ورب العرش الكريم هذا الحديث اخرجه الشيخان وقوله كان رسول الله او ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول عند الكرب عرفنا ان هذه الصيغة تدل على التكرار والمداومة فهو امر يتكرر كان يقول عند الكرب وهذا يدل على ان ذلك من الادعية او الاذكار التي تقال في تلك الحال والكرب كما فسره ائمة اللغة كالازهر رحمه الله الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله اما بعد فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته نشرع اليوم في الكلام على دعاء الكرب كما بوب المؤلف وذكر فيه احاديث الاول منها ما جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم كان يقول عند الكرب لا اله الا الله العظيم الحليم لا اله الا الله رب العرش العظيم لا اله الا الله رب السماوات ورب الارض هو الغم الذي يأخذ بالنفس الغم الذي يأخذ النفس قال كربه الغم قال فلان مكروب النفس والاسم الكربة قد فرج كربة وهي هذه الحالة من الغم الشديد الذي يقع للانسان يقال ففلان قريب ومكروب من فرج عن مؤمن كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة نحن عرفنا الحزن والهم وهذا هو الكرب فهو بهذه المثابة لقوته وشدته اذى الغم الشديد يكون كربا يقال له الكرب فهو اشد الغم فهو ما يدهم المرء مما يأخذ بنفسه يغمه ويحزنه كما قال الحافظ ابن حجر رحمه الله وغيره اذا هو غم شديد فاذا تعاظم ذلك قيل له الكرب هنا يقول لا اله الا الله العظيم الحليم عرفنا ان هذه الكلمة كلمة التوحيد انها متضمنة للنفي والاثبات لا اله الا الله اي لا معبود بحق الا الله وعرفنا في مناسبات سابقة ان الاله هو المعبود الذي تألهه القلوب وتذله تحبه تعظمه تخافه ترجوه فهو الذي يقصد بالعبادة يؤله يخاف ويرجى مع الذل والتعظيم والمحبة فهذا هو الاله هكذا فسره اهل العلم كشيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله وغيره رحم الله الجميع فقوله لا اله الا الله يعني لا اتوجه بقلبي عابدا وخاضعا اذا تقرر ان معناه لا معبود بحق الا الله فانا اذا لا اتوجه بالعبادة الى احد سواه. لا اخاف ولا ارجو الا الله لاخضع ولا اتذلل الا لله وحده. فهو الهي ومعبودي الذي يملك نفعي وضري وباخلاص العبادة له تبارك وتعالى يحصل كمال الحياة تحصل به سعادتي وفي ترك ذلك والاعراض عنه يحصل الشقاء والعناء والبؤس فلا راحة ولا لذة ولا سعادة الا بالقرب منه وعبادته جل جلاله وتقدست اسماؤه والعبد كما يقول شيخ الاسلام رحمه الله كلما كان اذل لله تبارك وتعالى واعظم افتقارا اليه وخضوعا له كان اقرب اليه واعز له واعظم لقدره عنده. يقول فاسعد الخلق اعظمهم عبودية لله اعظمهم عبودية لله وذكر الكلام المعروف الذي ذكرناه في مناسبات سابقة وهو كما قيل احتج الى من شئت تكن اسيرا واستغني عمن شئت تكن نظيره واحسن الى من شئت تكن اميرة والافتقار يكون لله عز وجل واذا افتقرت الى مخلوق فهذا يعني انك تكون اسيرا له ياسرك بهذا الاحسان والفضل والمعروف لا اله الا الله العظيم العظيم في ذاته العظيم في صفاته العظيم في اسمائه العظيم في افعاله تبارك وتعالى وهذا العظيم لا يتعاظم عليه امر ولا تتعاظم عليه مسألة المخلوق قد يتعاظم عليه المطلوب قد تطلب من احد شيئا ويقول لك هذا امر لا استطيعه هذا امر فوق طاقتي فوق قدرتي اما الله تبارك وتعالى فهو العظيم الاعضاء وايضا لا اله الا الله العظيم الحليم فذكر هذه الصفة ايضا والحليم هو الذي لا يعاجل بالعقوبة فلم يعاجل الخلق بنقمة بسبب تقصيرهم في حقه تبارك وتعالى او اساءتهم بل يكشف بل يكشف الضر عنهم برحمته جل جلاله وتقدست اسماؤه مع تقصير العباد ومع ذنوبهم ومع تفريطهم مع اساءاتهم الا ان الله حليم لا يعاجلهم بالعقوبة وهو كما قال الله تبارك وتعالى في الذين يشركون به قل لو كان معه الهة كما يقولون اذا لابتغوا الى ذي العرش سبيلا سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا. تسبح له السماوات السبع والارض ومن فيهن. وان من شيء الا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم. انه كان حليما غفورا كان حليم كل شيء خاضع لله عز وجل وهؤلاء من الادميين هم الذين تقع منهم الاساءة يقع منهم الاشراك يقع منهم التعدي والتجاوز وفعل ما لا يليق ونسبة ما لا يليق الى الله تبارك وتعالى ومع ذلك لاحظ ختم الاية انه كان حليما غفورا وكثيرا ما يأتي الحلم مقرونا بالمغفرة بكتاب الله تبارك وتعالى وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فالحلم هنا عدم المعاجلة بالعقوبة لمن استحقها ومع ذلك فالله يغفر ويعفو ويصفح ويعفو عن كثير لو يؤاخذنا الله تبارك وتعالى بذنوبنا باساءاتنا بمعاصينا اخذوا الناس يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة ولكن يؤخرهم الى اجل مسمى فهذا من حلمه تبارك وتعالى. المخلوق لا يصبر. المخلوق حينما يرى اجراما او اساءة او ظلما او تعديا او كان بيده انواع العقوبات والمثولات لانزلها بهذا الجاني ولكن الله عز وجل يرزقه ويعافيهم ويمهلهم وهم ينسبون له الصاحبة والولد ويقولون عليه الزور وما لا يليق من ثم ايها الاحبة فان تخصيص الحليم بالذكر هنا وذلك ان ما يقع مؤمن من الكرب فانه غالبا انما يكون بسبب تقصيره وتفريطه او اساءته وجناياته او غفلته عن ذكر ربه تبارك وتعالى فهذا انما يترحل عنه اذا حطت عنه الاوزار ولهذا تكلمنا في مناسبات سابقة على قوله تبارك وتعالى الم نشرح لك صدرك ووضعنا عنك وزرك الذي انقض ظهرك هذه ثلاثة اشياء امتن الله عز وجل بها على نبيه صلى الله عليه وسلم وقابلها بثلاثة اشياء قابلها بثلاثة اشياء الذي انقض ظهرك ورفعنا لك ذكرك فان مع العسر يسرا ان مع العسر يسرا فاذا فرغت فانصب والى ربك فرغب فلاحظ هنا لما ذكر الم نشرح لك صدرك ذكر معه امران. ذكر معه امرين لم نشرح لك صدرك ووضعنا عنك وزرك. فهذان مترابطان انشراح الصدر مع حط الاوزار لان الذنوب والاوزار ايها الاحبة سبب لضيق الصدر قل ذلك او كثر ورفعة الذكر انما تكون بطاعة الله عز وجل وعبادته فاذا حطت الاوزار كانت رفعة الذكر في الدنيا والاخرة ووضع له القبول في الارض اذا احب الله عزا عز وجل عبدا نادى جبريل اني احب فلانا فاحبه فيحبه جبريل ينادى في السماء فيحبه اهل السماء ويوضع له القبول في الارض. ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم انتم شهداء الله في ارضه هنا ذكر هذه الصفة او هذا الاسم الذي يتضمن صفة الحلم الحليم فهذا الكرب الذي يقع لنا انما هو بسبب غفلتنا وتقصيرنا وذنوبنا لاحظ واذا كان الامر كذلك وهنا نتوسل اليه تبارك وتعالى بتوحيدنا ونتوسل اليه بهذه الاسماء الحسنى العظيم الحليب وعرفنا ان العظيم لا يتعاظمه شيء اذا هو القادر على رفع هذا الكرب وان عظم وان اشتد هذه الجملة الاولى لا اله الا الله العظيم الحليم اشتملت على التوحيد اشتملت على التوحيد وعلى العظمة وهذه العظمة تدل على قدرة عظيمة ايضا واشتملت على الحلم فالله لا يعاجل بالعقوبة ومن ثم فان التوجه اليه لرفع الكرب والشدة لا شك انه هو الطريق الوحيد الذي تعالج به مثل هذه الاوصاب التي تقع للانسان ثم ذكر الجملة الثانية لا اله الا الله رب العرش العظيم لا اله الا الله رب العرش العظيم كرر التوسل اليه بالهيته لا اله الا الله ذكر كلمة التوحيد اعظم كلمة واجل كلمة واشرف كلمة فالعبد يعلن التوحيد ليكون ذلك جلاء لما في قلبه من الغم الشديد الذي صار كربا وتبرأ من كل ما سواه من المعبودات لا اله الا الله اخلاص العبادة التوجه اليه بالصدق والرغبة والرهبة وبهذا يفزع الخلائق. المشركون كانوا اذا ركبوا في الفلك وحصلت لهم المخاوف واوشكوا على الغرق دعوا الله مخلصين له الدين كانوا يعرفون هذا جيدا وانه لا ينجي من كربات البر والبحر الا الله تبارك وتعالى. فكانوا يخلصون له في التوحيد والعبادة هذا هو مفزع الخلائق ايها الاحبة مفزعهم انما يكون بتوحيدهم لربهم وباريهم جل جلاله في الشدائد وفي الرخاء في الاحوال كلها رب العرش العظيم هنا ذكر ربوبيته تبارك وتعالى رب العرش العظيم رب العرش العظيم يحتمل ان يكون هكذا ظبطه بعضهم. فالرواية ان العظيم صفة للعرش ويحتمل ان يكون ذلك من صفة الرب تبارك وتعالى. رب العرش العظيم. يعني الله وكل ذلك صحيح فالله هو العظيم والعرش ايضا موصوف بالعظمة وقد جاء ذلك في بعض القراءات القرآنية المتواترة فهذا يكون من نعت الرب يعني العظمة وكذلك من نعت العرش وان كان الجمهور ضبطه بالجر ليكون نعتا للعرش. رب العرش العظيم فوصفه بالعظمة لانه اعظم واكبر المخلوقات رب العرش العظيم فاضاف ذلك اليه في الربوبية وهو رب الخلائق جميعا ولكن اذا كان هو رب العرش العظيم فما دونه من باب من باب اولى من باب اولى. الانسان قد يتوجه الى مخلوق لانه مدير او لانه رئيس او لانه امير او لانه ملك يحكم بقعة من الارض ولكن هذا المخلوق ايضا قد لا يستطيع ان يلبي حاجته. لو جاء الى مخلوق قال اريد ان ترفع مني هذا الكرب الذي في نفسي والغم هل يستطيع لو جاء الى مخلوق وقال له اريد منك ان تكشف عني الضر وتعافيني من المرض والعلة هل يستطيع هو المخلوق يمرض ويموت اذا وان يمسسك الله بضر فلا كاشف له الا هو فهذا الكرب احيانا يكون بسبب مرظ يقع له واحيانا يقع لغيره ممن يحبه لولد بوالد لزوجة او نحو ذلك لقريب لاخ لاخت فيقع له الكرب ويشتد عليه الامر واحيانا يكون لغير ذلك. فلا يكشف الكرب الا الرب العظيم جل جلاله وتقدست اسماؤه. ولاحظوا هنا استعمال اسم الرب رب العرش العظيم فالرب هو الذي يدبر الخلائق وهو الذي يعطي ويمنع ويدفع ويرفع وهو الذي يربي خلقه بالنعم الظاهرة والباطنة فهنا من الذي يتصرف فيه من الذي يزيل ما به من ضر من الذي يصلح حاله انما هو الرب فان من معاني الرب المصلح للشيء والقائم عليه الذي يقوم عليه بتربيته تربية بنوعيها تربية الارواح وتربية الابدان فهنا صدر هذا الثناء بذكر الرب ليناسب كشف الكرب لانه من مقتضيات التربية التربيب فان التربية من معانيها الاصلاح وربوية الله تبارك وتعالى نوعان كما هو معلوم ربوبية عامة وربوبية خاصة فالله رب كل شيء ومليكه المتصرف فيه كيف يشاء وهو القائم على جميع المخاليق برزقهم واجالهم واعمالهم وما يصلحهم فهو الذي يغزوهم يطعمهم وهو الذي يميتهم ويحييهم اعطى كل شيء خلقه ثم هدى وهنا جمع النوعين في هذا الحديث فتوسل بانه رب فهو يقول لا اله الا الله رب العرش العظيم وهذه ربوبية خاصة للعرش لا ثم الجملة الثالثة لا اله الا الله كرر التوحيد رب السماوات ورب الارض ورب العرش الكريم فذكر ربوبيته العامة للسماوات والارض وما فيهما من المخلوقات والعرش فوق السماوات السبع هذا يكون من قبيل ذكر هذه المخلوقات العظيمة فاذا كان هو ربها وخالقها والمتصرف فيها فهو قادر على ان يرفع ما بك من كرب وضر وبؤس وما الى ذلك فما عليك الا ان تصلح العلاقة معه اصلح علاقتك وصلتك بالله عز وجل تضرع اليه. اقبل عليه تب اليه من الذنوب فهي سبب لمثل هذه البلاء والرزايا والمصائب فلاحظوا التوسل بمثل هذا التوحيد ومثل هذه الاسماء الحسنى فوصفه هنا وصف نفسه بانه حليم عظيم وكذلك ايضا كريم ويحتمل ان يكون بعض ذلك ان يكون بعض ذلك من اوصاف العرش لا اله الا الله رب العرش العظيم وكذلك ايضا ورب الارض ورب العرش الكريم كما ضبطه الجمهور وكون العرش كون هذه من صفة الله عز وجل كريم ذكرنا في الكلام على الاسماء الحسنى انه الذي يعطي والجواد هو الذي يهب ويتفضل وكذلك اذا قيل انه من صفة العرش فان العرش كريم وعرفنا ان من معاني الكريم هو الشيء النفيس الشيء الذي لا نظير له الشيء الذي يكون له منزلة يكون له صفات رفيعة يقال هذا حجر كريم يقال هذا بناء كريم يقال هذا مركب كريم يقال ونحو ذلك للشيء الذي يكون له منزلة ومرتبة ليس كغيره هنا خص العرش بهذه الاوصاف خص العرش بالذكر ايضا وخص السماوات والارض فهذه من اعظم المخلوقات وكرر ذكرى هذا الاسم الرب من بين سائر الاسماء الحسنى وذلك كما سبق لانه المناسب للمطلوب كشف الضر كشف الكرب الذي هو من مقتضى الربوبية والتربية وعرفنا من قبل في مناسبات سابقة ان اكثر دعاء الانبياء الذي ذكره الله عز وجل في القرآن كان باسم الرب ربنا ربي فان العطاء والمنع كل ذلك من معاني ربوبيته تبارك وتعالى. المقصود ان هذا الذكر ايها الاحبة اشتمل على التوحيد بكلمة التوحيد كذلك العظمة والحلم و كذلك ايضا الكرم اشتمل على توحيد الالهية وتوحيد الربوبية واشتمل على جملة من الاسماء المتضمنة لاوصاف الله تبارك وتعالى قد يقول قائل بان هذا الذكر ليس فيه دعاء فكيف يسمى بدعاء الكرب نقول اولا كما ذكرنا في المقدمات في الكلام على الاذكار بان الذكر يقال له دعاء افضل ما قلت النبي صلى الله عليه وسلم قال خير الدعاء دعاء يوم عرفة وافضل ما قلت انا والنبيون قبلي لا اله الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد الى اخره فلاحظ هنا ما في دعاء هو ذكر فسماه دعاء افضل الدعاء دعاء يوم عرفة وافضل ما قلته انا والنبيون قبلي لا اله الا الله فذكر التوحيد ذكر التوحيد فالذكر يقال له دعاء وذكرنا وجه ذلك هناك قلنا باي اعتبار باعتبار ان هذا الذاكر لله عز وجل هو لماذا يذكر لانه يطلب حينما تقول هذه الايام في هذه العشر المباركة الله اكبر الله اكبر لا اله الا الله الله اكبر الله اكبر ولله الحمد. هذا ذكر ماذا تريد حينما تقول هذا تريد الاجر؟ تريد الثواب من الله عز انت سائل بذكرك هذا حينما تقرأ القرآن ماذا تريد تريد ما عند الله حينما تصوم حينما تتصدق انت سائل بفعلك فالذكر تارة فالدعاء تارة يكون بالسؤال الصريح ربي اغفر لي رب ارزقني وتارة يكون بلسان الحال اتصدق يصوم يقرأ القرآن يذكر الله عز وجل هو سائل ولماذا يفعل هذا كما قال شيخ الاسلام الانسان لا يفعل شيئا الا لشيء وهو يفعل هذه العبادات والطاعات رجاء ما عند الله الا من فسدت نيته فهو يريد بذلك المحمدة الرياء السمعة نسأل الله العافية للجميع فهنا على كل حال هذا الجواب ان هذا الذكر يقال له دعاء وقد ذكر بعض اهل العلم احتمال كالامام النووي رحمه الله ان ذلك يقال اولا ثم يمكن ان يدعى بعده بكشف الكرب والذي يظهر انه ليس كذلك انه ليس كذلك والله اعلم. هذا ما يتعلق بهذا الذكر العظيم فاحفظوه اردده دائما ونسأل الله عز وجل ان يكشف الكرب عن المكروبين من المسلمين اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا ونور صدورنا وذهاب احزاننا وجلاء همومنا. اللهم ذكرنا منه ما نسينا وعلمنا منه ما جاهلنا وارزقنا تلاوته اناء الليل واطراف النهار على الوجه الذي يرضيك عنا والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد واله وصحبه اذا كان عندكم سؤال تفضلوا نعم السلام عليكم