الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله. اما بعد فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته عرفنا ايها الاحبة في الليلة الماضية حقيقة الذكر وما يصدق عليه الذكر عند الاطلاق. وان حاصل ذلك ان الذكر تارة يطلق ويراد به معنى عام وتارة يقصد به معنى خاص وتارة يقصد به معنى اخص. فالعام يشمل ذكر اللسان والقلب والجوارح. سائر الاعمال الصالحة ويدخل في اللسان الثناء على الله والاخبار عنه بايظا صفات الكمال وما الى ذلك ويدخل فيه قراءة القرآن والدعاء كل هذا داخل في اللسان وان الذي يكون في القلب يدخل فيه التفكر بالاءه ويدخل في ذلك ايضا استحضار عظمته ويدخل في ذلك ايضا ما يتصل بالتفكر بمعاني هذه الاذكار التي يقولها وتعقل المعاني وحضور القلب معها كل هذا مما يرجع الى القلب. والحافظ ابن القيم رحمه الله يقول بان هذا الذكر الظاهر الذي يكون باللسان مع مواطئة القلب بطبيعة الحال بانه ثناء او دعاء او رعاية الذكر الظاهر الذي يكون باللسان مع مواطئة القلب هذا يكون تارة من قبيل الثناء على الله عز وجل كقولك سبحان الله والحمدلله ولا اله الا الله والله اكبر ولا حول ولا قوة الا بالله وتارة يكون دعاء ربنا ظلمنا انفسنا وان لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين فهذا دعاء من الادعية الواردة في القرآن وهو داخل في الذكر بالمعنى المتوسط. قلنا المعنى الاوسط او المتوسط هو ما يتصل باللسان مما يقوله من قبيل الثناء او الدعاء او قراءة القرآن او نحو ذلك. والاخص هي الاذكار المعروفة التي نقول ينبغي المحافظة عليها في الصباح والمساء وبعد الصلاة والخروج والدخول وما الى ذلك. هذا الاخص وهو الذي نشتغل بشرحه لكن نحن نوضح هذه القضايا في البداية ويعني بذكر الرعاية عن ابن القيم رحمه الله لما ذكر ذكر الرعاية يعني يقول كقول قائل او الذاكر الله معي يعني بعلمه واحاطته وناظر الي ونحو ذلك مما يستحظر به نظر الرب تبارك وتعالى ومراقبته واطلاعه فيكون ادعى الى حضور القلب ادعى الى التأدب حال الذكر. ولهذا فان الله تبارك وتعالى يقول وما تكون في شأن وما تتلو منه من قرآن وماذا نعم من عمل الا كنا عليكم شهودا اذ تفيضون فيه. فاذا استحضر الذاكر انه حينما يفيض حينما يبدأ حينما يشرع حينما يشتغل بهذا الذكر ان الله مطلع عليه وانه مشاهد له الا كنا عليكم شهودا اذ تفيضون فيه فهذا يحصل معه من حضور القلب ما لا يحصل مع غيره اذا بذلك نكون قد تصورنا المراد بالذكر عند الاطلاق فاذا قيل مجالس الذكر حضور مجالس الذكر الملائكة تحضر مجالس الذكر تحفها فانه يقصد به ما هو اعم من الذكر بالمعنى اصله الاذكار المعروفة فيدخل في ذلك المجالس التي يقرأ فيها القرآن المجالس التي يتذاكر فيها عظمة الرب ووحدانيته مجالس الفقه بيان الاحكام مجالس الحديث مجالس التفسير كل هذه بهذا الاعتبار من مجالس الذكر. وحينما نقول المحافظة على الاذكار سبب لحفظ العبد ووقايته من الشرور والافات وما الى ذلك نقصد بهذا الاذكار المشروعة التي تقال في احوال واوقات معينة جاء ذلك منقولا عن الشارع. اذا اذا كان هذا الذكر الذي باللسان يتضمن الاذكار المعروفة بالثناء وقراءة القرآن والدعاء فهذا الدعاء كما يقول ابن القيم رحمه الله الذكر الظاهر ثناء او دعاء او رعاية فما الفرق بين الذكر والدعاء اذا اردنا ان نميز الذكر فنجعل الذكر بمعنى اخص ونفصل عنه الدعاء وهو داخل فيه كما قلت في المعنى او بالاطلاق الذي يكون متوسطا. فاذا اردنا ان نفرق بين الدعاء والذكر مع ان الدعاء داخل في الذكر كما سبق فماذا نقول يمكن ان يقال بان الدعاء هو الطلب والسؤال. العبد يسأل ربه. وهذا السؤال والطلب يكون على نوعين او على صورتين. الصورة الاولى او النوع الاول وهو دعاء المسألة يقول يا رب اغفر لي يا رب ارحمني يا رب ارزقني يا رب عافني فهذا دعاء مسألة. النوع الثاني من الدعاء وهو دعاء العبادة. وذلك ان هذا الذي يعبد ربه بالصلاة والصيام الحج وما الى ذلك من الاعمال هو ماذا يريد بهذا العمل هو سائل طالب يطلب الثواب من الله عز وجل بهذه الاعمال التي يتقرب بها الى ربه تبارك وتعالى. فصار عندنا دعاء عبادة ودعاء مسألة كل دعاء عبادة فهو مستلزم لدعاء المسألة لانه حينما يكون مصليا فذلك يقتضي انه يكون طالبا. الاجر و الثواب وكل دعاء مسألة متضمن لدعاء عبادة وذلك ان هذا الذي يقول يا رب اعطني يا رب كذا فعله هذا عبادة. فالسؤال هذا هذا الدعاء هو هو من اجل العبادات والله عز وجل يقول وقال ربكم ادعوني استجب لكم وفسر بالمعنيين ادعوني يعني اسألوني اعطكم او اعبدوني اثيبكم استجب لكم وبعضهم رجح هذا المعنى الثاني بقرينة ما بعده. وهو انه قال ان الذين يستكبرون عن عبادتي. فهنا قال عبادتي والاقرب والله تعالى اعلم ان ذلك ينتظم المعنيين معا وقال ربكم ادعوني يعني اسألوني اعطكم واعبدوني اسيبكم. وهذا القرآن يعبر به بالالفاظ القليلة الدالة على المعاني الكثيرة وهذا الذي رجحوه المحققون من اهل العلم واذا سألك عبادي عني فاني قريب اجيب دعوة الداع اذا دعان اذا سألك عبادي عني فاني قريب اجيب دعوة الداع اذا دعان ثم قال بعده فليستجيبوا لي وليؤمنوا لعلهم يرشدون هنا اجيب دعوة الداعي اذا دعان ايضا سؤال السائل وعبادة العابد وشيخ الاسلام رحمه الله لما ذكر هذه الاية بين ان كل سائل راغب الراهب فهو عابد للمسئول وان كل عابد له فهو ايضا راغب وراهب. يرجو رحمته ويخاف عذابه فكل عابد سائل وكل سائل عابد فاحد الاسمين يتناول الاخر عند تجرده عنه اذا الذي يختاره شيخ الاسلام ويختاره ابن القيم ان مثل هذه الاية ادعوني استجب لكم يتضمن النوعين دعاء العبادة ودعاء المسألة. شيخ الاسلام يقول لكن اذا جمع بينهما قلنا الدعاء والعبادة او قلنا السؤال والعبادة فان المراد بالدعاء هو السؤال ربي اغفر لي السؤال بالقول رب ارحمني ربي اعطني ربي عافني وهكذا مما يطلب فيه جلب المنفعة او دفع المضرة ويكون العبادة المقصود بذلك يعني كالصلاة والصوم ونحو ذلك اذا الدعاء هو طلب ما ينفع الداعي وطلب كشف ما يضره او دفعه عنه فالذكر يشمل هذا وهذا فاذا اردنا ان نفرق بينه وبين الدعاء نقول الدعاء اذا هو سؤال بالقول او بالفعل واما الذكر فانه يكون المقصود به هذا الذي جاء عن الشارع مما يقال على سبيل التنزيه او الحمد والثناء على الله تبارك وتعالى مما يقال في اوقات واحوال مخصوصة او مطلقة فنفرق بين من رفع يديه وقال اللهم ارحمني واغفر لي واجبرني واهدني وعافني. وبين من يقول سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر ففي المعنى العام كل ذلك ذكر وكل هؤلاء يذكر ربه بالمعنى الاخص يكون الذكر مثل سبحان الله والحمد لله سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم وما شابه ذلك. طيب ايهما افضل الذكر او الدعاء ايهما افضل الحافظ ابن القيم رحمه الله يذكر ان الذكر افضل من الدعاء لماذا لان الذكر ثناء على الله عز وجل بجميل اوصافه والائه اما الدعاء فهو سؤال العبد حاجته يقول ابن القيم فاين هذا من هذا واحد يثني على الله وواحد يقول يا رب اعطني. يقول لهذا كان المستحب في الدعاء ان يبدأ بالثناء والحمد بين يدي الحاجة ان الانسان لا يبدأ بالدعاء مباشرة يقول يا رب ارزقني وانما يثني على الله بما هو اهله كما دل على ذلك النصوص ويعترف بفقره وعجزه وظلمه وتقصيره وحاجته. ويتضرع الى الله تبارك وتعالى ثم يسأل حاجته بعد ذلك فهذا ادعى للاجابة وسيأتي كلام ان شاء الله تعالى بشيء من التمييز والتفصيل اكثر انه قد يكون في بعض الحالات الدعاء او لا وافضل لكن نحن نتكلم هنا على سبيل الاجمال ايهما افضل؟ الذكر افضل من الدعاء. ولكل مقام مقال وسيأتي تفصيل تلك المقامات التي قد يفضل بها احد او بعض هذه الاعمال على غيره لمقتضى الحال او المقام اكتفي هذه الليلة هذا القدر ثم ان شاء الله تعالى نتكلم عن انواع الذكر من جهات واعتبارات متنوعة غير ما ذكر واسأل الله تبارك وتعالى لي ولكم القبول وان يبارك لنا في الاعمار والاموال والاولاد وان يغفر لنا ولوالدينا ولاخواننا المسلمين. اللهم ارحم موتانا واشفي مرضانا وعافي مبتلانا واجعل اخرتنا خيرا من دنيانا