الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله اما بعد فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته. واصلوا الحديث في اذكار الصباح والمساء. فمن ذلك ما جاء عن عبدالله بن خبيب رضي الله عنه انه قال خرجنا في ليلة مطر وظلمة خرجنا في ليلة مطر وظلمة شديدة نطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي لنا فادركناه فقال اصليتم؟ فلم اقل شيئا. فقال قل فلم اقل شيئا ثم قال قل فلم اقل شيئا ثم قال قل فقلت يا رسول الله ما اقول؟ قال قل هو الله احد والمعوذتين حين تمسي وحين تصبح ثلاث مرات تكفيك من كل شيء. تكفيك من كل شيء. هذا الحديث اخرجه ابو داوود والترمذي وقد سكت عنه ابو داوود وعرفنا ان ما سكت عنه فهو صالح للاحتجاج عنده. واما الترمذي فقد قال انه حسن صحيح غريب من هذا الوجه والحديث قال عنه المنذر لا ينزل عن درجة الحسن وقد يكون على شرط الصحيحين او احدهما وصححه النووي ومن دقيق العيد وحسنه الحافظ بن حجر رحمه الله والشيخ عبد العزيز ابن باز والالباني حسنه في موضع وفي موضع قال حسن صحيح وفي موضع قال صحيح رحم الله الجميع هذا الحديث النبي صلى الله عليه وسلم ذكر فيه قراءة هذه السور الثلاث حين يصبح وحين يمسي ثلاثا وانها تكفيه من كل شيء وقد تكلمنا على هذه السور الثلاث وما تضمنته من المعاني بما يليق بالمقام و عرفنا ان الاستعاذة لفظ عاذ وما تصرف منه هذا يعوذ استعيذ قياذا بالله ونحو ذلك ان هذا يدل على التحرز والتحصن والالتجاء فحينما تقول اعوذ بالله اي اعتصم به والتجئ اليه واتحرز واتحرز به تتحرز به من كل ما تحاذر فان حقيقة هذه الكلمة هي الهروب مما تخافه الى من يعصمك منه كما قد عرفنا قد ذكر هذا المعنى الحافظ ابن القيم رحمه الله وغيره اعوذ بمعنى اعتصم والتجأ واتحرز فالمستعيذ مستتر بمعاذ بمن يعيذه فهو مستمسك به معتصم به قد توجه اليه قلبه وتعلق به ولزمه يمثل هذا الحافظ ابن القيم رحمه الله بمن بالولد الذي لزم اباه حينما او عند او بعد ان شهر عدوه السلاح في وجهه وقصده به فهرب منه فعرظ له ابوه في طريق هربه يقول فانه يلقي نفسه عليه على ابيه ويستمسك به اعظم استمساك. تصور هذا الولد يكون في غاية الخوف والهرب من عدوه ثم ينطرح على ابيه حينما لقيه وواجهه او صادفه في طريقه وهربه يقول فكذلك العائذ قد هرب من عدوه الذي يبغي هلاكه الى ربه ومالكه وفر اليه والقى نفسه بين يديه واعتصم به واستجار به والتجأ اليه يقول هذا تقريب للمعنى تصور هذا الهارب من هذا العدو كيف ينطرح على ابيه ويتمسك به يقول حال المستعيذ من عدوه. الشيطان او مما يخافه ويحاذره مثل هذا الولد الذي قد وصف حاله. يقول هذا تقريب للمعنى فقط والا فمعنى الاستعاذة القائم بقلبه وراء هذه العبارات غاية ما هنالك التقريب والتفهيم فحسب والا فما يقوم بالقلب حين اذ من اللجأ والاعتصام والانطراح بين يدي الرب تبارك وتعالى والافتقار اليه والتذلل بين يديه امر لا تحيط به العبارة. هذا الذي يلتجأ الى ابيه ويتشبث به الى اخره. قد يقوم بقلبه ان اباه لا يستطيع ان يخلصه من هذا العدو فقد يقضي عليه وعلى ابيه لكن من يلتجأ الى الله عز وجل فهو يلتجأ الى القوة الكبرى القوة العظمى التي لا يمكن ان تقهر ولا يمكن ان يرد ما اراده الله عز وجل وهكذا مثل هذه المعاني حينما نتحدث عن المحبة او التوكل او الرغبة او نحو ذلك من الاجلال والتعظيم فالحافظ ابن القيم يقول هذا هو للتقريب فقط والا العبارة فما تصف حقيقة ذلك. يقول هذا مثل الانسان الذي يكون عنينا فتذكر له شهوة النكاح ولذة الوقاع فهو لا يتصور ما تريد ويعرف لذة الطعام الذي ذاقه وهكذا من كان فاقدا للطعم فتذكر له الوان الطعوم فهو لا يتصورها. فحينما يحدث الخلي خلي القلب من محبة الله عز وجل عن المحبة عن الانس بالله والتلذذ بمناجاته والانطراح بين يديه وما الى ذلك من السعادة التي تغمر قلب هذا انك تحدثه عن شيء لا يعرفه ولا يمكن ان يتصور المراد لكنها عبارات تقرب له قدر المستطاع. مثل الذي لا يعرف العربية او لا يعرف وجوه المخاطبات ونحو ذلك مثل هذا تحدثه عن اعجاز القرآن ووجوه الاستعمالات البلاغية والفصاحة والبيان فانك تحدثه عن امر لا يتذوقه ولا يستشعر هذه الاشياء اصلا على كل حال الله تبارك وتعالى هو المستعاذ به لاحظوا في سورة الفلق هو رب الفلق ورب الناس وملك الناس واله الناس فلا تنبغي الاستعاذة الا به الا يستعاذ باحد من الخلق؟ بل هو الذي يعيذ المستعيذين ويعصمهم ويمنعهم من شر ما استعاذوا من شره واخبرنا الله تبارك وتعالى عن حال اولئك الذين كانوا يعوذون برجال من الجن. قال فزادوهم رهقا. وقد ذكرنا المعنيين في التعليق على المصباح المنير والكلام على سورة الجن وذلك ان احد المعنيين المشهورين ان الجن زادت الانس الذين يستعيذون بهم رهقا عرفوا انهم يخافون منه وانهم يحسبون لهم حسابا ويستعيذون بهم فتسلطوا عليهم والقوا في قلوبهم المخاوف وانتفشوا واستعلوا وقالوا سيدنا الانس والجن فزادوهم رهقا هذا احد المعنيين والمعنى الاخر ان الانس بهذه الاستعاذة زادت الجن كبرا وتيها وتعاظما الاستعاذة انما تكون بالله تبارك وتعالى. فهاتان الصورتان اعني المعوذتين اشتملتا على التعوذ بالله عز وجل من الشرور كما ذكرنا سابقا. جميع الشرور وجميع الافات سورة الفلق فيها التعوذ بالله العظيم طالق الحب والنوى فالق الاصباح من شر ما خلق كل شر ثم مع ذلك ذكر انواعا من الشرور اخص من ذلك كما سبق وسورة الناس كما ذكرنا فيها التعوذ برب الناس ومالكهم والههم وذلك من شيء واحد وهو الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس هذا الحديث الذي بين ايدينا يدل على اهمية هاتين السورتين وعظم نفعهما وشدة الحاجة اليهما وقد اشرنا من قبل الى ما ذكره الحافظ ابن القيم رحمه الله بان هاتين السورتين لا يستغني عنهما احد بحال من الاحوال وان ضرورة الانسان اليهما اعظم من ضرورته الى الطعام والشراب وكذلك ما ذكر من ان لهما تأثيرا خاصا في رفع السحر والعين وسائر الشرور و غير ذلك مما ذكرناه وان هاتين السورتين مشتملتان على اصول الاستعاذة نفس الاستعاذة والمستعيذ والمستعاذ به والمستعاذ منه شيخ الاسلام رحمه الله يقول بان سورة الاخلاص والمعوذتين قد اشتملتا على الثناء كما في سورة الاخلاص والاستعاذة كما في المعوذتين سورة الاخلاص فيها الثناء على الله عز وجل كما قد عرفنا وفي المعوذتين الدعاء فان هذا المستعيذ سائل وطالب ان يعاذ والثناء مقرون بالدعاء. كما قرن بينهما في سورة الفاتحة يعني في سورة الفاتحة في اولها الحمد والثناء الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين اياك نعبد واياك نستعين. هذه بين الرب وعبده اهدنا الصراط المستقيم. هذا السؤال فاولها ثناء او نصفها الاول ثنى ونصفها الاخر دعاء والمناسبة ظاهرة فكأن ذلك مقدمة بين يدي الدعاء وهو ادعى الى القبول والاستجابة فهنا حينما يقرأ المسلم ثلاث مرات في اول النهار وفي اخر النهار. قل هو الله احد فيكون مثنيا على ربه تبارك وتعالى. ويقرأ المعوذتين فيكون داعيا سائلا مستعيذا يطلب العوث الى من يملك اعادته وحفظه وكلاءته من كل ما يخاف ويحاذر وهذه على كل حال اشتملت على هذا العلاج بل الشفاء الرباني فانما في القرآن انما هو شفاء وليس مجرد دواء. كما قال الله عز وجل وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين فالدواء يصيب ويخطئ وقد لا يناسب بعض الناس واما الشفاء فنتيجة محققة. فالقرآن شفاء وليس مجرد دواء. ومن هنا فان في سورة الاخلاص من كمال التوحيد العلمي الاعتقاد كما ذكرنا اثبات الاحدية لله عز وجل المستلزمة لنفي الشركاء اثبات الصمدية المستلزمة لاثبات كل كمال لله عز وجل فتصمد اليه الخلائق وهو ايضا من معانيه الذي لا جوف له فهذا يدل على الكمال قال يتوجه اليه اهل العالم العلوي والسفلي وهكذا نفي الولد والوالد والكفؤ كل ذلك يتضمن نفيا الاصل والفرع والنظير والمماثل ونفي الافتقار فهو كامل الغنى تبارك وتعالى كل هذا قد مضى فهي تعدل ثلث القرآن اسمه الصمد في اثبات كل كمال ونفي الكفؤ هذا فيه التنزيه عن الشبيه والمثال والاحد نفي الشركاء فهذه الاصول الثلاثة هي مجامع التوحيد كما ذكر اهل العلم واما المعوذتان واستعاذة من كل محذور ومكروه و شر على سبيل الجملة والتفصيل على ما قد بينا من قبل مثل هذا يدخل فيه الاجسام والارواح مما يستعاذ منه وكذلك الغاسق وهو الليل او القمر التي هي الذي هو اية الليل فاذا غاب حصل ما حصل من انتشار الشرور كما ذكرنا في الكلام على المعوذتين ومن هنا فان العبد يستعيذ بالله من ذلك كما يستعيذ من شر النفاثات في العقد وهذا يتضمن الاستعاذة من شر السواحر وسحرهن وهكذا الحسدة من شر حاسد اذا حسد شياطين الانس والجن كل ذلك داخل فيه. وعرفنا من حديث عقبة بن عامر رضي الله تعالى عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ما تعوذ المتعوذون بمثلهما والنبي صلى الله عليه وسلم نزلت عليه السورتان ورقي بهما حينما سحر. وترك النبي صلى الله عليه وسلم ما كان يعوذ به قبل ذلك يعوذ به الحسن والحسين فصار يقتصر على هاتين السورتين. فقوله هنا حين تصبح وحين تمسي ثلاث مرات يكفيك من كل من كل شيء. قراءة هذه السور الثلاث تكفيه من كل شيء تدفع عنه كل سوء. هذا المعنى باختصار بعيدا عن التقديرات التي يذكرها العلماء من جهة الاعراب فهي تكفيه من كل سوء هذا هو المعنى المشهور الذي يذكره عامة اهل العلم ويحتمل معنى اخر ان المراد تكفيك من كل شيء مما سواهما مما يقال من التعاويذ و نحو ذلك يعني اذا قالها في الصباح والمساء لا يحتاج معها الى غيرها وهذا قد يحتج اصحابه بما جاء في حديث عقبة رضي الله عنه الذي اشرت اليه انفا ما تعوذ متعوذ بمثلهما فهذا ما تعوذ متعوذ او ما تعوذ المتعوذون جاء بعدة الفاظ بمثلهما هذا قال اصحاب هذا القول بانهما بان هذه السور او بان هاتين السورتين تكفيان صاحبهما من كل استعاذة يستعيذ بها. يعني يمكن ان يقتصر على ذلك وحسب والله تعالى اعلم اسأل الله عز وجل ان ينفعنا واياكم بما سمعنا وان يجعلنا واياكم هداة مهتدين اسأله ان ينفعنا بالقرآن وان يجعله ربيع قلوبنا ونور صدورنا وذهاب احزاننا وجلاء همومنا. اللهم ذكرنا منه ما نسينا وعلمنا منه ما جهلنا. وارزقنا تلاوته اناء الليل واطراف النهار على الوجه الذي يرضيك عنا اذا كان لديكم سؤال فتفضلوا نعم نعم نعم الاخ يقول هل يحتاج اذا قرأ هذه السور بعد الصلاة الصبح ثلاثا وبعد المغرب ثلاثا هل يحتاج الى او بعد يذكر المساء هل يحتاج الى ان يكرر في اذكار المساء اذا قال ذلك بعد الصلاة؟ لا يكفيه لان ذلك يتحقق فيه انه قالها في الصباح والمساء. لكن انظروا تصوروا هذا المعنى حينما تقرأ هذه السور بعد الفجر وبعد المغرب ثلاث مرات وتقرأ بعد كل صلاة مرة واحدة فالمؤمن في حراسة بهذه الاوقات يعني ليس فقط في الصباح والمساء صباح المساء ثلاثا هذه الاطراف وما بين ذلك يقرأ هذه السور مرة مرة فهو في حرز دائم. قد لا تستشعر هذا المعنى وهذه الحرز الذي انت فيه ولكن يعرف ذلك من فقده الذين لا يعرفون الصلاة ولا يصلون اصلا ولا يقرأون هذه السور ولا يذكرون الله عز وجل ولا يعرفونه هؤلاء العب بهم الشياطين واللعب لا يلزم ان يصرع الانسان وانما تضللهم وتتسلط عليهم تلقي في قلوبهم المخاوف والخواطر السيئة والوساوس وتؤزهم الى الشر والمنكر والفساد ازن المؤمن يبقى محفوظا في حالة متماسكة يدفع عن كثير من الشرور وان عرض له ما عرض. لكن ما يدفع الله عز وجل اكثر مما لا يخطر له على بال وهذه قضية تغيب عن اذهان الكثيرين. يقول انا قلت الاذكار طيب النبي صلى الله عليه وسلم سحر عليه الصلاة والسلام وهو اعظم الناس ذكرا ومع ايضا حضور القلب وفهم معاني هذه الاذكار. فهذا امر قضاه الله وقدره عليه ابتلاء لرفع درجاته. لكن ما يدفعه الله عز وجل من الشرور لا يخطر على بال بعض الناس قد يمرض ويرقى رقية كل يوم يرقى ويقول الحال لا زالت ما رأيت تقدما او تحسنا كبيرا لا يلزم قد يكون بدون هذه الرقية باذن الله عز وارادته وامره وقضائه قد يكون بدون هذه الرقية حالته تنتكس تماما فهذه الرقية يدفع بها شر كبير فيبقى في حال متماسكة وما يدريه الله يقول ونزلوا من القرآن ما هو شفاء في دفع العلة. ويكون اثر ذلك بحسب ما يقوم بقلب راقي والمرقي وبما يرقى به. هذه الثلاث اذا استحكمت فلا يكاد يتخلف اثر الرقية والله اعلم نعم والاخ يقولها لمجرد ذكر ذلك بالالفاظ ذكره باللفظ لا شك انه له اثر ولكن بقدر ما يقوم بالقلب من فهم المعنى وحضور القلب عندها هذه الاذكار سواء من هذه السور او غيرها يكون الاثر اعظم وابلغ شتان بين من يقرأ ولا يفهم او يقرأ قلبه مشغول في مكان اخر او يقرأه يرسل رسايل او يقرأ رسايل الجوال مثلا او الوسائط ثم لا يكون عنده حضور قلب وذاك الذي قد حضر قلبه ويستحضر هذه المعاني تماما والله اعلم طيب لا اله الا الله والسلام عليكم ورحمة