الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله اما بعد فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته هذا باب الدعاء لمن قال اني احبك في الله اورد فيه المؤلف حديث انس ابن مالك رضي الله عنه ان رجلا كان عند النبي صلى الله عليه وسلم فمر به رجل فقال يا رسول الله اني لا احب هذا. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم اعلمته؟ قال لا قال اعلمه قال فلحقه فقال اني احبك في الله فقال احبك الذي احببتني له هذا حديث اخرجه ابو داوود وسكت عنه وقد عرفنا ان ما سكت عنه ابو داوود فانه صالح للاحتجاج عنده وقال البزار والطبراني وجمع من اهل العلم بانه لم يروي هذا الحديث عن اشعث الا معمر وقال الذهبي فيه عبدالله بن الزبير الباهلي مجهول ولكن الحديث حسنه جمع من اهل العلم فقال المناوي اسناده جيد وقال البوصيري صحيح وكذا الشيخ ناصر الدين الالباني في بعض المواضع وفي بعضها حسنه يقول انس رضي الله تعالى عنه بان رجلا كان عند النبي صلى الله عليه وسلم فمر به رجل فقال يا رسول الله اني لاحب هذا اني لاحب هذا واكد هذا الخبر بهذه المؤكدات ان فهي تدل على التوكيد وهي بمنزلة اعادة الجملة مرتين وكذلك ايضا اللام الداخلة على جواب القسم. يعني كأنه يقول والله اني لاحب هذا وهو يؤكد هذه المحبة فالنبي صلى الله عليه واله وسلم سأله قال اعلمته قال لا قال اعلمه اعلمه اعلمه باي اعتبار اعلمه من اجل ان يحصل مقصود الشارع من التآلف بين المؤمنين وقوة الرابطة الايمانية التي هي من اجل واعظم واقوى الروابط هذه الرابطة الايمانية هي التي جعلت الملائكة وهم في السماء يستغفرون للمؤمنين في الارض ويستغفرون للذين امنوا وهذه الرابطة الايمانية التي هي اقوى من رابطة النسب هي التي قربت بلالا الحبشي وصهيبا الرومي وسلمان الفارسي رضي الله تعالى عنهم وارضاهم ونحن نحبهم ونترضى عنهم ولا زال اهل الايمان يترضون عنهم جيلا بعد جيل الى قيام الساعة وهي التي ابعدت ابا لهب النبي صلى الله عليه وسلم ذا النسب الشريف فلم ينفعه قربه من رسول الله عليه الصلاة والسلام ابن نوح عليه الصلاة والسلام حينما قال لربه تبارك وتعالى لما ادرك الغرق ولده ان ابني من اهلي فرد الله تبارك وتعالى عليه قوله هذا وبين له ان هذا الابن ليس من اهله انه ليس من اهلك انه عمل غير صالح وصار بهذه المثابة لانه لم يكن على الايمان. فالرابطة الايمانية هي التي تقرب البعيد وتبعد القريب فامره النبي صلى الله عليه وسلم ان يعلمه فلحقه الرجل امتثالا لامر النبي صلى الله عليه وسلم فقال ان اني احبك في الله وقال للنبي صلى الله عليه وسلم اني لاحب هذا ففهم النبي صلى الله عليه وسلم مراده فافصح عن هذا المراد وعن علة هذه المحبة لهذا الرجل لئلا يتطرق اليه احتمال هذا من جهة ومن جهة اخرى من اجل ان يحصل هذا المقصود العظيم من مقاصد الشريعة وهو الرابطة الايمانية وتقوية هذه الرابطة بين اهل الايمان فقال اني احبك في الله فقال احبك الذي احببتني له احبك الذي احببتني له. احبك في الله اي في طلب مرضاته احبك في الله يعني لاجل الله ففي هذه يمكن ان تكون للتعليل او للسببية او نحو ذلك يعني انه لا يحبه لعرض من الدنيا لا يحبه لامر حقير وانما يحبه لهذا الامر الجليل. فاجابه هذا الرجل احبك الذي احببتني له احببتني له اي لاجله ومن هنا ينبغي ان تكون المحبة التي بين المؤمنين منحصرة في هذا لا ان تكون لمصالح دنيوية وحظوظ عاجلة وامور قريبة وانما يكون ذلك لله وفي الله. والمحبة على انواع منها المحبة الطبيعية التي تكون بين الناس فهذه جبل الله تبارك وتعالى النفوس عليها ولكنها ليست هي المحبة في الله وهناك محبة على قدر زائد كمحبة الرجل الوالد لولده والولد لوالده هذه محبة من قبل الوالد تكون مبنية على الشفقة والمحبة التي تكون من الولد لوالده تكون مبنية على التقدير والتعظيم والاجلال والمهابة وهناك محبة الرجل لامرأته وهذه مما جبلت عليه الغرائز في الادميين كما لا يخفى وهناك انواع من المحبة قد يكون الجالب لها المشاكلة في الطبع يعني كأن يشاكله في خلق او في طبع او في ميول او يكون ذلك لصنعة وقد توجد هذه المحبة لظرف فيه او يكون ذلك لجمال في الصورة او لامر يتعلق في النفس فهذه ليست هي المحبة التي تكون في الله ولكن مثل هذه المحبة لا يقال انها محبة مذمومة ولكن المحبة المذمومة تكون والله تعالى اعلم على نوعين النوع الاول هي المحبة على المصالح التي يجتمعون عليها المصالح الدنيوية. ويفترقون عليها فاذا وجدت المصلحة وجدت المصافاة والمحبة والقرب لمن يجد مصلحته عنده فاذا ادار ظهره تلاشت هذه المحبة وتقطعت فتجد مثل هذه المحبة لا تعلق لها ب الطاعة والايمان والاقبال على الله تبارك وتعالى وانما تكون هذه المحبة حيث تزيد هذه المصالح وتعظم فاذا تلاشت هذه الامور فان هذه المحبة تتلاشى معها. فهذه محبة ليست محمودة وصار محبة اكثر الناس وعلائقهم كما قال ابن عباس وذلك من دهر وزمن بعيد على هذه الدنيا وحطامها ومصالحها الفانية كما قال الشاعر وصار اقبال الورى واحتيالهم على هذه الدنيا وجمع الدراهمي الى ان يذكر بعد ذلك ما صارت اليه الحال من علائق الناس وتحولها الى هذه المصالح والمطالب النوع الثاني من المحبة المذموم الذي لا يكون في الله وقد يصور الانسان يصور صاحب هذه المحبة انها لله وفي الله اما تلبيسا على الناس او على نفسه واما ان ذلك مما قد التبس عليه وهذه مثل المحبة التي تكون من قبيل العشق التي يقال لها المحبة والعلاقة العاطفية التي يسميها الفتيات بالاعجاب وهي فاشية ومنتشرة في المدارس بين الفتيات فهذه المحبة تكون من اجل صورة المحبوب فيحصل التعلق به وهذه التعلقات لربما يتفاوت الناس فيما يجذب الى هذا او ذاك. حيث ان قضايا الجمال والامور الجاذبة هي قضايا نسبية. فقد ينجذب هذا الى ما لا ينجذب اليه غيره. فالمقصود ان هذه العلاقة وهذه المحبة يكون الباعث الحقيقي لها هو العشق. قد يظن انه من قبيل المحبة في الله وقد يدافع عن هذه العلاقة وقد يخفى عليه الفرق بين المحبة في الله والمحبة لغير الله تبارك وتعالى هذه قد تقع بين الصغار وقد تقع بين الشباب وقد تقع ايضا بين الكبار. كنت اظن ان هذه انما تقع عند حدثاء الاسنان ومن يكون في حال من لربما ان نشأة او المراهقة او نحو ذلك. ولكن تبين ان الحال ليست كذلك وقد سمعت من بعض النساء ان علاقتها بعض صواحباتها مبناها على هذا ولم تكتشف ذلك الا بعد دهر طويل. جاوزت وزن الخمسين تعلق في كل شيء. لكن لابد من معرفة الضابط في الفرق بين هذا وهذا لكثرة ما يقع من الالتباس. المحبة في الله يكون بدلا من ان ينطق بالشهادة بالنطق باسم هذا المعشوق. وقد يظن ان ذلك لله وفي الله وانها محبة في الله. ولربما عاهده على الا يفترقا. فليس اصلح للقلب ان ايها الاحبة انما هو كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل الا ظله ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وافترقا عليه. اجتمعا على المحبة في الله وافترقا عليها فيكون ذلك متناميا. تكون هذه المحبة متنامية حيث ازدادت الطاعة والايمان. وتنقص هذه المحبة حيث نقصت الطاعة والايمان. فاذا كان العبد في زيادة من الاقبال على ربه تبارك وتعالى فان المحبة تزداد معه. فاذا حصل منه التقصير او الاعراض او الجفاء في حق الله وطاعته فان هذه المحبة تنقص هذا هو الصحيح في المحبة في الله. المحبة التي لا كذلك لا تتأثر بالطاعة والمعصية اطلاقا. هي هي التعلق هو هو. الامر الثاني ان المحبة في الله ولله تقوي القلب وتبعثه على الانشراح. والاقبال على الطاعة والاقبال على الله. وتزيد بمحبة عبدي بربه تبارك وتعالى لانه انما احب هؤلاء لله وفي الله. فتزيد محبته لان ذلك من الايمان. المحبة الاخرى معها ضعف القلب وتفرقه وتلاشيه. فيكون هذا القلب مشغولا بهذا المحبوب فيكون ذلك على حساب تعلقه بالله ومحبته له واقباله عليه. فهو ينظر الى هذا المحبوب ان كان حاضرا فيضاحكه. ويسر بالنظر اليه مع ما ينتابه من القلق خشية ان يلتفت الى غيره. فاذا غاب عنه فهو مشغول القلب به. يفكر فيه. دائما ثم تجد ان مثل هؤلاء حينما يفترقون في امر ثالث مع ما يتصل بالمحبة بالله الذي يحب غيره لله لا ينظر الى صورة هذا ينظر الى الصورة. امر الرابع الذي يحب في الله ولله ولا يتعلق بالموافقة الظاهرة في اللباس والزي ونحو ذلك وانما يعنيه التعاون على البر والتقوى. التعاون على طاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه واله وسلم اما هذا الذي يحب لغير الله هذا العاشق فهو يتفانى في البحث عن جميع الاسباب التي تقوي هذه الصلة من الامور التي تكون ومن قبيل المشاكلة في الصورة والظاهر. ويحاول ان يحاكيه في اللباس. ان يلبس كما يلبس من خاتم وساع وثوب و ونحو ذلك ثم بعد ذلك هو لا يستخسر الاموال ولو بالحيل ان كان لا يملك يحتال بالاقتراظ من الناس باصطناع امور لا حقيقة لها انه لديه من المعاناة والمشكلات ولديه من الامراض والعلل والاوصاب ما يحتاج معه الى المال من اجل العلاج او تحتاج ذلك امه او غير ذلك. فيأخذ الناس الاموال ويشتري بها دون حساب لهذا المحبوب فيلبس كما يلبس ولربما لربما اختلس ولربما سرق ولربما اخذ المال من اهله من اقرب الناس اليه هذه البنت لربما خذوا المال من امها من ابيها لربما تأخذ ما وجدت من الاشياء المستجدة المستحسنة في بيتها فتدفعها رخيصة لهذه المحبوبة كل ذلك تقربا اليها ومحاولة لمشاكلتها ومقاربتها ولربما يبحث هذا عن امر يقربه به اما بقرابة بنسب او مصاهرة او مجاورة قديمة او حديثة او لبعض قرابته ان بعض القرابة ولو من بعيد يجتمعون في الجد العاشر جاوروا يوما في الدهر جد هؤلاء العاشر. والشاعر يقول اليس الليل يجمع ام عمرو؟ هذا يحبها يقول اليس الليل؟ يقول هناك جامع مشترك وما وجد قرابة؟ فوجد الليل يغشاها كما يغشاه فقال هذا جامع مشترك يوجد علاقة اليس الليل مع ام عمرو وايانا فذاك بنا تداني هذا تقارب. وترى الهلال كما اراه ويعلوها النهار كما علاني فهذه ثلاثة امور يشترك معها ويجتمع معها فيها يعلوها الليل كما يعلوه وترى الهلال وكذلك يعلوه النهار ما وجد الا هذا. فاقول هذه علل وامراظ تفسد القلب. وتصرفه عن الله تبارك وتعالى وتؤذيه فيبقى مشوشا مفرقا ليس له شغل الا بهذا المحبوب. ومثل هذا انما يقع عادة لاصحاب القلوب الفارغة من معرفة الله عز وجل ومحبته والاقبال عليه فيبقى في القلب فراغ هذا الفراغ يتسلل اليه مثل هذه المدنسات والمشغلات والمشوشات لهذا القلب والا لو عرف العبد ربه معرفة صحيحة باسمائه وصفاته واقبل عليه حقيقة لم يوجد فيه لهذه التفاهات شيء. واذا قرأت في اخبار العاشقين والمحبين في كتب تجد عجبا تنسل معها الحال ويذوب هذا الانسان ويضمحل وبعضهم قد افضى به ذلك الى الجنون وما خبر مجنون ليلى عنا ببعيد يذهب الواحد من هؤلاء الى الصحراء والفيافي يهيم مع الوحش يردد ذكر محبوبه وبعضهم لربما ختم له ولا انفع له ولا اجدى من ان يشغل بربه وخالقه جل جلاله. وان ينصرف عن المخلوقين فاذا احبهم احبهم لله تبارك وتعالى بقدر ما فيهم من الطاعة والايمان واما ان يتعلق بهم فذلك لا يصلح له فانه يعذب بما تعلق به هذا القلب بحسب هذا التعلق. ان تعلق المعشوق ان تعلق بمال او غير ذلك ويبقى هذا القلب معذبا في حسرة وعصره نسأل الله عز وجل العافية للجميع فهذه افة ينبغي ان يتفطن لها الكبير والصغير لا سيما ضعفاء القلوب. فهم يبتلون بذلك اكثر من غيرهم كضعفاء القلوب من الذكور واما النساء فهذا كثير فيهن كما هو معلوم بل هو شائع وقد يصل الى امور واحوال ونتائج خطيرة غير محمودة اطلاقا والله المستعان. هذا واسأل الله عز وجل ان ينفعنا واياكم بما سمعنا وان يجعلنا واياكم هداة مهتدين. والشاهد في هذا الحديث انه ان المحبوب في الله يخبر بذلك. وكذلك ايضا يجيب من قيل له يقول احبك الله الذي احببتني لاجله او احببتني له او احببتني من اجله او احببتني فيه او نحو ذلك من العبارات فهي سواء والله تعالى اعلم سلامة