الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على افضل الانبياء والمرسلين اما بعد فاسأل الله جل وعلى ان يوفقنا واياكم لخيري الدنيا والاخرة. وان يجعلنا واياكم من الهداة المهتدين وبعد فلا زال البحث في الادلة والنصوص التي وردت في الوعيد بحيث نبين ان هذه النصوص تدل اولا على تحريم هذا الفعل الذي علق الوعيد عليه واذا كان ذلك الوعيد من النصوص الدالة على كون الفعل كبيرة كما لو كان لعنا لصاحبه او بيان انه من اسباب دخول الجنة. منذ اسباب دخول النار نار او ان ذلك الفعل يكون من اسباب الحدود التي تطبق على الانسان في الدنيا ونحو ذلك. فهذا هذه الصيغ كلها تدل على ان هذا الفعل من الكبائر ولكن لا يلزم من هذا ان الفاعل لذلك الفعل المحرم يترتب عليه ذلك الوعيد الوارد في هذا النص. وذلك لان هذا الفاعل قد يقوم به من المواد ما يمنع عنه تلك العقوبة. وقد تنتفي عنه بعض الشروط التي تؤدي الى ان لا يترتب عليه ذلك الوعيد ومن امثلته تطبيق الحد فان النصوص قد جاءت بان الحد يطبق عند وجود وصف معين لكن هناك شروط اضافية تضاف الى علة الحكم. لا بد من من وجودها وهناك موانع قد ينتفي تطبيق الحد بسبب وجود هذه الموانع ولا نقول بان نصوص الوعيد بالنسبة لذلك لا تجرى على معناها او لا نفهمها كما ورد بها النص. وانما نقول بان هذه النصوص مطلقة او عامة جاءت نصوص اخرى بتقييدها او تخصيصها ومن امثلة ذلك في قول النبي صلى الله عليه وسلم لا يقبل الله صلاة احدكم اذا توضأ اذا احدث حتى يتوظأ فان مفهوم هذا الحديث ان من توظأ فصلى فانه تقبل صلاته. لكن ورد نصوص اخرى تدل على ان هناك عددا من الامور مشترطة لقبول الصلاة من مثل استقبال القبلة والنية والابتعاد عن النجاسة عقل والإسلام والتمييز ونحو ذلك من النصوص التي وردت بي ايجابي عدد من الشروط وهكذا وردت نصوص اخرى تبين ان قبول الصلاة قد امتنع بسبب وجود بعض الصفات التي هي موانع تمنع من صحة الصلاة. ولذلك لا زلنا نجد ان العلماء يحتجون بنصوص الوعيد يستدلون بها على تحريم ذلك الفعل الذي علق الوعيد عليه. ولا يقولون بان هذه النصوص لا مدلول لها بل يجعلون تلك الادلة التي فيها وعيد ابلغ في الدلالة على تحريم ذلك الفعل وذلك لان القلوب تنفر من الفعل الذي ترتب عليه العقوبة العظيمة ويعتقدون ان ترك هذا الفعل اولى وافضل بل هو المتعين على العبد فان نصوص الوعيد لا زالت الامة تجريها وتفهمها وتعلق الاحكام الشرعية عليها ولا يعني اننا اذا لم نرتب حكما من احكامها واثرا من اثارها اننا قد اهملنا كما يتهم الوعيدية جمهور اهل العلم بذلك بل لا زال العلماء بها وحينئذ نعلم ايضا ان صفة ان بعض الصفات المتعلقة لاشخاص من كونه شهيدا او كونه صديقا او كونه عالما او نحو ذلك لا يتخلف مع في كثير من الاحيان مع وجود هذه الافعال المحرمة لوجود امور اخرى عارضت هذا الفعل من وجود توبة او وجود حسنات يذهب الله بها السيئات او وجود مصائب بلاوى يبتلى بها الانسان او برحمة رب العزة والجلال. ولذلك مثلا في نصوص الوعيد في قول الله عز جل ان الذين يأكلون اموال اليتامى ظلما انما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا قد يتخلف هذا الوعيد لعدم في بعض الاشخاص لعدم وجود شرطه او لوجود مانعه ومثله في قوله تعالى لا تأكلوا اموالكم بينكم بالباطل الا ان تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا انفسكم ان الله كان بكم رحيما. ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف نصليه نارا كان ذلك على الله يسيرا. ومثل تلك الاحاديث التي وردت في الحاق الوعيد الشديد بعض الافعال فانها قد تتخلف لعدم وجود بعض الشروط او لوجود بعض الموانع من مثل لقول النبي صلى الله عليه وسلم لعن الله من غير منار الارض لعن الله شارب الخمر لعن الله طريقة تقطع يده في الحبل والبيضة لعن الله اكل الربا ونحو ذلك من النصوص التي هي من نصوص الوعيد فان هذه النصوص نحن نقول بها ونثبتها و ونستدل بها على تحريم هذه الافعال. وان كنا لا نلحق الوعيد الوارد فيها ببعض فاعليها وذلك لاننا لا نجزم بوجود ذلك الفعل شروط ذلك الفعل او شروط تلك العقوبة ولا نجزم بانتفاء الموانع التي فيها. وحينئذ نحن لا نقول بان هذا الوعيد فلانا لانه قد يتوب قد يعفو الله عز وجل عنه قد يدعو له بعض ابناءه ونحو ذلك حتى في بعض الافعال التي قد يرتب الله عز وجل على الفعل لعنة العباد فانه لا يلزم من هذا ان تلعن المعين. كما في قوله جل وعلا ان الذين يكتمون ما انزلنا من بينات من بعد ما بيناه للناس في الكتاب اولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون. قد لا نحكم بان ان هذا الفعل او هذه العقوبة مرتبة على فلان وذلك لانه قد يتخلف هذا الحكم لتخلف نقطة او لوجود مانعه. ولهذا الصديق الصالح الذي له اعمال كثيرة اذا صدرت منه بعظ الافعال التي رتبت عليها عقوبة فانه حينئذ قد يتخلف يتخلف تتخلف هذه العقوبة سبب من الاسباب او لانتفاء الشرط او لوجود ما فهكذا ايضا بالنسبة لما يتعلق بعلماء الشريعة الذين يجتهدون الى احكام فقهية باجتهاداتهم. ثم يكون ذلك الفعل الذي توصلوا الى اباحته هو الشرع محرم ومرتب عليه عقوبة شديدة. فهذه العقوبة الشديدة لا يلزم ان تكون مجراة الا ذلك العالم لان هذا العالم معذور عند الله جل وعلا لانه بذل ما في وسعه ومن امثلة ذلك بعظ قضايا الربا فانه قد يوجد من الفقهاء سواء من المعاصرين او من المتقدمين من يرى اباحتها ويظن انها جائزة وقد يتعامل بها. بناء على اجتهاد توصل اليه في هذه المسألة. فحينئذ تلك النصوص التي رتبت العقوبة الشديدة على الربا لا اثبتها لذلك الشخص بل نجزم ان هذا الوعيد لا يتعلق به. من مثل قوله عز وجل اتقوا الله هوذروا ما بقي من الربا ان كنتم مؤمنين فان لم تفعلوا فاذنوا بحرب من الله ورسوله. وحين اذ هادئة هو الواجب الذي يجب علينا ان نسلكه ان نسلكه فيما يتعلق بنصوص الوعيد فنحن نثبتها ونقرها ونستدل بها على تحريم الفعل ولكننا لا نثبتها لهؤلاء الافراد خصوصا من العلماء لاننا لا نجزم بوجود شروط هذه العقوبة وانتفاء موانعها حينئذ نعلم ان هذه الطريقة المتوافقة مع دلالة النصوص والتي سار عليها سلف الامة من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتابعيهم باحسان قابلها طرق سيئة مخالفة للطريقة القرآنية والطريقة النبوية. الطريقة التي خالفت طرائق الكتاب والسنة من يرى ان الوعيد يلحق بكل فرد من الافراد ويدعي انه عمل بمقتضى النصوص فنجد ان بعض الناس يأتينا ويثبت حكم الردة وحكم التكفير على الاشخاص ويستحل دماءهم اموالهم بناء على ان هذا النص من نصوص الوعيد يشمل جميع الافراد من غير مراعاة ثبوت ذلك الحكم بوجود شروطه وانتفاء موانعه. وهذا من اقبح او من طرائق الخوارج الذين يكفرون بالذنوب ويستحلون الدماء والاموال. يقول الشيخ فساد طريقة هؤلاء معلوم بالاضطرار من دين الاسلام وادلة فساد هذا القول معلومة واما المسلك والطريقة الثانية التي قال بها طوائف من الناس عدم العمل بنصوص الوعي والغاء نصوص الوعيد بالكلية والقول بانه لا يؤخذ منها حكم لا بتحريم ذلك الفعل ولا بالتشنيع ولا بالتشنيع على الفاعل لما علقت عليه العقوبة يظنون ان القول باجراء تلك النصوص واثبات التحريم بناء عليها يؤدي الى ان نطعن في فاعليها. وحين اذا يوجد عندهم من الارجاء ومن القول بانواع من الضلالات و ادعاء عدم المنع من كثير من الافعال وادعاء ان الايمان يبقى كاملا تاما وافيا مع وجود شيء من هذه الذنوب والمعاصي الكبيرة وهذه طرائق المرجئة بل يؤدي الى اعتقاد عصمة الخلق ما دام عندهم ايمان واعتقاد عصمة اولئك العلماء الذين يخطئون فكأنهم يقولون لا يمكن ان يخطئ عالم وما يقوله العالم فهو شرع الله وهو دينه. وحينئذ يشابهنا اليهود والنصارى الذي يشابهون النصارى الذين اتخذوا احبارهم ورهبانهم اربابا من دون الله. كما فسر ذلك النبي صلى الله عليه وسلم لعلي بن حاتم عندما قال له بانهم احلوا لهم الحرام فاتبعوهم عليهم الحلال فاتبعوهم. وهذا يؤدي الى تعطيل ما جاءت به النصوص. من تقديم طاعة الله على طاعة المخلوق. كما في قول النبي صلى الله عليه وسلم انما الطاعة في المعروف وكما في قوله صلى الله عليه وسلم لا طاعة لمخلوق في معصية الله عز وجل ونحو ذلك ذلك من النصوص. وحينئذ هذا القول الذي يقول بان نصوص الوعيد ليس لها مدلول يؤدي الى جعل الناس لا يفهمون النصوص فهما صحيحا ينزلونها على وفق مراد الله جل وعلا ويترتب على ذلك انهم لا يقولون برد الخلاف الى الكتاب والسنة لانهم يقولون كل واحد من هذه الاقوال صواب وحق وهو حكم الله عز وجل. بل يقول حكم الله في الوقائع تابع لاجتهاد المجتهدين. ولا يوجد حكم لله في المسائل اهل الاجتهاد قد يرتب بعضهم على هذا بانه يقال بان بانه يجوز للمكلف ان يختار اي قول من اقوال القائلين والعلماء. حتى ولو كان من قد يجيز بعضهم الفقيه ان يأخذ باي قول في المسألة بناء على انه لا يوجد حكم لله فيها الا بعد اجتهاده. وبناء على انه يعتبر كل قول من اقوال الفقهاء صحيحا وانه حكم الله عز وجل في المسألة. ولذلك قال ابو اسحاق الاسفرائيني عمن يقول بهذا القول بان كل مجتهد مصيب وانه يجوز الاخذ بكل واحد من هذه الاقوال قال هذا القول اوله سفسطة واخره زندقة السفسطة هي نفي حقائق الاشياء. لاننا نجد ان الفقيهين يقول احدهما هذا الفعل من هذا الشخص في هذا الوقت حرام. والاخر يقول هذا الفعل من هذا الشخص في هذا الوقت حلال. فعلى قولهم يكون هذا الفعل لذلك الشخص في هذا الوقت حراما حلالا. وهذا انكار لحقائق الاشياء جمع بين المتضادين في محل واحد. والمتضادات لا تجتمع. واخره زندقة لانه يؤدي الى اطراح دلالة النصوص. وعمل وعدم العمل بها بناء على انه قد وجد قول فقيه يخالفها ومن ثم هم يعارضون النصوص ودلالاتها قال الفقهاء. وحينئذ يؤدي ذلك الى امور عظيمة الشنيعة من مخالفة دين الله يؤدي الى تبديل هذا الشرع وهذا الدين. ولذلك وقع من قول بمثل هذه المقالة الشنيعة شيء كبير من المفاسد. وان كان بعض من يقول بصواب كل مجتهد في التنظير يخالفونه عند التطبيق. لان واجراءه يؤدي الى مخالفة من مخالفة واضحة وبينة لمدلولي الشريعة. ولذا هذا اثر ولازم لهذه المقالة باطل. يدل على بطلان تلك المقالة وان الصواب اننا نجري نصوص الوعيد. ونقول باثباتها ونأخذ منها ذلك الفعل وكونه من كبائر الذنوب. وان كنا في نفس الوقت لا نلحق هذا الوعيد بكل فرد من الافراد لاحتمال تخلف بعض الشروط او وجود بعض الموانع. وبهذه الطريقة نكون قد اعمالنا جميع النصوص. فالاولون الذين قالوا بلحوق هذا الوعيد بكل فرد حتى علماء هم يأخذون ببعض النصوص فقط. النصوص التي فيها الوعيد. ولا يأخذون بالنصوص الاخرى التي تثبت ان الوعيد لا يلحق بالعبد الا بعد وجود شروط معينة موانع وهكذا ايضا اولئك المرجية الذين نفوا دلالة نصوص الوعيد وقالوا بانها لا تدل على شيء بناء على عدم الحاق العقوبة على الافراد. فهذه المقالة فيها اعمال للنصوص التي جاءت ببيان شروط لحوق الوعيد وانتفاء اي الحكم والوعيد لوجود الموانع لكنهم لم يعملوا نصوص الوعيد. واما اهل السنة فانهم قد اعملوا هذين النوعين من الادلة جميعا. ولذلك كان اهل السنة يؤمنون بالكتاب كله. ويتبعون ما انزل الله عز وجل من الكتاب وما تكلم به النبي صلى الله عليه وسلم جميعا بدون انتقاء لهذه النصوص. فانها السنة يؤمنون بالكتاب كله ليس من شأنهم انهم يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعضه الاخر ولذلك تجد قلوبهم متقبلة لجميع النصوص فرحة بجميع النصوص معملة لجميع النصوص لا يأخذون من النصوص ما يوافق اهواءهم ويوافق اقوالهم وعقائدهم فيجعلون اقوالهم وعقائدهم واقوالهم تابعة للنصوص هذا شأن اهل السنة واما غيرهم فيجعلون اقوالهم وعقائدهم واهوائهم حاكمة على الادلة الشرعية وحينئذ نعلم الفرق بين طريقة اهل الحق انهم يعملون النصوص ويقدمونها ويجمعون بينها ولا يحاولون ان يقدموا بعض النصوص على بعضها الاخر. وحينئذ الم ان من اعظم اسباب الظلال في هذا الباب وفي غيره الانتقاء من النصوص عدم الالتفات اليها جميعا. ومن هنا مثلا نجد ان الوعيدية التفتوا الى قول الله جل وعلا ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاه اوه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه واعد له عذابا عظيما. وتركوا النصوص الاخرى الواردة في الباب. وفي المقابل نجد ان المرجئة اخذوا بقول الله عز وجل يا ايها الذين امنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد العبد والانثى بالانثى. فمن عفي له من اخيه شيء فاتباع بالمعروف واداء اليه باحسان. حيث اما القاتل اخا للمقتول. وكما في قوله تعالى وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا. فاثبت لهم الايمان فاثبت لهم اسم الايمان مع وجود الاقتتال بينهم. ثم قال فان بغت احداهما على اخرى ثم قال وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فاصلحوا بينهما. فان بغت احداهما على الاخرى التي تبغي حتى تفيء الى امر الله فان فات فاصلحوا بينهما. ثم قال انما المؤمنون اخوة فاصلحوا بين اخويكم فاثبت لهم اسم الايمان مع وجود الاقتتال. وحينئذ نعلم ان اهل السنة اخذوا بالدليلين مع فاثبتوا مدلول كل منهما. وهكذا في بقية ابواب وبالشريعة مثلا في نصوص القضاء والقدر. اخذ اهل السنة بجميع النصوص الواردة في هذا الباب ومن ثم اثبتوا مشيئة الله واثبتوا مشيئة للعبد وبينوا ان مشيئة العبد بعهد مشيئة الله عز وجل كما في قوله تعالى وما تشاؤون الا ان يشاء الله. وفي المقابل قال الوعيدية وباثبات قالوا باثبات مشيئة العبد. ونفوا مشيئة الخالق سبحانه في افعال العباد. فاخذوا بالنصوص الدالة على اثبات مشيئة العبد واغفلوا الدالة على اثبات مشيئة الله في قوله في مثل قوله تعالى انما امره اذا اراد شيئا ان يقول له كن فيكون وفي المقابل نجد ان نفات القدر اخذوا بتلك النصوص التي اثبتت مشيئة الله ونفوا مشيئة العبد وجعلوا العبد بمثابة الورقة في مهب الريح ارادة له ولا مشية مما يخالف الواقع وحقيقة الامر مما يشاهده الناس ما منشأ ضلال كل من الطائفتين الايمان ببعض الكتاب وعدم الايمان ببعضه الاخر وعدم حمل النصوص بعضها على بعض وعدم محاولة الجمع بين النصوص الشرعية ومن امثلة ذلك ايضا في ابواب المعتقد ان بعض الناس اخذ بلا احاديث والادلة الواردة في السمع والطاعة لولي الامر وان امر بما امر وبه وحينئذ اسقطوا واجب النصيحة وواجب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر. وفي المقابل اخذ طائفة نصوص وردت بالامر بالمعروف فقالوا بانه يستلذ بان ذلك تلزم الخروج على صاحب الولاية. بينما اهل السنة وسط في هذا الباب يؤمنون بالكتاب كله ويثبتون مقتضى النصوص جميعا. فيثبتون السمع والطاعة لصاحب الولاية وفي نفس الوقت يوجبون النصيحة والارشاد ويمنعون من الطاعة في المعصية. فاخذوا بمدلول جميع هذه النصوص الواردة في هذا الباب. والاعتناء باسباب الهداية واسباب الخطأ والضلال من اكبر ما يميز طالب العلم ويفرق بينه وبين غيره. فان طالب العلم اذا اراد ان يتكلم في مسألة جمع بين النصوص الشرعية جميعا. ولم يتكلم فيها حتى يحوزها كل لها ويغلب على ظنها انه لا يوجد دليل في المسألة الا ما كان بين يديه واما غيره فانه اذا وجد دليلا واحدا ظن انه لا يوجد في المسألة الا الدليل وبالتالي سارع الى الاخذ به وعدم تقييده بالنصوص الاخرى التي وورد فيها تقييد لهذا الدليل. وهكذا نلاحظ ان من اسباب الخطأ والزلل بكثير من المسائل العقدية والفقهية ان المصطلح الشرعي يرد له معان متعدد ده فيأتي من ياتي ويجعل هذا المصطلح لا يدل الا على الا على معنى خارجي. لماذا قدر الله عز وجل وجود هذا التعارض الذهني؟ هذا له قائد لانه هذا يؤدي الى بحث هذه المسائل والنظر في هذه الادلة وتقليب الفكر فيها مما يجعل العلم يستمر واحد في جميع مواطنه. ومن ثم يقع في اشكال وفي اضطراب. ومن هذا مثلا لفظ الارادة فانه في مرة يراد بها الارادة الشرعية التي تكون التي تكون يكون المراد فيها محبوبا لله عز وجل. ولكنها قد يقع هذا المراد وقد يتخلف في مثل قوله تعالى يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر وفي مثل قوله جل وعلى والله يريد ان يتوب عليكم قد يراد بلفظ الارادة الارادة القدرية الكونية التي تقع لا محالة ان كان ما يقع بهذه الارادة قد يكون محبوبا لله عز وجل وقد لا يكون محبوبا له سبحانه وتعالى في مثل قوله جل وعلا انما امره اذا اراد شيئا ان ان يقول له كن فيكون. واضرب مثالا اختم به هذه الدروس باذن الله جل على ورد في قول الله جل وعلا انما امره اذا اراد شيئا هنا شيء هل هي متعلقة او وصف لشيء موجود او هي لامر معدوم؟ اجيبوا لامر معدوم لم يوجد. وفي المقابل انما امره اذا اراد شيئا. ان يقول له كن فيكون قبل ان يقول له كن لم يكن كائنا ولا موجودا فهنا اطلقت لفظ شيء على امر لم يوجد بل هو امر معدوم. وفي المقابل قال الله عز وجل وقد خلقتك من قبل ولم تكن شيئا فنفى اسم الشيء عن المعدوم. وقال تعالى هل اتا على الانسان حين من الدهر ان لم يكن شيئا مذكورا فجعل المعدوم ليس بشيء فحينئذ ياتي من ياتي ويأخذ باحد الدليلين ويقول بان هذا الدليل يدل على شيء لكن الاية الاخرى تخالفه وبالتالي يكون قد اخذ ببعض الكتاب ولم يأخذ ببعضه الاخر. ومن هنا تلفت هذه الطوائف فقال فقالت طائفة الشيء المعدوم ليس بشيء لان الله يقول انما امره اذا اراد شيئا ان يقول له كن فيكون. وقال طائفة المعدوم ليس ها المعدوم شيء لقول قال الطائفة المعدوم شيء لقوله انما امره اذا اراد شيئا ان يقول له كن فيكون. وقالت طائفة اخرى معدوم ليس بشيء لقول الله جل وعلا ولم تك شيئا. فماذا تقولون انتم؟ المعدوم شيء او ليس بشيء يقول عندنا خطأ عندنا قاعدة وهي انه اذا ورد تعارض في الادلة الشرعية ماذا نفعل؟ نحاول الجمع بين هذه الادلة كيف يكون الجمع بحمل احد الدليلين على محل وحمل الدليل الاخر على محل اخر بحيث نتمكن من الجمع بين هذه الادلة والعمل بها جميعا. ماذا نفعل؟ نقول المعدوم المعدوم ليس بشيء في الخارج فالمعدوم لا لا وجود له في الخارج وبالتالي في الخارج ليس بشيء. لكن في التصور في الذهن المعدوم يعتبر شيئا. وحينئذ نقول المعدوم شيء في الاذهان لكنه ليس بشيء في الخارج. وبالتالي تعرف ان انه ان القاعدة عند ورود التعارض ان نحاول الجمع بين الادلة بحمل احد الدليلين على محل وحمل الدليل على الاخر على محل اخر انما يكون عند تحقق شروط التعارض. لان التعارض له شروط في كثير من المواطن يظن ان المسألة فيها تعارض بين النصوص. ولا يكون الامر كذلك. لماذا؟ لان التعارض له شروط من تلك شروط صحة الدليلين فلو كان احد الدليلين صحيحا والاخر ظعيفا او موظوعا فحينئذ الدليل الظعيف او الدلالة لا تقابل الدليل الصحيح او الدلالة الصحيحة. ولا يوجد تعارض حينئذ والامر الثاني التقابل في المدلول. فلو كان احدها يدل على الوجوب والثاني ايضا يدل على الوجوب. فماذا نفعل هذا التعارض نقول لا يوجد تعارض كل من الدليلين دل على معنى واحد وبالتالي لا يوجد تعارض. والثالث التطابق في الزمان والتطابق في في الظرف الذي هو ومنه الزمان والمكان. لانه لو كان احد الدليلين في زمان اخر في زمان اخر فحينئذ لا تعارض. يأتينا من يأتينا ويقول هناك تعارض. الله جل وعلا يقول اقيموا الصلاة والنبي صلى الله عليه وسلم يقول دع الصلاة ايام اقرائك. فنقول لا تعارظ هذا طاهر والرجل الامر باقامة الصلاة وذاك الحديث في المرأة الحائض فحينئذ لم لا يوجد تعارض لماذا؟ لان الدليلين لم يردا على محل واحد. وانبه الى شيء وهو ان التعارض بين الادلة ليس في ليس امرا حقيقيا واقعا وانما هو وفي اذهان المكلفين. من المجتهدين وغيرهم. لان الشريعة لا يمكن ان يوجد فيها تعارض البتة لقول الله عز وجل ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا والتعارض هذا من الاختلاف لكن يوجد تعارض ذهني ولا يوجد تعارض حقيقي ويجعل الناس يتباحثون ويتناقشون ومن ثم يكون لذلك اثار عظيمة قد اعتنى العلماء الاوائل جمع هذا هذه النماذج من التي يظن التعارض فيها. فهناك من اعتنى بجمع ما كان كذلك من النصوص الشرعية وهناك من اعتنى بهذا الباب في الاحاديث النبوية. وكما تقدم ان هذا هو من اسباب الضلال. وهذا الذي يعرف عند العلماء بالمتشابه. كما في قوله تعالى هو الذي انزل عليك الكتاب منه ايات محكمات هن ام الكتاب. واخر متشابهات. فاما الذين في قلوبهم زيغ يتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله. ثم ذكر الله عز وجل بانه لا يعلم تأويله الا الله ثم ذكر في مقابلة متبعي المتشابه الراسخين في العلم. قال والراسخون في العلم يقولون امنا به كل من عند ربنا. فيؤمنون بجميع هذه النصوص ويحاولون بينها بينما اولئك الذين يتبعون ما تشابه منه ويبتغون الفتنة يأخذون بالنصوص ولا يردونها الى النصوص المحكمة فيقعون في الظلال فيضلون يظلون اسأل الله جل وعلا ان يجعلنا واياكم ممن امن بالكتاب كله كما جل وعلا ان يجعلنا واياكم من الهداة المهتدين. اللهم ارشدنا الى المعتقد الصحيح. اللهم وفقنا للعبادة المقبولة. اللهم يسر امورنا واغفر ذنوبنا. اللهم يا حي يا قيوم هيئ من امرنا رشدا واجعل عاقبتنا في الامور كلها الى خير كما سلهوا جل وعلا ان يجعلنا ان يصلح احوال المسلمين في مشارق الارض ومغاربها. وان يجعلهم على احسن حال. واكمل كما اسأله جل وعلا ان يحقن دماءهم وان يجمع كلمتهم على الحق وان يؤلف ذات بينهم وان يجعلهم تعاونين على البر والتقوى لا على الاثم والعدوان. اللهم يا حي يا قيوم كن لاولئك المضطهدين من اخواننا المسلمين في تارك الارض ومغاربها. اللهم يا حي يا قيوم كن عونا لمن قام مع شرعك. واراد تطبيقه في احوال الناس كلها هذا والله اعلم. وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله واصحابه واتباعه وسلم تسليما كثيرا الى يوم الدين