الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله اما بعد فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته بهذه الليلة اتحدث عن دعاء اخر مما يقال بعد التشهد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في اخر الصلاة وذلك ما جاء من حديث انس ابن مالك رضي الله عنه قال سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يقول اللهم اني اسألك بان لك الحمد لا اله الا انت وحدك لا شريك لك المنان بديع السماوات والارض ذو الجلال والاكرام فقال لقد سأل الله باسمه الاعظم الذي اذا سئل به اعطى واذا دعي به اجاب وفي رواية للحاكم عن انس رضي الله عنه وفيه قوله لا اله الا انت انت المنان في الرواية الاولى لا اله الا انت وحدك لا شريك لك المنان وفيه اسألك الجنة واعوذ بك من النار وهنا لم يذكر ما دعا به هذا الرجل. في الرواية الاولى وكذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم لقد سأل الله باسمه الاعظم في الرواية الاخرى لقد كاد يدعو الله كاد يدعو الله باسمه الذي اذا دعي به اجاب واذا سئل به اعطى. ما قال الاعظم والاسم الذي اذا دعي به اجاب اذا سئل به اعطى هو الاسم الاعظم وفي رواية عند ابن حبان قال كنت انس قال كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا في الحلقة يعني حول النبي صلى الله عليه وسلم. ورجل قائم يصلي فلما ركع سجد وتشهد دعا هذا هو الشاهد. في الروايتين السابقتين ليس فيه ذكر موضع هذا الدعاء بخصوصه فمن اين اخذنا ان هذا الدعاء مما يقال بعد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم او بعد التشهد في الجلوس في الصلاة من هذه الرواية. ولا شك ان جمع الروايات الصحيحة انه مفيد حيث يوضح بعض ما يقيد به الاطلاق او يوضح بعض المبهم او يكون فيه زيادة لا تخلو من فائدة الشاهد هنا في هذه الرواية عند ابن حبان ايضا قال لا اله الا انت الحنان المنان فذكر الحنان ايضا هناك في الروايتين السابقتين ليس فيه ذكر الحنان وكذلك ايضا بهذه الرواية قال يا ذا الجلال والاكرام في الرواية الاولى ذو الجلال والاكرام ذو الجلال والاكرام وكذلك في الرواية الثانية هنا يا ذا الجلال والاكرام وفيه زيادة في هذه الرواية الثالثة يا حي يا قيوم وفيه بعده اللهم اني اسألك ما قال اسألك وقال النبي عليه الصلاة والسلام بهذه الرواية الثالثة اتدرون بما دعا؟ قالوا الله ورسوله اعلم. فقال والذي نفسي بيده لقد دعا باسمه العظيم. هناك الاعظم وفي الرواية الاخرى الذي اذا سئل اذا دعي به اجاب واذا سئل به اعطى. هنا لقد دعا باسمه العظيم هكذا فهذه الفروقات بين هذه الروايات الثلاث وهي لا تخلو من فوائد كما ترون. هذا الحديث اخرجه ابو داوود والترمذي وابن ماجة في روايته الاولى. وسكت عنه ابو داوود وعرفنا ان ما سكت عنه فهو صالح للاحتجاج عنده والحديث صححه المنذري والشيخ ناصر الدين الالباني وحسنه الحافظ ابن حجر رحم الله الجميع. ولكن تكلم فيه في اسناده جماعة كابن حبان وابن عدي وابن القيصراني وابن الجوزي والذهبي. هؤلاء يتكلموا ببعض رواته. هذا الرجل الذي سمعه النبي صلى الله عليه وسلم قال ورجل قائم يصلي. هذا مبهم من هذا الرجل فيترك ذلك احيانا اذا كان المقام يقتضي الستر فيترك ذلك من باب الستر واحيانا قد يترك لان الراوي لا يعرف من هو فيذكره غيره واحيانا يكون ذلك لان المقام يقتضيه يعني انما ذكر في سياق ليبين فيه هذا الدعاء لكن اذا كان ذلك يفيد مزية تكون لهذا المبهم فيحسن ذكره. فهذا الرجل دعا ربه تبارك وتعالى بهذا الدعاء الذي اقره النبي صلى الله عليه وسلم عليه واخبر انه دعا بالاسم الاعظم. فهذا الرجل قالوا هو ابو عياش الزرق وانه جاء مصرحا به في بعض الروايات قال في هذا الدعاء وعرفنا انه في الجلوس قال اللهم اني اسألك بان لك الحمد وعرفنا معنى اللهم قال اني اسألك يقول يا الله اني اسألك وتوسل اليه تبارك وتعالى بهذه الاوصاف وتوسل اليه بهذه الاسماء وتوسل اليه ايضا بالثناء عليه وتوحيده جل جلاله وتقدست اسماؤه قلنا ان هذا من قبيل التوسل المشروع ان يتوسل الى ربه تبارك وتعالى في دعائه باسمائه وصفاته او بثنائه عليه او اظهار ضعفه وعجزه ومسكنه قناته وفقره وحاجته فهذا كله من التوسل المشروع او يكون ذلك بالتوسل باعمال صالحة عملها فهذا لا اشكال فيه كما في الثلاثة الذين انطبقت عليهم الصخرة. فهنا توسل الى الله تبارك وتعالى بهذه المعاني. اللهم اني اسألك بان لك الحمد وعرفنا ان تقديم الجار المجرور يشعر بالحصر بان لك الحمد. يعني لك وحدك دون ما سواك فالحمد كله لله تبارك وتعالى وعرفنا ان هذه تفيد الاستغراق. يعني جميع انواع المحامد هي لك يا رب. وانه لا يحق الحمد من كل وجه الا من كان كاملا من كل وجه لك الحمد وعرفنا ان الحمد واضافة اوصاف الكمال الى المحمود وصفه بصفات الكمال لا اله الا انت اي لا معبود بحق سواك وحدك لا شريك لك فهذا الاول اثبات لوحدانيته تبارك وتعالى والثاني نفي للشركاء عنه و قال بعده المنان المنان هو المنعم المعطي من المن الذي هو بمعنى العطاء كثيرا ما يرد بكلام العرب المن بمعنى الاحسان البذل وما الى ذلك الى من لا يستثيبه يعني يكون يبتدئ ذلك من غير ان يكون على سبيل المكافأة ولا ينتظر منه عائدة يعني يعطي لا على سبيل المقابلة والمكافأة لاحسان سالف صدر من المعطى ولا يكون ذلك ايضا رجاء نفع يعود عليه اما ان يكون نفعا حسيا كان يريد ان يكون ذلك سببا لمكافأة يعطاها كمثل ما اعطى او اكثر كما يفعله بعضهم. او يكون ذلك احيانا لرجاء نفع من المنافع ويتساهل فيه كثير من الناس وان ينتظر منه الثناء او الشكر او الدعاء او نحو ذلك وهذا كله ينافي ما جاء في وصف المحسنين كما في قوله تبارك وتعالى انما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا. فالمقصود ان العرب يقولون فذلك يعني المن يعطي ابتداء ولا يرجو عائدة. يعني لا على سبيل المكافأة ولا انتظار ولا انتظار ايضا يعني لا يكافئ احدا بعطية يعني ما اعطاه مكافأة لانه اعطاه سابقا ولا يكون ذلك ايضا لانتظار عائدة من هذا العطاء فهذا هو المن في كلامهم فهذه صيغة مبالغة من ان كثير العطاء والانعام فالمنة نعمة جزيلة نعمة ثقيلة كما يقال نعمة كبيرة وتقولها العرب على وجهين تقولها على وجهين يعني يستعملون ذلك بازاء معنيين المعنى الاول هو الذي ذكرته هو ما يعطى ابتداء لا على سبيل مكافأة ولا لرجاء نفع او عائدة من هذه العطية وهذا لا شك انه يكون بالفعل يعني يعطي ويبذل يغدق بالانعام فالله تبارك وتعالى يمتن على عباده بقوله لقد من الله على المؤمنين وكذلك في قوله كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم بقوله ولقد مننا على موسى وهارون في قوله يمن على من يشاء ونريد ان نمن على الذين استضعفوا كل هذا انما هو من فعل الله تبارك وتعالى ولذلك من مما يدخل في هذا ما جاء في قوله صلى الله عليه وسلم انه ليس من الناس احد امن علي في نفسه وماله من ابي بكر ابن ابي قحافة ولو كنت متخذا من الناس خليلا لاتخذت ابا بكر خليلا ولكن خلة الاسلام افضل فمعنى قول النبي صلى الله عليه وسلم ان من امن الناس ما المقصود به يعني اكثر الناس جودا لنا بنفسه وماله هذا هو النوع الاول من المن بمعنى ما يكون بالفعل النوع الثاني ما يكون بالقول ما يكون بالقول فاذا صدر من الانسان كان مستقبحا. يمنون عليك ان اسلموا. قل لا تمنوا علي اسلامكم وكذلك في قوله تبارك وتعالى يا ايها الذين امنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والاذى فهذا المن لا شك انه من الامور البغيضة المكروهة وانما يكون نقصا في حق من صدر منه واذى بمن وجه في حق من وجه اليه وهذا امر معلوم المراد هنا هذه في هذا الحديث المنان بهذا الاسم الكريم وكثير العطاء والانعام على عباده بل من صفة من صفات الله عز وجل الثابتة والمنان اسم من اسماءه كما يدل عليه هذا الحديث و قال هنا في هذا الحديث بديع السماوات والارض بديع تعيل بمعنى فاعل اي مبدع يعني انه اوجد السماوات والارض على غير مثال سابق فهذا هو الابداع والشيء المبتدع او المستخرج على غير مثال سابق يعني الذي وجد على غير نظير ولا مثيل ولا شبيه فالله خلق هذه المخلوقات وانشأ هذا الخلق وابتدأه على ما اراد من غير مثال يحاكيه فهذا معنى البديع بديع السماوات والارض يا ذا الجلال والاكرام الجلال عرفنا الجلال وان من اهل العلم من فسره بالعظمة اي يا ذا العظمة كبرياء والاكرام لاوليائه تبارك وتعالى وهو ما يعطيهم ويكرمهم به في الدنيا من النعم الحسية والنعم المعنوية واعظم ذلك الهدايات والعلوم والمعارف وكذلك ايضا ما يحصل لهم بالبرزخ والاخرة في عرصات القيامة وما يحصل لهم ايظا في منتهى هذه الرحلة حيث يدخلون الجنة فيكون لهم ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. نسأل الله عز وجل ان يجعلنا واياكم ووالدينا واخواننا مسلمين منهم فهنا الله تبارك وتعالى هو ذو الجلال والاكرام بعض اهل العلم يقولون ذو الجلال والاكرام يعني انه كما سبق مكرم لاوليائه وهو ايضا بهذه المثابة وبهذه المنزلة من العظمة والكبرياء وبعض اهل العلم يقولون ان ذلك بمعنى انه مستحق ان يجلى وان يكرم قالوا يا ذا الجلال والاكرام يعني الذي ينبغي ان يجل وان يكرم فلا يجحد ولا يكفر به فهذا معنى ذكره الخطابي رحمه الله في شأن الدعاء كتاب المعروف و ذكر الاحتمال الاخر وهو المعنى المتبادر الذي ذكرته اولا ذكره احتمالا على المعنى الاخر ذكر قوله تبارك وتعالى هو اهل التقوى واهل المغفرة. يعني اهل ان يتقى واهل ان يغفر اهل ان يتقى واهل ان يغفر. فبعض اهل العلم يقولون ايضا بان قوله يا ذا الجلال يعني حقيق بان يجل والاكرام يعني ان يكرم اولياءه ففرقوا بين المعنيين وهذا لا موجب له والله تعالى اعلم. الشيخ عبدالرحمن بن سعدي رحمه الله عبر عن هذا بعبارة المعنى ذي الجلال والاكرام بعبارة موجزة مفيدة قال اي ذو العظمة والكبرياء وذو الرحمة والجود والاحسان العام والخاص المكرم لاوليائه واصفيائه الذين يجلونه ويعظمونه ويحبونه كانه اراد ان يجمع معه المعنى الاخر يجلونه ويكرمونه ويعظمونه. يجمع بين المعنيين بهذه العبارة وعلى كل حال هذا الاكرام لا شك انه متضمن للانعام ولابد لكنه اخص من لفظة الانعام. القرطبي يقول لان الانعام قد ينعم المنعم تفضلا على من ليس بكريم ولا مكرم عنده كانعامه على العاصين نعم الله تبارك وتعالى على العصين وعلى الكافرين فهذا الانعام قالوا لا يقال له اكرام وانما الاكرام ما يكون لاولياءه واهل الايمان قال هنا يا حي يا قيوم انتهى الوقت لعلي اتوقف عند هذا القدر واكمل في الليلة الاتية واسأل الله عز وجل ان ينفعني واياكم بما سمعنا يجعلنا واياكم هداة مهتدين والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه السلام عليكم