الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله اما بعد فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته هذا باب الدعاء حينما يقع ما لا يرضاه او غلب على امره وهذا الباب ايضا قد يناسب ان يذكر بعد الباب الذي قبله وهو دعاء طرد الشيطان ووساوسه لان له تعلقا بذلك كما سيأتي ان شاء الله ذكر حديثا واحدا وهو حديث ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم المؤمن القوي خير واحب الى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز وان اصابك شيء فلا تقل لو اني فعلت كذا او لا؟ اني فعلت كان كذا وكذا ولكن قل قدر الله وما شاء فعل فان لو تفتح عمل الشيطان اخرجه مسلم هذا حديث عظيم تضمن معاني وادابا ينبغي للمؤمن ان يتحقق بها فقوله صلى الله عليه واله وسلم المؤمن القوي القوي هنا ما المراد به القوي يعني على اعمال البر والطاعة وتحمل المشاق في ذلك والصبر على ما يصيبه من البلاء القوي هو اليقظ في الامور المهتدي الى التدبير اللائق والمصالح الشرعية بالنظر الى المقدمات والاسباب وذلك باعمال النظر والفكر في مآلات الامور فهو الذي يجد ويجتهد ويقوى على الطاعات وهو ايضا صاحب تدبير مع عزيمة للنفس وقريحة في الامور سواء كان ذلك فيما يتصل بعمل الاخرة من العبادات المحضة او ما يتعلق بمصالح الامة وما يكون به قوامها فمثل هذا يكون مقداما ويكون امرا بالمعروف ناهيا عن المنكر مع تحمل وصبر وهو ارغب في الطاعة والعبادة العبادات المتنوعة بجميع صورها واشكالها من الاذكار والصلاة والصيام والحج والجهاد وما الى ذلك من انواع التعبدات فهو يعزم على ذلك ويقدم ويصبر ويحافظ ويداوم ويستمر وذكر بعض اهل العلم ان القوي المراد به هنا القوي على مخالطة الناس والصبر على اذاهم مع تعليمهم ما يحتاجون اليه وارشادهم ونصحهم وقد جاء في حديث ابن عمر رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على اذاهم خير من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على اذاهم او كما قال عليه الصلاة والسلام. وهذا المعنى لا شك انه داخل في عموم هذا الوصف القوة المؤمن القوي وبعضهم ارجع ذلك الى قوة الايمان المؤمن القوي في ايمانه خير من المؤمن ضعيف الايمان. وهذا المعنى صحيح فقوة الايمان يتفرع عنها ما ذكر من العزايم على الطاعات وفعل هذه العبادات والقربات مع الثبات عليها وتحمل المشاق في سبيل ذلك كل هذا داخل فيه وبهذا يتبين ان القوة المرادة هنا ليست قوة البدن بقوة الانسان في عضلاته ونحو ذلك لكونه يزاول انواعا من الرياضات وما اشبه هذا فليس هذا هو المقصود وجميع الشراح عند كلامهم على هذه الجملة انما يذكرون ما ذكرت جملته فيما يتصل بالعبادات والطاعات وقوة الايمان وما اشبه ذلك ولا يتحدثون عن قوة البدن والاعضاء وما اشبه ذلك فالمؤمن هو القوي في ايمانه وطاعته لربه تبارك وتعالى مع صبر واحتمال وليست العبرة بقوة البدن فقد يكون قوي البدن ولكن لا همة له في الطاعة هو اضعف ما يكون بالعبادة فلا ينشط لها ولا تسمو همته لمزاولتها والقيام بها واذا ابتدأ شيئا من ذلك ضعف وانقطع وكل فهذا ليس بمراد وقد ذكر الشيخ محمد الصالح العثيمين رحمه الله انه لو كتب على نادي الرياضي او ملعب او نحو ذلك هذه العبارة ان المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف ان هذا لا يجوز لان هذا حمل للحديث على غير المراد لكن لو انه استوى اثنان في الايمان وفي العزايم على الطاعات والقربات واعمال البر مع عمل البر والصبر والثبات. استووا في جميع هذه الامور لكن كان احد هذين اقوى في جسده وبناء هذا الجسد من الاخر هذه من وجوه التفاضل لكن ليس هذا هو المراد بالحديث عند الاطلاق ولا يصح ان يتبادر اليه الذهن. المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف مؤمن القوي في ايمانه وليس في وليس في بدنه ثم قال صلى الله عليه وسلم وفي كل خير يعني في القوي والضعيف من المؤمنين فاصل الخير موجود الذي هو الايمان فقد اشتركا فيه المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف فهذا مؤمن وهذا مؤمن وذاك الضعيف لا يخلو من خير فقال صلى الله عليه وسلم هنا وفي كل خير من اجل الا يتوهم ان الثاني ان الضعيف لا خير فيه وانما الذي لا خير فيه هو الكافر وهذا الاسلوب هو الذي يسميه البلاغيون الاحتراز قد تكلمت عليه في الاسبوع الماضي في الكلام على التفسير على مقدمة ابن جزي فيما يتصل بالبلاغة القرآنية وبينت المراد به تكلم الانسان كلاما يوهم معنى لا يقصده فيأتي بجملة تبين مراده تحدد المراد ويحترز بها عن المعنى غير المراد. ذكرنا امثلة لذلك في قوله تبارك وتعالى لا يستوي منكم من انفق من قبل الفتح وقاتل فهؤلاء نفي الاستواء يحمل على اعم على اعم معانيه قال اولئك اعظم درجة من الذين انفقوا من بعد وقاتلوا فقد يفهم ان الذين انفقوا من بعد وقاتلوا ليس لهم فضل فاحترز من ذلك قال وكل لو وعد الله الحسنى يعني الجنة وهكذا في قوله تبارك وتعالى وداوود وسليمان اذ يحكمان في الحرف اذ نفشت فيه غنم القوم فذكر حكمهما ثم بين انه فهمها سليمان ففهمناها سليمان فقد يفهم من هذا ان ان هذا يلحق نقيصة بداوود عليه الصلاة والسلام لما اضاف الفهم في هذه الواقعة والحكم فسليمان عليه الصلاة والسلام. قال وكلا اتينا حكما وعلما فهذا لئلا يفهم ان داود عليه الصلاة والسلام يلحقه نقص من جراء ذلك النبي صلى الله عليه وسلم قال احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز هكذا احرص بكسر الراء وجوز بعضهم فتحها احرص على ما ينفعك لكن المشهور هو الاول احرص على ما ينفعك يعني من امور الدين احرص على ما ينفعك. اما امور الدنيا فالناس ليسوا بحاجة الى تحريص عليها ولهذا كما قال الشاطبي رحمه الله تجد الامر كثيرا ما يأتي بالصلاة والمحافظة عليها وما الى ذلك من العبادات الشاقة كالصدقة والانفاق في سبيل الله تبارك وتعالى ولكنه لا يأتي الامر الاكل اكل الطعام والشرب والنكاح وما الى ذلك مما تشتهيه النفوس تستلذه وتطلبه فهي ليست بحاجة الى من يحرصها على على مطالبها وشهواتها. وان جاء ذلك فانما يأتي عادة في سياق معين مثل الامتنان يا ايها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحة يا ايها الذين امنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله فهذا في سياق الامتنان لكن ان يحث الناس ويتردد هذا الحث في القرآن كلوا واشربوا في ذكر هذا على سبيل الامتنان والا فالناس ليسوا بحاجة ولذلك يقال الدعاة الى الله تبارك وتعالى هم هداة هم اتباع الرسل وليسوا ولا يصح ان يتحولوا الى مرشدين ليه امور الناس المتصلة بشهواتهم ودنياهم فيما يتعلق ب الاكل والشرب والمكاسب والاموال من غير جهة الحل والحرمة ولكن كيف تنمي الثروة كيف تستطيع ان توفر المال كيف تستطيع ان تدير اموالك كيف تستطيع كذا او الحديث عن صنع الطعام وما الى ذلك او الحديث عن دروب النكاح والوطأ وما اشبه ذلك مما لا يحتاج الناس فيه الى تعليم او من يحرصهم عليه فهم احرص ما يكونون لكن الناس بحاجة الى من يذكرهم بالله تبارك وتعالى الا الذين امنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر على ذلك اما ان يتحول الدعاة الى الله تبارك وتعالى الى شيء اخر يفتحون الافاق للناس في امور المكاسب والدنيا والشهوات هذا خروج عن المقصود الحاصل انه قال هنا احرص على ما ينفعك احرص على طاعة الله والرغبة فيما عنده واطلب الاعانة من الله تبارك وتعالى على ذلك ولا تعجز ولا تكسل عن طلب هذه الطاعات واسأل ربك الاعانة استعن بالله اطلب العون منه فانه لا يمكن للعبد ان يقوم بشيء من هذه الوظائف وظائف العبودية الا اعانة الله تبارك وتعالى فانه لا حول ولا قوة الا بالله. لا تحول من حال الى حال الا باعانة الله عز وجل فهذه وصية جامعة من النبي صلى الله عليه وسلم لا يصح ان يحول معناها وان يقلب الى امور دنيوية في اي جملة منها والانسان العاقل المرء العاقل هو الذي يستجيب وينتصح وينتفع بمثل هذه الوصية وغيرها ولا يضيع عليه العمر من غير طائل فيذهب ذلك بالاماني والتسويف والاشتغال بامور لا طائل تحتها بل قد تعود عليه بالضرر وللاسف تجد الكثيرين تمضي الاعمار ولو اختصرت الانجازات الحقيقية في سبعين سنة عاشها هذا الانسان لربما ما تبلغ ثلاث سنوات او ما يقرب من ذلك وباقي العمر ذهب في التضييع والتفريط والاماني الفارغة التي لا قيمة لها وهكذا في طلب معالي الامور فان هذا يحتاج الى صبر واستعانة بالله عز وجل وحرص فان عديم الرغبة لا يمكن ان يقوم بشيء من ذلك وهكذا ايضا العاجز والذي يركن الى نفسه والى قوته وقدراته وما اشبه ذلك فانه لا يحقق مطلوبا ولا يرجع بطائل استعن بالله على هذا كله ولا تعجز لا تعجز عن العمل لا تعجز عن هذا الحرص لا تعجز عن الاستعانة فقد حذف متعلقه وذلك يفيد العموم لا تعجز عن شيء مما ذكر فان الله تبارك وتعالى قادر على ان يعطيك قوة على الطاعة اذا استقمت على الاستعانة وبعض اهل العلم يقول معناه لا تعجز عن العمل بما امرت به ولا تتركه مقتصرا على الاستعانة به فلا بد من الجمع بين الامرين الاستعانة مع الحرص والبذل والامتثال والصبر اما ان يقول الانسان انا استعين بالله واسأل الله التوفيق ادعوا لي ان الله يهديني ان اعان على هذه الاعمال وهذه الطاعات فمثل هذا لا يكفي بل لا بد من رغبة صادقة وحرص اكيد بالاضافة الى بالاضافة الى العمل الواقعي في الخارج. فمبدأ ذلك بعزايم النفوس ثم بعد ذلك العمل على وفق هذه العزيمة ليكون ذلك عملا خارجيا مع الاستعانة بالله تبارك وتعالى فهذا الحديث فيه الامر بفعل الاسباب مع الاستعانة بالله تبارك وتعالى فيه التسليم ايضا لامر الله والرضا بقدره كما يدل عليه شق الحديث الاخر يقول شيخ الاسلام رحمه الله بان النبي صلى الله عليه واله وسلم امر بحرص العبد على ما ينفعه والاستعانة بالله ونهاه عن العجز. يقول وانفع ما للعبد لاحظ الحرص على ما ينفع ما الذي ينفع يقول شيخ الاسلام انفع ما للعبد طاعة الله ورسوله هذا انفع ما يكون العبد. يقول وهو وهي عبادة الله تعالى وهذان الاصلان يعني العبادة والاستعانة استعن بالله يقول هما حقيقة قوله تعالى اياك نعبد واياك نستعين قال ونهاه عن العجز وهو الاضاعة والتفريط والتواني ويذكر الحافظ ابن القيم رحمه الله ان العجز هو اصل المعاصي جميعا فان العبد يعجز عن اسباب اعمال الطاعات وعن الاسباب التي تبعده عن المعاصي تحول بينه وبينها فيقع في المعاصي ولابد ثم ارشد النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك الى ما ينبغي عند فوات المحبوب او وقوع المكروه. قال عليك بالجد والاستعانة بالله ولا تتردد ولا تتأخر كن مقداما صاحب عزيمة قوية ثابتة فان فاتك شيء من المطالب او وقع لك شيء من المكاره وان اصابك شيء يعني في امر دينك او دنياك فلا تقل لو اني فعلت كذا او لو اني فعلت كان كذا وكذا لو اني فعلت كذا وكذا لكان كذا وكذا. اينما اصابني ذلك فهذا القول غير سديد ولا رشيد وهو ايضا غير غير مفيد لا ينفع الانسان ولا يرد عليه هذا الفائت والله عز وجل يقول قل لن يصيبنا الا ما كتب الله لنا والنبي صلى الله عليه وسلم يقول واعلم ان ما اصابك لم يكن ليخطأك وما اخطأك لم يكن ليصيبك وقال الله تبارك وتعالى لكي لا تحزنوا على ما فاتكم فهذه امور قدرها الله تبارك وتعالى ولا داعي لاجترار الغم والحزن والالم بتحريكه بمثل هذه الكلمات والجمل التي لا يحصل منها على مطلوب ولا يعود عليه مفقود يقول ولكن قل يعني بلسان المقال او بلسان الحال قدر الله ويصح ان يضبط هكذا بالتشديد قدر الله وما شاء فعل. يعني ان الله قدر هذا الامر ووقع بمقتضى قضاء قضائه وقدره وما شاء الله تبارك وتعالى كان وما لم يشأ لم يكن اذا لو هذه لا فائدة فيها قال فان لو تفتح عمل الشيطان تفتح عمل الشيطان هذه على مراتب لو انه قالها معتقدا لمعناها يعني لو انه اعتقد ان تدبيره اللاحق الذي استدركه واستبانه يدفع عنه ما قدر وما كان فان هذا يقدح في الاعتقاد ويفضي الى التكذيب بالقدر ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن مهما كان التدبير قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل الى مضاجعهم هؤلاء الذين قالوا لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا لو اطاعونا ما قتلوا فرد الله تبارك وتعالى عليهم بمثل هذا فهذا الموت لا بد ان يقع وفي نفس الساعة ومن ثم على العبد ان يرضى بقضاء الله تبارك وتعالى ولا داعي لمثل هذه الاماني الفارغة فان لو هذه تفيد التمني كما هو معلوم فان لو تفتح عمل الشيطان اعتقاد ان الامر منوط بتدبير العبد وهذه اسوأ صور هذا الاستعمال او ما يترتب عليه من الحكم يعني كانه يعتقد ان تدبيره هو الذي يؤثر في ما يقع وما يكون بينما ما قضاه الله عز وجل هو الذي يكون ويقع البخاري رحمه الله ذكر بابا في الصحيح باب ما يجوز من اللوء فلو كما قلت على مراتب بالاستعمال فمن ذلك ما جاء في الحديث لولا يقول النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها لولا حدثان عهد قومك بالكفر لاتممت البيت على قواعد ابراهيم وقال ولو كنت راجما بغير بينة لرجمت هذه وقال ولولا ان اشق على امتي لامرتهم بالسواك وشبه ذلك. القاضي عياض يقول هذا كله في المستقبل يعني ليس ذلك مما جاء النهي عنه وانما هذه امور مستقبلية. يقول لولا كذا لفعلت كذا في المستقبل مما لم يفعله اصلا فهو لا يتحسر على امر مضى ولكنه يذكر شيئا في المستقبل فهذا لا اعتراض فيه على القدر ولا كراهة فيه يعني لولا المانع الفلاني لفعلت كذا لولا كذا لسافرت معك لولا كذا لا فعلت كذا في المستقبل فهذا لا اشكال فيه بخلاف ما فات هذا لا يمكن استدراكه ولا يدخل تحت قدرته النبي صلى الله عليه وسلم ذكر نتيجة هذا الاخير قال فان لو تفتح عمل الشيطان فيلقي في القلب الخواطر السيئة ويفتح الانسان نافذة سيئة ل الوساوس وما الى ذلك مما يجلب له الحزن ويجدده في قلبه وما يحصل من معارضة القدر لكن هذا الذي ذكره القاضي عياض رحمه الله في توجيه ما ذكره البخاري رحمه الله فيما في باب ما جاء في لو من الاحاديث التي قال النبي صلى الله عليه وسلم لولا كذا لكان كذا. ذكر النووي رحمه الله ما يستدرك على هذا وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم لو استقبلت من امري ما استدبرت لما سقت الهدي ولجعلتها عمرة هنا لامر لامر مضى وليس ذلك للمستقبل يقول النووي فالظاهر ان النهي انما هو عن اطلاق ذلك فيما لا فائدة فيه فيكون نهي تنزيه لا تحريم فاما من قاله تأسفا على ما فات من طاعة الله تعالى او ما هو متعذر عليه من ذلك ونحو هذا فلا بأس به وعليه يحمل اكثر الاستعمال الموجود يعني هو يقول النبي صلى الله عليه وسلم هنا يبين التشريع هو مشرع للامة. يقول لهم ما الذي منعه من التمتع انما هو سوق الهدي وليس ذلك مما يفتح عمل الشيطان. ولهذا ذكر الحافظ ابن القيم رحمه الله في كتابه زاد المعاد بان النهي عن قول القائل بعد فوات الامر لو اني فعلت كذا وكذا قال ان لو تفتح من الشيطان قال وارشده الى ما هو انفع له من هذه الكلمة ان يقول قدر الله وما شاء فعل. يقول ابن القيم وذلك لان قوله لو كنت فعلت كذا وكذا لم يفتني ما فاتني او لم اقع فيما وقعت فيه كلام لا يجدي عليه فائدة البتة فانه غير مستقبل لما استدبر من امره. وغير مستقيل عثرته بلو وفي ضمن لو ادعاء ان الامر لو كان كما قدره في نفسه لكان غير ما قضاه الله وقدره وشاءه. يعني ابن القيم يذكر مثل ما ذكر النووي رحمه الله يقول فانما وقع مما يتمنى خلافه انما وقع بقضاء الله وقدره ومشيئته. فاذا قال لو اني فعلت كذا لكان خلاف ما وقع فهو محال اذ خلاف المقدر المقضي محال فقد تضمن كلامه كذبا وجهلا ومحالا. وان سلم من التكذيب بالقدر لم يسلم من معارضته بقوله لو اني فعلت كذا لدفعت ما قدر الله علي والمقصود ان النبي صلى الله عليه وسلم امر من اصابته مصيبة ان ينظر الى القدر ولا يتحسر على الماضي بل يعلم ان ما اصابه لم يكن ليخطئه وانما اخطأه لم يكن ليصيبه فالنظر الى القدر عند المصائب والاستغفار عند المعائب هكذا ينبغي ان يكون المؤمن على كل حال الله تبارك وتعالى يقول ما اصاب من مصيبة الا باذن الله. ومن يؤمن بالله يهدي قلبه جاء عن علقمة يهدي قلبه يعني يعلم انها من عند الله فيرضى يرضى ويسلم يرضى ويسلم قد ذكر نحو هذا شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله. اذا فان لو تفتح عمل الشيطان المقصود به التأسف على امور باتت لا يمكن تداركها مما لا طائل ولا نفع فيه. فيبقى الانسان في حسرات بحسرات لو ان فلان ما سافر مع فلان كان ما وقع له المكروه لو اني ما فعلت كذا قال ما خسرت في تجارتي لو اني ما ساهمت في المكان الفلاني كان بقيت اموالي لو اني ما اشتريت هذه السيارة لكان هذا الحادث لم يقع او نحو ذلك من الامور التي لا فائدة فيها فيعرظ عنها الانسان ويقول قدر الله وما شاء فعل ويقطع الطريق على عدوه ابليس والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه كان عندكم سؤال نعم لا اله الا الله الا بالله سلامة الله