ولا حرج عليه في ذلك لكنه لم يأخذ بالاعلى وسنة الله في الكون ان من ترك شيئا لله فان الله يعوضه بما هو افضل منه واحسن سن وذلك ان امور الدنيا بيد الله عز وجل يصرفها كيف يشاء. فالرزق بيده قال على ما اريد منهم من رزق وما اريد ان يطعموني ان الله هو الرزاق ذو القوة المتين وقال لا نسألك رزقا نحن نرزقك والعاقبة للتقوى. ولا يعني هذا ان نعاتب من كان له رغبة في الدنيا لذات الدنيا. ولذلك تلاحظون ان من احب الدنيا لكونها ووسيلة للاخرة فهذا محمود. ولكن من احب امور الدنيا لذات الدنيا فهذا مذموم ولذا قال الله تعالى لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون. فمع انه محبوب له الا انه انفقه تقديما لمحبوب الله على محبوبه. فنال الدرجة العليا من يبقى لنفسه حظا فهذا لا حرج عليه ما دام قد ادى الواجب الشرعي هكذا ايضا في قوله تعالى واتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين الاية من الامور التي تلاحظ في هذا الباب خطأ فهم بعض الناس عندما يظن ان العبودية لله انما تقوم على المحبة فقط. بل العبودية تقوم على المحبة والخوف والرجاء. ولذلك اثنى الله على الانبياء يدعونه خوفا وطمعا. واثنى الله على من خاف مقام ربه. فقال ولمن خاف مقام به جنتان. فمن قال بان مقام الخوف اقل وانه ادنى فهذا مخطئ مخالف لما جاءت به الشريعة. ولذا قال الله تعالى انما يخشى الله من عباده العلماء. وقال النبي صلى الله الله عليه وسلم اني اعلمكم بالله واخشاكم له. وحينئذ نعلم الطريقة الشرعية في هذا الباب اه والا وهي عبادة الله بهذه الامور ومن ثم فاراد الدنيا من اجل قربة الانسان لله عز وجل وقياما بما ينفعه في الاخرة ليس هذا من الامور المذمومة. وانما المذموم من اراد الدنيا لذات الدنيا. واذا دعا النبي صلى الله عليه وسلم بشيء من امور الدنيا فدعا الله ان ينصره وينصر اصحابه في بدر الله بان يبارك لهم في طعامهم في وقائع كثيرة وهكذا لكنه لا يعني انه كان يشح بالدنيا عن بذلها في مرض الله وهكذا كان اصحابه ولذا اثنى النبي صلى الله عليه وسلم على الاشعريين الذين كانوا اذا ارملوا في الغزو او قل زادهم جمعوا ما لديهم ثم اقتسموه. وقال صلى الله عليه وسلم من كان له فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له. وحينئذ يعلم بان المفتي يلاحظ احوال من يستفتيه فاذا جاه من يرغب في الحال الاول اعطاه الفتوى تامة بذكر سنن والمستحبات واكمل الامور واحسنها. فاذا جاءه وقال انا زوجتي طلبت مني فحينئذ هل اطالب بالمهر كاملا؟ او ازيد عليه؟ فرأى ان حاله من يا اهل التقوى والورع ارشده لان يتركها لله عز وجل وان يحسن اليها ويذكر بايات الاحسان واحسنوا ان الله يحب المحسنين. ولا تنسوا الفضل بينكم. وان كان من الدنيا افتاه بما يتناسب مع حاله. اذا تقرر هذا فان هذا هذه الطريقة في الفتوى هي حال النبي صلى الله عليه وسلم والمفتون من العلماء قائمون مقام النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك. ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم العلماء ورثة الانبياء فان الانبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما وانما ورثوا العلم. ويدل عليه ان وظيفة النبي صلى الله عليه وسلم النذارة كما في قوله تعالى انما انت نذير. وهكذا هي وظيفة الفقهاء كما في قوله تعالى فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم اذا رجعوا اليهم لعلهم يحذرون. ومن هنا كان هؤلاء المفتون ينوبون عن النبي صلى الله عليه وسلم في تبليغ الاحكام. كما قال الا ليبلغ الشاهد منكم الغائب و المفتي يقرر الاحكام الشرعية في مواطنها وينزلها في مواطنه فهو في الحقيقة يبلغ هذه الاحكام وينزلها كما كان النبي صلى الله عليه وسلم فهو ينشئ الحكم باعتبار ذلك المحل. وان لم يكن منشئا له في اصله. ومن ثم فالاظهر انه لا يقال عن المفتي بانه يشرع الاحكام او وانما الشرع من عند الله جل وعلا فان اصل معنى الشريعة الماء الواسع الذي يتمكن كل واحد من ان يرد اليه. والفقيه احد من يرد هذه الشريعة. والفقيه لابد ان ينظر في الادلة وان يفهم معانيها ان يحقق مناطها وان ينزلها وان ينزل الاحكام على مواطنها. لكن ذلك كله لا تم تشريع وانما يسمى تنزيلا. والمفتي مخبر عن الله عز وجل. كما ان النبي صلى الله عليه وسلم مخبر عنه وقد استعمل بعض العلماء لفظة ان المفتين يوقعون عن الله عز وجل في احكام الشريعة. ولذلك فان امرهم يجب ان اذا في الامة وجوبا شرعيا. ومن هنا دخلوا في اسمي واولياء الامر. في قوله تعالى واذا جاهم امر من الامن او الخوف اذاعوا به ولو ردوه الى الرسول والى اولي الامر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم وفي في قوله اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الامر منكم. والمفتي قد يفتي بالقول فيتلفظ بالفتوى ويرشد الناس الى الحكم الشرعي. لكن هل يؤخذ من المفتي مذهب له من افعاله قالوا بان الحكم في هذه المسألة هو كذا بناء على ان المفتي فعل ذلك الفعل فحينئذ من مواطن الخلاف بين اهل العلم وجمهور الفقهاء على انه كما يؤخذ من المفتي فتوى من قوله كذلك يؤخذ من فعله. وذلك لانهم يقومون مقام النبي صلى الله عليه وسلم. وكما ان النبي صلى الله عليه وسلم يبين بفعله فهكذا يبين المفتون بافعالهم. وهكذا لا زال اهل العلم من الزمان الاول يشيرون في عدد من الفتاوى ويقتصرون على تلك الاشارة. جاء في حديث جهنم لما صلت صلاة الكسوف جاءتها من جاءتها وسألتها عن تلك الصلاة فاشارت الى السماء فقالت فاشارت برأسها النعم. ولا شك ان العلماء يقتدى بهم. ويشار على هديهم وحينئذ ينبغي ان كما يقتدى باقوالهم يقتدى بافعالهم. ولذلك اثنى الله عز وجل على اتباع ابراهيم عليه السلام. واذا كان النبي واذا كان المفتي يقوم مقام النبي صلى الله عليه وسلم وينوب منابه في التبليغ كانت افعاله محلا للاقتداء لانه وارث له ولان التأسي بالافعال سر مبثوث في طبائع الناس. الناس لابد ان يقلدوا غيره هم في افعالهم. وحينئذ يرشدون الى تقليد اصحاب العلم. وقد شيئا من النماذج في هذا الباب، ولهذا اثنى الله عز وجل على افعال بعض الصحابة، واثنى النبي صلى الله عليه على بعض افعال الصحابة في زمانه من اجل ان يقتدى بهم ومن ذلك قوله تعالى ويؤثرون على ولو كان بهم خصاصة. وحينئذ ننبه الى ان مما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم تذكير العرب بافعال ابراهيم عليه السلام من اجل ان يتأسوا به بل اظيفت هذه الملة اليه لقوله تعالى ملة ابيكم ابراهيم. وحينئذ ينبغي بنا ان نعلم ان الاقتداء بالفعل من الامور التي جاءت بها الشريعة. لكن في بعض المواطن قد يقع تردد عند الناس فلا يمتثلون الا بالفعل فلا يكون القول وحده مما يجعلهم يمتثلون الامر الشرعي حتى يكون هناك فعل. اذكر في هذا بحديث ام سلمة عندما امر النبي صلى الله عليه وسلم اصحابه بعد صلح الحديبية بان يحلقوا وبان يتحللوا وفي يوم عرفة افطر امامهم من اجل ان يقتدوا بفعله صلى الله عليه وسلم. وحينئذ يعلم بان لتأثير الافعال في اعين الناس ما لتأثير الاقوال. واذا كانت الافعال واذا كانت اقوال المفتي معتبرة فهكذا افعاله. فان قال قائل بان الفعل عليه عدد من الاحتمالات قيل كذلك القول يحتمل ورود احتمالات عليه ومع ذلك يجب على العامي الاخذ بقوله مع انه قد يزل لكن الاصل وجوب العمل بما ورد عنه. وهكذا يقرر بعض اهل العلم ان من وسائل اخذ الحكم من الفقيد ما اقر به غيره. ولهذا نجد عند علماء السلف ان اه القيام بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة الى الله ونصيحة الخلق ما ان يبالوا معه بما يلحقهم من انواع المضرات. اذا تقرر هذا فان من علم عنه انه يخالف فتواه في افعاله فمثل هذا لا يصح ان يقتدى به ولا يصح ان اخذ بفتواه اصلى لان الله عز وجل امرنا باخذ بالاخذ ممن يوثق في قوله وفي علمه كما قال تعالى يا ايها الذين امنوا ان جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا ومن انواع الفسق مخالفة الانسان ولو كان قادرا على جمع الكلام وتصفيفه وترتيبه وعلى استحضار الادلة ولذا لا تصح الفتية من مخالف لمقتضى العلم الذي يحمله. فاذا جرت اقوال المفتي على غير الشرع فلا شك انه يجب اضطراح اقواله كسائر من خالف الشرع في اقواله من كانت افعاله على خلاف افعال اهل الدين والعلم لم يصح ان يقتدى به ولا ان يجعل اسوة فان مخالفته بجوارحه تدل على احتمال كون قوله مخالفا شرع الله عز وجل ودينه. فاذا امر المفتي بالصمت عما لا يعني ثم وجد وجدنا ذلك افتي بخلاف هذا تشككنا في فتواه لانه من الخائضين فيما لا يعنيه وهكذا فاذا امر بالمحافظة على الصلاة ولم نجده كذلك لم يصدق الناس فتواه. ولهذا اثنى الله عز وجل على اولئك الصادقين ومن الصدق موافقة الفعل للقول. قال تعالى رجال صدقوا ما عاهدتم الله عليه وقال جل وعلا يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين ونحو ذلك من النصوص اذا تقرر هذا فان الناظر في افعال النبي صلى الله عليه وسلم يجد انها موافقة لما اه يأمر قومه به. ولهذا قد اخبر انبياء الله عليهم السلام بمثل هذا الفعل فقال شعيب قد افترينا على الله كذبا ان عدنا في ملتكم بعد اذ نجانا الله منها وقال وما اريد ان اخالفكم الى ما انهاكم عنه. ومن هنا قال النبي صلى الله الله عليه وسلم اول ربا اضعه ربا العباس واول دم اضعه دم ربيعة ابن الحارث. وقد يوجد في بعض من يحاول الطعن في الشريعة الطعن في العلماء بان يطعن بان اقوالهم تخالف افعالهم وذلك ففي مرة قد يكون في حال قد يكون في حال كذب عليهم فيكذب عليهم ويقال بان اقوالهم تناقضت وهو مع افعالهم ولا يكون الامر كذلك. وهكذا نجد انهم قد يطعم فيهم بما يظن انهم ينهون عنه ويفعلونه مع انهم لم ينهوا عن ذلك الفعل كما ذكرنا من مسألة اكتساب المال فكون الفقيه والعالم عنده تجارة لا يعني انه مما يزهد في علمه فلا زال علماء الشريعة من عهد الصحابة يكتسبون ويتجرون كما فعل عثمان وعبد الرحمن ابن عوف وكما فعل عبد الرحمن ابن المهدي وابو حنيفة وغيرهم. وهكذا انظر للحديث الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم لو سرقت فاطمة بنت رسول الله لقطعت يدها. فبين انه يفعل ما به ومن هنا قال تعالى اتأمرون الناس بالبر وتنسون انفسكم على جهة الذم والعين على من كان كذلك وقال تعالى يا ايها الذين امنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله ان تقولوا ما لا تفعلون اذا تقرر هذا فان بعض الناس يقول بان العلماء يقررون بان الامر بالمعروف والنهي عن ناهي عن المنكر لا يلزم ان يكون صاحبه مؤتمرا او منتهيا. فنقول بان من طابق قوله فعله على الاطلاق فهو المستحق للتقدم في هذه المرة. واما اذا لم يوجد ذلك كونه ينهى عن المنكر ليبين للناس ان هذا منكر فينتهون عنه او يسألون عنه يتحققون فيه يخفف عنه بعض الوزر في ذلك. ولذلك واجب على العالم المجتهد للفتوى ان يطابق قوله فعله واذا لم يطابق قوله فعله وجب عليه ان ينهى عن المنكر وكونه لا يقبل منه لا يعني الا يقوم به. هو واجب عليه ان ينهى عن فكونه يقبل منه او لا يقبل منه هذه ليست وظيفته لكن الانتفاع بفتواه ولا لا يحصل ولا يضطرد الا اذا كانت اقواله توافق افعاله في الغالب. اما اذا كان مخالفته ظاهرة قادحة في عدالته. فحينئذ لا يصح الالزام ولعلنا نقف على هذا المبحث اسأل الله جل وعلا ان يوفقنا واياكم لكل خير وان يجعلنا واياكم من الهداة المهتدين كما اسأله سبحانه ان يصلح احوال الامة وان يبارك فيكم جميعا وان يجعلكم من اهل العلم النافع والعمل الصالح واسأله جل وعلا ان يكثر من المفتين في الامة الذين يبينون للناس حكم الله ويوضحون لهم احكام شريعته تماسله جل وعلا ان يصلح احوال الجميع. اللهم اصلح قلوبنا. اللهم اصلح قلوبنا. اللهم اصلح قلوبنا. سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين. وصلى الله على نبيه الكريم