الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله اما بعد فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته نواصل الحديث عن الاذكار الواردة في الصباح والمساء ومن ذلك ما جاء عن عبد الله ابن عمر رضي الله تعالى عنه انه قال لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدع هؤلاء الدعوات حين يمسي وحين يصبح اللهم اني اسألك العافية في الدنيا والاخرة اللهم اني اسألك العفو والعافية في ديني ودنياي واهلي ومالي اللهم استر عوراتي وامن روعاتي اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي واعوذ بعظمتك ان اغتال من تحتي قوله لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدع هؤلاء الدعوات حين يمسي وحين يصبح هذا يدل على انه كان يحافظ عليها محافظة تامة لا يخل بها في كل صباح ومساء. وهذا الحديث اخرجه ابو داوود وابن ماجة وسكت عنه ابو داوود فهو صالح للاحتجاج عنده وقد صححه الامام النووي والشيخ احمد شاكر والشيخ ناصر الدين الالباني رحم الله الجميع. وقال الحافظ ابن حجر حسن غريب يقول صلى الله عليه وسلم في صدر هذا الدعاء اللهم اني اسألك العافية اللهم ان يا الله اني اسألك العافية والعافية بمعنى السلامة من الافات الدينية والدنيوية ان يسلم الانسان ب بدنه وان يسلم في دينه وقد ذكر بعض اهل العلم في الكلام على هذه الجملة بان يلهم الصبر على ما ينزل به ويرضى بقضاء الله تبارك وتعالى فتكون هذه السلامة لما يحصل له من الصبر والرضا بالقضاء كأن هؤلاء نظروا الى كوني البلاء مما لا بد من وقوعه ولكن العبد يسلم اذا الهمه الله عز وجل الصبر فاذا ارتقى الى مرتبة الرضا فذلك اكمل في عبوديته فان بلغ مرتبة الشكر على البلاء هذا هو الغاية يعني ان يعد البلاء نعمة ولهذا كان بعض السلف يفرح بالبلاء نعم البلاء لا يتمناه للمؤمن ولكن اذا وقع لابد من الصبر فان استطاع ان يرتقي الى ما فوقه فهذا هو الاكمل والافضل الا ان الصبر واجب وما فوقه فهو مستحب على الارجح من اقوال اهل العلم والذي يظهر والله تعالى اعلم ان هذا السؤال للعافية على ظاهره وليس ما ذكر من قيد يفضي بالمعنى الى ما قد سمعتم من ان يكون ذلك بالصبر والاحتساب والرضا بل هو سؤال لله تبارك وتعالى ان يسأل العافية لان العافية لا يعدلها شيء قد يبتلى المرء ولكنه يفارق الصبر اذا لقي ما يكره. اللهم اني اسألك العافية في الدنيا والاخرة الدنيا هنا تشمل اموره الدنيوية كلها فيدخل في ذلك عافية البدن ويدخل في ذلك ما يتصل بالمال وما يتعلق بالزوج والولد ما يتعلق في اعماله ومهنه ومزاولاته ما يتعلق بدراسته بذهابه بمجيئه في احواله التي يعافسها ويلابسها في هذه الحياة الدنيا فان الانسان يبتلى بذلك كله فهو بحاجة الى سؤال للعافية واما الاخرة فيكون ذلك ب سلامة العبد وتخليصه من اهوال والشدائد الموقف فيخفف ذلك عليه وما يكون عند الحساب ثم يعافيه الله عز وجل من النار. ويسلمه وينجيه منها. وهذا هو الفوز الاكبر. هذا هو الفوز الاعظم ومن زحزح عن النار وادخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا الا متاع الغرور. لتبلغن في اموالكم وانفسكم ولتسمعن من الذين اوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين اشركوا اذى كثيرا فهذا حال هذه الحياة الدنيا ولكن الفوز الكبير و ما ذكره الله عز وجل من زحزح عن النار وادخل الجنة فعلى العبد ان يسعى في هذه الحياة الدنيا وان تكون مزاولاته في يومه وليلته وما يتكلم به ويلهج لسانه وما يخطه بيده وما يمشي اليه برجله وما ينظر اليه بطرفه وما الى ذلك مما يدخله جوفه او يكتسبه او نحو ذلك ان يفضي ذلك به في تلك النهاية الى ان يزحزح عن النار وان يدخل الجنة هذا هو الفوز الكبير ان يأخذ كتابه بيمينه فيصيح بين الخلائق هاؤم اقرؤوا كتابيه اني ظننت اني ملاق حسابية فهو في عيشة راضية في جنة عالية قطوفها دانية. كلوا واشربوا بماذا بما اسلفتم في الايام الخالية الاعمال الصالحة من طاعة الله وخشيته ومراقبته في السر والعلانية ليس بالتخبط والتهوك في هذه الحياة ثم بعد ذلك يكون ما يجنيه من الحصاد مرا لانه قد زرع الحنظل اعماله حنظل واقواله حنظل مزاولاته لا تشرف ولا ترضي ولا تسر احواله كلها على حال سيئة فماذا يرجو؟ وماذا يؤمل؟ فهذا سؤال مجمل اللهم اني اسألك العافية في الدنيا والاخرة اطلق فكل ما يدخل في في الدنيا وكل ما يدخل في العافية من العافية في الاخرة فهو داخل فيه. ثم بعد ذلك اعاده على سبيل التفصيل لاهمية هذه المذكورات مع انها داخلة فيما سبق. فقالها وزيادة يعني سأل في البداية العافية في الدنيا والاخرة ثم قال اللهم اني اسألك العفو والعافية العفو ان يتجاوز الله عز وجل عن العبد ان يمحو ذنوبه ان يمحو خطاياه وسيئاته ان يعفى عنه من عفت الريح الاثر اذا مسحته فتذهب اثاره فاذا عفا الله عز وجل عن العبد معنى ذلك ان ذنوبه قد تلاشت وذهبت وانتهت هذا هو العفو وعفو الله عز وجل ليس كعفو غيره ومن اسمائه العفو والعفو ابلغ من الغفر وان كان الغفر فيه زيادة على العفو. وان العفو يعني المحو بالكلية واما الغفر فهو يعني الوقاية من شؤم الذنب وجرائره واثاره وتبعاته مع الستر لكن العفو محو محيت تماما فهنا اللهم اني اسألك العفو و العافية فالعافية تعني ان الانسان يسلم ويخلص وينجى من المكروه اصلا فاذا وقع في شيء من ذلك كالذنب والمعصية والتقصير وما الى ذلك يحتاج الى العفو لكن العافية الا يقع له شيء من هذا اصلا. ان يسلم في دينه. يسلم من الجرأة على الله عز وجل الاساءة في حقه يسلم من الموبقات والمدنسات يسلم من جرائرها في الدنيا من العقوبات المعجلة فكل ما يقع لنا في هذه الحياة مما نكره فهو ببعض ذنوبنا ما اصابك من حسنة فمن الله وما اصابك من سيئة فمن نفسك فاذا يسلم العبد من هذا كله ويسلم من الفضيحة والخزي في الدنيا فان الانسان قد يفتضح في الدنيا فيحتاج الى هذا السؤال للعافية في هذا كله فيما يتصل بحق الله عز وجل كما انه يحتاج الى سؤال العافية فيما يتعلق بدنياه لكنه قدم الدين لانه هو الاهم والعافية فيه اعظم المطالب لكن فيما يتصل بالدنيا لابد للعبد من دنيا يزاولها واعمال يتكسب بها وما الى ذلك فهو بحاجة الى ان يسأل ربه العافية في دنياه ويعافى في ماله وولده ونفسه زوجه ومهنته وما الى ذلك بديني ودنياي. انظروا كيف هذه الاذكار والادعية النبوية؟ جوامع بهذه المعاني العظيمة بديني ودنياي واهلي ومالي مع ان دنياه يدخل فيها الاهل والمال ولكنه خص المال والاهل لانها اعظم مطالب الناس الدنيوية فالاهل يدخل فيهم الزوجة والاولاد فهؤلاء اهل الرجل فهو يطلب العافية لهم على سبيل التخصيص مع انهم يدخلون فيما سبق والا فما معنى سؤال العفو؟ العفو والعافية في دنياه ثم يقول اهلي ومالي ذكر المال فالمال اعلق بالدنيا والله عز وجل قال المال والبنون زينة الحياة الدنيا زينة الحياة الدنيا اشياء كثيرة ذكر في سورة ال عمران جملة منها زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل بالمسومة والانعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب فهذه كلها زينت للناس لكن في قوله تعالى المال والبنون زينة الحياة الدنيا هذا اعظم هذه الزينة يعني هي اعظم من غيرها من متاع الحياة الدنيا وقد يقال ان الخيل المسومة والحرث الزرع كل ذلك داخل في المال المال والبنون. لكن الزوجة في اي نوعين تدخل المال او البنين مما يدل والله اعلم على انه ذكر الاهم من هذا المتاع في الحياة الدنيا المال والبنون زينة الحياة الدنيا. ما قال البنات. لاحظ البنون لانه ذكر اعظم ما يعلق في قلوبهم وليس ذلك حطا او غضا في حق البنات لا لكن الله يخاطبهم بحسب مداركهم فالذين خوطبوا بالقرآن في ذلك الوقت ونزل عليهم القرآن عندهم التزين بالابناء والتكثر بهم والتقوي بهم لا شك انه حاصل ومتحقق فخاطبهم بما يعهدون وبما يعقلون وبما يتنافسون فيه المقصود ايها الاحبة هنا ان الله تبارك وتعالى خص هذه الاشياء ان النبي صلى الله عليه وسلم ايضا خص هذه الاشياء اسألك العفو والعافية في ديني ودنياي واهلي ومالي. هذا اقرب شيء الى الانسان واعظم ما يؤثر فيه سلبا او ايجابا فاذا حصلت لهم العافية استراح قلبه اطمأنت نفسه وانقشعت عنه الوان المخاوف والقلق والاحزان وما الى ذلك ثم قال بعد ذلك اللهم استر عوراتي عوراتي عورات هنا العيوب العورة اصلها ما يستحيى منه كل شيء يحتاط من جهته وتخوفوا من ناحيته ولهذا البلاد المتاخمة للعدو يقال لها عورات الثغور فهذه عورات البلاد لانه يتخوف العدو من ناحيتها. متاخمة له وهنا العورات المرأة قيل لها عورة لانه يحترز لها فهذا ليس بنقص في حقها. بعض النساء قد تجد غضاضة اذا ووجهت بهذا الخطاب قيل لها المرأة عورة المرأة عورة هذا العورة كل شيء يحترز له ويحتاط له ويحافظ عليه ويصان المرأة عورة لانه يحترز لها وتصان غاية الصيانة لا تضيع ولا تهمل فهنا اللهم استر عوراتي يدخل فيها العيوب والنقائص ويدخل في العورات الذنوب ان يسترها الله عز وجل فلا يفتضح كل ما يسوء صاحبه ان يرى فهو من العورات استر عوراتي عيوب خللي تقصيري كل ما يسوءني كشفه ويدخل في هذا يدخل في هذا العورة فالرجل عورته من السرة الى الركبة والمرأة كلها عورة امام الرجال الاجانب لا يستثنى من ذلك شيء وقوله الا ما ظهر منها هذا ما لا يمكن اخفاؤه كظاهر العباءة غير المزينة وما ظهر من اسافل الثياب من غير قصد والا فالمرأة عورة كذلك امام النساء هذا امام الرجال الاجانب. اما امام النساء فان الذي يظهر منها هو ما يظهر عادة من المرأة المحتشمة في بيتها الكفين وموضع السوار وموضع القلادة والشعر والوجه والقدمان وما اشبه ذلك فهذا الذي يظهر منها عادة قدمين وما يظهر عادة فهذا لا اشكال فيه. اما ان تبقى متعرية في بيتها تلبس القصير وما يبدي مفاتنها في اعلى الجسد واسافله وفي وسطه فهذا لا يليق بالمرأة المؤمنة بحال من الاحوال. كيف اذا ذهبت تستعرض بهذا الجسد امام حفل قد جمع خلقا قد لا تعرف اكثرهم فهذا لا يليق بحال من الاحوال فهذه من العورات فحينما تقول المرأة المسلمة استر عوراتي فيدخل فيها العورات المعنوية والعورات الحسية فاذا كانت المرأة تطلب ان يستر الله عورات ان يستر الله عورتها فعليها ان تخرج بالحجاب الكامل ومن اعظم الفتنة بل اعظم الفتنة الوجه لانه مجمع الحسن وهو الذي يتعرف بالنظر اليه الى اخص صفات المرأة الداخلية فبالوجه ملامح الوجه وعلامات تعرف بالوجه تعرف الصفات التي يريدها الرجال من الوجه مجمع الحسن. فاذا اظهرت وجهها وبدا للناس فيه ما يعافون وما يكرهون نفروا منها واذا كان وجهها في حال من الحسن فان النفوس تنجذب اليها ولذلك يجب على المرأة ان تستر الوجه وان يقوم الرجال على النساء بالزامهن بكشف بستر يجب على المرأة ان تستر وجهها ويجب على الرجال ان يقوموا على بناتهم وزوجاتهم ومن تحت ايديهم بان يستروا وجوههم. لا يجوز لهم بحال من الاحوال التكشف تهتك والان بدأت تظهر كثيرا هذه الوجود يحصل تساهل من كثير من الاولياء والنساء. بدعوى ان المسألة فيها خلاف اي خلاف هذا الذي يتحدثون عنه. فهذا رجوع الى الوراء. وتظن الواحدة لربما ان هذا لون من التحضر والتمدن امرأة عصرية والواقع ان التهتك هو صفة من صفات الجهل والجاهلية في الجنة. الرقي فالله عز وجل قال عن ابليس ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوآتهما هذا الذي حصل بعد المعصية وكذلك ايضا الله يقول ولا تبرجن تبرج الجاهلية الاولى فالحشمة حضارة ورقي وذوق واما التهتك فهذا من صفات القبح والجهل واهل الجهل والجاهلية والله المستعان. هنا يسأل الانسان استر عوراتي ببعض الفاظه عورتي والعورة مفرد مضاف فهو للعموم بمعنى عوراتي ويدخل في ذلك هذه المعاني جميعا وامن روعاتي يعني مخاوف الانسان يحصل له من الفزع فالامن يقابل الخوف ويدخل في ذلك على سبيل التبع الحزن لانه خلاف الامن وبهذا سؤال من العبد لربه تبارك وتعالى ان يجنبه وان يقيه كل اسباب المخاوف وما يوقعه في الاحزان او يقلقه او يزعجه امن روعاتي وذكرت على السبيل وصيغة الجمع لكثرتها الانسان بين مخاوف كثيرة ويحتاج الى مثل هذا السؤال ان يسأل ربه تبارك وتعالى الامن فيكون في حال من الطمأنينة والسكينة تهدأ نفسه وتطمئن والا فما هي حال العبد من غير الطاف الله عز وجل. مخاوف من كل ناحية هذا الدعاء له اثر بالغ بتحقيق مثل هذه المطالب ولذلك انظر الى عامة ما يعصف بالخلق اليوم وذلك هو القلق. قلق مرض العصر كثير من الناس قد لا يتكلم ولا يشكو ولكن القلق يملأ قلبه قلق على امور كثيرة كلما كان العبد ابعد عن الايمان كان القلق في قلبه اكثر ولذلك انظروا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الاخر في الغرب ما حالهم مع القلق؟ حياتهم كلها قلق ولذلك تكثر عندهم المصحات النفسية لانهم لا يعرفون الله ولا يذكرونه ولا يرجون له ثوابا ولا يؤملون عائدة ولا اجرا فباي شيء يتعزون وباي شيء يصبرون؟ تفري نفوسهم وتطحنهم رحى الحياة نسأل الله العافية. بقي بقية في الحديث اتركها في ليلة اتية. ونترك الجواب على الاسئلة اذا انتهى الكلام على الحديث ان شاء الله والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد واله وصحبه