وعافي مبتلانا واجعل اخرتنا خيرا من دنيانا والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد واله وصحبه السلام عليكم ورحمة الله الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله اما بعد وفي باب الاستغفار والتوبة اورد المؤلف حديث عمرو ابن عبسة رضي الله عنه انه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول اقرب ما يكون الرب من العبد في جوف الليل الاخر فان استطعت ان تكون ممن يذكر الله في تلك الساعة فكن هذا الحديث اخرجه الترمذي والنسائي وقال الترمذي حسن صحيح غريب من هذا الوجه وصححه جمع من اهل العلم كابن عبدالبر الشوكاني والالباني رحم الله الجميع وقوله اقرب ما يكون الرب من العبد بجوف في جوف الليل اقرب ما يكون الرب من العبد في جوف الليل الاخر هذا قرب الرب من العبد فهناك قرب للرب وهناك قرب للعبد اما قرب العبد فهو الذي سيأتي في الحديث بعده في قوله صلى الله عليه وسلم اقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد واما قرب الرب تبارك وتعالى فانه المذكور في هذا الحديث ففيه بيان وقت كون الرب اقرب من العبد وذلك في جوف الليل الاخر. وفي الحديث الاخر بيان اقرب حالات العبد من ربه جل جلاله وتقدست اسماؤه فقرب الرب هنا لا يتوقف على فعل العبد فان الله ينزل في ثلث الليل الاخر كل ليلة ينزل كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الاخر فيقول من يدعوني فاستجيب له من يسألني فاعطيه من يستغفرني فاغفر له فهذا نزول وقرب بثلث الليل الاخر الى سماء الدنيا واما الحديث الاخر اقرب ما يكون العبد فهذا من فعل العبد وهو السجود حينما يكون ساجدا فان ذلك يتوقف على فعل يصدر عنه وهو السجود فيكون في هذه الحال اقرب الى ربه تبارك وتعالى وفي هذه الحال يعني قرب العبد من الرب اقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد ليس هذا هو قرب بذاته بذات العبد وانما العبد يكون في حال من السجود ويضع جبهته على الارض فهذا غاية الدنو والنزول من قبل العبد ولكن قلبه في هذه الحال يكون محلقا فان العبد حينما يحقق العبودية لله تبارك وتعالى يكون قربه من ربه اكبر. وهذه العبودية يكون باعمال واقوال واحوال تصدر عن العبد فيكون اقرب الى ربه تبارك وتعالى فاحوال العباد في ذلك تتفاوت حتى الساجدين فان العبد يكون ساجدا وبجانبه اخر يكون ساجدا وبينهما كما بين السماء والارض فذلك لما يكون من الاخلاص والخشوع وحضور القلب والاستكانة والاخبات والتواضع لله تبارك وتعالى وقد يسجد العبد وهو غافل القلب وقد يسجد وهو يرائي بهذا السجود فلا يزيده هذا السجود من الله الا بعدا فان المقاصد والنيات لا شك انها تؤثر غاية التأثير في قرب العبد وبعده من ربه تبارك وتعالى وهذا الحديث الذي نحن بصدد الكلام عليه انما هو في قربي في قرب الرب تبارك وتعالى. وبهذا يتبين الفرق بين المقامين قرب العبد وقرب وقرب الرب والمقصود هنا بجوف الليل الاخر يعني الثلث الاخر كما دلت عليه الاحاديث الاخرى ان الله ينزل اذا بقي ثلث الليل الاخرة فهذا اذا جعلت الليل على نصفين فجوف الاخر هو ثلثه ثلث الليل الاخر وهذا يحسب من غروب الشمس الى طلوع الفجر واذا حسب في ذلك الوقت والساعات ثم قسم على ثلاثة جعلت ذلك الليل اثلاثا يطول في الشتاء ويقصر في الصيف ومثل هذه الاوقات اوقات الاعتدال يكون فيها الليل يكون مقاربا للنهار في ساعاته. فيكون ابتداء الليل من غروب الشمس الى طلوع الفجر وليس طلوع الشمس فاذا حسب هذا وقسم على ثلاثة عرفت متى يبتدأ ثلث الليل الاخر في كل في كل حين وهذا هو افضل الاوقات للتهجد والمناجاة والصلاة فان استطعت يعني ان وفقت وقدرت على ان تكون من جملة المتعبدين في هذا الوقت المصلين الذاكرين فان ذلك امر ينبغي اغتنامه ولا يفوت بحال من الاحوال. ان استطعت ان تكون ممن يذكر الله في تلك الساعة فكن وذكر الله هنا يشمل ذكره بالصلاة وهذا من اعظم الذكر وافضله واجله. يعني ان يكون الانسان في حال صلاة فان الذكر اذا كان في صلاة فهو اكمل حالاته. وقد يكون هذا الذكر بقراءة القرآن خارج الصلاة وقد يكون هذا الذكر بان يقول اذكارا يذكر ربه بها من غير القرآن ويكون ذلك خارج الصلاة. وقد يكون هذا الذكر ايضا بالدعاء يدعو فكل هؤلاء ممن يصدق عليه انه ممن يذكر الله تبارك وتعالى في هذه في هذه الساعة فالله تبارك وتعالى يكون قريبا من عباده يكون قريبا منهم واذا دعا فان ذلك يكون احرى الاجابة وقوله عليه الصلاة والسلام هنا فان استطعت ان تكون ممن يذكر الله يعني في ضمن صلاة او غيرها يعني ان هنا في جملة الذاكرين ممن يذكر الله في زمرة الذاكرين ان تدخل في سلكهم وان تنضم اليهم في هذه في تلك الساعة يعني ثلث الليل الاخر افعل فكن فهذا امر لا ينبغي للعبد ان استطاع ان يفوته هذه الاحاديث تدل على قرب اثبات صفة القرب لله تبارك وتعالى على ما يليق بجلاله وعظمته فالله تبارك وتعالى من صفاته القرب وذلك لا يشبه قربى المخلوقين وهو قرب حقيقي وليس المقصود بالقرب قرب الاوطاف او انه قريب بمجرد اجابة الدعاء. فان الله ينزل ثلث الليل الاخر وكذلك ايضا ينزل عشية عرفة فهذا قرب خاص هذا قرب خاص بالنزول ولكن هناك قرب خاص من غير نزول واذا سألك عبادي عني فاني قريب اجيب دعوة الداعي اذا دعان فهذا قرب خاص بالداعين اما قربه تبارك وتعالى هنا فهو في وقت خاص في ثلث الليل الاخر حيث ينزل الى سماء الدنيا نزولا يليق بجلاله وعظمته فهذه هذا الحديث يدل على استحباب الصلاة والدعاء والذكر في ثلث الليل الاخر فهو وقت للاجابة ويكون في اخره يعني في وقت السحر يكون العبد ذاكرا مسبحا مستغفرا كما قال الله عز وجل وبالاسحار هم يستغفرون فاذا فرغ من صلاة الليل فانه يشتغل بالاستغفار بعدها هكذا يحرص المؤمن ان يكونوا نسأل الله عز وجل ان يجعلنا واياكم ممن يكون من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات وان يعيننا واياكم على طاعته وذكره وحسن عبادته مع شكره والاخلاص له وتوحيده. اللهم ارحم موتانا واشفي مرضانا