الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله اما بعد فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته اورد المؤلف هذا الحديث حديث جابر رضي الله تعالى عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من قال سبحان الله العظيم وبحمده غرست له نخلة في الجنة هذا الحديث اخرجه الترمذي وغيره وقال حسن صحيح غريب وجود اسناده المنذري والهيثم وكذلك ايضا حسنه الحافظ ابن حجر وقال الالباني صحيح لغيره قوله صلى الله عليه وسلم من قال سبحان الله العظيم وبحمده سبحان الله العظيم يعني التسبيح عرفنا انه التنزيه والتعظيم ايضا عرفناه سبحان الله العظيم بذاته وصفاته وافعاله وبحمده. الواو هذه ايضا مضى الكلام عليها فمن اهل العلم من يقول ان هذه الواو تدل على معنى يقولون بانها في الاعراب زائدة ويكون المعنى سبحان الله العظيم تسبيحا مقرونا بحمده تسبيحا مقترنا بحمده سبحان الله العظيم انزه ربي الموصوف بالعظمة في ذاته وصفاته وافعاله تنزيها وتسبيحا مقترنا ب حمده تبارك وتعالى وهذا الحمد عرفنا انه بمعنى اضافة اوصاف الكمال لله تبارك وتعالى فاذا قلت بان الله جل جلاله وتقدست اسماؤه والواحد الاحد الكريم الرحيم وما الى ذلك هذا كله من حمده جل جلاله فاذا ثنيت ذلك فهذا هو الثناء. يعني اذا قلته ثانيا كما دل عليه الحديث المشهور اذا قال العبد الحمد لله رب العالمين قال الله حمدني عبدي. اذا قال الرحمن الرحيم قال اثنى علي عبدي من التثنية. فاذا قال ما لك يوم الدين قال مجدني عبدي لان المجد يدل على الكثرة كثرة اوصاف الكمال المضافة اليه تبارك وتعالى. من قال فمن هذه يدخل فيها الرجل والمرأة يدخل فيها الكبير والصغير غرست له نخلة في الجنة غرست يعني في كل مرة يقول هذا يقول سبحان الله العظيم وبحمده تغرس له نخلة والتعظيم هنا اخذ منه بعض اهل العلم والتنكير في قوله نخلة اخذ منه بعض اهل العلم التعظيم انه يدل على التعظيم. نخلة عظيمة في الجنة وهذه النخلة لا شك انها اطيب اذ اشجار وازكاها وقد فسر قوله تبارك وتعالى ومثل كلمة طيبة كشجرة طيبة قيل النخلة والنبي صلى الله عليه وسلم لما ضرب مثلا للمؤمن شجرة ذكر اوصافها لا يتحات ورقها الى غير ذلك فسرها النخلة عليه الصلاة والسلام لكثرة منافعها وطيب ثمرتها لذلك فان هذه النخلة ذكرت هنا في هذا الحديث في من قال سبحان الله وبحمده مع انه جاء في غير هذا الحديث ما يدل على ان التهليل والتسبيح والتحميد والتكبير ان ذلك غراس الجنة كما في حديث الاسراء. لما لقي النبي صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج ابراهيم صلى الله عليه وسلم قال له فيما قال ان الجنة قيعان ان الجنة قيعان والقاع الارض التي يجتمع فيها الماء فيكثر نبتها. ان الجنة قيعان وان غراسها. القيعان مثل الفياض الان التي يذهب اليها الناس ويبحثون عنها ويطلبونها فتكون معشبة غناء بالازهار ونحو ذلك ومنها ما ينبت الاشجار فهذه الفياض او الرياض تنبت في مثل هذه الاماكن التي يكثر فيها اجتماع الماء ماء المطر فهي تجمعه وتنبت الكلأ والشجر كذلك ان الجنة قيعان تصور الان لا يمكن ان يقاس هذا بما في الدنيا لكن الناس لمن يعرف البادية ويعرف الصحراء من رأى القيعان رأى الفياض والروضات فانه لا ينقضي لا ينقضي عجبه منها من كثرة نبتها وتنوعه وكثرة ما فيها من الازهار المتنوعة بصورة تأسر النفوس والناس يقصدونها من محال بعيدة ويبحثون عنها وهذا لا يمكن ان يقاس بما في الجنة. ان الجنة قيعان وهذا يمكن ان يقال لاولئك الذين يبحثون عن هذه الاشياء جاهدين يطلبونها حيث وجدت ويسافرون لها ولربما صاروا اكثر من الف ميل من اجل الوصول الى واحدة قد وصفت لهم في شمال البلاد او في غير ذلك من النواحي. فاين هؤلاء من قيعان الجنة الجنة قيعان وذكر بان غراسها سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر. يعني الجنة ارض طيبة ينبت فيها ويترعرع الغرس والزرع فغراسها ما هو؟ غراسها التسبيح والتحميد والتهليل التكبير فمثل هذا كما قال ابن الجوزي رحمه الله في رسالة بعنوان حفظ العمر يتعجب من هذا الذي يضيع زمانه في غير الغرس يقول لو انه ذاق طعم النخيل لاستكثر من غرس النخل ثم ذكر ايضا بان مثل عمل الخير في العمر كمثل رجل قيل له كلما زرعت حبة اخرجت لك الف الف كر الف الف يعني مليون الف الف كر والكر مكيال معروف عند اهل العراق تخرج له الف الف كر الحبة الواحدة يقول فتراه يفطر مع سماع هذا الربح يعني هو سيزرع وسيعمل وسيكدح ليله ونهاره. ولربما غلبه النوم وسقط في مكانه لا يريد ان يذهب الى فراشه او ان ضع جنبه وذكر ايضا اشياء من هذا في كتابه الاخر صيد الخاطر وتعجب من هذا المضيع للساعات كم يفوته من النخيل وكيف كان السلف يغتنمون اللحظات وذكر نماذج من اغتنام السلف رضي الله عنهم للانفاس لا يضيعونها بشيء. انظر الان هذا التسبيح او هذه الكلمات التي يقولها الانسان سبحان الله او سبحان الله وبحمده او حينما يقول سبحان الله العظيم وبحمده هذه لا تأخذ ثانية واحدة اقل من ثانية ومعلوم ان الدقيقة ستون ثانية والساعة ستون دقيقة واذا ضربت هذا بهذا صار الناتج من الثواني في الساعة الواحدة ست مئة وثلاثة الاف من الثواني ثلاثة الاف وست مئة من الثواني لو فرض انه يقول واحدة في الثانية فقط. معنى ذلك انه في الساعة ثلاث الاف وست مئة مرة يقول سبحان الله العظيم وبحمده. من منا يقول في اليوم ثلاث الاف وست مئة مرة سبحان الله العظيم وبحمده لو نحسب اوقات الانتقال فقط التي نذهب ونجيء الى المسجد ذهابا ورجوعا والى اعمالنا او لربما الانتظار فقط في الزحام او عند الاشارات او نحو ذلك ستجد انك تقول الاف المرات سبحان الله العظيم وبحمده نحن نضجر ونضيق ذرعا ايها الاحبة حينما نقف في الزحام او حينما نقف عند الاشارة فتضيء ثم بعد ذلك تعود ثانية لتشير الى التوقف ثم بعد ذلك فيضجر الانسان ويضيق ذرعا بهذا لكن وانه جلس يسبح بدلا من ان يتأفف فان ذلك لا يجدي عنه هذا التأفف والضجر فلو بقي يسبح لا سيما في المحال واليوم اكثر البلاد اصبحت بزحام شديد. واكثر عواصم الدنيا والمدن الكبار اصبح الناس يقفون فيها بالساعات الطوال وما عادوا في تلك النواحي يحسبون المسافات بالكيلو مترات كما كنا نحسب انما يحسبون كم ساعة ورأيت في بعض البلاد الناحية القريبة في نفس البلد في نفس المدينة في نفس العاصمة حتى تصل فقط من المطار الذي هو في طرفها وهو متصل بها ليس هناك فاصل تصل من المطار الى موضع في وسط البلد تحتاج الى ست ساعات ذهابا وست ساعات رجوعا فهذه اثنا عشر ساعة غير الوقت الذي تقضيه في هذا العمل وقل مثل ذلك وقل مثل ذلك بل رأيت من ذهب بعد صلاة الظهر ليطلب حاجة يحتاج اليها في هذا الوقت من طعام بعد الظهر وما رجع الا بعد العشاء ما رجع الا بعد العشاء ذهب بعد الظهر يأتي بغدا طعام بعد الظهر رجع بعد العشاء من الزحام الشديد هذا في بعض النواحي وهذا امر لا يخفى. فاقول مثل هذا اثنا عشر ساعة تقريبا حينما يذهب الانسان ويرجع او عشر ساعات او ثمان ساعات فهذه كم مرة يستطيع ان يقول فيها سبحان الله العظيم وبحمده ويحتاج الانسان ان يتبصر وان ينظر فيما ينفعه ويرفعه عند الله تبارك وتعالى ان المقياس الحقيقي ايها الاحبة لاحراز الظفر وتحقيق المطالب ليس هو المال والمكاسب المادية او انجاز الحاجات التي نقصدها حينما نذهب هنا وهناك انما يكون ذلك استغلال اللحظات والانفاس بطاعة الله تبارك وتعالى. فنحن نستطيع في هذه المزاولات والذهاب والمجيء ان نحصل كثيرا وان نكون من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات دعنا من الاوقات التي تمضي امام اجهزة الاتصال وعبر هذه الوسائط الواتساب وغير الواتساب نصبحه ونمسيه وما بين ذلك نقضي وقتا طويلا فان الانسان لو كان يحسب هذه الاوقات لوجد انه يمضي عليه الساعات الطوال ولربما النتيجة ضحلة من غير شيء يذكر لا علم ولا عمل الميزان عند الله تبارك وتعالى يختلف. لو كان اليقين تاما اقيل للناس ان هذا الغراس بهذه الطريقة بهذه الثواني انت تغرس ما شئت. لو كان ذلك اما يرونه في الدنيا لتوقف الناس من جميع الاعمال وصار ليس لهم شغل ولا لهج الا بهذا التسبيح. هو يرى امامه كلما سبح غرس له غرس في الجنة واذا قال سبحان الله العظيم وبحمده فهذه نخلة النخلة كم تكلف بمثل هذه الايام؟ معدل قيمة النخلة اربعة الاف ريال مع غرسها وما الى ذلك بحسب نوعها لكن هذه النخلة التي لربما تستقيم له ولربما تموت في مكانها ولربما تثمر ولربما لم تثمر لو انه حسب لو ضربت اربعة الاف في ثلاث الاف وست مئة يعني فيما يكون في الساعة الواحدة من الغرس لوجدت نخلا كثيرا ولو انك زدت على ذلك فضربته بساعات اليوم والليلة مثلا لربما لم تتسع البلد لهذا النخيل كيف وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم عن شجر الجنة بحديث ثابت صحيح ان سيقان تلك الاشجار اشجار الجنة عموما انها من ذهب من ذهب لو بقي الانسان يعمل طول عمره على ان يحصل مقدار ساق شجرة من ذهب لم لم يدرك لا يحصل ذلك ولكن اليقين حينما يضعف ايها الاحبة نفرط كثيرا ونقبل على اشياء لا يمكن ان تقاس بهذا من عرظ الدنيا الفاني ولربما كان الربح فيها محتملا هنا تهافت ونتهافت عليها هنا امر اخر ايضا يتعلق بهذا الحديث هو ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم فيه صراحة وجاء هذا في احاديث كثيرة من قال سبحان الله العظيم وبحمده غرست له نخلة في الجنة فطلبوا الثواب والاجر من الله تبارك وتعالى. هذا امر لا اشكال فيه خلافا لما يزعمه الصوفية او بعض الصوفية. الذين يقولون نحن نعبد الله لا طلبا لثوابه وجنته ولا خوفا من ناره فهذا انحراف والله عز وجل اخبر عن اوليائه واصفيائه من الرسل فمن بعدهم انهم يرجون رحمته ويخافون عقابه وان التوسط في هذا الباب هو بين افراط هؤلاء وتفريط اولئك الذين ذكرت خبرهم في مناسبة سابقة. بين هؤلاء الذين يقولون نحن نعبد الله عز وجل لا نريد جنة ولا نارا هذا غلط وخلاف ما دل عليه القرآن وما وصف به اشرف الخلق عليهم الصلاة والسلام وبين من فرط فاراد ان يحول الاعمال الصالحة الى مطالب واغراظ يحصلها في الدنيا فهذا ايضا غلط من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنم يصلاها مذموما مدحورا. ومن اراد الاخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن. فاولئك كان سعيهم مشكورا واراد الاخرة يعني ثواب الاخرة فهذا هو الصحيح ان الانسان يطلب ما عند الله تبارك وتعالى ويرجو رحمته ويخشى عقابه ولا يترك ذلك زعما منه انه يريد فقط العبادة من اجل ان يتقرب الى الله دون نظر الى ثواب او عقاب. وكذلك ايضا الجانب الاخر اي يحول مطالبه الى مطالب قريبة عاجلة دنيوية فهو لا يعمل شيئا الا لمطلوب دنيوي. ولكن لو ان ذلك كان على سبيل التبع فلا بأس انه يعمل اعمالا صالحة يكون لها من التوابع كالصدقة التي يحصل معها شفاء المريض ودفع البلاء ونحو ذلك فيتقرب الى الله ويرجو ثوابه وما عنده في الدار الاخرة. وايضا يرجيه مثل هذه العوائد. يقول الاذكار ليحفظ لكنه يقول ذلك ايضا تقربا الى الله ويستشعر هذه الاجور والدرجات فاسأل الله تبارك وتعالى ان ينفعنا واياكم بما سمعنا ويجعلنا واياكم هداة مهتدين والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه السلام عليكم ورحمة