الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله اما بعد فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته. نواصل في هذه الليلة الحديث عن الاذكار التي تقال بعد الصلاة فمن ذلك ما جاء في حديث ابي هريرة رضي الله تعالى عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من سبح الله في دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين وحمد الله ثلاثا وثلاثين وكبر الله ثلاثا وثلاثين فتلك تسعة وتسعون وقال تمام المئة لا اله الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير غفرت خطاياه وان كانت مثل زبد البحر هذا الحديث اخرجه الامام مسلم في صحيحه وقوله صلى الله عليه وسلم من سبح الله في دبر كل صلاة يعني بعد السلام فدبر الصلاة هنا المقصود به ما يكون بعد الانصراف منها سبح الله اي قال سبحان الله وقوله صلى الله عليه وسلم من سبح الله في دبر كل صلاة كل هذه صيغة عموم ولم يرد في هذا الحديث تقييده بالمكتوبة من سبح الله هكذا لفظ من سبح الله في دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين فهذا ظاهره العموم ولكن حمله اكثر اهل العلم على الفرض فهو وان لم يرد التقييد فيه بهذا الحديث لكنه جاء في غيره كما عند مسلم من حديث كعب بن عجرة رضي الله تعالى عنه اهو قال مكتوبة فهذا يقال خلف الفرائض والمطلق يحمل على المقيد والعام على الخاص هنا ذكر النبي صلى الله عليه وسلم عددا محددا ثلاثا وثلاثين هذا في التسبيح وفي التحميد ان يقول الحمد لله وفي التكبير ثلاثا وثلاثين وقد ذكرت في مقدماتي هذه المجالس جملة من المسائل وقلت حينها باننا سنحتاج الى ذلك في مواضع عند شرح بعض الاحاديث وهذا منها فمن المسائل التقيد بالعدد الوارد هل ذلك مطلوب بحيث لا يزيد على هذا العدد لا يزيد على هذا المقدار او يقال بان هذا ذكر والذكر عبادة ومن اجل العبادات وان الزيادة فضل وبر وطاعة فذكرنا ان من اهل العلم من يقول يجب التقيد بهذه الاعداد المحددة من قبل الشارع اذا رتب على ذلك الثواب المخصوص او الاثر المعين المخصوص فهذا يتقيد به يقولون من زاد على ذلك فانه لا يحصل له ما رتب عليه لان هذه الاعداد مقصودة والله عليم حكيم والنبي صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى فهذا وحي اوحاه الله اليه والادب معه ايضا ان يتقيد بما حد هذه الاعداد انما ذكرت لحكم تخفى علينا وغايات لا نحيط بها ادب مع الشارع يقتضي الوقوف عندها وهذا هو الاقرب والله تعالى اعلم ان يتقيد بالعدد مع ان من اهل العلم من خالف في هذا كالحافظ العراقي وذكر انه اذا زاد عليه من جنسه لان ذكرنا هناك ان الزيادة على نوعين ان يزيد من جنسه وان يزيد من غير جنسه. فان زاد من جنسه فكيف تزيل هذه الزيادة الاجر المرتب على ذلك. هو طولب بثلاثة وثلاثين فاكمل ذلك الى الخمسين او الى الاربعين فيقول يحصل الاجر والثواب اذا بلغ هذا الحد ثلاث وثلاثين فكيف يبطل ذلك؟ اذا جاوزه وقد حصل هذا المطلوب فهذا قال به العراقي واخرون والحافظ ابن حجر رحمه الله ذكرنا هناك انه توسط في هذه المسألة تفرق بين من قال هذا الذكر الوارد وتقيد بالعدد المحدد. قصدا ونية ثم بعد ذلك لما جاء بالعدد المحدد زاد في الذكر نعم بحيث انه لا يقصد به الذكر المحدد معين بعد الصلاة وانما الاستزادة من ذكر الله تبارك وتعالى بمعنى انه ان نوى عند الانتهاء منه عند الفراغ عند بلوغ هذا الحد امتثال الامر الوارد ثم جاء بالزيادة لا على انها من باب تكميل العدد او المبالغة فيه فان ذلك لا يضر بخلاف من نوى الزيادة ابتداء يريد ان يقول الاذكار بعد الصلاة قال انا ساقول سابلغ بذلك الخمسين فهو لم يكتفي بما حده الشارع وانما اراد ان يبالغ في ذلك فيقول هذا اتجه فيه قول العراقي سنريد لانه يستدرك على الشارع شارع حد له حدا فاراد ان يزيد على هذا الحد ابتداء. قال ما تكفيني؟ مثل هذا يقال فيه ما سبق لكن ان كانت نيته كما ذكر الحافظ انه ارادوا الوقوف عند الحد المعين ثم بعد ذلك زاد لا من باب ان ذلك من اذكار الصلاة مثلا فهذا لا اشكال فيه. اما القرافي صاحب كتاب الفروق وهو من المالكية فقد بالغ في ذلك ورأى ان الزيادة عليه تدخل فاعله في باب الاحداث في الدين والابتداع ان ذلك يكون بدعة باعتبار انه زاد على العدد المحدد شرعا فاذا زاد هذه الزيادة غير مشروعة ومن ثم يكون مسيئا مبتدعا اذ ان الزيادة في المندوبات المحدودة شرعا استدراك على الشارع من شأن العظماء اذا حدوا شيئا ان يوقف عنده ويعد الخارج عنه مسيئا في ادبه معهم. هكذا قالوا هنا قال سبح الله ثلاثا وثلاثين وحمد الله ثلاثا وثلاثين يقول يعني الحمد لله وعرفنا معنى التسبيح انه التنزيه لله عز وجل عن كل عيب ونقص في ذاته. واسمائه وافعاله وصفاته. فهو منزه عن العيوب والنقائص وكبر الله ثلاثا وثلاثين. يعني قال الله اكبر وسبق في بعض المناسبات الكلام على التكبير لا سيما عند شرح اسم الله تبارك وتعالى في مجالس الاسماء الحسنى قلنا من اسمائه المتكبر ومن اسمائه ايضا الكبير حينما نقول الله اكبر بعض اهل العلم يقولون المعنى الله اكبر يعني الله كبير فجعلوا افعل التفضيل اكبر جعلوها لمطلق الاتصاف وليست لي التفظيل وقد يكون ذلك باعتبار انه لا موازنة اصلا بين الخالق والمخلوق ويقال الله اكبر من زيد الله اكبر من الخلق لانه لا مناسبة بينهما وانما المفاضلة بافعل التفظيل لمن اشتركوا في صفة فزاد احدهم على غيره فيها ولكن على كل حال ليس هذا محل اتفاق فبعض اهل العلم يقولون فيه مضمر يعني المعنى الله اكبر حملوه على افعل التفضيل. قالوا الله اكبر كبير اكبر كبير مثل ما تقول اعلم عليم اقوى قوي اغنى غني فقالوا المعنى الله اكبر كبير واضح اكبر كبير يعني اكبر كبير يعني اكبر من كل كبير يكون فيه اضمار ولكنه حذف لوضوح معناه فبعض اهل العلم يقول الله اكبر من كل شيء اي اعظم اكبر من كل كبير الله اكبر من ان يعرف كنه كبريائه وعظمته كما يقول بعض اهل العلم والله جل جلاله اكبر من كل كبير واكبر من كل عليم واكبر من كل غني الى غير ذلك اما يمكن ان يقدر من الكمالات النبي صلى الله عليه وسلم يقول فتلك تسع وتسعون فاذا قال تمام المئة لاحظوا هنا في هذا الكتاب الذي بين ايدينا حصن الحصين جاء به هكذا سبحان الله والحمد لله والله اكبر ثلاثا وثلاثين لا اله الا الله الى اخره هو يقول ذلك هو تابع له انه يقول تمام المئة لا اله الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير يقول تمام المئة يعني ما تتم به المئة ما يتمم المئة فيقول لا اله الا الله الى اخره مرة واحدة. فيكون المجموع يكون المجموع مئة لا اله الا الله شرحنا هذه الكلمة قلنا لا معبود بحق الا الله وحده قلنا هذا تأكيد للوحداني منفرد بالالوهية سبحانه وتعالى والوحدانية لا شريك له في الهيته وربوبيته واسمائه وصفاته له الملك وقلنا بان الملك والتصرف المطلق والملك كله له وقلنا ان التقديم له الملك وله الحمد يدل على الاختصاص والحصر ان ذلك له وليس لاحد سواه له الحمد والحمد هنا عرفنا معناه قلنا اضافة المحامد الى المحمود والحمد هنا مصدر ويمكن ان يراد به معنى الفاعل او المفعول يعني له الحمد انه هو الحامد الذي ينفع حمده وكذلك هو المحمود لما له من صفات الكمال فله الحمد المطلق. وقلنا بان ال هذه للجنس الحمد جنس الحمد ولا يكون ذلك الا لمن كان كاملا من كل وجه وهو على كل شيء قدير وتكلمنا في الليلة الماضية او التي قبلها عن هذه الجمل في حديث اخر قال غفرت خطاياه هذا الذي رتب عليه من الثواب. والمراد بالخطايا الذنوب ولو وهل يدخل في ذلك الكبائر عامة اهل العلم يقولون لا وانما تكفرها التوبة غفرت خطاياه وان كانت يعني في الكثرة مثل زبد البحر والزبد هي الرغوة وما يعلو وجه البحر عند هيجانه وتموجه يطفو عليه من رغوة يقال لها زبد كما هو معلوم فهذه كثيرة جدا حتى انه يخيل للناظر احيانا لكثرة ذلك اذا نظر اليه من اعلى انما يكون في الطائرة وينظر الى المحيط اسفل يجد ان ذلك ممتدا في مساحات كبيرة جدا يكون بياضا في البحر هذا عند هيجان البحر يكون هذا الزبد بهذه الكثرة يعني نحن قد لا نرى على الشاطئ الا شيئا قليلا ولكن حينما تذهب الى وسط البحر فان ذلك يكثر به فالمقصود هنا تغفر له على ان هذا العمل يسير قليل لا يكلف شيئا ومع ذلك رتب عليه هذا الثواب وليس هذا فقط فيما يتعلق بالصلاة وما يسبقها وما يتبعها في غسل لهذه الذنوب منذ ان يردد مع المؤذن الى ان يأتي وهو في طريقه توضع عنه الخطايا ترفع الدرجات وتكتب الحسنات الى ان يدخل فيصلي فاذا كبر ركع وسجد تستحات خطاياه التي وضعت على رأسه وهكذا في احاديث كثيرة جاء ما يدل على غفران الذنوب وتكفير السيئات بهذه الصلاة وما يحتف بها هذا الحديث ذكر هذا العدد ثلاثا وثلاثين وتمام المئة لا اله الا الله الى اخره ذلك شيخ الاسلام رحمه الله يقول بان المأثور في هذا ستة انواع ستة انواع. الاول ان يقول هذه الكلمات عشرا عشرا يعني يقول سبحان الله عشر مرات الحمد لله عشر مرات الله اكبر عشر مرات فالمجموع ثلاثون الصفة الثانية ان يقول ذلك احدى عشرة مرة فالمجموع ثلاث وثلاثون الثالث مما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم ان يقول كما في هذا الحديث قل كل واحدة ثلاثا وثلاثين فاذا زاد لا اله الا الله كان ذلك تمام المئة هذا هو الرابع والسادس ان يقول كل واحدة من هذه الكلمات الاربع خمسا وعشرين والمجموع مئة يعني من غير ان يقول لا اله الا الله انما يقول لا اله الا الله هذا اذا قال ثلاثا وثلاثين فيكمل بها المئة وورد غير ما ذكره شيخ الاسلام رحمه الله. الحافظ بن حجر في الفتح ذكر اشياء اكثر من هذا وذكر كذلك غيره ايضا ومما ورد انه يكبر الله عز وجل اربعا وثلاثين بعد ما يقول سبحان الله ثلاثا وثلاثين والحمد لله ثلاثا وثلاثين فيكبر اربعا وثلاثين فيكون ذلك تمام المئة فهذه الصيغ الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم لا اشكال في ان يتخير المكلف ما شاء منها. لكن ما هو الاكمل الاكمل ان ياتي بالاكمل الاكمل يعني الاوفى عددا هذا هو الافظل لكن قد تكون بعض حالاته حالات المكلف حتى لا يضيع عليه هذا الخير والاجر والثواب والمحافظة على الذكر قد يكون في حال من العجلة قد يكون الانسان بعمل لا يستطيع الانتظار قد يكون في حال من التعب والمرض او غير ذلك فخفف عنه فيقول ذلك عشرا عشرا او يقول احدى عشرة احدى عشرة مثلا اذا احتاج الى مثل هذا. الوقت يضيق عليه. انسان سيدخل قاعة اختبار مثلا او نحو هذا. لابد ان يقوم بعد الصلاة مباشرة انسان له عمل لابد ان يقوم اليه فهنا يمكن ان يكتفي الاقل قد ذكر الحافظ ابن رجب رحمه الله ان الاخذ بكل ما ورد حسن وله فضل عظيم لكن ذكر البغوي رحمه الله بان ذلك يحتمل انه ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في اوقات ومناسبات متعددة وان يكون ذلك على سبيل التخيير او يفترق بافتراق الاحوال وعلى كل حال الاقرب وما ذكرت والله تعالى اعلم انتهى الوقت بقي ثلاث مسائل اتركوها ان شاء الله تعالى في الليلة الاتية واسأل الله عز وجل ان ينفعنا واياكم بما سمعنا