الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله اما بعد فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته هذا باب من رأى مبتلى ورد فيه المؤلف حديثا واحدا وحديث ابي هريرة رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من رأى مبتلى فقال الحمدلله الذي عافاني مما ابتلاك به وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلا لم يصبه ذلك البلاء هذا الحديث اخرجه الترمذي وقال غريب من هذا الوجه وقال ابن عدي بعبدالله ابن عمر ابن حفص صدوق لا بأس به فقال الحافظ ابن حجر بالاسناد العمري وعبدالله ابن شبيب وهذا الحديث حسن اسناده جمع من اهل العلم كالهيثم وكذا السيوط في بعض كتبه وضعفه في بعضها الشيخ ناصر الدين الالباني رحمه الله صححه في بعضها وحسنه في بعض وقال في موضع اخر قوي بالطرق قوله من رأى مبتلى الابتلاء هنا من رأى مبتلى فهذا المبتلى لم يقيد الابتلاء بالدين او الابتلاء بالبدن او المال او الولد او نحو ذلك. من رأى مبتلى فيحتمل ان المقصود بذلك العموم يعني مبتلى في بدنه كأن يكون به داء او افة او اعاقة او نحو ذلك مما يتأذى به كالطول المفرط والقصر المفرط والبرص والجذام ولربما اثر حادث او نحو ذلك سبب له تشويها او اثر حرق وقد يكون ذلك فيما يتصل بالدين الظلم والفجور والفسق او البدعة او الكفر فهذا كله ابتلاء بل هو اشد ما يكون ولذلك ندعو نسأل الله عز وجل ان لا يجعل مصيبتنا في ديننا فالانسان قد يكون مصابه في دينه وقد يكون مصابه في دنياه فقال الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به. لاحظوا هنا الصيغة جاءت بالخطاب ما يقول الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاه به وانما يقول الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به وقيد هنا بالرؤية. من رأى مبتلى طيب اذا سمع بمبتلى ذكر له خبر مبتلى هل يقول هذا؟ ظاهر الحديث ان ذلك انما يقوله من رأى مبتلى. لكن الواقع ان السماع يقوم مقام الرؤية فلو قيل انه اذا سمع به ايضا قال ذلك فهذا له وجه والله اعلم لكن لما كان الغالب ان ذلك مما يقع عليه البصر فيتأذى بمرآه الناظر قيد به والله تعالى اعلم او ان ذلك هو الغالب ان الانسان يرى مثل هذا فيقول الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به. جاء باسلوب الخطاب ومن هنا فان من اهل العلم من حمل الابتلاء المذكور في الحديث على الابتلاء في الدين وليس في البدن بعض اهل العلم قال هذا من اي وجه قالوا اذا كان الابتلاء في بدنه فهذا امر لا يد له فيه واذا قال ذلك مخاطبا له فانه مما يؤلمه ويكسر قلبه ويزيد في مصيبته كل ما رآه واحد قال الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به بدلا من ان يقول اصبر واحتسب وهذا رفعة لك في الدرجات واجر عند الله عز وجل فبعض اهل العلم كانهم نظروا الى هذا انه جاء باسلوب الخطاب قالوا لا يوجه الخطاب اليه لئلا يكون ذلك زيادة في بلائه وانما هو بحاجة الى المواساة والتسلية الا تشعره اصلا ان به بأسا اذا رأيت انسان في عاهة لربما في يده سلم عليك او لربما في وجهه او نحو ذلك تتخاطب معه وتتعامل معه كأنه ليس به شيء هذا هو الصحيح ما تقول ما هذا؟ ما بيدك ارني يدك او نحو ذلك فيؤذيه بل انه قد يتأذى بامعان النظر وتصويبه الى هذه العاهة حينما يلتفت الانسان الى هذه اليد وينظر اليها فان ذلك يتأذى به مثل هذا ولذلك يعني استشكل بعض اهل العلم ان يكون المراد بذلك الابتلاء في البدن وكذلك الابتلاء اذا كان قد ابتلي بماله او ولده او اهله او نحو ذلك هل يقول له الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به فقالوا هذا يكون في الدين ما لم يكن به ما لم يترتب عليه مفسدة اعظم قالوا هذا يكون في الفاسق المعلن. ولهذا قيده بعض اهل العلم بما يكون للزجر. يعني اذا قصد به الزجر رأى انسانا لا يبالي او نحو ذلك او مستهترا او مكابرا يقول له الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به يشعره بان ما حل به وما نزل انما هو بلاء يتبرأ منه اهل الايمان ويسألون الله العافية من ذلك هكذا قيده بعض اهل العلم. ان ذلك في الابتلاء في الدين. ولو قيل انه يحمل على العموم لكن اذا كان ذلك مما يكون في البدن ونحوه مما لا يدل الانسان فيه فان ذلك يقوله في نفسه لا يسمعه هذا ولكن يقول كما امره النبي صلى الله عليه وسلم لانه اطلق من رأى مبتلى فقال فهذه نكرة في سياق الشرط والنكرة في سياق الشرط او النهي او النفي او الاستفهام تكون للعموم من رأى مبتلى اي مبتلى لكن اذا كان ذلك ينفع معه ان كان الابتلاء في الدين لزجره يقول الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به والعافية حينما يسأل العبد ربه العافية الحمد لله الذي عافاني. يتذكر نعمة الله عليه ويحمده على ذلك العافية لا شك انها اوسع من البلاء مع ان هذا الانسان تكفر عنه سيئاته بهذا البلاء اذا صبر وكذلك على الارجح ترفع درجاته ترفع درجاته فمثل هذا العبد يسأل ربه العافية لانه قد يبتلى ولا يصبر فيحصل له من الجزع يفتن يكون ذلك محنة له فهذا العافية خير منه العافية خير منه يقول وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلا. يعني في الدين والدنيا والقلب والصورة الظاهرة قال الا لم يصبه ذلك البلاء. اي ما دام باقيا في الدنيا وان كان ذلك من جهة الجنايات او كان ذلك من جهة الادواء والعلل والاوصاب. والله تعالى اعلم يقع في هذا ما يقع للناس من المكاره رأى انسان في حال لا تسر رأى كراهة المنظر الحوادث التي تقع للناس. نسأل الله العافية للجميع. كل هذا يمكن ان يقول فيه الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاكم به ان كانوا جمعا وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلا. فهو يستشعر نعمة الله عليه على الدوام ومن ثم فانه لا يشمت باحد اما الواقع الذي صار الي حال كثير منا وهو انه اذا رأوا اصحاب البلاء فلا تسأل لا تسأل تجد التصوير هؤلاء في كرب في شدة في حادث الناس تتوقف لتصور ثم بعد ذلك السبق في النشر نشر هذه الصور عبر هذه الوسائل وهذا لا يجوز حرام. حرام سمعت احدهم سمعت احدهم يقول بانه قد انقلبت به سيارته في مجرى سيل يقول وانا احاول الخروج منها هو في عشر الستين يقول احاول ان اخرج منها يقول واذا بشاب يتوقف فظننت انه جاء ليسعف يقول انا رأسي يخرج من السيارة اريد الخروج اهم بالخروج يقول تسمح لي التقط صورة يعني وصل الامر الى هذا الحد. اما الشماتة فحدث ولا حرج الشماتة اذا فعل الانسان وقع في شيء من البلاء واوقع في معصية خذلته ذنوبه وقع في امور لا تليق لا تحسن لا تجمل صدر عن التصرفات او وجد في مكان ريبة او نحو ذلك. فهذا نسأل الله العافية يسير الركبان بتلك الاخبار ويتسابق المتسابقون لنشرها واذاعتها وهذا لا يجوز وانما المشروع ان يقول الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به وهذه للاسف اصبحت بلا عام يشترك فيه بعض من ينتسب الى دين او دعوة او علم او نحو ذلك الشماتة بالناس ونشر ما يسمى بالفظايح ومن مقاطع صوتية تقتطع من كلام المتكلمين او صور او اخبار قد لا تثبت كل هذا لا يصح ولا يجوز. الحديث الاخر يتعلق بباب بعده وهو ما يقال في المجلس باب ما يقال في المجلس. اذا كان الانسان جالسا بماذا يشتغل ذكر حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال كنا نعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المجلس الواحد مئة مرة من قبل ان يقوم رب اغفر لي وتب علي انك انت التواب الغفور هذا الحديث اخرجه ابو داوود والترمذي وابن ماجة وسكت عنه ابو داوود وقال الترمذي حسن صحيح غريب وقال البغوي حسن صحيح وصحح اسناده الشيخ احمد شاكر وكذلك ايضا الشيخ ناصر الدين الالباني مع انه في بعض المواضع ضعف اسناده. وقال الشيخ عبدالعزيز ابن باز رحمه الله اسناده صحيح يقول كنا نعد او قال كان تعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المجلس الواحد مائة مرة من قبل ان يقوم ربي اغفر لي وتب علي انك انت التواب الغفور ربي اغفر لي يعني عرفنا ان الغفر ينتظم معنيين الستر و الوقاية قال من شؤم الذنوب وتبعاتها والمؤاخذة العقوبة وتب علي ومضى الكلام ايضا على التوبة اللهم اجعلني من التوابين وعرفنا توبة العبد لربه تبارك وتعالى وتوبة الرب على عبده تب علي ارجع علي بالرحمة والقبول او وفقني للتوبة او اقبل توبتي كل ذلك يكون معنى وتب عليه بتوبة الله تبارك وتعالى على العبد ثم تاب عليهم ليتوبوا تاب عليهم ليتوبوا يوفق للتوبة يقبل التوبة ممن تاب انك انت التواب الغفور تواب صيغة مبالغة كثير التوبة على عباده كثرة العباد وكثرة الذنوب والله تبارك وتعالى افرح بتوبة اشد فرحا بتوبة العبد اذا تاب اليه من ذاك الذي اضل راحلته حتى ايس منها فاوى الى شجرة ونام تحتها ينتظر الموت فوجدها عند رأسه وعليها طعامه وشرابه فقال اللهم انت عبدي وانا ربك اخطأ من شدة الفرح الله يفرح بتوبة التائبين مهما كثرت ذنوبهم وتعاظمت التواب الغفور كثير الغفر الستر والوقاية من تبعات الذنوب على كثرة جنايات العباد وقد مضى الكلام على الغفر والاستغفار في مثل قوله صلى الله عليه وسلم استغفر الله واتوب اليه كان يقول ذلك مئة مرة وقد مضى الكلام على هذا. فكانوا يعدون للنبي صلى الله عليه وسلم ذلك في المجلس الواحد مائة مرة رب اغفر لي وتب علي انك انت التواب الغفور مع انه غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر فنحن كم مرة نقول هذا في المجالس الغفلة الغالبة والاشتغال بهذه الاجهزة لما تجد الانسان في عالم اخر تارة يضحك وتارة في حالة من الدهشة شغل الناس كثيرا وتجد الساعات الطوال تمضي على هذه الحال. ولو ان الناس بقوا في حال من الاستغفار والذكر ونحو ذلك فهذا هو الذي يحتاجون اليه وهو الذي يجدونه عند الله تبارك وتعالى هذا ما يتعلق بهذا الحديث هل لا احد ينبه هذا؟ يقول له تكلم هناك فالمقصود ان العبد بحاجة الى ان يراجع نفسه دائما وان ينظر في ذكره واستغفاره على كثرة تقصيره وجناياته وذنوبه والله تبارك وتعالى اخبر عن المنافقين انهم لا يذكرون الله الا الا قليلا السنتهم جافة من الذكر فضلا عن الاستغفار والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد واله وصحبه والسلام عليكم ورحمة الله