الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله اما بعد ومما اورده المؤلف في ما يتصل بدعاء الكرب ما جاء عن ابي بكرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم دعوات المكروب اللهم رحمتك ارجو فلا تكلني الى نفسي طرفة عين واصلح لي شأني كله لا اله الا انت هذا الحديث اخرجه ابو داوود والنسائي وصححه عبد الحق الاشبيلي وقال المنذر اسناده صحيح او حسن او ما قاربهما وحسنه ايضا جماعة كالهيثم والحافظ بن حجر والشيخ ناصر الدين الالباني رحم الله الجميع وصححه السيوطي قوله دعوات المكروب عرفنا ان الكرب وشدة الهم والغم اذا تعاظم ذلك وقيل لهذا الذكر دعاء كما سبق ان الذكر يقال له دعاء وهو حينما يقول ذلك فهو يطلب دفع الغم فيكون سائلا داعيا بهذا دعاء المكروب اللهم رحمتك ارجو رحمتك ارجو. ما قال ارجو رحمتك فتقديم ما حقه التأخير يدل على الحصر او يشعر بالحصر يعني لا ارجو الا رحمتك تأخير الفعل ارجو رحمتك ارجو يدل على هذا المعنى او الاختصاص يعني نخصك برجاء الرحمة منك فلا نرجوها من احد سواك وهذه الرحمة تشمل الرحمة في الدنيا والاخرة ومن رحمة الله تبارك وتعالى بالعبد ان يجيب دعاءه ويعطيه سؤله ومن رحمته تبارك وتعالى ان يرفع عنه الضر والغم والحزن والالم وما الى ذلك وهو يقول انا لا ارجو الا رحمتك فلا تكلني الى نفسي طرفة عين لا تتركني فاضيع لا تتركني طرفة عين يعني لحظة لا تفوض امري الى نفسي قدر ما يتحرك البصر طرفة عين وهذا يعبر به عن الزمان والوقت القليل جدا فان العبد اذا وكل الى نفسه ضاع ولاحظوا هنا انه يعلن ذلك يعلن عجزه وان نفسه لا تقدر على قضاء مطالبه وحوائجه وعقب ذلك بالفاء فلا تكلني رحمتك ارجو فلا تكلني فهذه تدل الفاء على ترتيب ما بعدها على ما قبلها يعني كانه يقول انا لا اتوجه طالبا الرحمة من احد سواك فلا تكلني يعني اذا لا تكلني الى نفسي طرفة عين فاضيع الى من اتوجه انا متوجه اليك وحدك اطلب رحمتك وبناء عليه لا تكلني الى نفسي طرفة عين وهذا يلزم منه التفويض الكامل تفويض جميع الامور الى الله تبارك وتعالى كانه يقول فاذا فوضت امري اليك فلا تكلني الى نفسي لاني لا ادري ما صلح امري وما فساده ربما زاولت امرا واعتقدت ان صلاح امري في ذلك فانقلب ضرا وفسادا وكانت عاقبته وخيمة وكذلك العكس وعسى ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى ان تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وانتم لا تعلمون الانسان احيانا يجتهد في تحصيل امر ويبذل الاسباب فاذا فاته فلربما يغتم وهذا غير صحيح وانما عليه ان يستخير الله تبارك وتعالى فانه لا يعلم ما في العواقب وما تصير اليه الامور ومن ثم فهو بحاجة الى التفويض فيبذل السبب ويستخير فان لم يقدر هذا الامر فان نفسه تكون راضية مطمئنة لا يحصل له انزعاج ولو انفق في سبيله الاموال ولو انفق الاوقات والجهود فان ذلك خير له وهكذا قد ينصرف الانسان عن امر ولا يعبأ به ويزهد فيه غاية الزهد ثم بعد ذلك يجد انه يساق اليه هذا في امور الناس كلها فيما يتعلق بمصالحهم الدنيوية والمصالح الدينية نجد ان الانسان احيانا في بيع او شراء تجارة او ما يتصل تزوج او نحو ذلك يسعى سعيا حثيثا ثم بعد ذلك يصرف عن هذا. ولو في اخر لحظة ولا ينبغي ان يسوء ظنه بربه تبارك وتعالى او ان يسوء ظنه بالناس فيقول فيهم ما لا يحسن ولا يجمل انما ينبغي ان يرجع الى هذا المعنى. انه ضعيف قاصر النظر لا يعلم عواقب الامور ويغتبط بما يسر الله له وما قدر عليه مما لا يدري ما عاقبته فهنا يقول فلا تكلني الى نفسي طرفة عين واصلح لي شأني كله فهذا اظهار لشدة الافتقار وان العبد لا غنى له عن ربه تبارك وتعالى طرفة عين بكل شأن من شئون ولهذا قال واصلح لي شأني كله اصلح لي شأني كله معنى ذلك انه يطلب اصلاح القليل والكثير حتى الامور اليسيرة فان هذه الامور اليسيرة لا تتيسر الا بتيسير الله عز وجل. وكم من امر يسير كانت فيه الحتوف وكم من امر عظيم ذلل للعبد حتى صار يسيرا ولما فرغ عن خاصة نفسه واراد ان ينفي تفويض امره الى غير الله تبارك وتعالى وان يثبت ذلك لله قال هذه الجملة واصلح لي شأني كله في البداية قال لا تكلني الى نفسي طرفة عين ثم توجه الى ربه ايضا اذا اصلح لي شأني كله لا يكله الى نفسه طرفة عين في قليل ولا كثير ثم يسأل ربه ان يصلح له شأنه كله وهكذا ينبغي ان يكون المؤمن ان يسأل ذلك اصلاح الشأن بكل جزئية من جزئياته كل جانب من جوانب حياته ومن ثم شرعت لنا الاستخارة وهذه الاستخارة لا تكون بالضرورة حينما يتردد الانسان بين امرين وانما اذا هم بالامر فانه يستخير فانه يستخير لانه لا يعلم ما عاقبة هذا الامر الذي قد هم به ثم ختم ذلك بكلمة التوحيد هذه الكلمة العظيمة لا اله الا انت فالتوحيد ايها الاحبة كما قال الحافظ ابن القيم رحمه الله هو ملجأ الطالبين ومفزع الهاربين ونجاة المكروبين وغياث الملهوفين هذا التوحيد الذي هو افراد المعبود جل جلاله بالوحدانية بالعبادة مراده بالمحبة والاجلال والتعظيم والذل والخضوع الخوف الرجاء وما الى ذلك وهنا اشتمل هذا الذكر على ما يتصل بتحقيق الرجاء لمن الخير كله بيده والاعتماد عليه وحده وتفويض الامر اليه والتضرع اليه ان يتولى صلاح شأنه والا يكله الى نفسه طرفة عين توسل اليه بتوحيده هذا التوحيد هو من اقوى ما يكون في دفع العلل والاوصاب والادواء وكذلك ايضا ينبغي ان يكون المؤمن ان يكون ملتجئا الى الله مفوضا اليه مقبلا عليه طالبا منه ان يرفع عنه الغم والكرب والشدة فانه لا يقدر على ذلك الا الله تبارك وتعالى هكذا من اراد ايها الاحبة ان يتخلص من الشدائد والغموم والهموم والكروب اذا كان العبد اعظم توحيدا وضراعة الى الله ولجوءا اليه فان ذلك يكون اقرب الى تخلي النفس والقلب من هذه الادواء فيستريح ولذلك كان الموحد اشرح الناس اشرح الناس صدرا فمن يرد الله ان يهديه يشرح صدره للاسلام ومن يرد ان يضله يجعل صدره ضيقا حرجا. كانما يصعد في السماء فهذا الضيق عن القبول عن قبول الحق وكذلك هو ضيق يلازمه ضيق يلازمه نسأل الله العافية فان له معيشة ضنكا. من اعرض عن ذكري فان له معيشة ضنكا لا تسأل عن ضيق صدره وحرجه وما يعتري قلبه من الغم والهم والحزن والكرب ولو كان يعيش بين نعم متدفقة فان ذلك لا معنى له واذا اردت ان تجرب هذا انظر الى حالك حينما تكون في حالة من الهم والغم وبين يديك اطايب الطعام فان النفس لا تطلبه ابدا بل تنفر منه غاية النفور واذا اراد الانسان ان يأكله فانه لا يستسيغ القضية ليست بوفور هذه اللذات الحسية وانما بانشراح هذا الصدر وهذا الانشراح لا يمكن ان يكون بعيدا عن الله تبارك وتعالى لا يمكن ولذلك ماذا يفعل العبد اذا كان شاردا عن ربه تبارك وتعالى. مهما ذهب الى الاطباء ومهما اعطوه من العقاقير فان العلة تلاحقه وتلازمه وهذا شيء مشاهد هذا شيء مشاهد. هذه النفوس لا تكون ادواءها مرتفعة بعقاقير كما يفعل لي العلل الحسية الجسدية بل تحتاج الى شيء اخر فهذا الانسان الذي ضاق صدره بسبب بعده عن ربه هل يمكن ان ينشرح بعقاقير لا يمكن لا يمكن انما هي مسكنات وما شابهها مدة من الزمان مع ما تؤثره من الاثار التي لا تخفى فنسأل الله عز وجل ان يشرح صدورنا وان ييسر امورنا وان يغفر ذنوبنا وان يرحم موتانا وان يشفي مرضانا وان يصلح احوالنا واحوال المسلمين وان يرفع الكرب عن المكروبين من المسلمين انه سميع مجيب اللهم صل على محمد وعلى ال محمد كما صليت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم انك حميد مجيد وبارك على محمد وعلى ال محمد كما باركت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم انك حميد مجيد اذا كان لديكم سؤال تفضلوا نعم السلام ورحمة الله