ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته ايها الاحبة في هذه الليلة ساتحدث ان شاء الله عن الاية الثانية والثالثة مما اورده المؤلف في فضل الذكر تحدثنا في الليلة الماضية عن قوله تبارك وتعالى فاذكروني اذكركم وفي هذه الليلة نتحدث عن قوله تبارك وتعالى يا ايها الذين امنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا وعن قوله تبارك وتعالى والذاكرين الله كثيرا والذاكرات. فالله جل جلاله في الاية الاولى لما امر بذكره قيد ذلك بالكثرة كما جاء ذلك في مواضع كما سبق الاشارة الى ذلك اذكروا الله ذكرا كثيرا وسبحوه بكرة واصيلا هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات الى النور وفي الاية الاخرى ابتدأها الله عز وجل بقوله ان المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيرا والذاكرات اعد الله لهم مغفرة واجرا عظيما فذكر هذه الاوصاف التي تنتظم مراتب اهل الايمان ثم عقب ذلك بقوله والذاكرين الله كثيرا والذاكرات ثم ذكر جزاءهم اعد الله لهم مغفرة واجرا عظيما سيأتي الحديث ان شاء الله تعالى عن قضايا تتعلق بهذه الاية وعن قضايا تتعلق بالاية التي قبلها لكن ابتدء هذا الحديث هذه الليلة بالكلام على الضابط والحج الذي يكون به العبد ذاكرا لله كثيرا. متى يكون العبد من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات. الله يقول يا ايها الذين امنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا واثنى على اهل الايمان وذكر مراتبهم ووعدهم بالاجر والمغفرة وذكر منهم والذاكرين الله كثيرا والذاكرات. فكيف يتحقق المؤمن من هذا الوصف؟ كيف يكون مطبقا له كيف يكون متصفا بهذه الصفة. متى يكون العبد ذاكرا لربه كثيرا؟ ما هو المقدار ما هو المعيار ما هو الحد الذي يصير به العبد كذلك جاء عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما انهم الذين يذكرون الله في ادبار الصلوات وغدوا وعشيا وفي المضاجع وكلما استيقظ من نومه وكلما غدا او راح من منزله ذكر الله تعالى. بمعنى انه يحافظ على الاذكار المشروعة. ادبار الصلوات اذكار الصباح والمساء اذكار النوم اذكار الاستيقاظ اذكار الخروج وما الى ذلك. هذه الاذكار التي تقال في اوقات في احوال وفي مناسبات فاذا حافظ على هذه الاذكار والاوراد المشروعة كان من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات هكذا قال قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وجاء عن مجاهد رحمه الله لا يكون العبد من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات حتى يذكر الله قائما وقاعدا ومضطجعا لان الله عز وجل قال فاذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم. وسيأتي الالمام بشيء مما يتصل بهذه الاية وان كان المؤلف حفظه الله لم يتطرق لا لم يذكرها فعلى كل حال هكذا قال مجاهد رحمه الله وذلك ايضا يرجع الى ما قاله ابن عباس. بمعنى انه يذكر الله اناء الليل واطراف النهار. يذكر الله في الاحوال المختلفة وجاء ايضا في حديث ابي سعيد الخدري رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اذا ايقظ الرجل اهله من الليل تصليا او صلى ركعتين جميعا كتبا من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات وهذا فضل من الله عز وجل كما جاء بان صلاة الضحى تعدل تلك الصدقات التي على كل مفصل فهنا اذا ايقظ اهله فصليا هنا فصليا او صلى ركعتين جميعا كتبا من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات. ابو عمرو ابن الصلاح رحمه الله لما سئل عن القدر الذي يصير به المؤمن من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات قال اذا واظب على الاذكار المأثورة. عن النبي صلى الله عليه وسلم صباحا ومساء وفي الاوقات والاحوال المختلفة ليلا ونهارا كان من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات وهذا ارجع الى قول ابن عباس رضي الله عنهما وجاء عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى يا ايها الذين امنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا انه قال ان الله تعالى لم يفرض على عباده فريضة الا جعل لها حدا معلوما ثم عذر اهلها في حال العذر غير الذكر فان الله تعالى لم يجعل له حدا ينتهي اليه ولم يعذر احدا في تركه الا مغلوبا على تركه فقال الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم بالليل والنهار وفي البر والبحر وفي السفر والحضر والغنى والفقر والسقم والصحة والسر والعلانية وعلى كل حال قال الله تعالى وسبحوه بكرة واصيلا فاذا فعلتم ذلك صلى عليكم هو وملائكته. هكذا قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما والنبي صلى الله عليه وسلم كان يذكر الله على كل احيانا كما في حديث عائشة رضي الله تعالى عنها وقد اخرجه الامام مسلم في صحيحه الشيخ تقي الدين شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله يقول اقل ذلك ان يلازم العبد الاذكار المأثورة عن معلم الخير وامام المتقين صلى الله عليه وسلم كالاذكار المؤقتة في اول النهار واخره وعند اخذ المضجع وعند الاستيقاظ من المنام وادبار الصلوات والاذكار المقيدة مثل ما يقال عند المأكل والمشرب واللباس والجماع ودخول المنزل والمسجد والخلاء والخروج من ذلك وعند المطر والرعد الى غير ذلك الى ان يقول ثم ملازمة الذكر مطلقا وافضله لا اله الا الله الى اخر ما قال من ان بعض الذكر قد يكون في بعض الاحوال مطلوبا فسبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر لا حول ولا قوة الا بالله فقد يكون ذلك في بعض المواضع مقدما على غيره هكذا قال شيخ الاسلام وهذا يرجع الى قول ابن عباس وكذا ما قاله ابن الصلاح وقول مجاهد ليس بخارج عن ذلك الشيخ عبد الرحمن ابن سعدي رحمه الله ايضا يقرر هذا المعنى ويقول اقل ذلك ان يلازم الانسان اوراد الصباح والمساء وادبار الصلوات الخمس وعند العوارض والاسباب خروج الدخول الى اخره حينما ينزل منزلا ونحو هذا. هذا ما يتعلق الضابط والمعيار الذي يكون العبد به ذاكرا لله تبارك وتعالى كثيرا بعد هذا انتقل الى مسألة اخرى وما يتعلق بهذه الايات بهذه الصفة التي ذكرها الله تبارك وتعالى والذاكرين الله كثيرا والذاكرات. اذا هم الذين يذكرونه تبارك وتعالى في جميع الاحوال ولاحظ في الاوصاف التي ذكرها الله عز وجل في سورة الاحزاب ان المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الى اخره مع ما سيأتي ومع ما مضى في الكلام على فضل الذكر في المقدمات او فوائد الذكر او منافع الذكر من ان الذكر افضل الاعمال فان ذلك حينما ينضاف الى اعمال شريفة ينضاف الى الصيام والصدقة ويكون العبد فيه من اهل الاسلام والايمان والقنوت. والمراد بالقنوت دوام الطاعة المداومة عليها وشيخ الاسلام رحمه الله له رسالة في القنوت قنوت الاشياء لله تبارك وتعالى. جمع استعمالات القنوت في القرآن والمواضع التي ورد فيها وخرج بنتيجة وهي ان القنوت يدور على هذا المعنى. دوام الطاعة اقنتي لربك القانتين والقانتات من يقنط منكن وهكذا فهنا اذا هؤلاء يذكرون الله عز وجل في كل الحالات. فهذا الخاشع هذا القانت هذا المتصدق هذا الصائم هذا المجاهد حينما اخبر النبي صلى الله عليه وسلم ان الذكر افضل من جميع الاعمال حتى الجهاد في سبيل الله تبارك وتعالى كل هذا حينما ينضاف الى هؤلاء العاملين الذكر بالقلب واللسان فان ذلك يجعل عملهم افضل الاعمال فاذا وجد من يصوم او من هو متصدق او خاشع او قانت او نحو ذلك مع كثرة الذكر فانه بلا شك افضل من ذاك الذي يذكر ربه تبارك وتعالى بلسانه مع مواطئة القلب من غير تلك المزاولات والاعمال فهؤلاء في اسلامهم وايمانهم وقنوتهم وصدقهم وصبرهم وخشوعهم وصدقتهم وصومهم كل ذلك اول ما يبتدأ بالنية وهي لون من الذكر ومراقبة الله عز وجل وابتغاء ما عنده ما عند الله جل جلاله دون التفات الى احد سواه فهذا منشأ الذكر واصله وعليه المعول في الاعمال كلها فهنا حينما ذكر الله تبارك وتعالى هذه الاوصاف وهكذا في قوله تبارك وتعالى لمن كان يرجو الله واليوم الاخر وذكر الله كثيرا. في سورة الاحزاب وهكذا في الاية الاخرى التي بعدها يا ايها الذين امنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا كل ذلك في سورة الاحزاب لان الاكثار من الاعمال البدنية يعني لماذا يقيد بالكثرة الاكثار من الاعمال البدنية قد لا يتأتى للمكلفين يعني قد لا يستطيع ان يصلي طول الوقت. لا يستطيع ان يجاهد طول الوقت لا يستطيع ان يتصدق في سائر الاوقات اذا ما الذي يمكن ان يفعله المكلف في اوقاته كلها فيلازمه ملازمة لا تشق عليه هو ذكر اللسان الذي يكون مع مواطئة مواطعة القلب فالانسان في حال اكله وشربه وتحصيل منافعه ومصالحه وقوته ورزقه وما الى ذلك لا يستطيع ان يكون في حال من الصلاة ونحو هذا ولكنه يستطيع ان يكون ذاكرا وهو يزاول اعماله يكون مراقبا لله عز وجل في هذه الاعمال فهذا من الذكر فهو يبيع ويشتري ويمشي يكون في حال من الذكر بلسانه وقلبه على كل حال هذه الاوامر التي امر الله تبارك وتعالى فيها بالاكثار من الذكر اذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم فهذه تعم جميع الاحوال. لان العبد اما ان يكون قائما او قاعدا او مضطجعا فالله تبارك وتعالى اراد من العباد ان يذكروه في الاحوال والاوضاع كلها كما ان الله تبارك وتعالى اخبر ان من الهاه ماله وولده عن ذكر الله فهو خاسر. يا ايها الذين امنوا لا تلهكم اموالكم ولا اولادكم عن ذكر الله اه ومن يفعل ذلك فاولئك هم الخاسرون. فالمنافقون انما اوقعهم في النفاق وطلب احراز الاموال والاولاد فالله تبارك وتعالى ينهى اهل الايمان عن مثل فعلهم لئلا يضيعوا انفسهم بسبب ذلك ثمان الله تبارك وتعالى امر بذكره في اعظم المواطن حال الالتحام ملاقاة الاعداء يا ايها الذين امنوا اذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون. فلا حول تحصيل المطلوب والنجاة من المرهوب بالظفر والنصر على الاعداء والغلبة وكذلك ايضا بالاجر والثواب حينما يجاهد الانسان في سبيل الله وكذلك حينما يقتل في سبيله فانه يصير الى الطاف الله تبارك وتعالى والاجور غير المنقطعة وكذلك ايضا حينما جعل الذكر سببا لصلاته على عبده كما في الاية الاخرى من سورة الاحزاب حينما قال يا ايها الذين امنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا قال وسبحوه بكرة واصيلا. هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من من الظلمات الى النور فذكر الله عز وجل سبب لصلاة الله تبارك وتعالى على عبده وهو سبب لهدايته. لان هذه الهداية تكون سببا للتوفيق والتسديد والهدايات المتتابعة المتعاقبة. وهكذا حينما قال فاذكروني اذكركم. واذا ترك العبد ذكر الله وتعالى يكون قد نسيه فاذا نسي ربه تبارك وتعالى لم يوفق. ولهذا قال الله جل جلاله ولا تكونوا كالذي نسوا الله فانساهم انفسهم وهنا لا يلهم العبد شيئا من مصالحه فيضيع ويكون اشتغاله بما يضره هذا الذي نسي ذكره والثناء عليه وتحميده وتمجيده فنسيه الله تبارك وتعالى من رحمته وانساه مصالح نفسه فلم يعرفها ولم يطلبها بل تركها واهملها فصارت معطلة كما يقول الحافظ ابن القيم رحمه الله تعالى ومن هنا ايها الاحبة ايضا اذا كان العبد متحققا بهذا يعني من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات صار ذلك على كل جوارحه. فكل جارحة لها عبودية من العبوديات. هذه العبوديات قد تكون مؤقتة في بعض الجوارح لكن هذه العبودية التي عبودية الذكر المتعلقة باللسان تكون دائمة ومستمرة لا تنقطع وهكذا ايضا عبودية القلب فهي مستمرة من هنا فالعبد مأمور بذكر معبوده ومحبوبه في كل حال. قائما وقاعدا وعلى جنبه والجنة كما يقول الحافظ ابن القيم رحمه الله قيعان غراسها الذكر وهكذا القلوب فهي بور القلوب بور وخراب وعماراتها واساسها هو ذكر الله تبارك وتعالى وقد ذكرنا في المقدمات ان ذلك يصقلها ويحصل من الوان الصلاح والاصلاح لهذه القلوب بذكر الله ما لا يقادر قدره وكلما ازداد العبد ذكرا لربه تبارك وتعالى ازدادت محبة الله له فيكون من المقربين الى الله بقدر ما يترك من ذكر ربه يكون اعراض الله تبارك وتعالى عنه هو الحديث في هذه القضية ايها الاحبة يتشعب ويطول فهذا الذكر على كل حال هو للقلب كما سبق حياته وهو بالنسبة للسان الغافل كالبصر للعين. واللسان الغافل كالعين العمياء. نسأل الله العافية يعني شغل هذا اللسان ما هو ما هو عمله؟ ما هي عبوديته؟ فاذا عطل منها فكأن ذلك بمنزلة تلك العين التي تعطلت منها منفعة البصر فاللسان الغافل كالعين العمياء. وكاليد الشلاء لا ينتفع بها وكالاذن الصماء اسأل الله تبارك وتعالى ان يجعلنا واياكم من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد واله وصحبه