ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته ايها الاحبة بهذه الليلة بعد الفراغ من الكلام على التلبية التي يعلن بها الملبي اجابته لربه تبارك وتعالى اجابة بعد اجابة وانه موحد له بطاعته وعبادته واستجابته وان الحمد والنعمة والملك كل ذلك لله رب العالمين لا شريك له بهذه الليلة ايها الاحبة نتحدث عن التكبير اذا اتى الحجر الاسود بعض اهل العلم كالحافظ ابن القيم يرون ان التلبية تنقطع حينما يشرع بالطواف. اذا استلم الحجر اذا ابتدأ بالطواف كبر في اوله يقول الله اكبر فانظر بعد هذه التلبية التي تضمنت هذه المعاني العظيمة يبدأ طوافه بقوله الله اكبر اكبر من كل شيء اكبر من هذه النفس التي تتطلع الى شيء من العلو والرفعة والشرف والريادة والشهرة ان يعرف انه حاج ان يعرف انه يتعبد اي يعرف انه يبذل الاموال في هذا السبيل الله اكبر من هذه النفس. الله اكبر من كل شيء. فهنا لا مجال لتعظيم احد من المخلوقين. او لشيء من الخلق من امور الدنيا ونحو ذلك. ابن عمر رضي الله عنهما كان يطوف بالبيت فجاءه عروة ابن الزبير وهو من خيار تابعين فخطب ابنته فلم يرد عليه كأنه ما كلمه كأنه ما سمع فقال عروة في نفسه لو كان يريد فيقولون لا اله الا الله والله اكبر فيسقط احد جانبيها ثم يقولون لا اله الا الله والله اكبر فيسقط جانبها الاخر ثم يقولون لا اله الا الله والله اكبر فيفرج لهم فيدخلونها فيغنمون تزويجي؟ لا اجاب فلن اراجعه بعد ذلك يقول لن اعيد عليه الطلب ثانية فلما رجع الى المدينة اتى المسجد كما هي السنة للمسافر ان يقصد المسجد اولا ويصلي ركعتين. فوجد ابن عمر رضي الله عنهما قد سبقه الى المسجد. فلقيه وسلم عليه فذكر له ابن عمر رضي الله عنهما ما طلب. ابن عمر ابتدأه وفاتحه وقال ذكرت فلانة وذكره انه كان يجد وقتا وحالا غير هذا الوقت وغير تلك الحال التي يطوفون بها البيت وهم يتخايلون النظر الى الله تبارك وتعالى يراقبونه يطوفون ببيته فهذا مقام لا يذكر فيه شيء من بامر الدنيا ما اجاب ما قال انتظر بعد الطواف انتظر في الرجوع نلتقي في المسكن نلتقي في الخيام نلتقي في المدينة ما اجاب معنى الموضوع له اهمية. ومن يفرط في مثل عروة ابن الزبير؟ رضي الله ورحم الجميع. ذكر له ذلك في المدينة وذكره بهذا المعنى ان هذا المقام مقام الطواف لا يصلح ان يذكر فيه شيء سوى الله تبارك وتعالى. انظروا ايها الاحبة زوجه اياها لكن ما كان ليجيبه بذلك المقام اين هذا من حالنا؟ نتلفت نكلم بالهاتف نتحدث مع من معنا نشتغل احيانا برسائل نرسلها او نستقبلها فكل ما تحرك صوت في الهاتف بادرنا الى استخراجه قطعنا الذكر والاشتغال بما يجب الاشتغال به في هذا المقام. فاصبحنا ننظر هذه الرسالة التي جاءت ولربما بعضنا يرسل للاخرين قرين يخبرهم انه في الشوط السابع او السادس وانه يدعو لهم هذه حقائق موجودة. وانا اطوف الان وانا ادعو لكم جميعا اين اخفاء العمل اين الاخبات اين هذه العبادة التي ينبغي ان نحققها في انفسنا ان العبد اذا طاف لا يقع في قلبه سوى تعظيم المعبود جل جلاله. دعا المتابعين ودعا المغردين ودع الجماهير هذا مقام تعظيم الله عز وجل فمن لم يعظم ربه حق التعظيم في مثل هذه المقامات فمتى سيعظم؟ متى؟ تحت بيته في عبادة هي ركن من اركان الاسلام. فهنا لا حاجة للاشتغال بشيء اخر. الله اكبر اكبر من كل شيء. وهنا تتبدد الاوهام. وتتلاشى الظنون والمخاوف فلا يبقى الا الخوف من الله. لا يبقى الا مراقبته. لا يبقى الا تعظيمه. لا يبقى الا محبته هذا الذي قد تعلق قلبه بمال او بامرأة او بغير ذلك مما تتعلق به القلوب الفارغة من محبة الله وتعظيمه واجلاله هنا اذا قال الله اكبر اكبر من ذلك كله هذا الذي يكبر الله تبارك وتعالى في هذا المقام هل يمكن ان يهم بمعصية هل يمكن ان يصدر منه جريمة وهو يطوف؟ هل يمكن ان ينظر الى حرام هل يمكن ان يزاحم امرأة بريبة وهو يقول الله اكبر ان لم يكن لهذه الكلمة ايها الاحبة موقع في هذا الطواف وعند بيت الله تبارك وتعالى فمتى ستؤثر؟ ولذلك اقول ايها الاحبة نحن بحاجة الى استشعار ما نردده وما نقوله وما نتلفظ به. طاف النبي صلى الله عليه وسلم بالبيت على بعير كلما اتى الركن اشار اليه بشيء عنده وكبر. الركن يقبل فان لم يمكن يستلمه بيده فان لم يمكن فبشيء معه فان لم يمكن اشار اليه بيده وكبر كلما حاذ الركن كبر هذا التكبير يقال في الطواف في كل شوط ويقال ايضا على الصفا والمروة يقال عند رمي الجمار يكبر عند كل حصاة في ايام التشريق فهنا بكل هذه المقامات الله اكبر. فهذه مقامات لا يذكر فيها كبير. سوى الله تبارك وتعالى. فاذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم اباءكم او اشد ذكرا. فهناك لا يذكر سوى المعبود جل جلاله وتقدست اسماءه هذه الكلمة الله اكبر هي رأس بالذكر لها وقع عظيم في النفوس لو ان النفوس تستشعر ذلك لو كانت القلوب حية لما امر النبي صلى الله عليه وسلم بالانذار اول ما نزل عليه الرسالة لما ارسل صلى الله عليه وسلم نبئ باقرأ وارسل بالمدثر يا ايها المدثر قم فانذر وربك فكبر الانذار الدعوة الى الله تبارك وتعالى لتكبيره الطواف بالبيت السعي بين الصفا والمروة الذهاب الى عرفة ومزدلفة ومنى كل هذه المقامات لتكبير الله لاقامة ذكره لتعظيمه جل جلاله وتقدست اسماؤه وهكذا يكبر في وجه العدو فتتهافت قوى الاعداء وتخور عزائمهم ويتقهقرون والنبي صلى الله عليه وسلم اخبر عن مدينة نصفها في البر ونصفها في البحر تفتح من غير قتال انما هو بالتكبير. من غير رمي بسهم ولا قتال بسلاح والحديث مخرج في صحيح مسلم. تكبير له شأن عظيم كبر في مثل هذه الايام ايام العشر نكبر في ايام التشريق اين اثر التكبير على نفوسنا؟ مع غفلة عظيمة في مثل هذه الايام وتقصير نسأل الله عز وجل ان يعفو عنا جميعا. فاذا كان بين الركنين الركن اليماني والحجر الاسود فهناك يقول ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار. ربنا اتنا يرددها في كل شوط بين الركنين في هذا المقام العظيم الجليل. هذه الاية ذكرها الله عز وجل بعدما نعى على اولئك الذين ليس لهم هم ولا مطلوب الا الدنيا. فمن الناس من يقول ربنا اتنا في الدنيا وما له في الاخرة من خلاق. ليس له نصيب عند الله في الاخرة فهو يطلب الدنيا وذلك يدل على قلة ايمانه وضعف يقينه او تلاشيه فصار نظره لا يجاوز انفه. ومطلوبه لا يجاوز هذه الفانية هذا الحطام الذي سرعان ما يتلاشى. ربنا اتنا في الدنيا ليس لكثرة حسنات عنده في الاخرة وذخائر وانما هو هنالك من المفاليس وماله في الاخرة من خلاق. اليس له نصيب عند الله تبارك وتعالى. هذا اذا كان في دعائه فكيف بمن يعمل الاعمال الصالحات وهو يرجي عملا من الدنيا فقط. كما ذكرنا من قبل الذي يصوم ليصح تعبيد النفوس للجسد هذا الذي يصلي من اجل ما قيل له من فوائد الصلاة البدنية فوائده الصحية وهكذا ايضا في سائر اعماله يزكي لينمو المال. يصل الرحم لينسأ له في اثره فهذا يريد الدنيا. فاذا كانت جميع الاعمال من هذا القبيل فقد يدخل هذا في قوله تبارك وتعالى من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوفي اليهم اعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون. اولئك الذين ليس لهم في الاخرة الا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون. وفي قوله من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد. ثم جعلنا له جهنم يصلاها مذموما مدحورا. ومن اراد الاخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فاولئك كان سعيهم مشكورا اذا اذا كان الانسان ليس له من المطالب الا المطالب العاجلة القريبة في الدنيا فهذا قد خسر وخسرانا عظيما وصارت صفقته خاسرة وهو مغبون بلا شك الطائفة الاخرى ومنهم من يقول ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار فهذا هو الكمال الذي اثنى الله تبارك وتعالى به على هؤلاء من اهل الايمان اتنا في الدنيا ربنا هذا اكثر الدعاء في القرآن. ودعاء الانبياء ربنا لان العطاء والمنع الرزق كل ذلك من معاني الربوبية. ربنا اتنا في الدنيا حسنة فهذه الحسنة التي في الدنيا من اهل العلم من فسرها بالعافية في الدنيا كما فسر الحسنة التي تكون في الاخرة بالعافية التي تكون في الاخرة باعتبار ان الانسان اذا حصلت له العافية فقد حصل له خير عظيم. العافية لا يعد لها شيء. فاذا عوفي في الدنيا سلم من الفتن بانواعها والشرور والافات واذا عفي في الاخرة سلم من عذاب النار وسلم من الكربات والشدائد والاهوال والاوجال التي تقع في ذلك الحين. ومن اهل العلم من قال بان العافية في الدنيا لاحظوا هي العلم والعبادة. هذا قال به بعض السلف كنا في الدنيا ومنهم من يقول ربنا اتنا في الدنيا حسنة العلم والعبادة. نوفق في الدنيا للطاعة والاشتغال بما ينفع والعبادة ما تصلح بلا علم لابد من معرفة الطريق. الموصل الى الله والصراط المستقيم الذي قد رسمه من اجل سلوك عباده لهذا الصراط اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة قالوا هي الجنة. هي الحسنة الحقيقية هذا اعظم ما يكون ليس بعد ذلك حسنة ابن جرير رحمه الله جمع هذه المعاني. باعتبار ان الله اطلق ذلك. اتنا في الدنيا حسنة. فالحسنة تصدق على العافية العافية في الجسم في المعاش في الرزق العافية في الدين العلم العبادة كل هذا من العافية واما في الاخرة يقول ابن جرير فلا شك انها الجنة. لان من لم ينلها يومئذ فقد حرم جميع الحسنات. وفارق جميع معاني العافية وهذا صحيح. وما قيل من التفاصيل في هذا يرجع اليه والله تعالى اعلم. اذ ان العافية في الاخرة من قال بان ذلك بالنظر الحسنة في الاخرة. من قال بانه الرضا رضا الله النظر الى وجهه الكريم فهذا كله داخل في النعيم الذي يعطاه اهل الجنة. وقد جاء عن القاسم ابن عبد الرحمن رحمه الله انه قال من اعطي قلبا شاكرا ولسانا ذاكرا وجسدا صابرا لاحظ ما قال اعطي جسدا سليما من الامراض قال وجسدا صابرا فقد اوتي في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة ووقي عذاب النار. لكن قول من قال بانها العافية في الدنيا والاخرة يجمع هذه الاقوال. فاذا عوفي الانسان في الاخرة دخل الجنة. اذا عوفي في الدنيا سلم من الفتن شرور والافات والعلل فحصل له مطلوبه من الرزق الاعمال الصالحات وما الى ذلك وبهذا نعلم ان هذا الدعاء اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار من اجمع الادعية. يجمع له خيري الدنيا والاخرة فهو من اكملها ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول ذلك بين الركنين والله تعالى اعلم اكتفي بهذا القدر هذه الليلة واسأل الله تبارك وتعالى ان ينفعنا واياكم بما سمعنا