وبعض اهل العلم يقول لا يقع منها الاجتهاد فهو وحي يوحى. والنبي صلى الله عليه وسلم لما سأله عبدالله ابن عمرو ابن العاص رضي الله عنهما وقالوا انك تكتب عن قد لا يقع عليها اللعن فلا يجوز لمن رآها وقد وقع لها ذلك يعني النمص ان يلعنها بعينها على قول الجمهور انه لا يجوز لعن المعين والسبب في ذلك انه قد يتخلف شرط الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله اما بعد فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته هذا باب الدعاء لمن سببته وذكر فيه حديث ابي هريرة رضي الله تعالى عنه انه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول اللهم فايما مؤمن سببته فاجعل ذلك له قربة اليك يوم القيامة. اخرجه البخاري ومسلم قوله صلى الله عليه وسلم اللهم اي يا الله فايما مؤمن سببته اذى مقيد بالمؤمنين فاذا وقع السب والسب معروف يقال للشتم واللعن وما الى ذلك كله داخل في السب فاذا قال ذلك في حق احد من غير اهل الايمان فان ذلك يكون كما قال عليه الصلاة والسلام فهذا القيد معتبر اي فايما مؤمن سببته فاجعل ذلك له قربة اليك يوم القيامة كذلك قربة ان يكون ذلك مما يقربه اليك الى مرضاتك الى الدرجات العالية فيكون هذا السب الواقع من النبي صلى الله عليه وسلم احد من امته سببا لعكس ما يظهر من لفظه فيكون قربة قد يقول قائل كيف يدعو النبي صلى الله عليه وسلم على احد او يسب احدا وليس باهل لذلك وقد اجاب عن هذا بعض اهل العلم بان ذلك انما يقع منه صلى الله عليه وسلم بحسب الظاهر يعني انه في ظاهر الامر قد اتى بما يستحق عليه العيب او السب او الشتم او اللعن ولكن قد لا يكون كذلك عند الله تبارك وتعالى فهذا قد جاء في حديث اخر وهو حديث انس عند مسلم ان النبي صلى الله عليه وسلم لما رأى اليتيمة عند ام سليم رضي الله تعالى عنها قال لقد كبرت لا كبرت سنك فذهبت تبكي عند امي سليم باعتبار ان النبي صلى الله عليه وسلم دعا عليها فجاءت ام سليم الى النبي صلى الله عليه واله وسلم فقال لها اما تعلمين اني اشترطت على ربي فقلت انما انا بشر ارضى كما يرضى البشر واغضب كما يغضب البشر فايما احد دعوت عليه من امتي بدعوة ليس لها باهل. بهذا القيد ان تجعلها له طهورا وزكاة وقربة منك يوم القيامة يقول انا بشر وهذا افضل ما يفسر به حديث ابي هريرة وهو حديث هذا الباب وما ذكره بعض اهل العلم مما اوردته انفا كالمازر رحمه الله من ان ذلك انما يكون وقع منه صلى الله عليه وسلم بحسب الظاهر وقد لا يكون مستحقا في باطن الامر يعني عند الله. فحديث انس يفسره ليس لها باهل الا ان حديث ابي هريرة رضي الله عنه فيه العموم لكل مؤمن لان قوله صلى الله عليه وسلم فايما مؤمن سببته فاجعل ذلك له قربة اليك يوم القيامة ومؤمن هنا نكرة في سياق بالشرط وذلك من صيغ العموم فظاهره انه لو كان باهل او ليس لو كان اهلا او ليس باهل او كان اهلا او ليس باهل. هذا ظاهر اللفظ ولكنه قد يكون مقيدا قيده الحديث الاخر حديث انس رضي الله تعالى عنه لان هذا السب كما قلنا يدخل فيه اللعن فاللعن يقال له سب واللعن دعاء بالطرد والابعاد من رحمة الله تبارك وتعالى. وهكذا لو انه دعا على البعيد قال ابعدك الله او نحو ذلك فهذا يعتبر دعاء وسب فمثل هذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث انس ليس لها ليس لها باهل وبعض اهل العلم يقولون في حديث ابي هريرة هذا الذي لم يقيد بقوله ليس لها باهل قالوا يحتمل ان اللعن والسب يقع منه صلى الله عليه وسلم من غير قصد اليه فلا يكون في ذلك كاللعنة الواقعة رغبة الى الله تبارك وتعالى وطلبا للاستجابة لانه لو كان يقصد ذلك لما سأل ربه ان يجعلها قربة لهذا الذي وقع عليه الدعاء او السب وطهورا يوم القيامة فيكون قد جرى ذلك على لسانه صلى الله عليه وسلم من غير قصد كان يقع ذلك منه صلى الله عليه وسلم على سبيل الزجر او يكون ذلك في حال الغضب. لكن هنا اورد اهل العلم سؤالا وهو ما يتصل باجتهاد النبي صلى الله عليه وسلم هل هل يجتهد او لا واجتهاده صلى الله عليه وسلم يتفرع وذلك ان يقال هل يقع منه الاجتهاد صلى الله عليه وسلم في مسائل الاحكام تشريع او يكون ذلك في غيره مما يتصل بالتعامل مع الناس وامور دنياهم اما ما يتصل بالاحكام فالعلماء في ذلك على قولين لكن في منتهى الامر يقولون بان الوحي يسدده. يعني لو وقع منه الخطأ فان الوحي يسدده فان لم يأتي الوحي مصوبا في علم ان هذا الحكم قد وقع على وجه الصواب طول الله صلى الله عليه وسلم كل شيء ورسول الله صلى الله عليه وسلم بشر يغضب كما يغضب البشر. فقال النبي صلى الله عليه وسلم له اكتب واخذ صلى الله عليه وسلم او اشار الى لسانه فما خرج من هذا الا حق عليه الصلاة والسلام. هذا يمكن ان يحمل على ما يتعلق بامور التشريع وفي تأبير النخل قال لهم صلى الله عليه وسلم ذكر لهم انه لو لم يفعلوا يعني لم يؤدر فان ذلك قد لا يضره فلما تركوه خرج شيصا فاخبرهم صلى الله عليه وسلم انهم اعلم بامور دنياهم وانه اذا حدثهم عن الله تبارك وتعالى فذلك هو الذي ينبغي ان يتبع ويكون وحيا كما هو معلوم كذلك ايضا صلى الله عليه وسلم اجتهد في ما يتعلق باسارى بدر فنزلت الاية لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما اخذتم لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما اخذتم عذاب في بدر لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما اخذتم في سورة الانفال فهذا اجتهاد في اطلاق الاسارة اسارة بدر. كذلك في اجتهاده صلى الله عليه وسلم في امور اخرى كما في قوله تبارك وتعالى عبس وتولى ان جاءه الاعمى وما يدريك لعله يزكى او يتذكر فتنفعه الذكرى. اما من استغنى فانت له تصدى فكان يتصدى صلى الله عليه وسلم ويقبل على هؤلاء الكبراء رجاء اسلامهم فعاتبه ربه تبارك وتعالى في ذلك فهذه اجتهادات من اهل العلم ان يقول ان الاجتهاد لا يقع في امور التشريع ولكنه يقع في مثل هذه الامور التي تتعلق بامور الناس وتعامل ونحو ذلك. ومنهم من يمنع من ذلك مطلقا والله اعلم. كذلك في غزوة الخندق لما اراد النبي صلى الله عليه وسلم ان يعطي بعض من حضر مع المشركين ليفرقهم عنه صلى الله عليه وسلم غطفان شطر ثمر المدينة ثم استشار صلى الله عليه وسلم السعدين سعد بن معاذ وسعد بن عبادة فذكروا له ان هذا ان كان بوحي فهم يسلمون ويذعنون لذلك وان كان اجتهادا فذكر لهم النبي صلى الله عليه وسلم انه اجتهاد يقصد به دفع الناس عنهم لما تألبت العرب وتحزبوا وحاصروا المدينة وهكذا ما يروى ايضا في منزله صلى الله عليه وسلم في بدر مع ان الرواية لا تخلو من ضعف لما سئل هل هذا وحي؟ او انه الحرب والمكيدة فاخبر انه الحرب والمكيدة فكان الرأي الذي اشاروا به عليه ان ينزل في اخر الابار عند اخرها وهذا لا يخلو على كل حال من جهة الاسناد من ضعف فعلى كل حال احسن ما يفسر به والله اعلم حديث ابي هريرة يفسر بحديث انس انما انا بشر ارضى كما يرضى البشر واغضب كما يغضب البشر اذا قد يصدر منه هذا السب او الدعاء على احد من المسلمين بلون من الاجتهاد فيكون طهرة له ورفعة عند الله تبارك وتعالى ان تجعلها له طهورا وزكاة وقربة منك يوم القيامة قد ذكر النووي رحمه الله ان هذه الرواية تبين المراد في بقية الروايات المطلقة بقية الروايات المطلقة يعني ان قوله ليس لها باهل. الرواية المطلقة كما في حديث ابي هريرة رضي الله تعالى عنه فهذا يكون لمن لا يكون اهلا لهذا الدعاء وذلك اذا كان من المسلمين ولا فقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم على الكفار وهم اهل لذلك هذا الحديث يكون في حق معين لكن في دعائه صلى الله عليه وسلم على ما يتصل بالوصف او نحو ذلك مما يكون في زمانه او يكون بعد زمانه فالذي يظهر ان ذلك على اطلاقه الا يظهر انه على اطلاقه وهذا الذي ذهب اليه بعض اهل العلم كالحافظ ابن حجر رحمه الله يعني كقوله صلى الله عليه وسلم لعن الله من لعن والديه وكقوله صلى الله عليه وسلم لعن الله النامصات والمتنمصات والواشمات ونحو ذلك فيكون ذلك واقعا على الوصف يعني من اتصف بهذه الصفة لكننا نعلم ان اللعن العام او ما يتصل بالصفة لا يعني ان ذلك يقع على كل فرض فانه قد توجد نامصة ولا يقع عليها هذا اللعن بحقها بخصوصها وذلك انه لابد من تحقق الشروط وانتفاء الموانع كما يقال في الكفر من فعل كذا فقد كفر وقد يقع ذلك من بعظ الناس ولا يكفر لانه في الحكم عليه بالوصف المعين لابد من وجود الشروط وانتفاء الموانع فهذه المرأة النامصة على سبيل المثال مثال في اللعن للوصف لعن الله النامصات لكن فلانة او يوجد مانع قد تكون هذه المرأة جاهلة في الحكم ما بلغها النهي فتكون معذورة قد يكون هذه عندها حسنات عظيمة ماحية او عندها مصائب عظيمة مكفرة او قد يحصل لها شفاعة او نحو ذلك من موانع الوعيد فيكون في حقها اللعن غير واقع لكن هذا لعن عام هذا مثال في النامصات ويمكن ان يجعل ذلك في غيره والله اعلم قد يحصل لها توبة والتوبة تجب ما قبلها ولو كان صاحب هذا العمل ممن يلحقه اللعن ويصدق عليه لعن الله من عمل عمل قوم لوط مثلا فقد يتوب قد يبتليه الله عز وجل بمصائب مكفرة قد يحصل له شفاعة ونحو ذلك. ففرق بين الا عن العام والسب العام المعلق بالوصف وبين اللعن المعين. فالحديث في عين لعن فلانا من الناس والنبي صلى الله عليه وسلم اخبر عن رجل عمل عملا او قال قولا انه قد هم صلى الله عليه وسلم ان يلعنه لعنا يدخل معه في قبره فالمقصود ان هذا حينما يقع على المعين من اهل الايمان فيكون فيه يكون فيه ما ذكر والله اعلم. وهذا الحديث على كل حال يدل على رأفته صلى الله عليه وسلم وعلى شفقته بامته كما قال الله عز وجل لقد جاءكم رسول من انفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم فهذا مصداق لذلك وما كان صلى الله عليه وسلم ينتقم لنفسه بل كان يعفو ويصفح عليه الصلاة والسلام. وفي هذا الحديث تأنيس من وقع عليه السب فلا يبتئس ولا يقنط من رحمة الله تبارك وتعالى مع ان دعاء النبي صلى الله عليه وسلم مجاب لكن سأل ربه ان يجعل ذلك رحمة بهذا الذي وقع عليه السب او اللعن او الدعاء عليه. والله تعالى اعلم اللهم صل على محمد لا اله الا الله. السلام عليكم ورحمة الله