الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله اما بعد هذا باب ما يقول الصائم اذا سابه احد واورد فيه المؤلف حديثا واحدا وهو ما جاء عن ابي هريرة رضي الله تعالى عنه ان النبي صلى الله عليه واله وسلم قال الصيام جنة فلا يرفث ولا يجهل وان امرؤ قاتله او شاتمه فليقل اني صائم مرتين وايضا جاء في حديث ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال قال الله كل عمل ابن ادم له الا الصيام فانه لي وانا اجزي به. والصيام جنة واذا كان يوم صوم احدكم فلا يرفث ولا يصخب فان سابه احد او قاتله فليقل اني امرؤ صائم. هذا الحديث مخرج في الصحيحين وقوله صلى الله عليه واله وسلم الصيام جنة الجنة يا ما اجلك وسترك ومن ذلك يقال للترس ونحوه جنة لان حامله يستتر به ويجتن من ضرب السلاح فاصل هذه المادة تدل على الستر في كل تصرفاتها. ولهذا يقال الجن لاستتارهم عن العيون ويقال ايضا الجنين لاستتاره في البطن ويقال ايضا للجنة لكثرة اشجارها فهي تستر من بداخلها وهكذا فكل ما يجنك اي يسترك ويقيك. مما تخاف هنا فهو داخل فيه على قول بعض اهل العلم بمعنى انه يستر او انه يحفظ صاحبه من الوقوع في المعاصي والفواحش والموبقات وذلك ان البطن اذا جاع شبعت الجوارح فلا تتطلع الى مواقعة المعاصي والذنوب والقبائح وقد ذكر بعض اهل العلم كالقرطبي في المفهم ان المراد انه يستره بحسب مشروعيته الصوم جنة فينبغي للصائم ان يصونه مما يفسده وينقص ثوابه ويحتمل ان يراد انه ستره بحسب فائدته واثره. وهو ما يتعلق باضعاف الشهوات الصوم جنة يعني له هذا الاثر ولهذا اشار اليه او كأنه يشير الى ذلك بقوله بعده يدع شهوته الى اخره فهذا يمكن ان يفسر به المراد بالجنة ويحتمل انه اراد انه يستره بحسب ما يحصل من الثواب وتضعيف الحسنات الصوم جنة اما انه يجنه بنفسه شرع ليكون جنة او انه يجنه باعتبار الاثر فيحفظه من مواقعة ما لا يليق او انه يكون جنة باعتبار ما يحصل من الثواب وتضعيف الحسنات هذه ثلاثة احتمالات ذكرها اهل العلم في تفسير هذه الجملة. وقد ذهب بعضهم الى بعض هذه المعاني كما قال القاضي عياض رحمه الله ان المراد انه يستره من الاثام او من النار ويحتمل ان ذلك جميعا يكون مرادا بهذا الحديث يستره من الاثام يستره من اثرها وما يحصل من جراء هذه الاثام من العقوبة فهو يستره من النار ويكون ذلك جميعا داخلا في المعنى واختار الاخير الامام النووي رحمه الله وقد ذكر القاضي ابو بكر ابن العربي رحمه الله انه انما كان الصوم جنة من النار هذا بالاعتبار التفسير بهذا المعنى جنة من النار قال لانه امساك عن الشهوات والنار محفوفة بالشهوات فاذا كف نفسه عن الشهوات في الدنيا كان ذلك ساترا له من النار في الاخرة. ففسره بهذه الطريق من الملازمة فالكف عن الشهوات في الدنيا يكف وجهه عن النار يوم القيامة. فالصوم جنة يبعده عن مواقعة الاثام فيكون ذلك سببا لمباعدته عن النار وقال بعضهم كولي الله الدهلوي باعتبار انه جنة باعتبار انه يقي شر الشيطان والنفس الامارة بالسوء يحفظ الانسان من تأثيرهما فيخالف الانسان هواه ويخالف الشيطان فيكون بذلك قد سلم فالصوم جنة. يقوى به على نفسه الامارة ويقوى به على شيطانه فيغلب النفس والهوى والشيطان. فعلى كل حال النبي صلى الله عليه وسلم اطلق قال الصوم جنة وحذف المقتضى يعني المقدر هنا ما قال جنة من النار. جنة من الاثام جنة من النفس الامارة بالسوء والشيطان والهوى والاصل حمل المقتضى على اعم معانيه الصوم جنة لا شك انه يحفظ الانسان من مواقعة الاثام والموبقات لانه كما سبق اذا جاع البطن شبعت الجوارح فتنكف تنكسر نفسه ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج. ومن لم يستطع فعليه بالصوم فانه له وجاء فهو جنة بهذا الاعتبار يكفه يحجزه عن مواقعة هذه الاثام وذلك ما تدعو اليه النفس الامارة بالسوء والشيطان ما هي قظايا متلازمة فهو جنة له من ذلك من طاعة الهوى والنفس والشيطان وما يعقب ذلك من العذاب والنار فيكون ذلك حفظا له وحرزا من النار. فيكون الصوم جنة من النار ومن مقارفة ما لا يليق ومن طاعة ايضا ما لا ينبغي طاعته من النفس والهوى والشيطان. ثم نهاه النبي صلى الله عليه وسلم نهى الصائم قال فلا يرفث ولا ولا يجهل فلا يرفث الرفث يقال للجماع وهو احد اطلاقاته ويقال لمقدمات الجماع والله عز وجل يقول فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال ولا جدال تالف الحج ففسر الرفث بالجماع ومقدمات الجماع وما يقال من ذلك بحضرة النساء فيكون ذلك من قبيل الرفث كما يطلق ايضا على معنى اعم من هذا يطلق على الفحش وذهب كثير من اهل العلم الى ان المراد به في هذا الحديث فلا يرفث يعني الفحش ورديء الكلام قبيح الكلام فهذا كله داخل فيه فلا يتكلم بما لا يليق وقد فسره الحافظ ابن عبد البر رحمه الله بالكلام القبيح والشتم والخنى والغيبة والجفاء قال وان تغضب صاحبك بما يسوؤه والمراء ونحو ذلك كله. حمل على معنى واسع. يعني مواقعة ما لا يجمل ولا يليق من الفحش والسباب والشتاء والشتائم وكذلك الجدال والخصومات وما لا يجدي طائلا على اصحابه وكذلك ايضا فسره القرطبي في المفهم بنحو من هذا وذكر ان ذلك لا يفهم منه يعني باعمال مفهوم المخالفة ان غير الصائم يباح له مثل هذه الامور فان النبي صلى الله عليه وسلم ذكر ذلك مقيدا بالصوم اذا كان يوم صوم احدكم فلا يرفث. طيب ان لم يكن يوم صوم؟ فهل له ان يفعل هذه الاشياء هل يرخص له بمقارفة هذه المدنسات؟ الجواب لا ولكن ذلك يتأكد مع مع الصوم. ولا معنى للصوم اذا كان الانسان يكف عن الطعام والشراب ويكف ويطلق لسانه بالقبيح من القول ويطلق بصره بالنظر الى الحرام ويطلق جوارحه بمعافسة المنكرات بانواعها. لكن على كل حال هذا يحرم على المسلم ويتأكد ذلك في الصوم فان الاثام تعظم بحسب متعلقاتها كما ذكرنا في مناسبات مختلفة قال ولا يجهل ولا يجهل فسره ابن عبد البر رحمه الله بنحو مما سبق ايضا الشتم السباب القبائح ان هذا هو الجهل وفسر بما هو اعم من ذلك كما قال القرطبي رحمه الله العمل على خلاف ما يقتضيه العلم. فهنا بهذا التفسير ربطه بمعنى يتصل باصله. الجهل يقابل العلم فالعمل على خلاف مقتضى العلم او الذي يوقع الانسان بانواع من السفه والهبوط بكلامه وتصرفاته وتعامله ونحو ذلك. ولهذا قالوا اي لا يفعل شيئا من فعل اهل الجهل قالوا كالصياح رفع الصوت يصرخ نعم والسفه والسخرية وما الى ذلك من فعل من افعال السفهاء وجاء في بعض الروايات بزيادة الجدل ولا يجادل وهذا كله على كل حال لكن شيخ الاسلام رحمه الله فسر الجهل هنا بالكلام الباطل كل كلام باطل فهو من الجهل وهذا ظاهر ذكر البيت المشهور الا لا يجهلن احد علينا فنجهل فوق جهل الجاهلين فالجهل يقال بمعنى العدوان العدوان باللسان العدوان بالجوارح قال ومن هنا سميت الجاهلية جاهلية وهي متضمنة لعدم العلم او لعدم العمل به ويصدر منه تصرفات في الفعل او تصرفات بالقول على خلاف مقتضى العلم. فان العلم يحجزه الى العلم الصحيح النافع. عن مقارفة ما لا يليق. هذا العلم الذي العلم الذي ينفع وعلى كل حال الجهل قال النووي رحمه الله بانه قريب من الرفث وهو خلاف الحكمة. لان النووي فسر الرفث بالسخف وفاحش الكلام. فقال الجهل قريب منه وهو خلاف الحكمة خلاف الصواب من القول والفعل ثم عقب ذلك بالفاء فان سابه احد لما نهاه عن ان يجهل ونحو ذلك فان استفز ماذا يفعل ان حصل عليه عدوان فهل يقابل ذلك؟ بالمثل هو لا يبتدئ غيره لكن ان ابتدأه احد فان سابه احد وفي رواية في الصحيحين شاتمه فان شاتمه احد. يعني خاصمه باللسان واسمعه ما لا يليق او قتله فسر بمعنى المقاتلة بمعنى المنازعة والمدافعة كما قال القاضي عياض وهذا قريب من معنى المشاتمة والملاعنة فقد جاء القتل بمعنى اللعن. وقد فسر بذلك ايضا قوله تبارك وتعالى قتل الانسان ما اكفره. قيل بمعنى اللعن قيل بمعنى اللعن ونحو ذلك وقد لا يقصد به حقيقة المعنى وان كان هذا هو المعنى عند العرب مثل ما يقولون قاتله الله ما اشجعه. للتعجب والا فهذا وكذلك حينما يقال تربت يداه فهم لا يقصدون الدعاء عليه. لاحظوا ان هذه المادة في بنائها قاتله الاصل في المفاعلة المقاتلة والمضاربة والمكالمة والمجادلة والمخاصمة والمقاولة ونحو ذلك انها تكون بين طرفين فاكثر لا تكون من طرف واحد هذا الاصل ولكنه يأتي على خلاف الاصل في مواضع غير قليلة وقد اشرت الى هذا في بعض المناسبات ومن هنا فان اهل العلم نظروا الى هذا الاستعمال هذه اللفظة شاتمه قاتله بين طرفين فاكثر هو صائم هو ممنوع من هذا اصلا فكيف تقع المشاتمة بين طرفين بين الصائم وبين الصائم او بين صائم وسفيه وهذه المشاتمة والمخاصمة تكون من الطرفين فتصدر من هذا وتصدر من هذا فكيف يصدر منه وقد منع من ذلك باعتبار اصل اللفظة شاتمه الشتم يحصل من الطرفين فهذا ذكر له بعض اهل العلم توجيهات فمن ذلك ما ذكره ابو الوليد الباجي ذكر ثلاثة توجيهات لهذا المعنى الاول انه يحتمل انه يريد ان اراد ان يشاتمه او يقاتله فليمتنع من ذلك وليقل اني صائم. هذا تأويل يعني الطرف الاخر اعتدى على هذا الصائم بكلام لا يليق وسب وشتم او دافعه او نحو ذلك. هذا الطرف صائم ممنوع من هذه التصرفات قال ان اراد ان تحركت نفسه للانتقام فليقل اني صائم فاعتبر هذا القصد والنية والارادة بمنزلة الفعل فصار طرفا في ذلك. لكن هذا لا يخلو من بعد التوجيه الثاني ان لفظ المفاعلة هذا قاتله خاصمه شاتمه هي في الاصل في تكون ما يكون بين طرفين فاكثر الا انها قد تستعمل في فعل الواحد وهذا الذي كنت اشير اليه في بعض المناسبات حينما يقال مثلا سافر فلان سافر فاعل. المسافرة تكون بين طرفين فاكثر وانما تقال من جهة واحدة من طرف واحد ولا يقصد بها ما يكون بين طرفين وهكذا ايضا يقال عالج الطبيب عالج المريض المعالجة تكون من طرف واحد تصدر من طرف واحد الذي هو الطبيب واما المريض فهو مستسلم فلا تكونوا لكن المعالجة في القتال تكون بين طرفين يعني الاقتتال وهكذا يقال عافاه الله. المعافاة تصدر من الله وليس المخلوق في ذلك قليل ولا كثير. عافاه الله بارك الله له بارك المباركة. البركة تصدر من الله فعبر بالمباركة باركه الله بارك له بارك فيه بارك عليه وذلك من طرف واحد. ومن ثم فان ما قد يقال ما نسمعه احيانا في المناقشات العلمية في رسائل الماجستير والدكتوراة ونحو ذلك يقال لا تقل ملاحظة بين الملاحظة تكون بين طرفين فاكثر قل ملحوظة ملحوظة يمكن ان يرد على هؤلاء بهذه الطريقة بان هذا الاصل في بناء هذه الكلمة وقد تأتي مرادا بها ما يكون من طرف واحد ومثل ما مثلت بهذه الامثلة وكنت ذكرت لربما في بعض المناسبات امثلة اخرى فلا اشكال في ذلك فهذا هذا الجواب جيد ولا اشكال فيه ان شاء الله. الجواب الثالث ان يكون المراد ان وجدت المشاتمة منهما جميعا حصل فليذكر الصائم نفسه بصومه ولا يستمر على المشاتمة والمقاتلة لكن هذا فيه بعد هذا فيه بعد وقد استبعده ايضا الحافظ ابن حجر رحمه الله وقد جاء في بعض الالفاظ فان شتمه يدل على ان ذلك صدر من طرف من طرف واحد وليس من طرفين فهذه تفسر هذه فان شتمه فان شتمه والنووي رحمه الله قال معناه شتمه متعرضا لمشاتمته شتمه متعرضا لمشاتمته. شتمه. اعتدى عليه فهو تسبب في استفزاز يؤدي الى المقابلة والمشاتمة. مقابلة ذلك بالمثل. قال هذا معنى شاتمه بان فعله هذا يستفز الطرف الاخر فيقابله وهو بالمثل هكذا فسره النووي وجميع ذلك يرجع الى ما ذكرت انهم نظروا الى اصل اللفظة المفاعلة فجاءت هذه العبارات سواء كانت ابتداء يذكرونها من غير ذكر الاشكال او كانوا يذكرون الاشكال ثم يجيبون عنه. فعلى كل حال هذا كله آآ مما يذكر في الجواب وقد لا يخلو بعضه من بعد والله تبارك وتعالى اعلم. فليقل اني امرؤ صائم. بقي هنا الكلام في المراد بذلك. هل يصرح ويعلن ويقول اني امرؤ صائم يخبر غيره انه صائم والصيام لا يطلع عليه الا الله تبارك وتعالى لا يطلع عليه المخلوق فهل يخبر غيره؟ ولذلك قالوا الصيام لا يدخله الرياء لان الناس لا يطلعون عليه بينه وبين الله عز وجل مع انه ذكرت في بعض المناسبات ان الرياء يتطرق اليه من جهة معينة وهو ان يظهر اثار الصوم او ان يظهر بعض ما يتعلق به كأن يظهر الفطر امام الناس قصدا ليعرف انه صائم يعني يفطر في مكان ليشاهده الناس يصوم التطوع مثلا او انه يظهر شيئا من الامارات التي تكون على الوجه او انه يتصنع الحضور في بعض المواقع والمناسبات ثم يمتنع عن طعام وشراب قد حضره من اجل ان يعرف انه صائم الاعمال بالنيات الاعمال بالنيات المقصود اذا كان له قصد فاسد في ذلك. لكن هنا في هذه المشاتمة هل يخبر هذا المشاتم انه صائم وذلك خلاف اخفاء العمل. اما اذا كان الصوم واجبا صوم رمضان فهذا لا اشكال فيه ولهذا الخلاف الذي وقع بين اهل العلم انما هو في صوم في صوم التطوع وليس في صوم الفرض. يعني هم بالنسبة لصوم الفرض ليس عندهم اشكال في انه يقول اني صائم لكن هذا الخلاف في اظهار العمل واخفاء العمل انما هو في صيام بصيام التطوع هكذا قال بعض اهل العلم. فالمقصود هل يعلن ذلك او انه يقوله لنفسه في نفسه لردها عن المقابلة بالمثل بالمشاتمة ونحو ذلك ذهب القرطبي رحمه الله صاحب المفهم الى ان الصائم يقول ذلك القول المأمور به للسب ليسمعه ليعلمه اعتصامه بالصوم فيكف عن سبه. ويقول له انا صائم ليكف عنه وايضا من جهة اخرى يقول له لم اترك ذلك عجزا ولكني لا اقابل بالمثل لاني صائم. عندي ما يحجزني عن المقابلة بالمثل ويحتمل ان يكون المراد انه يخاطب بذلك نفسه مذكرا لها لان لا يستفز فيصدر منه ما لا يليق مما يخدش صومه فيزجره ذلك عن السب والشتم ونحو ذلك الجمهور تكلموا على هذه المسألة على كل حال من جهة اثرها على الصوم لكن فيما يتعلق بالاعلان بالاعلان هل يقول ذلك له علانية او يقوله لنفسه النووي رحمه الله قال كل منهما حسن فانه يقوله له معلما لينكف ويقوله لنفسه ايضا يقوله لنفسه من اجل ان تنزجر. في جمع بين ذلك يجمع بين ذلك وبعضهم كما سبق يقول ان كان في رمضان قاله بلسانه. وان كان في غير رمضان قاله بنفسه. شيخ الاسلام رحمه الله ذكر في هذه المسألة ثلاثة اقوال في مذهب الامام احمد وغيره الاول انه يقول ذلك في نفسه فلا يرد عليه. القول الثاني انه يقوله بلسانه القول الثالث وهو ما سبق من التفريق بين صوم الفرض وصوم النفل. فالفرظ مشترك والذي يخاصمه قد يكون في الغالب ايضا من الصائمين واما النفل فانه يخاف عليه من الرياء. شيخ الاسلام يقول الصحيح انه يقوله بلسانه يقوله بلسانه من اي جهة رجح هذا؟ من جهة انه قال فليقل شيخ الاسلام يقول في الرد على من الاشاعرة وغيرهم ان الكلام والقول لا يكون الا لمجموع اللفظ والمعنى. واما الذي يكون في النفس فلا يقال له كلام ولا يقال له قول الا اذا قيد بالنفس. قلت في نفسي وكذلك الحديث يقول حدثت نفسي كلمت نفسي فلان يكلم نفسه فهذا بقيد اما اذا اطلق قل كذا فالاصل ان القول يكون لمجموع اللفظ والمعنى في لغة العرب بلغة العرب ولهذا فسر الكلام حتى يسمع كلام الله انه مجموع اللفظ والمعنى قال الله مجموع اللفظ والمعنى لا كما يقول الاشاعرة بان القول والكلام في كلام الله عز وجل هو اللفظ دون المعنى فهذا غير صحيح لا لغة لا في اللغة ولا في ولا في الشرع. فالقول المطلق لا يكون الا باللسان لكن اذا اريد به ما يكون في النفس فهذا لا بد فيه من قيد كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ان الله تجاوز لامتي عما حدثت به انفسها يكون مقيدا مثل ما يقال الانسان فهو مجموع الروح والجسد روح بلا جسد لا يقال انسان جسد بلا روح جثة لا يقال له انسان فالكلام المطلق انما هو الكلام المسموع هذا كلام شيخ الاسلام رحمه الله فاذا قال بلسانه اني صائم يكون قد بين عذره في امساكه عن الرد وكان ازجر لمن بدأه بالعدوان. لاحظ انه يكرر هذا مرتين اني صائم فيتأكد الانزجار. طائفة من اهل العلم كما سبق قالوا يقول واحدة لخصمه والثانية لنفسه ليزجرها ولا دليل على هذا لكن هذا للتأكيد على كل حال هذا هو الاقرب الله تعالى اعلم وباعتبار ما سبق اما قوله في الحديث هنا كل عمل ابن ادم له الحسنة بعشر امثالها هكذا. يعني الا الصوم فانه لي ان اهل العلم اختلفوا في تفسيره اختلافا كثيرا حتى اوصل بعض اهل العلم الاقوال فيه الى خمسين قولا في شرح قوله صلى الله عليه وسلم الا الصوم فانه لي وانا اجزي به. كل الاعمال لله عز وجل عبادات. فما معنى كون الصوم يكون لله دونها. فبعضهم قال من جهة الجزاء والثواب فانه الاعمال التي يعملها الانسان الحسنة بعشر امثالها قد علم ذلك ويرجع اليه اجره وثوابه. اما الصوم فيكون بغير حساب الا الصوم فانه لي وانا اجزي به المقصود تعظيم الثواب والاجر وبعضهم قال الا الصوم فانه لي. قالوا العبادات الاخرى يرجع اثرها الى العامل يرجع اثره فالناس يرونه اذا كان يصلي مع الجماعة تحصل له تزكية في ذلك وتقبل شهادته ونحو هذا من الاثار الناتجة عن ذلك الانسان يصلي في مسجد غير الذي لا يدخل المسجد قالوا ترجع اليه الاثار وهكذا في سائر الاعمال فانه تسقط عنه التبعة والمطالبة ونحو ذلك المرأة اذا تحجبت ذلك ادنى ان يعرفن فلا يؤذين تعرف انها حرة والحرة لا تخرج شيئا من جسدها. تتحجب الحجاب الكامل بخلاف من قل شرفها وانحطت مرتبتها وهي الامة فان هذه لا يكون حجابها كالحرة الحرة لا تتهتك بالحجاب. ذلك ادنى ان يعرفن يعني انهن حرائر لسن باماء. لانها متحجبة حجابا كاملا يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك ادنى ان يعرفن فلا يؤذين لا يتعرض لها الفساق وتمتد اليها العيون يظنون انها من الاماء فيجترئون عليها لقلة شرفها وانحطاط رتبتها المقصود ان هذا المعنى ذكره بعض اهل العلم ان اعمال الانسان يرجع اليه اثر منها اما الصوم فلا يطلع عليه الناس ومن ثم فهو لله. ولهذا قال بعضهم من جهة الاخلاص فانه لا يدخله الرياء هكذا قالوا الا الصوم فانه لي وانا اجزي به. وبعض اهل العلم ذكر معاني وتأويلات اخرى لقوله صلى الله عليه وسلم الا الصوم فانه وانا اجزي به. هذا والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد واله وصحبه حافظ ابن حجر رحمه الله ذكر نحو عشرة اوجه في تفسير قوله الا الصوم فانه لي وانا اجزي به. ذكر هذا في الفتح والله اعلم نعم السلام عليكم