الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله اما بعد فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته كان اخر ما مضى الكلام عليه هو ما يفعل من رأى الرؤيا او الحلم وما ذكرته في الكلام على هذه الاحاديث انما هي جمل مما يناسب في هذا المقام ومن اراد التوسع فليراجع الشروح المطولات فسيجد كلاما كثيرا لا سيما بالمحامل والروايات التي جاءت في قوله صلى الله عليه وسلم بان الرؤيا الصالحة جزء من ستة واربعين جزءا من النبوة كما في الصحيح او انها جزء من خمسة واربعين جزءا من النبوة كما عند مسلم او انها جزء من سبعين جزءا من النبوة كما في حديث ابن عمر رضي الله عنهما وما بين ذلك من المرويات الصحيح والضعيف شيء كثير يبلغ خمس عشرة نوعا يعني في الاعداد وتوجيهات اهل العلم في هذا كثيرة والمحامل التي ذكروها متنوعة ومنهم من انكر ذلك جميعا وتوقف فيه وقال ان ذلك من علم الغيب وعلى كل حال بعد ذلك ذكر المؤلف بابا جديدا وهو دعاء قنوت الوتر دعاء قنوت الوتر وذكر فيه حديث الحسن ابن علي رضي الله عنه وعن ابيه قال علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات اقولهن في الوتر في القنوت اللهم اهدني فيمن هديت وعافني فيمن عافيت وتولني فيمن توليت وبارك لي فيما اعطيت وقني شر ما قضيت انك تقضي ولا يقضى عليك انه لا يذل من واليت تباركت ربنا وتعاليت وفي زيادة بعد قوله انه لا يذل من واليت ولا يعز من عاديت تباركت ربنا وتعاليت ابى الحديث اخرجه اصحاب السنن واحمد وغيرهم وسكت عنه ابو داوود وقد عرفنا ان ما سكت عنه ابو داوود فانه صالح للاحتجاج عنده والبيهقي رحمه الله قال بانه تفرد به ابو بكر ابن شيبة الحافظ ابن حجر قال حسن صحيح والحافظ ابن عساكر قال محفوظ من حديث بريدة واما الشوكاني فقال بان اقل احواله اذا لم يكن صحيحا ان يكون حسنا وصححه الشيخ ناصر الدين الالباني رحم الله الجميع قوله علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات اقولهن في الوتر بالقنوط علمني كلمات المقصود هنا بالكلمات الجمل اللهم اهدني فيمن هديت هذه جملة ويقال لها كلمة والكلمة كما هو معروف تقال للفظة المفردة وتقال ايضا للجملة كما هنا وتقال للخطبة ونحو ذلك كالمقالة كما قال ابن مالك وكلمة يراد وكلمة بها كلام قد يؤم يعني يقصد قال فلان القى كلمة والمقصود انه القى قطبة او نحو ذلك او هنا علمه كلمات اي علمه هذه الجمل من هذا الثناء او من هذا الدعاء اقولهن في الوتر يعني ادعو بهن بقنوت الوتر وهذا يدل على ان القنوت مشروع في الوتر ولكن ذلك لا يقتضي المداومة عليه النبي صلى الله عليه واله وسلم تارة يقنت وتارة يدع القنوت وهذا في رمضان وفي غير رمضان بل جاء عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه انه في رمضان لا يقنط الا يعني ابن مسعود كان لا يرى القنوت الا بعد نصفه الاول واقل ما في اقل ما يقال في ذلك انه يترك القنوت احيانا ليعلم الناس ان ذلك لا يجب وعلى كل حال هنا ايضا هذا الذكر يشرع ان يقال القنوت وما ورد في ذلك غير هذا الحديث فهو قليل كما سيأتي ان شاء الله لكن هذا التطويل بالدعاء لا اعلم له اصلا وكذلك ان يتحول دعاء القنوت الى موعظة يستجلب بها بكاء الناس وتستثار كوامن العواطف وما الى ذلك فان هذا لا اصنع له وهكذا ما يفعله بعضهم من تشجيع الكلام والتكلف في ذلك فان هذا خلاف المشروع اضافة الى رفع الاصوات رفعا زائدا سواء كان ذلك في نفس الدعاء او كان في التأمين او كان في البكاء فان هذا خلاف الادب وانما المشروع ان يدعو الانسان ربه تضرعا وخفية لكنه بالنسبة للامام هو بحاجة الى ان يسمع من وراءه فيسمعهم ب اداء يشعر بالادب مع الله تبارك وتعالى هذا بالاضافة الى الخشوع واختيار جوامع الكلم مما جاء من الدعاء في القرآن بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم دون تلفيق ادعية ينشئها من عند نفسه يطول بها الكلام وقد يكون ذلك موجزا في كلام النبي صلى الله عليه وسلم بعبارة قصيرة هذا بالاضافة الى ما يتكلفه اخرون من ذكر الاسماء الحسنى. يذكرون جملة من الاسماء كي يذكر بعضهم تسعة وتسعين اسما معنى الاسماء الحسنى اكثر من هذا كما هو معلوم ثم يتكلف لكل اسم دعاء ولربما كان الدعاء في القنوت اطول من الصلاة كما هو معلوم في بعض النواحي للاسف وهذا خلاف المشروع بل لربما خرج الناس من المساجد وذهبوا يتجمهرون عند ذلك المسجد الذي يتفنن بهذه التكلفات في دعاء القنوت يستمعون من خارج المسجد ولربما ظن كثير من العامة ان الامام اذا لم يطول في القنوت فانه يكون مقصرا وانه قد فوت عليهم حظهم وحقهم من الدعاء. وهذا الكلام غير صحيح ولا شك ان الدعاء في السجود ابلغ وافضل واقرب للاجابة من الدعاء بالقنوط ولذلك يغفل كثير من الناس في ليالي الوتر من العشر الاواخر مثلا بما يتحرى فيه ليلة القدر قد يغفلون عن الدعاء في السجود وينتظرون دعاء الامام ويرون ان عليه المعول وانه ان جد واجتهد لهم في الدعاء فلعلهم يكون قد ادركوا والا فانهم لربما يرجع الانسان وهو كسيف البال وهذا غير صحيح ولذلك كان الامام احمد رحمه الله سئل عن من يطول ويزيد على حديث الحسن فقال للسائل اقطع صلاتك الى هذا الحد فعلى كل حال مثل هذه التطويل ومثل هذه التكلفات هذا لا يشرع لا يشرع فهنا قال في قنوت الوتر وفي رواية في الوتر والمقصود به في القنوت وهذا كما قلنا بانه يكون في سائر العام ولا يختص في رمضان لكنه يفعل ذلك احيانا ويترك احيانا في رمضان وفي غيره عرفنا ان ابن مسعود رضي الله عنه كان يرى ان ذلك يكون بعد النصف من رمظان يعني لا يقنت في النصف الاول وهذا مذهب الشافعية قوله اللهم اهدني فيمن هديت اهدني كما نقول اهدنا الصراط المستقيم. نسأل الهداية فهذا السؤال كثير من اهل العلم يفسرونه كما يفسرون اية الفاتحة يقولون ثبتها ثبتني وهذا تفسير صحيح لكنه ناقص فان الهداية ابواب وانواع وهذا سؤال للهداية مطلق اهدني فيدخل في الهداية هداية الهداية الى الاسلام فكثير من الناس يقول الله هدانا للاسلام اذا لماذا نسأل الهداية قال هذه الشريعة كما قال شيخ الاسلام بمنزلة الشرائع المتعددة لسعتها وكثرة تفاصيلها وابواب الخير فيها فلو اراد المكلف ان يشتغل بباب من ابواب البر بعد الفرائض فانه يستغرق العمر بباب من هذه الابواب سواء باب الذكر او انواع التطوعات في الصلاة او كان ذلك في ابواب الصدقات او ابواب اخرى من ابواب الخير فهذه كلها تحتاج الى علم بالمشروع العمل المشروع لان الله لا يعبد الا بما شرع ومن ثم فان هذا الدعاء اهدنا الصراط المستقيم اهدني في من هديت يدخل فيه الهداية الى العلم الصحيح ان يعرف الحق ثم اذا هدي الى هذا فهو بحاجة الى هداية اخرى وهي الهداية الى العمل بهذا العلم. فالناس يعرفون ويعلمون ان الصلاة واجبة ومع ذلك كثير منهم لا يصلي يعلم ان صلاة الجماعة واجبة ومع ذلك كثير منهم يصلي في بيته فالعلم غير العمل فيحتاج الى هداية اخرى الاولى ان يوفق للعلم الصحيح فبعض الناس لا يوفق اليه وقد يبحث المسألة ويقول قتلتها بحثا ويدرسها من جميع جوانبها ويأتي بنتائج مقلوبة ويقال ليتك ثم ليتك ما عرفت ولا درست ولا بحثت هذي نتيجة البحث كذلك ايضا حينما يعرف الحق بحاجة الى هداية للعمل فهذه هداية توفيق يعان على ذلك كثير من الناس لا يوفق طالب العلم تجده لربما درس اشياء كثيرة جدا وحال كثير من العامة افضل منه لا في اقباله على الطاعة والاشتغال بها ولا في انكفافه وتركه للمعاصي والمخالفات او الشبهات لربما يكون اجرأ من العامة على هذه الامور ومن ثم فنحن بحاجة الى هداية للعمل بما علمنا ثم ايضا اذا عمل الانسان فهذه الاعمال تتفاضل والعمر قصير فيحتاج الى هداية اخرى وهي ان يهدى للافضل والاكمل هذه تجارة مع الله تبارك وتعالى ثم اذا هدي فالمسألة ليست طفرة في اسابيع ثم يدير ظهره للعمل الصالح والطاعة والعبادة يحتاج يستمر الى الممات فيحتاج الى تثبيت هذه التي يفسرون بها يقولون اهدنا بمعنى ثبتنا بواحدة من هذه الهدايات ويحتاج الى تثبيت ثم بعد ذلك هو بحاجة الى ان يموت على ذلك فكما اخبر النبي صلى الله عليه وسلم بان الرجل يعمل بعمل اهل الجنة حتى ما يبقى بينه وبينها الا ذراع فيسبق عليه الكتاب قدر فيعمل بعمل اهل النار فيدخلها وان الرجل ليعمل بعمل اهل النار حتى لا يبقى بينه وبينها الا ذراع. فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل اهل الجنة فيدخلها وانما الاعمال بالخواتيم حينما نقول ثبتنا حينما نقول ثبتنا ايضا ثبتنا عند الممات هذا بالاضافة الى هدايات اخرى ليست في هذه الدار وانما هي هدايات بعد ذلك بعد الموت. عند سؤال الملكين لكنها غير داخلة في اية الفاتحة لان الصراط المستقيم صراط الذين انعمت عليهم غير المغضوب عليهم وهو الذي رسمه الله لعباده من اجل سلوكه. لكن هناك بدايات اخرى بعد ذلك عند سؤال الملكين وكذلك يحتاج الى هداية عند الحساب اذا سأله ربه ان يلهم الحجة الجواب ثم يحتاج الى هداية اخرى الى الصراط وهداية اخرى على الصراط وهداية اخرى الى باب الجنة وهداية اخرى الى منزله في الجنة كل هذه هدايات العبد مفتقر اليها كل كل الافتقار فالمقصود ايها الاحبة انه يقول هذا اللهم اهدني فيمن هديت فيمن هديت يعني في جملتي من هديتهم او من هديته من الانبياء والصلحاء وما الى ذلك كما قال سليمان عليه الصلاة والسلام وادخلني برحمتك في عبادك الصالحين. يعني في جملتهم ولهذا قال بعض اهل العلم اي اجعلني ممن هديتهم الى الصراط المستقيم فيمن هديت يعني في جملتهم في جملتهم وبعضهم يفسر في بمعنى مع اهدني فيمن هديت يعني مع من مع من هديت فاولئك مع الذين انعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا. مع الذين انعم الله عليهم اهدني فيمن هديت يعني مع من هديت وهذا هذان المعنيان متقاربا والحافظ ابن القيم رحمه الله يميل الى الاول يميل الى الاول يعني ادخلني في هذه الزمرة واجعلني رفيقا لهم ولكنه يشير الى المعنى الاخر قال ومعهم ومعهم فيكون المعنيان متقاربا فاذا قال اللهم اهدني فيمن هديت اي في جملتهم ومعهم. فاولئك مع الذين انعم الله عليهم. وحروف الجر تتناوب كما هو معلوم فحينما يسأل العبد ربه يقول اللهم اهدني عرفنا ان معنى الله يعني يا الله قذف حرف النداء. اهدني فهذا سؤال للهداية المطلقة التي لا يتخلف عنها اهتداء كل انواع الاهتداء داخله فيها فينبغي للعبد ان يستشعر هذا المعنى والحافظ ابن القيم رحمه الله في كتابه الاخر شفاء العليل ذكر المعنى الاول في مدارج السالكين لكن في شفاء العليل ذكر فوائد في قوله فيمن فيمن هديت الاول قال انه سؤال له ان يدخله في جملة المهديين وزمرتهم ورفقتهم الثاني انه توسل اليه باحسانه وانعامه يعني كأنه يقول يا رب قد هديت من عبادك بشرا كثيرا فضلا منك واحسانا فاحسن اليه كما احسنت اليهم كما يقول الرجل للملك او العظيم من الناس اجعلني من جملة من اعطيته واوليته واغنيته واحسنت اليه يقول هذا شيء قد عهد منك وصدر عنك فاجعلني في جملتي هؤلاء فيتوسل اليه باحسانه وافضاله وبره وجوده الثالثة ان ما حصل لاولئك من الهدى لم يكن منهم ولا بانفسهم وانما منك يا رب فانت الذي هديتهم فالله يهدي من يشاء ويضل من يشاء فالعبد بهداية العلم وهداية التوفيق كل ذلك ومفتقر الى ربه تبارك وتعالى ان يسأله الهداية. وان يكثر من هذا ومن السفه ومن اعظم السفه ان الانسان يأنف ويغضب اذا دعي له بالهداية بعض السفهاء ضعاف العقول اذا قيل هداك الله غضب وبادرك وقال هداك انت ولربما يعتقد انه ليس بحاجة الى هداية وانه قد كمل نفسه من كل وجه وهذا غاية الجهل والجاهل كما يقال يضر نفسه من حيث يريد ان يحسن اليها اهدني فيمن هديت وعافني فيمن عافيت عافني هنا مطلق لم يقل عافني من كذا ويدخل فيه المعافاة من الادواء والاخلاق المرذولة والاهواء والبدع والضلالات ويدخل فيه عافية الدين وعافية البدن وعافية الدنيا وعافية الاخرة. هنا يسأل ربه العافية المطلقة عافية من الكفر عافية من الفسوق العافية من العصيان العافية من الغفلة العافية عن من الاعراض عن طاعة الله عز وجل او فعل ما لا يحبه او ترك ما يحبه الله تبارك وتعالى هذه حقيقة العافية هذه حقيقة العافية. ولهذا يقول ابن القيم رحمه الله بانه ما سئل الرب تبارك وتعالى احب اليه من العافية لانها كلمة جامعة للتخلص من الشر كله واسبابه فقلت اللهم عافني حينما نرفع ايدينا وندعو في القنوت وعافني فيمن عافيت ونقول امين هل نستشعر مثل هذا المعنى عافية الدين والدنيا عافية الاخرة تولني فيمن توليت تولني الولاية بمعنى النصرة انصرني تولى امري لا تكلني الى نفسي في جملة من تفضلت عليهم بذلك فالمؤمنون هم اولياء الله تبارك وتعالى الا ان اولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون. تنتوا في اذا انتفت عنهم المخاوف معنى ذلك انه تنتفي عنهم اسباب المخاوف ولا هم يحزنون تنتفي عنهم اسباب الحزن ثم بين هؤلاء وفسرهم وقال الذين امنوا وكانوا يتقوه فهؤلاء هم اولياء الله تبارك وتعالى. هؤلاء هم الذين احبهم فتولاهم وحفظهم وكلأهم ورعاهم فحينما نقول تولني فيمن توليت فنحن نسأله تبارك وتعالى التولي ان يتولانا تولي او الولاية الكاملة وليس المقصود بذلك ان يدلل انسان على الهدى مثلا ويرشد اليه دلالة ارشاد وهداية ارشاد او ان يخلق الله عز وجل للانسان في حالة من العافية القدرة والارادة وما الى ذلك دون ان يكون له من ولاية الله تبارك وتعالى شيء هذا خلاف خلاف المقصود قال انه لا يذل تولني فيمن توليت وبارك لي بما اعطيت بارك لي فيما اعطيت بارك لي فيما اعطيت عرفنا في مناسبات سابقة ان البركة تدل على الكثرة في الخير. والنماء بارك لي يعني اكثر لي الخير بارك لي فيما اعطيت فهذا الذي اعطاه من العمر المال الولد العلم العمل كل هذه الامور فاذا تحققت فيها البركة فان ذلك يحصل بسببه الخير الكثير ليست العبرة بكثرة المال كثير من الناس يدخل عليه من المال الشيء الكثير ولكنه لا يكاد يبقى عنده منه شيء ولا يدري اين ذهب وليست العبرة بطول العمر ومن الناس من يعمر قد يبلغ الى المئة واخر يموت في العشرين وهو خير منه في علمه وعمله ونفعه وبره وصلاحه واصلاحه بعشرين سنة يكون له من الاعمال والفضائل والعلوم ما يربو به على ذاك الذي عاش مئة سنة ليست العبرة طول البقاء في هذه الحياة هنا ايضا بارك لي فيما اعطيت في هذه فيما اعطيت ليست كالسابق يعني مع بمعنى مع او انها تحتمل ذلك كما قاله بعض اهل العلم وانما المعنى اوقع البركة فيما اعطيتني من خير الدنيا يعني اجعل لي نصيبا وافرا من الاهتداء معدودا في زمرة المهتدين هذا في السابق وهنا بارك لي فيما اعطيت فيما اعطيتني قني يعني احفظني شر ما قضيت يعني ما قدرت لي من قضاء وقدر هذا سؤال لدفع الشرور عنه على كل حال الوقت انتهى زاد اتوقف هنا واكمل ان شاء الله تعالى في الليلة الاتية والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد واله وصحبه