الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله اما بعد فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته واصل الحديث ايها الاحبة في هذه الليلة ان في تفسير اية الكرسي معناه صالح تكلمنا عن قوله تبارك وتعالى الله لا اله الا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم وفي هذه الليلة نواصل الحديث ان شاء الله عما بعده وذلك قوله تبارك وتعالى له ما في السماوات وما في الارض يعني ان الله تبارك وتعالى له جميع ما في السماوات وجميع ما في الارض فانما هذه تدل على العموم وتقديم الجار والمجرور له يدل على الحصر او يشعر به. بمعنى ان الله تبارك وتعالى له وحده دون من سواه من في السماوات ومن في الارض فكل ذلك ملكه وتحت تصرفه وتدبيره وعرفنا ان الملك هو التصرف المطلق فما سوى الله تبارك وتعالى فهو مملوك مدبر له. والله تبارك وتعالى هو خالقه ومالكه ومدبر شؤونه فكل من في السماوات ومن في الارض من الملائكة والانس والجن وغير ذلك مما خلقه الله تبارك وتعالى ليس لهم تدبير في هذا الكون مع الله. وليس لهم خلق ولا ايجاد ولا اعدام وانما هم ضعفاء مملوكون مربوبون للملك الواحد المعبود جل جلاله وتقدست اسماؤه. فهنا له ما في السماوات وما في الارض. هذا يدل على سعة ملكه وكمال غناه من ذا الذي يشفع عنده الا باذنه من هذه استفهامية تفيد معنى الانكار يعني لا احد يشفع عنده الا باذنه والشفاعة معروفة اذا كان الانسان مثلا منفردا بحاجته فجاء معه من يقويه في طلبها وتحصيلها فصار بعد ان كان منفردا صار هناك من شفعه فيتقوى به هذه هي الشفاعة. ينفرد الانسان بالحاجة فيأتي من يقويه يشفعه فيكون شفعا بعد ان كان وترا بعد ان كان منفردا والله تبارك وتعالى لا احد يشفع عنده الا باذنه الا باذنه للشافع وباذنه في الشفاعة وباذنه بالمشفوع له فهذه ثلاثة اشياء وهذا يدل على كمال عظمته. ويدل ايضا على كمال ملكه. ويدل ايضا على كمال غناه فان المخلوقين مهما كان ملكهم ومهما كان غناهم ومهما كان جاههم وعظمتهم فان يتقدمون بين يديهم بالشفاعة من غير من غير اذن يقول جئتك اشفع لفلان جئتك اشفع في كذا فلا يحتاج الى استئذان. اما الله تبارك وتعالى فلا يتقدم احد بشفاعة الا باذن من هذه الجهات الثلاث المخلوقون يتقدم بين يديهم بالشفاعة وقد يقبلونها قد يقبلونها يقبلونها لماذا؟ قد يقبلونها لدفع غائلة هذا الشافع لما له من جاه لما له من منزلة لما له من غنى لما له لان هؤلاء قد يتخوفون غوائله فيدفعون ذلك بقبول شهادته يقول اخشى ان ارد شهادته ثم بعد ذلك احتاج اليه فلا يحصل لي مطلوب من جهته. فيقبل شفاعته لانه وجيه لانه كبير. لانه غني او غير ذلك وقد يقبل شفاعته لان ملكه لا يقوم الا به لانه من كبار اعوانه مثلا فلا يرد له طلبا لانه لو تخلى عنه لحصل له الضرر بسبب ذلك. اما الله تبارك وتعالى فليس بحاجة لاحد ولا يرد عليه التخوف من غوائل احد وملكه لا يقوم باحد وانما الجميع فقراء عبيد مماليك تحت قبضته وتصرفه. الله ليس كذلك كأولئك المخلوقين فهو لكمال عظمته وملكه وغناه لا يتقدم احد بين يديه بالشفاعة الا الا باذنه الا باذنه ثم ذكر كمال علمه واحاطته فقال يعلم ما بين ايديهم وما خلفهم يعلم ما بين ايديهم ما مضى من جميع الامور يعلم الماضي كله الانسان ينسى اشياء عملها بالامس ولو ذكرته باشياء قبل سنة او سنتين او ثلاث مما وقع منه لنسي كثيرا من ذلك فضلا عما يقع للاخرين. فضلا عما يقع للامم العصور الدهور القديمة ما الذي جرى فيها؟ الله تبارك وتعالى قد احصى دبيب الذر وجميع المزاولات والاعمال التي صدرت من تلك الامم من الناس من الجن من الدواب والهوام لا تسقط ورقة الا احصاها وعلمها ولا يحصل حركة او تسكينة في بر او بحر تحت الارض او فوقها او في في السماوات الا وقد احصاها وعلمها كل ما مضى لا يفوته منه شيء. يعلم ما بين ايديهم وما خلفهم يعني في المستقبل على قول طائفة من اهل العلم يعني يعلم على التفصيل ما سيكون. ما سيقع تفصيلا فكل ذلك قدره فالله قدر مقادير الخلق قبل ان يخلق السماوات والارض بخمسين الف سنة وكان عرشه على الماء ولهذا فان الله تبارك وتعالى يعلم ما كان وما يكون وما لم يكن لو كان كيف يكون. لو خرجوا فيكم ما زادوكم الا خبالا. ولاوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة. هم فخرجوا عن المنافقين في الغزوة مع النبي صلى الله عليه وسلم بي غزوة تبوك يقول لو خرجوا ما زادوكم الا خبالا ولاوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة. يبثون الاراجيف وما الى ذلك لايجاد الفتن. وهكذا ايضا حينما وعد المنافقين تكون وعدوا اليهود بالنصرة اعني يهود النظير وقالوا لهم لا تخرجوا من دياركم ونحن ننصركم ان قتلتم قاتلنا معكم وان اخرجتم خرجنا معكم فالله رد عليهم قال لئن اخرجوا لا يخرجون معهم فاخرج المنافقون ولم يخرج معهم اخرج اليهود ولم يخرج هؤلاء من المنافقين وكذلك حينما حوصروا وحصل لهم ما حصل من التضييق بالحصار واضطروا للاستسلام والخروج ما حصل منهم قتال معهم قال ولئن نصروهم ليولن الادبار ثم لا ينصرون مع انهم ما نصروهم لكن هذا علم ما لم يكن لو كان كيف يكون ليولن الادبار ثم لا ينصرون. فالله احاط بذلك جميعا لا يخفى عليه شيء من الظواهر والبواطن اعمال الخلق الارادية والاختيارية وغير الارادية اعمال المكلفين وغير المكلفين كل ذلك قد احصاه وهذا يبعث على المراقبة والمحاسبة لان الاعمال مرصودة الاعمال مرصودة كما ان ذلك ايضا يبعث على محبته وتعظيمه واجلاله لو ان الانسان رأى احدا من الخلق من الناس وجده يحفظ التواريخ ويحفز سير الامم والاحداث وما جرى بالساعة وبالتاريخ وباليوم ولا يكاد يخطئ وعنده من العلم والحفظ وسعة المعرفة والاطلاع الشيء الكثير. لا تسأل عن شيء الا جاءك بمعلومات دقيقة والكتب يذكر لك الجزء والصفحة وكذا فهذا لابد ان القلوب تعظمه وتعجب بذلك غاية الاعجاب بهذا العلم والقدرة على هذه على هذا الضبط والاحاطة مع ان هذا لا شيء بالنسبة لعلم الله عز وجل هذا مخلوق ضعيف والله يعلم ذلك كله اليس ذلك يبعث في قلب المؤمن تعظيم الله والثقة باحكامه الكونية الاقدار التي يقدرها والاحكام الشرعية هذا الذي احاط بكل شيء علما. كل التفاصيل كل الخواطر التي تدور في قلب الانسان وغير الخواطر. قطرة الدم ان تتجه في كل انسان وفي كل يثق به العبد ثقة تامة انه يعرف كل شيء ان الله عالم بكل شيء لو الانسان جلس مع مدير المؤسسة التي يعمل بها مثلا او نحو ذلك في امور قد يستشكلها لا يعرف تفسيرها في تصرفات وقرارات فجلس معه فتبين له ان هذا قد احاط هذه المؤسسة وباحوالها وبماضيها ولديه رؤية واضحة في المستقبل وما الى ذلك فانه يطمئن ويستريح ويثق ان قرارات هذا مسددة ومدروسة ولكن فات هذا المتوقف حينما توقف فاته ادراك ذلك فلما استبان له اطمئن ان هذه المؤسسة بايد امينة تقودها هكذا اليس كذلك؟ طيب الله عز وجل الذي احاط بكل شيء علما وهو الذي خلق هذا الخلق ويعلم احوالهم وهو الذي شرع لهم هذه التشريعات اللائق ان يوثق بحكمه. لا نتردد فاذا توقفت الاذهان في ادراك شيء فلا يقول الانسان والله هذا انا غير مقتنع في هذا الحكم غير مقتنع ما الذي ادركته؟ وما الذي عرفته والذي احطت به تحدث عن ماذا غير مقتنع ان هذه القضية ما دخلت عقلي ما الذي يمكن ان يدخل عقلك هذا الصغير فهذا سوء ادب مع الله تبارك وتعالى وكذلك الاحكام الكونية القدرية. لماذا يقدر على هذا كذا؟ لماذا يقدر على هؤلاء كذا لماذا يبتلي هؤلاء لماذا اعطى هؤلاء وتجد بعض العبارات يقول لك هذه النعمة واصلة الى من لا يستحق واصلة الى من لا يستحق تدبر مع الله تستدرك على الله عز وجل. فالله عليم حكيم وهنا ولا يحيطون بشيء من علمه بشيء نكرة في سياق النفي ولا شيء لا قليل ولا كثير الا بما شاء والله اخرجنا من بطون امهاتنا لا نعلم شيئا الله اخرجكم من بطون امهاتكم لا تعلمون شيئا فما يحصل لنا من علم ومعرفة فان ذلك من الله تبارك وتعالى. فيتوجه اليه بطلب ذلك تحصيله تحصيل العلم فهو رزق من الله جل جلاله ثم بين ايضا عظمته جلاله وسعت سلطانه قال وسع كرسيه السماوات والارض فهذا يدل على كمال العظمة وسعة السلطان اذا كان هذا حال الكرسي انه يسع السماوات والارض مع عظمها انظر الى هذه الطائرة لتحمل اكثر من ثلاثمائة راكب وتطير كانها بعوضة في الهواء نراها اليس كذلك لانها بعوضة تحلق وهذا التحليق ماذا عسى ان يكون ارتفاعه ومداه؟ هو شيء يسير بالنسبة للفضاء لكننا لما كنا امثال الذر او اقل هذا صار بالنسبة الينا شيء عظيم ومرتفع جدا فتجد الانسان يقطع مسافات من ناحية الى ناحية في هذه الارض الساعات الطوال ساعات طويلة يقطع فيها البحار يقطع فيها البلاد الشاسعة حتى يصل مبتغاه فاين هذا بالنسبة لهذا الفضاء الواسع اين هذا بالنسبة للسماوات السبع لا شيء لو ان الانسان اراد ان يسير في رحلة لو استطاع يطوف فيها على هذا الفضاء ويصعد الى السماوات السبع بطائرة مثلا كم يحتاج كم يحتاج مع انه لا يمكنه ذلك وملك الله عز وجل واسع. الكرسي واصل الكرسي في اللغة هو موضع القدمين العرش في اللغة معروف و سرير السرير الذي يجلس عليه الملك والكرسي موضع القدمين يعني اصغر من العرش هذا الكرسي لا يعلم مداه الا الله فهو مخلوق وليس هو اكبر المخلوقات. ومع ذلك وسع السماوات والارض هذا الكرسي. اذا السماوات والارض ليست بشيء بالنسبة لعرش الرحمن فكيف بعظمة الله عز وجل؟ هذا شيء لا يمكن للعقول ان تدركه ولكن حقها ان تخضع الخضوع الكامل له وان تنقاد الانقياد الكامل وان تتأدب معه وان تستحي من حق الحياء وان تعظمه حق التعظيم وان تعبده لانه العظيم الاعظم وما نحن الا شيء يسير الانسان والله يستحي يعني انظر الى هذه الاشياء التي نجلس عليها الكرسي الى هذا المكان لو نظرت اليها من اعلى تجد انها امثال اللعب لنظرت من بعيد تجد هذه البيوت ونحو ذلك اشياء صغيرة جدا وتحوي اسر وتحوي ناس وجالسين فيها وهي قد لا تساوي لا لا تأتي بحجم سنتيمتر مربع حينما تنظر اليها من اعلى فكيف لو نظرت اليها من السماء الدنيا الارض لا تساوي لا تكون الا مثل حبة رمل في هذا الفضاء بما فيها من البحار والمخلوقات والعالم وهالمليارات من الناس فاين عظمة الله عز وجل؟ وانا دائما اتأمل صورة الحرم حينما يصور الناس من اعلى يمشون مثل الذر لا تميز صحيح من سقيم ولا كبير من صغير ولا مريض من صحيح ولا غني من فقير ولا شاب من غيره مثل الذر مثل الذر يمشون فهذا كله يبعث في القلب تعظيم الله والاقبال عليه التوجه اليه بقلوبنا بكليتها فهنا قال ولا يؤوده حفظهما الكرسي وسع السماوات والارض والله تبارك وتعالى لا يؤوده يعني حفظ السماوات والارض ان الله يمسك السماوات والارض ان تزولا لا يثقله ولا يعجزه حفظ السماوات والارض فهو الذي خلق السماوات والارض في ستة ايام ولم يحصل له من جراء ذلك نصب ولا تعب وما مسنا من لغوب. يعني التعب وكذلك هو الذي يحفظ السماوات والارض ويقيمهما فلا يحصل سقوط ولا يحصل هبوط ولا يحصل تضارب ولا تصادم بهذه المخلوقات هذا الكلام الذي تسمعونه احيانا من ان كوكبا قادما من مكان كذا سيصطدم بالارض او يوشك ان يصطدم بالارض هذا كلام كله لا قيمة له وكم من مرة قالوها ونحن نعلم ان هذا الكلام لا اثر له لان الله تبارك وتعالى اجرى هذا الكون بنظام دقيق لا يمكن ان ينتهي قبل الاجل الذي قدره الله عز وجل له وذلك عند قيام الساعة ولن يأتي كوكب يصطدم بهذا الكوكب ثم بعد ذلك يحصل خراب العالم ابدا. ولكنه يحصل تغيره وتحوله عند نهاية المطاف بهذه الحياة الدنيا عند قيام الساعة ثم بعد ذلك تبدأ الحياة الاخرى ولا يؤده لا يثقله اصله من اذه يؤوده الشيء اذا اثقله وضعت عليه ثقل كبير يحصل احيانا له انحناء من شدة الثقل الذي حمله هذا اصله في اللغة. الله لا يثقله امساك السماوات والارض فهو مستو على العرش تبارك وتعالى والعرش مفتقر اليه ولا قيام للعرش ولا لحملة العرش الا باقامة الله عز وجل لهم جميعا وهو العلي له علو الذات وعلو القدر والمنزلة وعلو القهر وهو العظيم الذي له العظمة الكاملة تتضاءل عند عظمته الجبابرة وتصغر في جانب جلاله الكبراء جل جلاله وتقدست اسماؤه هذا ما يتعلق المعاني او بعض المعاني التي اشتملت عليها هذه الاية وغدا ان شاء الله تعالى اختم بذكر بعض الفوائد المتعلقة بها فهي اية عظيمة وما ذكرته انما هو طرف من المعاني والهدايات التي انتظمتها والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد واله وصحبه الذي يكون سؤال على ايش الله لا اله الا هو الحي القيوم. فهذا ضمير وسيأتي الكلام على الضمائر التي اشتملت عليها الاية وليس من اسمائه تبارك وتعالى والله يقول ولله الاسماء الحسنى فادعوه بها قال واذكر اسم ربك فانما يذكر باسمائه ولا تذكر هذه الضمائر عند ذكره فلا يقال هو هو هو ونحو ذلك على كما يفعله هؤلاء المبتدعة في اذكارهم ولا يقال الاسم المفرد ايضا الله الله الله على سبيل الذكر وانما يقال سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر وما شابه ذلك. فهذا ضمير من جملة الضمائر لا يصح ان يذكر الله تبارك وتعالى هكذا والا فالصوفية لهم من مختلقات وبدع وضلالات مثلا في اية الكرسي نفسها في قوله تبارك وتعالى من ذا الذي يقطعونها يقولون من ذل فعل ماضي من ذل ذي يعني النفس يشفع يعني يبرأ وعوه يعني افهموا طيب والمعنى ماذا يكون الا باذنه عنده الا باذنه فهذا عبث يقطعون الكلام هذا يفعلونه في هذه هذا الموضع ويفعلونه في مواضع اخرى من القرآن فيما يسميه بعضهم بالتفسير الاشاري وهو من اسوأ امثلته وهناك ما هو اسوأ ايضا منها لكنه على مراتب ودركات وان كان منه ما قد يقبل بشروط كذلك في قوله تبارك وتعالى ولا يحيطون بشيء من علمه هنا الضمير يعود الى ماذا؟ من علمه. يحتمل ان يعود الضمير الى الله يعلم اي الله ما بين ايديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشيء من علمه اي من علم الله ويحتمل ان يعود الضمير الى ما ذكر قبله مما يكون بين ايديهم وما خلفهم. علم ما بين ايديهم وما خلفهم. يعلم ما بين ايديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشيء من علمه علم ما بين ايديهم وما خلفهم. واضح الا بما شاء فهذا احتمال واحد هذين المعنيين لازم للاخر. بمعنى انه اذا كان لا يحيطون بشيء من علم ما بين ايديهم وما خلفهم. فهذا بعض علم الله فذلك يلزم منه انهم لا يحيطون بشيء من علم الله عز وجل. فلا نحتاج الى ترجيح هنا في مرجع الضمير فيمكن ان يقال كل ذلك لا اشكال فيه نعم الله اعلم جاء هذا في حديث تكلم فيه اهل العلم وضعفه جماعة الله اعلم السلام عليكم