الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله اما بعد فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته في باب الاستغفار والتوبة اورد المصنف حديث ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد جد فاكثروا الدعاء في الليلة الماضية تكلمنا على قوله صلى الله عليه وسلم اقرب ما يكون الرب من العبد في جوف الليل الاخر فان استطعت ان تكون ممن يذكر الله في تلك الساعة فكن اقرب ما يكون الرب من العبد وهنا اقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد هناك ارشد الى ان يكون ممن يذكر الله في تلك الساعة هنا فاكثروا الدعاء يعني في السجود ذاك في ثلث الليل الاخر يتحرى فيه الذكر من صلاة وقراءة واستغفار وهنا يكثر من الدعاء. هذا الحديث اخرجه الامام مسلم في صحيحه فقوله صلى الله عليه وسلم اقرب ما يكون العبد من ربه اقرب ما يكون العبد من ربه. حديث الماضي تحدثنا عن قرب الله تبارك وتعالى وعن نزوله في ثلث الليل الاخر. اقرب ما يكون العبد الرب من العبد وهنا اقرب ما يكون العبد من الرب فهنا قرب العبد من ربه تبارك وتعالى فهذا القرب يتفاوت. وذلك بحسب ما يقوم بقلب هذا العبد وما يحصل ايضا لجوارحه من الاعمال الصالحة من الايمان والمحبة لله تبارك وتعالى واخلاص العمل له والصدق وما الى ذلك فالله تبارك وتعالى يقرب هذا العبد منه ويقرب الله عز وجل اليه اكثر وذلك انه كلما زاد قرب العبد الى ربه بالطاعة والايمان ازداد قرب الرب تبارك وتعالى وذلك انه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه تبارك وتعالى ان تقرب الي شبرا تقربت اليه ذراعا ومن تقرب الي ذراعا تقربت اليه باعا واذا اتاني يمشي اتيته هرولة فهذا قرب يقارب قرب يقابل قرب العبد حتى يكون قلب العبد بين يدي ربه تبارك وتعالى كانه يشاهده. فالقلوب لها احوال لا تنكر وذلك بما يحصل لها من العلو في درجات العبودية والايمان والتقوى ويحصل لها من النقاء والصفاء فتحلق عاليا في الملأ الاعلى كما يقول شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله بانه كلما تقرب العبد باختياره قدر شبر زاده الرب قربا اليه حتى يكون كالمتقرب اليه بذراع. يعني الرب تبارك وتعالى. فكذلك قرب الرب من قلب العبد وهو ما يحصل في قلب العبد من معرفة الرب والايمان به وما الى ذلك فهذا الحديث اقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد موافق لقوله تبارك وتعالى واسجد واقترب كما قال ذلك النووي رحمه الله وذلك ان السجود كما اشرت في الليلة الماضية وغاية في التواضع والعبودية والخضوع ففيه تمكين اعز الاعضاء اعضاء الانسان واعلاها وهو الوجه يمكنه من الارض موطئ الاقدام هذا لا شك انه غاية التواضع ففيه غاية انحطاط من العبد تواضعا لربه تبارك وتعالى فهنا يناسب ذلك ذكر العلو فيما يتعلق بالرب حينما يخضع الانسان ويضع جبهته على الارض ويكون في غاية التطامن يقول سبحان ربي الاعلى سبحان ربي الاعلى. فناسب فيه ذكر علو الله عز وجل وانما تكمل عبودية العبد كما ذكرنا في عدد من المناسبات بخضوعه وانما يكون كمال العبد بكمال تحقيق العبودية هذا هو كماله اما التكبر والتعالي والتعاظم فان ذلك لا يصلح له بحال من الاحوال والاكثار بالدعاء الاكثار من الدعاء كما في قوله صلى الله عليه وسلم هنا في هذا الحديث فاكثروا الدعاء. الفاء تدل على ترتيب ما بعدها على ما قبلها وهذا الذي يسميه الاصوليون بدلالة الايماء والتنبيه يعني بما ان العبد يكون اقرب ما يكون من ربه في حال السجود وبناء على ذلك اكثروا من الدعاء لان ذلك احرى احرى بالاجابة وهذا الامر بالاكثار من الدعاء يشمل الحث على تكفير الطلب لكل حاجة لكل حاجة من حاجات العبد كما في حديث انس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم ليسأل احدكم ربه حاجته كلها حتى شسع نعله كما عند الترمذي وغيره يسأله في كل حاجاته الاكثار من الدعاء في السجود. يسأل جميع الحاجات ويكون ذلك ايضا بالاكثار من والالحاح بسؤال حاجة معينة من حاجاته. يكثر من الدعاء يكثر من سؤال الله عز وجل ان يقضيها فان الله تبارك وتعالى يحب الملحين عليه في الدعاء. بخلاف المخلوق الذي يضجر ويستثقل ويتبرم بمن يكثر الطلب ويلح فيه كما هو معلوم كما في قوله تبارك وتعالى في مدح الفقراء من المهاجرين رضي الله تعالى عنهم قال لا يسألون الناس الحافا. يعني ملحين الملحف اللحاف لانه يشتمل على الانسان في كل اجزائه وابعاظه الحاف لا يسألون هذا الملحف يأتي من هنا وهنا ومن هناك في طلبه للمسألة وتوجهه بها. هذا امر يذم عند الناس. لكن الله تبارك وتعالى يحب الملحين في الدعاء. وقوله صلى الله عليه وسلم هنا بان اقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد السجود يكون في الصلاة كما هو معلوم فدل ذلك اخذ منه بعض اهل العلم كالحافظ ابن رجب رحمه الله بان اعظم فرائض البدن التي تقرب الى الله تبارك وتعالى هي هذه الصلاة التي فرط فيها الكثيرون وضيعها خلق ممن ينتسب الى الاسلام فهذا اذا كان اقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد ما قال في حال الصدقة وما قال في حال الصوم وانما قال وهو ساجد والسجود جزء من هذه الصلاة وشيخ الاسلام رحمه الله يذكر ان حال السجود اقرب الى الله منه في غيره. يقول وهذا صريح في فضيلة السجود على غيره. ومن هنا اخذ بعض اهل العلم بان السجود افضل من القيام في الصلاة. يعني ما هو الافضل ان يكثر العبد في صلاته قيام والركوع والسجود او اكثر او يطيل القيام يعني يمكن ان يصلي يقرأ في ركعة البقرة ويركع ركوعا طويلا ثم يسجد سجودا طويلا ثم يقرأ في الركعة الثانية ال عمران مثلا هل هذا افضل او انه يقرأ او انه يركع بعد كل عشر ايات مثلا او بعد كل خمس ايات ليكثر من الركوع والسجود هذي مسألة فيها كلام لاهل العلم فمنهم من استدل بهذا الحديث اتفضل السجود على كثرة الركوع والسجود على طول القيام وهذه المسألة فيها ثلاثة مذاهب مشهورة لاهل العلم بل فيها اكثر من ذلك فمن اهل العلم من يقول بان تطويل السجود وتكفير الركوع والسجود افضل من طول القيام. اخذا من هذا الحديث اقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد وهذا قال به ابن عمر رضي الله تعالى عنهما وذهب بعض اهل العلم الى ان تطويل القيام افضل لحديث جابر في صحيح مسلم ان النبي صلى الله عليه وسلم قال افضل الصلاة طول القنوت يعني طول القيام قالوا هذا نص صريح في ذلك. قالوا ولان ذكر القيام هو القراءة قراءة القرآن. والقرآن ليس شيء افضل منه فهذا يقال في القيام اما في السجود فيسبح ويدعو وقراءة القرآن افضل من التسبيح الدعاء فاحتجوا بمثل هذا قالوا يطيل القيام افضل من ان يكثر من الركوع والسجود وهذا ذهب اليه الشافعي رحمه الله وذهب طائفة ثالثة الى انهما سواء فهذا ورد فيه هذا الفضل السجود والقيام افظل الصلاة طول القنوت فهذا فاضل وهذا؟ فاضل فهما سواء وتوقف الامام احمد رحمه الله في هذه المسألة وذهب صاحبه اسحاق ابن راهوية الى التفريق بين صلاة الليل وصلاة النهار قال اما في النهار فتكفير الركوع والسجود واما في الليل فتطويل القيام الا ان يكون للرجل جزء ثابت يصليه يقرأ به يعني من القرآن له ورد يقرأه في صلاته فهو يأتي عليه فتكفير الركوع والسجود افضل لانه يقرأ جزءه ويربح كثرة الركوع والسجود يعني هذا الانسان مثلا او عنده قدر معين يقرأ جزءا واحدا من القرآن مثلا على قول اسحاق ابن رهوية فهو يعلم القدر الذي سيقرأه اذا يقرأ هذا في صلاته ويكثر من الركوع والسجود بخلاف من ليس له ورد محدد فيمكن ان يقرأ البقرة وال عمران والنساء في ركعة واحدة كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم فصلاته مفتوحة فهذا عند اسحاق صلاة الليل الافضل ان يطيل فيها القيام باي اعتبار باعتبار ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم انه كان يطيل القيام كما في الحديث الذي اشرت اليه انفا هكذا وصفت صلاته صلى الله عليه وسلم ولم توصف بالطول في النهار وعلى كل حال هذا له مزية وهذا له مزية وشيخ الاسلام رحمه الله له تفصيل في هذه المسألة وكذلك الحافظ ابن القيم في زاد المعاد فمن اهل العلم من يقول بان ذلك يختلف لا يقال بان هذا افضل مطلقا فالذكر الذي يكون في القراءة الذي يكون في القيام هو قراءة القرآن فقراءة القرآن افضل في حال القيام ويطيل في هذه القراءة. اقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فهذه مزية للسجود. والمزية لا تقتضي لا تقتضي الافضلية مطلقا لكنه يفرق بين الناس واحوال الناس. فمن كان يخشع في طول القراءة مع طول القراءة ويصبر ويكون له بذلك قدرة وجلد فان فانه لو قيل بان طول القيام افضل فان ذلك هو هدي النبي صلى الله عليه وسلم وهو اكمل الهدي فكان يقوم الليل حتى تتفطر قدماه عليه الصلاة والسلام ومن كان يغلبه النوم او الضعف او نحو ذلك فانه يمكن ان ينشط بالقيام والركوع والسجود ونحو ذلك فيكون ذلك افضل في حقه فان استوى الامران فطول القيام في صلاة الليل افضل من كثرة الركوع والسجود وان كان في السجود هذه المزية فان القاعدة ان المزية لا تقتضي افضلية المزية لا تقتضي الافضلية يعني علي رضي الله تعالى عنه زوج فاطمة وابن عم النبي صلى الله عليه وسلم وقال فيه النبي صلى الله عليه وسلم اما ترضى ان تكون مني بمنزلة هارون من موسى غير انه لا نبي بعدي الى غير ذلك مما جاء في فضائله ولم يأتي ذلك في فضل ابي بكر وعمر رضي الله عنهما. لكن هذه مزية لعلي رضي الله عنه لكنها لا تقتضي الافضل فابو بكر وعمر افضل من علي رضي الله عن الجميع وكذلك ايضا عثمان فان النبي صلى الله عليه وسلم قال فيه بعد ان جهز جيش العسرة ما على عثمان ما ضر عثمان ما فعل بعد اليوم ما ضر عثمان ما فعل بعد اليوم لكن هل هو افضل من ابي بكر وعمر؟ الجواب لا. فهذه مزية لعثمان رضي الله عنه لكن لا تقتضي الافضلية على ابي بكر وعمر رضي الله عنه الجميع. وهذا له نظائر بالشرع اسأل الله عز وجل ان ينفعنا واياكم بما سمعنا ان يجعلنا واياكم هداة مهتدين. والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد واله وصحبه اذا كان عندكم سؤال تفضل سلامة الله