اذا حدثت المصائب حينما يريد السفر اذا ركب راحلته حينما ينزل منزلا اذا رجع من السفر وهكذا اذا غضب يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم اذا رأى ما يكره في منامه ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته ايها الاحبة في هذه الليلة نتحدث عن الحديث الرابع من احاديث هذا الكتاب حصن المسلم وهو حديث عبدالله ابن بسر رضي الله عنه ان رجلا قال يا رسول الله ان الشرائع الاسلام قد كثرت علي فاخبرني بشيء اتشبث به قال لا يزال لسانك رطبا من ذكر الله هذا الرجل يقول يا رسول الله ان شرائع الاسلام قد كثرت علي ظاهره انه اراد بذلك ما زاد على الفرائض من النوافل لان الفرائض لا مندوحة عنها ويجب على المكلف القيام بها وهي محصورة محدودة معلومة واما ابواب البر فيما زاد على الفرائض فهي كثيرة واسعة قال عنها شيخ الاسلام رحمه الله بان هذه الشريعة بمنزلة الشرائع المتعددة بسعة ابواب البر والعمل الصالح فيها. فاذا نظرت الى ابواب التعبدات البدنية فهي متنوعة من الصيام بانواعه ومن الصلاة بانواعها ومن حج وعمرة الى غير ذلك واذا نظرت الى التعبدات المالية وجدتها ايضا كثيرة متنوعة وهكذا سائر ابواب البر يمكن ان تستغرق الاعمار في باب منها وقد يفتح على بعض المكلفين في باب ما لا يفتح عليه في غيره. فهذا الرجل يسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن هذا قل ان شرائع الاسلام قد كثرت علي وسماها الشرائع باعتبار ان الله قد شرعها شرع العمل بها والعمل المشروع هو الدائر بين ما طلبه الشارع اما وجوبا واما ندبا فهذا كله يقال له المشروع ان شرائع الاسلام قد كثرت علي. يعني غلبت علي بالكثرة حتى عجزت عنها لضعفي. فهو يريد شيئا يوصيه به النبي صلى الله عليه وسلم فيتمسك به. ولهذا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم فاخبرني بشيء تشبثوا به يعني اتمسك به لا اتركه بحال من الاحوال فماذا قال له النبي صلى الله عليه وسلم ما هو العمل الذي ارشده اليه مما يمكن ان يكون به غنية عن غيره من الاعمال التي يتطوعها العبد. قال له صلى الله عليه وسلم لا يزال لسانك رطبا من ذكر الله تبارك وتعالى. لا يزال لسانك رطبا من ذكر الله. ونحن نعرف ان ما زال انها من جملة افعال المقاربة. وهي تدل على الاستمرار والدوام تقول ما زال المطر منهمرا وما زال النهر جاريا وما زال زيد يأتينا ونحو ذلك مما يدل على الاستمرار. اذا قوله صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث لا يزال لسانك رطبا من ذكر الله يدل على الدوام والاستمرار فرطوبة اللسان هنا عبر بها عن ذلك عبر بها كما يقول بعض الشراح كما يقول بعض العلماء بكتب شروح السنة عبر بها عن سهولة جريانه على اللسان بمعنى انه لا يتوقف. توقفا يحصل به الانقطاع والفتور عن ذكر الله تبارك وتعالى وذلك ان يبسه عبارة عن ضدي رطوبته فيكون لسانه يابسا ثم ان جريان اللسان ايها الاحبة حين اذ يكون عبارة عن مداومة الذكر بصورة لا ينقطع فيها العبد ولا يغفل اعني ذاك الانقطاع الذي يحصل به التباعد والفتور فكأن النبي صلى الله عليه وسلم قال له داوم على ذكر الله تبارك وتعالى. من اجل ان يكون الذكر جاريا على لسانه فيكون لسانه رطبا بذكر ربه وخالقه جل جلاله وتقدست اسماؤه. لا يزال لسانك رطبا فهذا جعلوه كقوله تبارك وتعالى فلا تموتن الا وانتم مسلمون. كيف يستطيع الانسان ان يموت على الاسلام وهو لا يملك خاتمته المقصود بذلك ان يلزم شرائع الاسلام والايمان. لزوما مستمرا حتى يلقى الله تبارك وتعالى فهنا كيف يكون اللسان رطبا بذكر الله عز وجل بملازمة الذكر فيجري على لسانه جريا لا تكلف فيه ولا انقطاع ولا مباعدة. وهذا المعنى اشرنا اليه ايها الاخوان في الكلام على كثرة الذكر من هم الذاكرون الله كثيرا والذاكرات فهذا الذي لم يزل لسانه رطبا من ذكر الله تبارك وتعالى. حينما يقال لم يزل الزرع رطبا لم يزل الثوب رطبا فهنا رطوبته تدل على قرب العهد بالمؤثر الذي اوجب هذه الرطوبة. فاذا ترك جف. فاذا تعوهد فانه لم يزل ذاب ان نحاس اذا ادخل في النار ذاب اما الحجارة فهي لا تتأثر بالنار ولا تذوب فمثلها بالاحجار ولم يمثلها بالحديد ونحوه. فهي كالحجارة او اشد قسوة. ما الذي يورث هذه الصلابة؟ انه كذلك يعني ان الرطوبة وصفه الدائم المستمر تقول هذا المكان لو هذه الارض في المسجد هذه الفرش صار الماء يتتابع عليها حينا بعد حين من غير مباعدة غير تباعد فانك تقول لم يزل هذا المكان رطبا يعني لقرب عهده بالمؤثر الذي اوجب هذه الرطوبة. وعليه فان هذا الانسان الذي يداوم على الاذكار في الاوقات المختلفة باختلاف الاحوال والاوضاع والاوقات يكون لسانه كذلك. انظروا على سبيل المثال ما يتطلب ذكرا مما نأتيه ونعافسه في مصبحنا وممسانا في يومنا وليلتنا في اناء الليل واطراف النهار في كل حين ووقت مثلا يشرع لنا الذكر والحمد على الاكل والشرب واللباس والجماع دخول المنزل الخروج منه دخول الخلاء الخروج منه ركوب الدابة التسمية على الذبيحة من النسك وغيره حمد الله على العطاس عند رؤية اهل البلاء في الدين او في الدنيا عند التقاء الاخوان يسلموا عليه حينما يسأله عن حاله يحمد الله عند تجدد ما يحبه الانسان من النعم عند الدفاع ما يكرهه من النقم يحمد الله. اي يحمده في السراء والضراء والشدة والرخاء ان يحمده على كل حال. وهكذا ايضا يقول ما يشرع له من الذكر اذا سمع اصوات الديكة بالليل عندما يسمع نباح الكلاب ونهيق الحمار بالليل عند سماع الرعد عند نزول المطر عند اشتداد هبوب الرياح عند رؤية الهلال عند رؤية باكورة الثمر وهكذا ايضا يدعو الله تبارك وتعالى اذا نزل به الكرب حينما يتعار من النوم يذكر الله تبارك وتعالى. وهكذا اذا عزم على امر فانه يستخير ولو كان هذا الامر يسيرا اذا اذنب او قصر بطاعة الله عز وجل تاب واستغفر كما قال الله تبارك وتعالى والذين اذا فعلوا فاحشة او ظلموا انفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب الا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون. فهذا الذكر اذا فعلوا فاحشة او ظلموا انفسهم عند تقصير بالطاعة ونحو ذلك اول ما يتوجه الى ذكر القلب. يتذكر رقابة الله وعظمته فيخافه فيتوب. وينطق لسانه بالاستغفار فهذا هو حال حال المؤمن. الحافظ ابن رجب رحمه الله يقول من حافظ على ذلك هذه التي جرى التمثيل بها وهي على سبيل المثال لم يزل لسانه رطبا بذكر الله لان العبد دائما بحال نعم متجددة هو يشاهد نعما ويرى بلاء ثم هو يتقلب في امور شتى كل ذلك يوجب له الذكر فالعبد لا انفكاك له من ذلك في احواله كلها. واذا كان العبد بهذه المثابة فله ضمان اكيد بان تكون احواله على التمام والكمال لان من كان بهذه المثابة فانه يراقب الله عز وجل في اموره كلها ويخافه ويستحي منه حق الحياء ويتأدب معه. واذا نادى المنادي للصلاة فانه لا يقدم على ذلك شيئا ولا يؤثر على الله وعلى طاعة رسوله صلى الله عليه وسلم امرا مما يحبه ولا يخاف احدا اعظم من خوفه من ربه جل جلاله وتقدست اسماؤه يكون هذا العبد الذي هو بهذه المثابة يكون على حال من الخشوع والخضوع يكون على حال مرضية من الصبر والرضا والتوكل على الله عز وجل والثقة به وحسن الظن بربه. لا يجزع حينما يجزع الناس. ولا يخاف حينما يخافون. ولا يحصل له تردد في طاعته ولا يحصل له انتكاس او تراجع ولا يشكو مثل هذا من قسوة القلب وما تؤثره تلك القسوة من جفاف العين كل هذا وغيره ايها الاخوان يتحقق لمن كان بهذه المثابة لا يزال لسانك رطبا من ذكر الله تبارك وتعالى. بخلاف الغافل فانه يحصل له انقطاع طويل معتبر يؤثر هذا الجفاف الذي يكون باللسان وما يعقبه من جفاف القلب ويبسه فيكون قلبه قاسيا في غاية الصلابة كما قال الله تبارك وتعالى عن اولئك من بني اسرائيل. ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة او اشد قسوة وان من الحجارة لما يتفجر منه الانهار وان منها لما يشقق فيخرج منه الماء. وان منها لما يهبط من خشية الله وما الله بغافل عما تعملون. فذكر الاحجار كما اشرنا في مناسبة سابقة كما قال بعض اهل العلم لان الحديث اذا ادخل في الغفلة عن ذكر الله فيصير العبد بتلك الحال ولا تكونوا كالذين نسوا الله فانساهم انفسهم. فنسيان نسيان حمده والثناء عليه تبارك وتعالى وما الى ذلك من انواع الترك والنسيان والاعراض والغفلة التي تؤثر هذه الاثار الخطيرة فانساهم انفسهم فيكون العبد ضائعا مضيعا كما قال الله تبارك وتعالى ولا تطع من اغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان امره فرطا. فهذه الصفات الثلاث نسأل الله العافية هي صفات اهل الغفلة من اغفلنا قلبه عن ذكرنا النتيجة اتبع هواه. ثم بعد ذلك حاله وكان امره فرطا. يكون مضيعا لا ينهض لله عز وجل بحق ولا ينهض لعباده بحق فمثل هذا يكون في غاية التفريط والتضييع. اسأل الله عز وجل ان يلهمنا رشدنا وان يقينا شر انفسنا. وان يعيننا واياكم على ذكر وشكره وحسن عبادته. والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد واله وصحبه