وجد فيه الوصف ولم يوجد الحكم مما يدل على ان الوصف ليس الا للحكم لان الحكم يدور مع علته وجودا وعدما وهذا وهذا ما يسمى بالنقظ اذا النقظ ايراد مكان اخر وجدت فيه العلة ولم يوجد الحكم مما يدل على ان الوصف ليس علة ومن طرق ابطال العلة المعارضة بي ايراد دليل اقوى من القياس يدل على صحة على عدم صحة بناء بينما اخرون قالوا بان القياس طريق لاستنباط الحكم من الدليل. لان القياس لا يستقل بنفسه بل لابد له من اصل ثابت باحد من الادلة ومن ثم يكون القياس بمثابة استثمار لدليل الاصل الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على افضل الانبياء والمرسلين اما بعد بعد ان تقدم معنا الكلام في عدد من الاصول التي يستدل بها من امثال الكتاب والسنة والاجماع الصحابي نتكلم باذن الله عز وجل في هذا اليوم عن القياس القياس في اللغة يراد به مرة المساواة يقال فلان يقاس بفلان اي يساويه ويراد به عظاء التقدير ومنه قياس الثوب اي تقديره والقياس يستعمل في استخراج الاحكام الشرعية ولذلك جعله عدد من العلماء من الادلة العلما لهم توجهان في حقيقة القياس من جهة هل القياس فعل القائس او القياس مساواة محل لاخر في علة الحكم مما يقتضي تساويهما في الحكم. ما الفرق بينهما الاولون جعله القياس فعل القائس. حيث اذا لم يوجد قائس فانه لا يثبت قياس بينما الاخرون قالوا بان القياس ثابت وجد قائس ومجتهد او لم يوجد قد اختار المؤلف بان القياس فعل القائس ولذلك يفسرون القياس بانه حمل فرع على اصل في بعض احكامه لمعنى يجمع بينهما ليشتمل على اربعة اركان الفرع والمسألة الجديدة التي نريد اثبات الحكم فيها والاصل المراد به المسألة التي ثبت حكمها بالدليل الاخر والتي يقاس عليها والثالث الحكم والرابع العلة او المعنى الذي يجمع بين الاصل والفرع بينما من رأى ان القياس ليس فعل القائس قال في تعريف القياس ومساواة محل لاخر بعلة الحكم او في الحكم لتساويهما في العلة واسر عن الامام الشافعي انه فسر القياس بانه الاجتهاد فسر القياس بانه الاجتهاد. وقد رد العلماء هذا بان الاجتهاد اوسع من القياس فان الاجتهاد بذل المجهود في طلب العلم. وبالتالي كل استعمال للادلة يعتبر اجتهادا لكنه ليس بقياس ولذلك فان حمل المطلق على المقيد وترتيب الخاص على العام هذه من الاجتهاد وليست من القياس وورد المؤلف له مثالا فقال مثال القياس مثال الميزان يوزن به الشيء من الفروع ليعلم ما يوازنه ومن الاصول في علم انه نظيره ومن امثلة هذا قياس المركوبات الحديثة على ركوب الابل في جواز الحكم بجامع انها مركوبة. ونحو ذلك وننتقل الى مسألة حجية القياس والقياس بحثوا فيه بحثوا في حجية القياس حجية القياس في الاصول والمسائل العقدية قد سماها المؤلف هنا احكاما عقلية وان كان غير المؤلف يقول هي احكام عقدية شرعية لانها تثبت بطريق الشرع وقد اختار المؤلف ان القياس يصح اثبات احكام العقائد به المراد به الاحكام العقدية بحيث يصح اثباتها بواسطة القياس العقلي القطعي وقد ورد في النصوص الاحتجاج بالقياس العقلي لاثبات عدد من المسائل العقدية من امثلة ذلك ان الله عز وجل اثبت المعاد وبعث الاجسام يوم القيامة بعدد من الادلة القياسية من ذلك قياس معاد الابدان على نزول الامطار ونبات الارض الميتة. ومن ذلك ايضا قياس المعاد على الحياة والموت حيث ان القادر على احياء الناس بعد منامهم قادر على احيائهم بعد موتهم وذكر المؤلف ان بعض الناس انكر اثبات الاحكام العقلية العقدية بواسطة القياس ودل على فساد هذا لقول بان هذه الاحكام اما ان يثبت بالضرورة ولا توجد ضرورة او باستدلال والقياس ولذلك لا زال الناس والعقلاء يستدلون القياس لاثبات هذه الاحكام ومن ذلك استدلالهم بما هو مشاهد على ما غاب عن انظارهم والنوع الثاني من المسائل المسائل الفقهية الشرعية وجمهور اهل العلم على ان القياس حجة فيها وانه طريق لمعرفة الاحكام وذكر المؤلف هنا خلافا عن ان الظام وبعظ الرافضة الذين يرون ان القياس لا يصح الاستدلال به وقالوا بان العقل يدل على عدم جواز ثبوت الاحكام بالقياس وكذلك خالف في حجية القياس بعض الظاهرية ورأوا ان العقل لا يمنع من ورود التعبد به لكن الشرع لم يجز التعبد بالقياس بعد هذا اورد المؤلف ادلة الجمهور على اثبات حجية القياس من طريق العقل فبين ان الحكم المناط بعلة ينبغي ان يثبت في جميع المواطن التي توجد فيها تلك العلة عقلا وكذلك استدل عليهم بمسألة تحقيق المناط فان المسائل التي يعلق الحكم فيها على علة ومناط يأتي المجتهدون فيتحققون من وجود هذا المناط في المسائل مثال ذلك منع الشرع من الصلاة في الثوب النجس فحينئذ يأتي المكلف فيجتهد في الثياب هل هي نجسة او ليست بنجسة فهذا يدل على ان العقل لا يمنع من ورود التعبد بدليل القياس اما المسألة الثانية فهي حجية القياس شرعا والجمهور كما تقدم يرون حجية القياس شرعا والظاهرية يرون ان القياس ليس بحجة في الشرع استدل الظاهرية بعدد من الادلة النوع الاول من انواع الادلة ورود النصوص بتحريم اتباع الظن وغاية القياس الظن فيكون الظن منهيا عن اتباعه قال تعالى في بيان المحرمات قل انما حرم ربي الفواحش الى ان قال وان تقولوا على الله ما لا تعلمون وقال تعالى ان يتبعون الا الظن النوع الثاني من او الدليل الثاني ان النصوص امرت عند التنازع والاختلاف بالرد الى الكتاب والسنة ولم تأمر برد الخلاف الى القياس فدل هذا على ان القياس ليس بحجة قال تعالى فان تنازعتم في شيء فردوه الى الله والرسول. ولم يذكر القياس اجيب عن الدليل الاول بان النهي عن اتباع الظن المراد به الظن في الباطل والقياس مخصوص من هذا النص وبالتالي لا يدخل فيه واما الدليل الثاني الامر بالرد الى الكتاب والسنة فان القياس رد الى الكتاب والسنة لانه الحاق للمسألة الجديدة بنظائرها وامثلة ومثائلها في الكتاب والسنة الدليل الثالث للظاهرية قالوا لانه لا يوجد مسألة الا وفيها دليل من الكتاب والسنة قال تعالى ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء. وبالتالي لا نحتاج الى القياس واجيب عن هذا بان القياس موافق لما في الكتاب والسنة وقد يخفى علينا مدلول الكتاب والسنة فنحتاج الى القياس لانه يعرفنا بمدلولهما ولذلك لا نستعمل القياس مع وجود النص الدليل الرابع لهم قالوا بان الصحابة اجمعوا على المنع من استعمال القياس وعيب من استعمل الاقيس واجيب عن هذا الدليل بان الاجماع منعقد على خلاف ذلك. فان الصحابة اجمعوا على استعمال القياس والاحتجاج بالقياس والدليل الخامس لهم وجود عدد من الادلة التي تنهى عن استعمال القياس ومن ذلك حديث ابي هريرة تعمل هذه الامة برهة بكتاب الله ثم بسنة رسول الله. ثم تعمل برهة بعد ذلك بالرأي اذا عملوا بالرأي فقد ضلوا ولكن هذا الخبر ضعيف جدا وكذلك استدلوا عليه بحديث عوف ابن مالك ان النبي صلى الله عليه وسلم قال تفترق امتي على بضع وسبعين فرقة اعظمها فرقة على امتي قوم يقيسون الامور برأيهم فيحلون الحرام ويحرمون الحلال وهذا الحديث معلول في اسناده فيه علة قادحة حيث ان هذا الحديث من رواية من هو منكر لكن سرق حديثه وآآ دل ليس اسمه وهكذا يستدل بحديث عائشة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما هلكت بنو اسرائيل حتى كثر المولدون ابناء سبايا الامم فاخذوا دينهم من المقاييس فهلكوا واهلكوا ولكن هذا الخبر ايضا ضعيف الاسناد جدا وكذلك استدلوا بحديث ابن عمر من قال في ديننا برأيه فاقتلوه ولكنه موضوع قالوا فدل هذا على ان القياس لا يحتج به لكن هذه الاخبار الواردة في الباب التي ذكرها المخالف كلها ظعيفة جدا لا يقوي بعضها بعضا واستدلوا عظام على القول بانكار حجية القياس بعدد من الاثار عن الصحابة ذموا فيها اعمال الرأي من ذلك قول عمر اياكم واصحاب الرأي فانهم اعداء السنن اعيتهم الاحاديث ان يحفظوها فقالوا بالراء واضلوا الاوان نقتدي ولا نبتدي ونتبع ولا نبتدع ما نضل ما تمسكنا بالاثر واستدلوا على ذلك رضى بما ورد عن عمر انه نهى عن المكايلة قالوا يعني المقايسة استدلوا بحديث ابن مسعود ليس عام بامطر من عام ولا امر بخير من امير. ولكنه وفقهائكم وعلمائكم ثم يحدث قوم يقيسون الامور برأيهم فيهدم الاسلام ويسلم وبقوله ايها الناس انكم ستحدث وستحدثون ويحدث لكم فاذا رأيتم محدثا فعليكم بالامر الاول وقال انكم ان عملتم في دينكم بالقياس احللتم كثيرا مما حرم عليكم وحرمتم كثيرا مما احل وقال ابن عمر لا تفتين الا بكتاب ناطق او سنة ماضية فانك ان فعلت غير هذا هلكت واهلكت فقال ابن عباس من احدث رايا ليس في كتاب الله ولم تمظ به سنة رسول الله لم يدري على ما هو منه اذا لقي الله اه وقالوا وعلى ذلك سار التابعون. قال مسروق لا اقيس شيئا بشيء اخشى ان تزل قدمي وقال الشعبي لا نتعنى بعنية احب الي من ان اقول مسألة برأيي وقال الشعبي اياكم والمقايسة والذي نفسي بيده لان اخذتم بالمقاييس لتحلن الحرام ولتحرمن الحلال ثم بلغكم عن اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعملوا به وقال لا تجالس اصحاب القياس وتحل حراما وتحرم حلالا وقال مطر الوراق ترك اصحاب الرأي الاثار والله وقال المروذي سمعت احمدا ينكر على اصحاب القياس ويتكلم فيهم بكلام شديد وقال اشهاد كان ابن سيرين لا يكاد يقول في شيء برأيه وقال ابن المبارك لا تتخذوا الرأي اماما وورد عن بعض التابعين جعفر بن محمد قال اتق الله ولا تقس الدين برأيك فان اول من قاس ابليس اذ امر بالسجود لادم فقال انا خير منه. خلقتني من نار وخلقته من طين وقال ابن سيرين اول من قاس ابليس وقال ما عبدت الشمس والقمر الا بالمقاييس ولكن هذه الاثار الواردة عن الصحابة والتابعين ورد ما يقابلها من الاحتجاج بالقياس والعمل به والامر به ولذلك حملت هذه الاثار والاخبار على ما على القياس المخالف للنص او غير المبني على اصل صحيح ثم اورد المؤلف عددا من الادلة التي تدل على القول بالاحتجاج بصحيح القياس ولزوم العمل به فاول ذلك الادلة التي جاءت جاءت في جزاء الصيد المحرم حيث قال الله عز وجل فجزاء مثل ما قتل من النعم والمماثلة نوع من المقايسة بانه لابد فيها من اجتهاد واعتبار ثم استدل ثانيا ان من المستقر اعمال ان صوص بتحقيق مناطها فلما امر الله برد شهادة الفاسق يأتي المجتهد ويجتهد في من يتحقق فيه هذا الوصف فهكذا اعمال النصوص الواردة باحكام مبنية على علل فاننا نتحقق من وجود هذه الاوصاف والعلل في محالها ونثبت الحكم فيها حينئذ واستدل بعدد من النصوص التي دلت على مشروعية الموازنة بين الاعمال ومن ذلك ادلة وزن الاعمال يوم القيامة قال تعالى فمن ثقلت موازينه فاولئك هم المفلحون. استدل على ذلك بان النصوص قد دلت على ان الشريعة كاملة تشمل باحكامها جميع المسائل ولا تشمل ولا يمكن ان يقال بان النص قد شمل جميع المسائل الا اذا اعملنا القياس ما يدل على حجية القياس ومن ذلك قوله تعالى اليوم اكملت لكم دينكم وقوله نزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء واورد المؤلف هنا قول الله عز وجل ما فرطنا في الكتاب من شيء ولكن هذه الاية الصواب انها المراد بها اللوح المحفوظ وليس المراد بها القرآن ثم اورد بعض النصوص التي فيها تفسير قوله فان تنازعتم في شيء فردوه الى الله والرسول تفسر ان المراد بالرد الى الله الرد الى الكتاب والرد الى الرسول. الرد الى سنة النبي صلى الله عليه وسلم والرد اليهما اما ان يكون بما نص عليه اما ان تكون بما نص عليه او بما ماثل فيهما او الرد الى مواطن الاجماع كما ورد ذلك عن مجاهد وغيره ثم استدل المؤلف على حجية القياس بحديث معاذ ابن جبل ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذا الى اليمن قال له كيف تقضي ان عرض لك قضاء قال بكتاب الله قال فان لم تجد قال فبسنة رسول الله قال فان لم تجد قال اجتهد رأيي فضرب النبي صلى الله عليه وسلم بيده في صدره وقال الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي رسول الله فصوبه على استعمال الاجتهاد ومن انواع الاجتهاد القياس وهذا خبر قد تقدم معنا وذكرنا اختلاف الناس في حجيته ان كثيرا من اهل العلم يرون تحسين اسناد هذا الخبر وقد اعترض عليه بان هذا خبر واحد فلا يصح ان يتمسك به في مسألة حجية القياس التي هي من المسائل الاصلية اجيب عن هذا بان هذا الخبر قد اشتهر وبالتالي ارتفعت درجته كما اجيب بان المراد هنا حجية اثبات الاحكام بواسطة القياس وهذا ليس من الامور القطعية فجاز ان يستدل فيها بخبر واحد كما استدل او كما اجيب عن هذا الاعتراض بان الادلة الواردة على الواردة في حجية القياس يقوي بعضها بعضا ثم استدل المؤلف على حجية القياس بحديث عمرو بن العاص ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اذا اجتهد الحاكم فاصاف له اجران واذا اجتهد فاخطأ فله اجر تبين ان الحاكم قد يجتهد فيؤجر ويجتهد فيصيب فدل هذا على مشروعية الاجتهاد ومن ذلك القياس واعترض على الاستدلال بهذا الخبر بان هذا الخبر يدل على ان المخطئ له اجر وثواب وكيف يجعل المخطئ مصيبة له اجر وثواب مع انه مفرط في الاجتهاد حتى اخطأ واجيب عن هذا بان هذا خطأ لمخالفته ما قرره النبي صلى الله عليه وسلم وان الاجر في المخطئ لانه بذل جهده بحيث لا يستطيع زيادة على ما وصل اليه واعترض ثانيا بان هذا الخبر المراد به الاختلاف في تأويل الالفاظ وليس المراد به الاجتهاد في القياس واجيب عن هذا بان بان الحديث عام ومن جملة الاجتهاد القياس فالاصل ان يحمل اللفظ العام على عمومه استدلوا على ذلك ايضا بما ورد عن علي رضي الله عنه قال قلت يا رسول الله الامر ينزل بنا بعدك. لم ينزل فيه قرآن ولم يسمع منك فيه شيء فقال اجمعوا له العابدين من امتي واجعلوه شورى بينكم. ولا تقضوه برأي واحد فهذا الخبر فيه شيء من الظعف وكذلك استدل بحديث علي كل قوم على بينة من امرهم ومصلحة في انفسهم يرزون على من سواهم ان يقيسون ويعرف الحق بالمقايسة عند ذوي الالباب ولكن هذا الحديث ضعيف اسناد جدا الدليل الاخر الجمهور على حجية القياس ان النبي صلى الله عليه وسلم قد استعمل القياس واحتج به قال عمر هججت فقبلت وانا صائم فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت لقد صنعت اليوم امرا عظيما. قال وما هو؟ قال قبلت وانا صائم فقال ارأيت لو مظمظت من الماء فهذا قياس لانه قاسى القبلة على المظمظة في كون كل منهما مقدمة للفطر لكنه لا يفطر به وهكذا ايضا استدل بحديث بريدة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا بعث اميرا على سرية او جيش اوصاه بتقوى الله في خاصة نفسه ثم قال وان واذا حاصرت اهل حصن فارادوك ان تنزلهم على حكم الله فلا تنزلهم فانكم لا تدرون ما يحكم الله فيهم ولكن انزلوهم على حكمكم ثم اقضوا فيهم بعد ما شئتم. فهنا امرهم بان ينزلوهم على حكمهم مما يدل على مشروعية الاجتهاد واثبات الاحكام به. ومن ذلك طريق القياس ثم اورد حديث ام عطية ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لهم في غسل ابنته اغسلنها ثلاثا او خمسا او اكثر من ذلك ان رأيتن ذلك تعلق الحكم برأيهن مما يدل على جواز اعمال الرأي واستدل المؤلف على حجية القياس بان الصحابة قد استعملوا القياس في عهد النبوة فاقرهم هم النبي صلى الله عليه وسلم ومن ذلك انه قال لاصحابه لا يصلين احد الا في بني قريظة فاجتهدوا فبعضهم لم يصلها الا في بني قريظة وبعظهم صلاها في الطريق على حسب حاله. فلم ينكر اليهم كونهم اجتهدوا وقاسوا في هذه المسألة ومن ذلك ان ثلاثة اتوا لعلي لما كان باليمن يختص يختصمون في غلام فقال احدهم هو ابني كل واحد منهم يقول هو ابني فجعل بينهم القرعة وجعل عليه للرجلين ثلثي الدية فاقره النبي صلى الله عليه وسلم وكان هؤلاء قد وطؤوا المرأة في طهر واحد وهكذا ايظا ورد في حديث ابي سعيد ان رجلين خرج في سفر وحضرت الصلاة وليس معهما ماء فتيمم صعيدا طيبا فصليا. ثم وجد الماء في الوقت فاعاد احدهما الصلاة ولم يعيد الاخر فقال النبي صلى الله عليه وسلم للذي لم يعد اصبت السنة واجزاتك صلاتك وقال للذي توظأ لك الاجر مرتين فاقرهم على اجتهادهم ولم ينكر عليهم ومن انواع الاجتهاد القياس ومن ذلك ان النبي صلى الله عليه وسلم طلب من سعد ابن معاذ ان يحكم في بني قريظة باجتهاده بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم وقال مجزز المدرجي القائف لما قال عن اقدام اسامة وزيد هذه الاقدام بعضها من بعض فاقره وسر بكلامه. فهذا اجتهاد ولم ينكره النبي صلى الله عليه وسلم ومن ذلك نقل النبي صلى الله عليه وسلم لبعض اخبار الانبياء السابقين التي فيها اجتهاد بالري ومن ذلك قصص داوود وسليمان فيما عرض عليهما من الاحكام كما ذكر المؤلف هنا ثم ذكر المؤلف عددا من الروايات التي تدل على وقوع اجماع الصحابة على الاستدلال الاجماع بالقياس فقد ورد عن الصحابة رضوان الله عليهم في وقائع كثيرة انهم استدلوا بالقياس مما يدل على ثبوت اجماعهم على حجية القياس كابو بكر قال في مسألة الكلالة برأيه بانها ما خلا الولد والوالد فهنا عمل بالرأي وقال عمر رضي الله عنه اجتهد لشريح القاضي اذا لم تجد قضاء ممن سبقك فاجتهد رأيك ومن ذلك انه حكم شريحا في خصومة بينه وبين رجل اشترى منه جمل الم فوجد فيه عيب فبعث فحكم فيه شريح على عمر فقال ما استبان لك فبعثه قاضيا وقال له ما استبان لك في كتاب الله او في سنة رسوله تعمل به ولا تسأل عنه. فان لم تجده فاجتهد رأيك وهكذا كتب وهكذا قال عبدالله ابن مسعود من لم يجد في كتاب الله ولا في سنة رسوله ولا مما قضى به الصالحون حكما فيما يعرض له فليجتهد اذ رأيه ولا يقولن احدكم اني اخاف واني ارى فان الحلال بين والحرام بين ومثله ايضا ورد عن ابن مسعود انه قال في مسألة المفوضة اقول فيها برأيي وهكذا ايضا في مسألة في الفرائض قال ابن عباس لما سئل ما لم تجده في كتاب ما تجده في كتاب الله او تقوله برأيك قال اقوله برأيي كذلك ورد عن عدد من التابعين انهم قالوا باعمال الرأي في المسائل التي لا يجدون فيها نصا من الكتاب والسنة الى لابراهيم النخعي تفتي بما لم تسمع قال نفتي بما سمعنا ونقيس ما لم نسمع بما سمعنا وقال ابن شبرمة اقضي بما في كتاب الله وبالنظائر فقد والمقاييس وقال احمد انما هو السنة والاتباع وانما القياس ان نقيس على اصل فاما ان تجيء الى الاصل فتهدمه ثم تقول هذا قياس فعلى اي شيء كان هذا القياس قيل لابي عبد الله فلا ينبغي ان يقيس الا رجل عالم كبير يعرف كيف يشبه الشيء بالشيء؟ قال اجل لا ينبغي مما يدل على انه يحتج بالقياس وقال مرة لا لا يستغني احد عن القياس وقال ربيعة الرأي انزل الله كتابه وترك فيه موضعا للسنة وسن الرسول السنن وترك فيها موضعا للرأي مما يدل على ان الصحابة كان من المستقر عندهم اعمال القياس وهكذا بالنسبة للتابعين ثم اجاب المؤلف عن الاستدلالات التي ذكرها المخالف التي رأوا انها تدل على عدم حجية القياس بما سبق ان عنه فيما مضى ثم ذكر المؤلف فصلا في ان القياس لا يجوز ان يعمل به مع وجود النص وهذا الذي يسميه اهل الاصول القياس فاسد الاعتبار والقياس فاسد الاعتبار كل قياس خالف نصا او اجماعا واورد من الادلة على عدم صحة الاحتجاج بالقياس المخالف للنص بما ورد ان النبي صلى الله عليه وسلم قال للمرأة الملاعنة لما جاءت بولد على الوصف المذموم لولا ما مضى من كتاب الله لكان لي ولها شأن فقيل بانه اراد اقامة الحد عليها لمشابهة ولدها للرجل الذي رميت به. لكنه ترك زلك من اجل ورود النص الذي فيه ويدرأ عنها العذاب ان تشهد اربع شهادات ومثله ايضا ما لو كان الولد يشبه رجلا لكنه ولد على فراش رجل اخر. فاننا نقضي بان الولد لصاحب الفراش ولا نلتفت الى الشبه لان النص قد جاء باثبات النسب بالفراش. فقال الولد لي الف فراش ومثل هذا ايضا ما ذكره المؤلف عن عمر رضي الله عنه انه لما ذكر له خبر الخراج بالظمان رد قضاء كان قد قضاه قبل ذلك ومثله ايضا ما ورد ان سعد بن ابراهيم بن عبدالرحمن بن عوف قضى في مسألة بقول ربيعة ربيعة الرأي فاخبر بحديث يخالف قول ربيعة فنقض قضاءه السابق و حكم بحديث النبي صلى الله عليه وسلم فقال له ربيعة قد اجتهدت ومضى حكمك فقال سعد انفذ قضاء سعد بن ام سعد وارد قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا سعد بصك الحكم وشقه وقضى للمقضي عليه واورد مثله في قصة او في مسألة من زارت البيت وطاغت طواف الافاضة ثم حاضت هل تبقى حتى تطوف للوداع او يجوز لها ان تنفر فافتى فسأل عمر فقضى بانها تجلس حتى تطوف للوداع فروى السائل حديثا بجواز او بسقوط طواف الوداع عنها فضربه عمر بالدرة بالدرة وقال لم تستفتيني في شيء قد افتى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال عمر ابن عبد العزيز لا رأي لاحد مع سنة سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم وسئل ابراهيم النخعي في مسألة ففي او في مسائل فكان يتوقف عن الجواب فيها ولا يقيس ويقول ليس في كل شيء يجيء القياس واورد له المؤلف في مسألة الجنين يسقط او يعتدى عليه فيسقط ميتا يكون فيه غرة واورد فيه شيئا من الاختلاف واورد المؤلف عن خالد بن سلمة انه قال لابي حنيفة انما نحتاج الى قولك اذا لم نجد اثرا فاذا وجدنا اثرا ظربنا بقولك الحائط واورد عن الامام ابي حنيفة انه قال البول في المسجد احسن من بعض القياس يريد القياس المخالف للنص وقال وكيع بن الجراح احذر الراي فاني سمعت ابا حنيفة يقول البول في المسجد احسن من بعض قياسهم وقال زفر انما نأخذ بالرأي ما لم يجيء الاثر فاذا جاء الاثر تركن الرأي واخذنا بالاثر ثم عقد المؤلف فصلا في التفريق بين القياس المحمود والقياس المذموم وقال بان القياس في التوحيد على نوعين قياس صحيح وهو الموافق للنص والمؤدي الى موافقة حكم الشرع وقياس باطل وهو المؤدي الى البدع ومخالفة الحكم الشرعي والقسم الاخر القياس في احكام الشريعة فهذا على نوعين قياس الشيء على ما يماثله يعني في العلة هذا قياس محمود والثاني قياسه على ما يخالفه في العلة فهذا قياس مذموم ثم ذكر المؤلف اركان القياس وانها الفرع والاصل والعلة والحكم فالفرع هو المسألة التي نريد اثبات الحكم فيها والاصل وهو المحل الذي ثبت حكمه شرعا و العلة وهي الوصف الذي يرتب الحكم عليه في الاصل والفرع والحكم وهو ما علق على العلة من احكام الله عز وجل سواء كانت تكليفية او وظعية وكلمة الاصل قد تستعمل في اصل القياس كما هنا. وقد تستعمل في معنى الدليل مطلقا يقال الاصل في هذه المسألة الكتاب والسنة ويقابل الاصل على هذا الاطلاق الثاني القياس ودليل الخطاب الذي هو مفهوم المخالفة ومعقول النص ثم ذكر المؤلف بعد ذلك فصلا في الطرق التي نثبت بها كون الوصف علة مقدم له بمقدمة يقول فيها ان العلة الشرعية التي يناط الحكم بها امارة على الحكم يعني انها معرف بالحكم وانها غير مؤثرة فيه وهذا يخالف قول جماهير اهل العلم بان العلة الشرعية لها تأثير في الحكم ثم ذكر المؤلف ان الطرق التي نثبت بها كون الوصف علة على نوعين الاول الاستدلال بالنص والثانية الاستدلال بالاستنباط والاجتهاد اذا الكلام في طرق اثبات كون الوصف علة. هناك طرق اصلية وهي المأخوذة من الدليل من الكتاب والسنة قد يكون بعضها منطوقا بان يكون فيه اداة ادوات التعليم مثل من اجل وكي ونحوهما ومنها قوله جل وعلا من اجل ذلك كتبنا على بني اسرائيل انه من قتل نفسا بغير نفس او فسادا في الارض فكأنما قتل الناس جميعا فهذا صريح النوع الثاني من انواع الادلة النصية الدالة على كون الوصف علة ما كان بطريق الايماء وهذا له ايضا صيغ خاصة ومن ذلك ان يسأل عن وصف موجود في المسألة من اجل ان يقرر ان الحكم يناط به بذلك انه لما سئل عن الرطب عن بيع الرطب بالتمر قال اينقص اذا جف؟ قالوا نعم. قال فلا فهنا لما سأل عن النقصان عند الجفاف علمنا ان هذا هو العلة او ما يشير الى العلة ومن ذلك انه لما اهدي للنبي صلى الله عليه وسلم حمار وحش فرده وقال انا لم نرده عليك الا ان نحرم. فقوله حرم هذا وصف لو لم نجعله علة الحكم انه السبب في رد هذه الهدية لكان الكلام فيه نقص وعي ومن ذلك ما ورد في حديث جابر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ايما رجل اعمر عمرا له ولعقبه فانه للذي يعطاها لانه اعطى عطاء وقعت فيه المواريث في هذا الحديث اشارة الى ان لفظ العمرة يفيد انتقال الملك بالهبة ومثل هذا لما رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلا ينظر من ستر الحجرة قال لو اعلم ان هذا ينظر الي لطعنت بالمجرى في عينيه وهل جعل الاستئذان الا من اجل البصر؟ كلمة اجل هنا لفظ صريح في التعليم ومن انواع طرق الايماء ان يعلق الحكم على وصف. يدل هذا على ان الوصف هو العلة كقوله وان كنا ولاة حمل فانفقوا عليهن حتى يضعن حملهن فعلق الحكم وهو في قوله فانفقوا على الوصف في قوله اولات حمد مما يدل على ان النفقة لا تجب على المطلقة البائن لا تجب للمطلقة البائنة الا اذا كانت ايش؟ حاملا من امثلته في حديث ابن عمر ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من اشترى نخلا قد ابرت اي لقحت فثمرتها للذي عبرها فثمرتها هذا هو الحكم وقد ربط بوصف قبرت ليدل هذا على انه هو العلة وهكذا ايظا في قوله والسارق والسارقة فاقطعوا ايديهما فان قوله فاقطعوا ايديهما حكم قد رتب على وصف السرقة مما يدل على ان السرقة علة لوجوب القطع ومن ذلك في قوله فلا تقل لهما اف هذا حكم مرتب على وصف يكون ذلك الوصف وعلة هذا الحكم ومثله ما ورد في حديث البراء ابن عازب ان النبي صلى الله عليه وسلم نهى او قال اربع لا تجزئ في الاضاحي العوراء البين عورها والعرجاء البين ضلعها والمريضة البين مرضها والكسيرة التي لا تمكي فقال الرجل اكره ان يكون في الاذن نقص او في السن نقص او في القرن نقص فقال ان كرهت شيئا فدعه ولا تحرمه على احد فهنا ربط الحكم باوصاف اربعة فدل هذا على اقتصار الحكم على هذه الاوصاف ومن ذلك ايضا ان يذكر في الحديث وصف يبنى عليه الحكم نفهم المراد من هذا الوصف. نمد الحكم به كحديث لا ينبغي للقاضي ان يقضي بين اثنين وهو وغضبان الحكم لا يقضي العلة وهو غضبان فنقول المعنى ان الغضب يشوش الذهن وبالتالي نقول كل مشوش للذهن فانه يمنع القاضي من القضاء ومثله في حديثه اذا وقعت الفارة في السم قال في الخبر فان كان جامدا فالقوها وما حولها وان كان مائعا فلا تقربوه فهنا امر بالقاء ما حول الفأرة من السمن ان كان جامدا لينتفع بما سواه لانها لم تخالطه النجاسة اجتهدنا فعلمنا انه اذا كان جامدا لا تصله النجاسة كذلك من طرق معرفة كون الاوصاف عللا افعال النبي صلى الله عليه وسلم فاذا فعل فعلا عند وجود معنى او وصف فيدل هذا على ان ذلك الوصف هو العلة. كقول السهى فسجد فنأخذ من هذا ان السهو علة لمشروعية السجود. سجود السهو وهكذا قد يأتي اجماع من العلماء في عصر من العصور على ان الوصف الفلاني والعلة ومن ذلك الجلد بالثمانين اجمع العلماء على ان العلة فيه انه اذا شربها هجر ومن ثم يقذف فرأوا ان يجلد ثمانين في لفظ اذا شرب هذا نعني واذا هذا قذف النوع الثالث الاخير من انواع ادلة كون الاوصاف عللا الادلة الاستنباطية الادلة الاستنباطية ومن ذلك ثبوت تأثير الوصف في الحكم وهذا المسمى بمسلك المناسبة فاذا علمنا ان الوصف انما ربط الحكم به لمعنى معين فحين اذ يكون ذلك المعنى هو علة الحكم والنوع الثاني شهادة الاصول بان نجد احد المعاني دلت اصول متعددة على انه علة الحكم. وان الحكم يناط بذلك الوصف وجودا وعدما من امسلة ذلك ان نقول كل ما نقض الوضوء خارج الصلاة فانه ينقضه داخلها وهناك طرق اخرى منها الصبر والتقسيم فانه من طرق معرفة العلة بواسطة الاستنباط بان نأتي مع الحكم بان نأتي بالاوصاف التي يوصف بها محل الحكم فنبطل كونها عللا الا وصفا واحدا فيكون هو الوصف الذي يعلل الحكم به هذا يقال له الصبر والتقسيم ومن طرائق استخراج العلة ما يسمى بالدوران وهو ان نجد ان الحكم يثبت كل ما وجد الوصف وان الحكم ينتفي كلما انتفى الوصف مما يدل على ان ذلك الوصف هو علة الحكم ثم ذكر المؤلف عددا من طرائق الطرائق التي تدل على كون الوصف ليس بعلة من ذلك الا يدل دليل على كون الوصف علة فانه لا يصح ان نقول عن وصف بانه علة الا اذا قام عليه الدليل ومن طرق افساد العلة الا يكون الاصل ثابتا اما لكونه منسوخا او لعدم ثبوت الحكم فيه فانه اذا لم يثبت الحكم في الاصل فمن باب اولى الا يثبت الحكم في الفرع ومن طرق بيان ان الوصف ليس بعلة بيان ان هذا الباب بخصوصه لا يجري فيه القياس مثل المقدرات مثل اعداد الركعات فهذا جاء الشرع بانه لا يجري فيه القياس وهكذا من طرق ابطال العلة ابراز مكان اخر الحكم على القياس ثم عقد المؤلف فصلا في تعارض العلل فانه قد يوجد في المسألة الواحدة قياسان يدلان على حكمين متضادين وبالتالي نحتاج الى الترجيح بين هذين القياسين وهناك طرق عديدة للترجيح بين الاقيسة المتعارضة منها ان يكون احد القياسين منتزعا من اصل مقطوع به ومنها ان يكون دليل علية الوصف الاجماع ومنها تقديم القياس الذي ثبتت علية الوصف فيه بالنص على ما ثبتت عليته بالاستنباط منها تقديم العلة المنصوصة الصريحة على غير الصريحة ومنها اعتظاد احد القياسين بدليل اخر فانه يقوى القياس المعتظد بدليل اخر على ما يقابله ذكر المؤلف بعد ذلك ما يتعلق دليل الاستصحاب دليل الاستصحاب دليل الاستصحاب يراد به اثبات ما كان مثبتا ونسي ما كان منفيا والاستصحاب على انواع منها استصحاب الاباحة الاصلية في الاصل في الاشياء انها مباحة ما لم يرد دليل بتحريمها وهذا النوع لا يستدل به الا الفقهاء. النوع الثاني استصحاب البراءة الاصلية هو ان الاصل عدم وجوب الواجبات وعدم لحوق شيء منها بالذمم الا بدليل والنوع الثالث وهذان النوعان يسمى يسميهما بعض العلماء استصحاب حال العقل لان العقل يدل على الاباحة وعلى عدم تعلق الوجوب بالذمة ولا يصح ان ننتقل عن هذا الاصل الا بدليل شرعي نوع اخر من انواع الاستصحاب استصحاب النصوص حتى يرد لها مخصص او ناسخ وهذا محل اجماع انه يحتج به والنوع الثالث استصحاب الوصف فان الاوصاف الثابتة في الزمان الاول الاصل ان تبقى ما لم يدل دليل على ارتفاعها فمن كان متوضأ في الزمان الاول فالاصل بقاء الوضوء ما لم يرد دليل يدل على خلافه نوع اخر استصحاب حال الاجماع والمراد به ان يكون هناك مسألة مجمع عليها فتتغير احدى صفاتها فيقع فيها الخلاف فهل يصح لنا ان نستصحب حال الاجماع او لا اذا استصحاب الاجماع استصحاب حال الاجماع ان يكون هناك مسألة مجمع عليها فتتغير احدى صفاتها فيقع فيها الخلاف فهل يصح لنا ان نستصحب حال الاجماع السابق او لا مثل له المؤلف بان من راء الماء بعد فراغه بان المتيمم اذا رأى ما بعد فراغه من الصلاة فانه لا يعيد لكنهم اختلفوا فيما لو رأى المال في اثناء الصلاة قد يقول قائل اجمعوا على ان من رأى الماء بعد الصلاة لا يعيد فاستصحب حال هذا الاجماع فيما رأى ما في اثناء الصلاة وقد يقول قائل بانهم اجمعوا على ان من رأى الماء قبل الصلاة لم يصح له صلاة بالتيمم فكذا اذا رأى المافي اثناء الصلاة هذا كله استصحاب حال اجماع وقد اختلف العلماء في هذا النوع فقال طائفة بحجيته لان الاستصحاب هنا استصحاب للدليل الذي استند اليه الاجماع وقال اخر بعدم حجيته اذ كيف نستصحب الاجماع في موطن النزاع وهما متضادان النوع الاخر من انواع الاستصحاب استصحاب الوصف فمن تيقن الطهارة في الزمان الاول وشك في الحدث فالاصل الاستدلال بالوصف الاول مطلقا نقل عن الحنفية بان هذا النوع من الاستصحاب استصحاب الوصف يصلح لدفع الاحكام الجديدة لكن لا يصلح لاثبات الحكم الاول ثم انتقل المؤلف الى مسألة حكم في الافعال قبل ورود الشرع كلمة الافعال احسن من الاشياء. لان الاحكام الشرعية تطلق على الافعال قد ذكر المؤلف ثلاثة اقوال في هذه المسألة فمنهم من قال بان الاصل في الافعال انها محظورة لان المخلوقات ملك لله ولم يرد شرع يأذن في التصرف فيها وحينئذ لا يجوز لنا ان نتصرف في ملك الغير بدون اذنه والقول الثاني بان الاصل في الاشياء والافعال الاباحة بان هذه مخلوقات لله والله لم يخلقها الا لحكمة ولا حكمة منها الا ان نستعملها. لان الله عز وجل غني عن عنها وبالتالي مما يدل على اباحة الانتفاع بها والقول الثالث في المسألة انه يتوقف في حكم الاشياء قبل ورود الشرائع قالوا لان الاحكام خطاب الشارع وقبل ورود الشارع لا يوجد خطاب وهو الذي اختاره المؤلف واستدل عليه بقوله تعالى قل ارأيتم ما انزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا قل يا الله اذن لكم امعار الله تفترون واورد عن ربيع بن خسيم انه قال ايها المفتون انظروا كيف تفتون. لا يقل احدكم ان الله احل كذا وكذا وامر فيقول الله كذبت لم احلله ولم امر به ولا يقل احدكم ان الله حرم كذا ونهى عنه. فيقول الله كذبت لمحرمه ولم انهى عنه. قالوا ولان مباح لا يكون مباحا الا اذا رفع الشرع الاثم عن فاعله. وقبل ورود الشرع لم يوجد رفع للاثم عن الفاعل واجاب عن قول من قال بانها ملك لله بان ملك الغير اذا كان لا يتضرر من انتفاع الاخرين به فانه لا يحرم. كظل الشجرة واستدل ورد على من قال بانها على الاباحة بان الله خلقها بان قال بان الله عز وجل له ان يفعل ما يشاء فقد يخلقها لا لحكمة. وهذا بناء على قول بعض الاشاعرة الذين ينفون وصف الحكمة عن الله جل وعلا والصواب في هذه المسألة انه لا يوجد وقت للشرائع وقت قبل ورود الشرائع فمنذ خلق الله الخلق امرهم ونهاهم ثم عقد المؤلف بابا في ترتيب استعمال الادلة. ماذا يفعل عند ورود مسألة عليه واورد فيه عددا من الاخبار التي تدل على انه يقدم الكتابة اولا ثم السنة ثم بعد ذلك ما اجتمع عليه اهل الرأي والفقه اورد قولا اخر عن الامام الشافعي بان الاجماع يقدم لان الاجماع لا ناسخ له بخلاف دليل من الكتاب والسنة قد يرد عليه اه الناسخ. والناظر في اي مسألة فقهية هي لا يصح له ان يحكم فيها حتى يجمع الادلة الواردة فيها حتى يغلب على ظن انه لا يوجد دليل اخر غير الذي بين يديه وبالتالي يستطيع وبالتالي يحكم وذلك لان الادلة قد يخصص بعضها بعضا ويقيد بعضها بعضها الاخر. بالتالي لابد من الجمع بين هذه الادلة وقد ذكر المؤلف عددا من الى اقوال التي وردت عن عدد من علماء الامة في العصور الاول تدل على هذا المعنى. وذكر فيه عددا من الاختلافات التي كانت بينهم فقدم فيها مدلول النصوص الشرعية اورد المؤلف في اخر هذا الباب بابا في النظر والجدل وقال بان النظر قد يكون بالعين كما هو البصر وقد يكون بالقلب الذي هو الفكر وحينئذ هذا الفكر يتطلب ان نعرف ما هو الدليل الذي ننظر فيه وما هو المطلوب الذي نريد الوصول اليه وعندنا الناظر الذي هو الذي يتفكر في المسألة فالناظر او المجتهد في المسائل قد يكون ينظر لنفسه وقد يكون يجادل غيره ولذا عرف الجدل بانه ترديد الكلام او تردد الكلام بين الخصمين فيما يقصد احدهم ومع ابطال قولي الاخر ودفعه وعرف الرأي بانه استخراج صواب العاقبة. وبين ان الجدل مكون من سؤال وجواب. من سؤال وجواب قال بان الرائي استخراج صواب العاقبة. فمن كان عنده رأي تمكن من ان يعرف عواقب الامور. وما تؤول اليه فمن استكمل شروط النظر والرأي تمكن من الوصول الى الصواب باذن الله اما من فرط ولم يستعمل النظر بكماله في المسائل فانه حينئذ يقع في الخطأ ومثل له بمن قصد المسجد الجامع فسلك الطريق الموصل اليه فهذا سيصل اليه بينما اخرون قد يسلكون طرقا اخرى. فحينئذ يقعون في الظلال هل المناظرة مشروعة قال بعض الناس انكر المناظرة ولكن هذا القول قول باطل قد استدل هؤلاء بعدد من الادلة منها ان الله عاب اهل الجدال في مواطن من كتابه كما في قوله تعالى الذين يجادلون في اياتنا ما لهم من محيص ولكن اجيب بان المراد بهذا من يجادل من اجل رد احكام الله واياته وهكذا استدل بحديث ابي امامة ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه الا اوتوا الجدل ثم قرأ ما ضربوه لك الا جدلا بل هم قوم خصمون هذا الخبر المراد به الجدال المخالف للنص بدلالة ان النصوص قد امرت بالجدال في مواطن. قال تعالى ولا تجادلوا اهل الكتاب الا بالتي هي احسن. وقال ادعوا الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة ايش؟ جادلهم بالتي هي احسن ثم اورد عددا من الاخبار عن عدد من التابعين بالنهي عن الجدال والمخاصمة وكلها يراد بها المجادلة فيما ليس فيه اصل او فيما يعارض لولا النصوص اه الشرعية وقد جاء في الكتاب والسنة عدد من المناظرات منها في قوله تعالى لم تر الى الذي حاج ابراهيم في ربه ان اتاه الله الملك ونحو ذلك فعلم من هذا ان المراد بالنهي عن المجادلة المجادلة بالباطل. كما في قوله تعالى الدرجة وبالتالي لا يحصل ترجيح بينها وهذا الذي قاله في النفس منه شيء بل النصوص تدل على خلافه لان قد يكون عندنا دليلان قطعيان احدهما ناسخ للاخر ولا نعرف النسخ فحينئذ يقع ادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق وكما قال تعالى الذي او كانت المجادلة بدون ان يكون هناك دليل وبرهان يستند عليه المجادل. كما في قوله تعالى الذين يجادلون في ايات الله بغير سلطان اتاهم كبر مقتا عند الله وعند الذين امنوا فاذا الجدال المنهي عنه اما جدال بغير علم واما جدال لنصرة الباطل اما الجدال بالحق ولنصرة الحق فهذا من النصيحة في الدين. ولذلك قال تعالى عن قوم نوح انهم قالوا يا نوح قد جادلتنا فاكثرت جدالنا ولذا قال لهم ولا ينفعكم نصحي ان اردت ان انصح لكم ان كان الله يريد ان يغويكم ويدل على مشروعية الجدال بالحق ما امر فيه بمجاهدة المشركين باللسان. كما في حديث المشركين باموالكم وانفسكم والسنتكم. مجاهدتهم باللسان المناظرة والمجادلة ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر عددا من المجادلات منها قوله احتج ادم وموسى فقال فيا ادم ان تابونا خيبتنا واخرجتنا من الجنة. فقال له ادم يا موسى اصطفاك الله برسالته كتب لك التوراة بيده لما تلومني على امر قد قدره الله علي قبل ان يخلقني فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فحج ادم موسى فحج ادم موسى هذا فيه دلالة على ان المحاجة بالقدر لا تكونوا في المصائب والمعائب لا تكونوا في الاحتجاج بالقدر لا يكون في نفي المعائب والمصائب. وانما في نفي الذنوب والمعاصي اذا من نفى او من استدل بالقدر في تحمل ما يرد من مصيبة قبل منه الاستدلال ومن استدل بالقدر في الاقدام على المعاصي لم يقبل منه هذا الاحتجاج ثم اورد من كلام عمر لزياد ابن حدير قال اتدري ما يهدم الاسلام؟ قال لا قال فلا ادري ما اجابه. قال فقال عمر زلة عالم وجدال منافق وائمة مضلون قال انه سيأتي قوم يجادلونكم بالمشتبه من القرآن فجادلهم بالسنن فان اصحاب السنن اعلم بكتاب الله تعالى. هذا في بيان ان من يجادل على غير الطريقة الشرعية يكون يجادل لنصرة باطل ولذلك فالمجادلة والمخاصمة لا يصح ان يكتفي فيها الانسان ادلة الكتاب. وانما لابد ان نقرن ايات الكتاب بالسنة ودل على مشروعية المجادلة والمحاجة ان المهاجرين والانصار قد ورد عنهم محاجة فيما بينهم مع انفسهم ومع غيرهم. حاج ابن عباس الخوارج وما انكر احد من الصحابة ذلك. وهكذا نجد عند التابعين انهم توسعوا في ذلك تقدموا للجدال المحمود لنصرة الحق وتأييده ورد الباطل الذي يقول فيه النبي صلى الله عليه وسلم مبغض الرجال الى الله لالد الخصم وحينئذ نحمل النصوص الواردة بانكار المجادلة على الجدال الذي يراد به الباطل او الذي تكون وسائله مخالفة ليست على الطريقة الصحيحة الموصلة الحق اورد عن ابراهيم النخعي او عن مالك اورد عن مالك بانه قال ان الجدل المذموم الجدل الذي يرد به ما جاء به جبريل الى النبي صلى الله عليه وسلم واورد فعن بعضهم قوله ما كان جدل قط الا اتى بعده جدل يبطله فراد به الجدال الذي ينصر به الباطل واورد عن عمر ابن عبد العزيز انه قال من جعل دينه غرضا للخصومات اكثر التنقل. كل يوم له اذهب لانه لم يستند على اصول متينة صحيحة وبالتالي كلما عرظت له شبهة ترك مذهبه او من اجل المذهب الاخر. هذا خلاصة ما يتعلق بهذه الابواب. من ابواب القياس والاستصحاب والجدل والمناظرة. اسأل الله جل وعلا ان يوفقنا واياكم لكل خير وان يجعلنا واياكم من الهداة المهتدين هذا والله اعلم وصلى الله وعلى نبينا محمد وعلى اله واصحابه واتباعه وسلم تسليما كثيرا الى يوم الدين ارجو الا تكونوا كللتم الكفاءة علما يقع بين دينين موجبين للعلم. لان العلم لا يتزايد اذا وقع تعارض بين الادلة فاننا نحتاج الى قواعد الترجيح بينها ما هي الادلة التي يقع بينها تعارظ وما هي الادلة التي لا يقع بينها تعارظ الادلة على نوعين دليل قطعي ودليل ظني فالادلة الظنية قد يقع بينها التعارض لا يشكال لا يصح ان يقع تعارض بين قطعي وظني. لاننا حينئذ سنقدم القطعي. طيب يبقى عندنا اعرض قطعي مع قطعي. قال طائفة لا يصح هذا التعارض وهو اختيار المؤلف هنا قال لان القطع كله كله على رتبة واحدة وبالتالي لا يمكن ان ترجح قطعيا على قطعي لانهم متساوون التعارض في نفس الامر لا في نفوسنا ومن ثم نحتاج الى اعمال قواعد قواعد دفع التعارض بين هذين النصين بالبحث عن طريق للجمع بين الدليلين او بمعرفة التاريخ او بالترجيح بينهما وقوله بان القطعيات على مستوى واحد هذا ليس بصحيح وان كان قال به طوائف كثيرة من المتكلمين والذي سار عليه المؤلف هنا وذلك لان النصوص قد جاءتنا ببيان ان القطعيات متفاوتة وليست على رتبة واحدة ولذلك قال جل وعلا قال ابراهيم رب ارني كيف تحيي الموتى. قال او لم تؤمن؟ قال بلى. ولكن ليطمئن قلبي. وقال النبي صلى الله عليه وسلم انا اعلمكم بالله فعندهم علم لكن علمه اعلى من علمهم وقال رب العزة والجلال في سورة التكاثر ثم لترونها عيناه علم اليقين ثم لترونها عين اليقين. فعلم اليقين في مرتبة سنة اولى وعين اليقين في مرتبة اعلى. فدل هذا على ان اليقين ليس على مرتبة واحدة بل هو متفاوت المراتب ويدل على ذلك ايضا ان رأى النبي صلى الله عليه وسلم قال ليس الخبر كالمعاينة. ان موسى لما اخبر لما اخبره وبعبادة قومه للعجل لم يلق الالواح فلما رآهم القاها في نصوص كثيرة على هذا المعنى نعم حينما اصل النبي صلى الله عليه وسلم معاذا من اليمن اتفرجوا على الفضاء في كتاب الله فان لم يجد فجرا وفي حديث اخر عندما ارسل النبي صلى الله عليه وسلم حينما كان يوصي الرجل على السرية على حكم الله وقال له نعم هنا نهاه ان ينزلهم على حكم الله اي على ظمان الله وامانه ولذا قال في الحديث فانك ان تغفر حكمك وحكم اصحابك خير لك من ان تغفر حكم الله فلما سألوه ان ينزلهم على حكم الله يعني على امان الله؟ قال لا واذا سألوا ان ينزلهم على حكمه هو فحينئذ ينزلهم على حكمه فليس المراد به هنا ان يحكم نهي عن الحكم وانما المراد به بل فيه اثبات انه يحكم. ولذا اذا سألوه ان ينزلهم على حكمه جابهم على ذلك. فهذا دليل انه يحكم واضح؟ وصول الامان يعني عدم القتل يعني او نعم العهد وكان ادى الى حكم على خلاف القياس. هل يصل واصل بذاته؟ ما كان مخالفا للقياس على نوعين ان كان لمعنى فحينئذ كلما وجد ذلك المعنى فيه فانه يثبت فيه الحكم والثاني مع عدم معرفة المعنى فحينئذ لا نقيس عليه. مثال ذلك في اثبات انتقاض الوضوء باكل لحم الجزور. هذا مخالف للقياس لان القياس ان اللحوم كلها لا تنقض الوضوء كالغنم البقر والبط والدجاج والسمك فهذا مخالف للقياس. ما المعنى فيه؟ لم نعرف المعنى. وبالتالي لا لا يصح ان نقيس عليه. اما ما عرفنا المعنى فيه فحينئذ يصح لنا النقيس عليه سبحانك اللهم وبحمدك نشهد ان لا اله الا انت نستغفرك ونتوب اليك. بارك الله فيكم