ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله. صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى اله وصحبه اجمعين. اما بعد فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته لا زال الحديث ايها الاحبة متصلا بقوله صلى الله عليه وسلم من تعار من الليل فقال حين يستيقظ لا اله الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم رب اغفر لي. النبي صلى الله عليه وسلم يقول من قال ذلك غفر له. فان دعا استجيب له فان قام فتوضأ ثم صلى قبلت صلاته فهذه وعود من الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم لمن كان كذلك فهذا يدل ايها الاحبة على ان هذا المسلم على ان هذا القائم من نومه على ان هذا المتعار من نومه انه قد جاء بامر عظيم انه قد صدر منه امر ذو شأن فكانت له هذه الوعود من الذي لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم فهذا كما ذكرنا ايها الاحبة فيه ما فيه من الدلالات على رسوخ الذكر في قلب من كان بهذه المثابة بهذا الحديث ايها الاحبة فضل المبادرة الى ذكر الله عز وجل والثناء عليه عند الاستيقاظ او عند التوقف او عند التنبه اذا كان الانسان في حال نومه فحصلت له يقظة وان يكون ذلك هو اول شيء يفعله ويسارع اليه فيبدأ بذكر الله تبارك وتعالى وتهليله وتحميده تكبيره وتنزيهه وتسبيحه فذكر هذه الكلمات العظيمة التي ابتدأت باجل الكلمات واشرف الكلمات واعدل الكلمات واصدق الكلمات. وهي كلمة التوحيد لا اله الا الله بدأ بها لانها الاجل والاشرف ولانها الاصل ولانها الكلمة الطيبة التي اصلها ثابت وفرعها في السماء هي الكلمة التي لا ترفع الاعمال الا بتحقيقها. اليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه على بعض الاقوال المشهورة في التفسير ان الكلمة الطيب يرفع العمل الصالح فلا يرتفع الا بالتوحيد الا بكلمة التوحيد الا بلا اله الا الله العمل الصالح يرفعه الكلم الطيب وهذه امور متلازمة لكن هذا هو الاصل الكبير تحقيق هذه الكلمة فبدأ بها مؤكدا معناها وما دلت عليه لا اله الا الله وحده لا شريك له فلا اله الا الله كما هو معلوم ايها الاحبة فيها ركنان عظيمان واصلان كبيران وفرعان اصليان الاول النفي والثاني الاثبات فلا اله نفي لكل ما يعبد من دون الله تبارك وتعالى من اي نوع كان جميع المعبودات لا اله نفي للعبودية عن كل ما سوى الله والشق الاخر الاثبات في قوله الا الله اثبات العبودية بكل معانيها لله وحده لا شريك له لانه هو الذي يستحق ذلك دون ما سواه ليس هناك من يستحق العبودية ايها الاحبة. ان يصرف له منها قليل او كثير سوى الله جل جلاله وتقدست اسماؤه فاكد هذين الامرين اكد هذين الاصلين بقوله وحده لا شريك له لا اله الا الله هذه تكفي فجاء التأكيد عليها بقوله وحده يؤكد الاثبات وجاء تأكيد الشق الاخر فيها وهو النفي لا اله بقوله لا شريك له ليس له شريك في ذاته ولا في افعاله ولا في ملكه ليس له شريك في صفاته فهو الواحد الفرد قل هو الله احد احد في ذاته واسمائه وصفاته وافعاله احد في الهيته احد في ربوبيته احد في اوصاف كماله ونعوت جلاله كل ذلك هو واحد فيه فالابتداء بهذه الكلمة ايها الاحبة كلمة التوحيد لانها الاهم لانها الاصل فالتوحيد هو مبدأ دعوة الرسل عليهم الصلاة والسلام هو الطريق الى النجاة هو المنطلق الى الاعمال هو الاساس الذي تبنى عليه التصورات والافكار ولهذا فان الناس اسرى لافكارهم ومعتقداتهم واذا تصححت هذه التصورات بالتوحيد تصححت الاعمال تصححت المفاهيم تصححت المعايير والمقاييس بهذه الحياة وتصحح ايضا تصححت العلوم والمعارف اذا ثبتت هذه الكلمة في قلب العبد وفهمها ووعاها وادرك ما حوته من الهدايات والدلالات والمعاني الكبار القرآن كله ايها الاحبة من اوله الى اخره توحيد هو شرح لهذه الكلمة الامام الشافعي رحمه الله يقول كل ما تقوله الامة فهو شرح للسنة والسنة شرح للقرآن. والقرآن كله شرح لاسماء الله وصفاته اسماء الله وصفاته توحيد ولذلك فان من عرف الله معرفة صحيحة باسمائه وصفاته فانه يوحده ولا يلتفت لاحد سواه ومن هنا كان الاشتغال بمعاني الاسماء الحسنى والصفات العلا من اعظم ما يرسخ التوحيد بقلب المؤمن القرآن ايها الاحبة كما يقول الحافظ ابن القيم من اوله الى اخره توحيد هو في التوحيد وحقوقه وجزائه وكذا يتحدث عن اضداده حدث عن الشرك واهله وجزائهم انظر الى اول سورة في القرآن التي نقرأها في كل ركعة من اولها الى اخرها توحيد الحمد لله رب العالمين. توحيد هذا الذي تضيف اليه جميع المحامد ما يستحق جميع المحامد الا الكامل من كل وجه كامل من كل وجه والذي يستحق ان يعبد وحده دون ما سواه يعبد غيره لماذا؟ الالهية لله الربوبية رب العالمين ثم الصفات الكاملة بالالهية والربوبية فينتظمان جميع الاسماء الحسنى والصفات العلا لان ذلك يرجع الى الالهية والربوبية فمن كان هو الاله فهو الذي يوصف بجميع صفات الكمال والرب الذي يستحق ان يكون هو الرب هو الذي يستحق نعوت الجلال والجمال والكمال من اولها الى اخرها والخالق الرازق المحيي المميت المدبر المعطي المانع مصور خالق البارع كل هذه المعاني داخلة في ربوبيته ومن هنا ايها الاحبة الحمد لله رب العالمين توحيد الرحمن الرحيم توحيد مالك يوم الدين يملك الاخرة ولما دونه املك لمن الملك اليوم لله الواحد القهار فهذا توحيد. اياك نعبد نعبدك وحدك التوحيد. اياك نستعين لا نستعين باحد سواك هذا توحيد اهدنا الصراط المستقيم. الصراط المستقيم هو التوحيد هو الايمان الصحيح هو عبادة الله وحده لا شريك له هنا يسأل الهداية الى طريق اهل التوحيد الذين انعمت عليهم هم اهل التوحيد هم اهل الايمان وضد هؤلاء اما ان يكون قد عرف الحق فتركه فهم اهل الغضب او ضل عنه لجهله فهم اهل الضلال هذا كله توحيد فهذه السورة على قصرها تنتظم جميع انواع التوحيد وكلها في التوحيد فكيف لو طالعت القرآن من اوله الى اخره لرأيت من ذلك الكثير في تقرير هذا الاصل الكبير وترسيخه بطرق متنوعة كثيرة فنظرت الى توحيد الالهية كيف يقرر في القرآن بطرق كثيرة جدا وتوحيد الربوبية كذلك وتوحيد الاسماء والصفات الكلام على قضايا اليوم الاخر كيف تقرر البعث والنشور الحساب والجزاء كل هذه الامور القدر ان الله تبارك وتعالى ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن وانه قدر مقادير الخلق كتب ذلك واثبته وحكم به وقضى وخلق فهذا كله ايها الاحبة كله في التوحيد والله عز وجل يشهد وهو اجل شاهد بهذه الشهادة شهد الله انه لا اله الا هو والملائكة ايضا يشهدون واولو العلم يشهدون قائما بالقسط لا اله الا هو العزيز الحكيم ان الدين عند الله الاسلام نعم الذي هو اسلام الوجه لله عز وجل. هذا هو التوحيد فاعلم انه لا اله الا الله فهذا اول ما يجب على المكلف التوحيد ان يوحد الله تبارك وتعالى الم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة اصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي اكلها كل حين هذه هي كلمة التوحيد وهذه هي التي دعا اليها الرسل عليهم الصلاة والسلام كل الرسل من اولهم الى اخرهم جاءوا يدعون الى هذه الكلمة بشقيها النفي والاثبات ولهذا يقول الله عز وجل والهكم اله واحد هذا اثبات ثم قال لا اله الا هو الرحمن الرحيم فذكر هذين الشقين لانه لا يستحق الالهية احد سوى الله فهي تنفي ذلك بجميع صوره واشكاله فهو الاله الحق والاله والمألوه الذي تألهه القلوب يعني تعبده وتحبه وتنيب اليه وتجله وتعظمه المألوه ومن هنا اذا قال العبد لا اله الا الله يكون قد دخل الاسلام يكون قد دخل من بوابته الكبرى من بوابته الصحيحة ومن هنا بقي عليه ان يحقق شروط هذه الكلمة ومقتضياتها فهذه الكلمة ايها الاحبة كما اشرت تنتظم انواع التوحيد الثلاثة لو نظرنا الى توحيد الالهية في هذه الكلمة لما جاء النبي صلى الله عليه وسلم الى المشركين ودعاهم الى هذه الكلمة ان يقولوها كانوا يفهمون معناها ولهذا استنكفوا عرفوا معنى الاله الواحد. اجعل الالهة الها واحدا ان هذا لشيء عجاب. رفضوا ان يقولوا هذه الكلمة لماذا لم يقولوها قولا مجردا بالسنتهم ثم يفارقون مقتضياتها بافعالهم وواقعهم لانهم يعرفون انهم اذا قالوا هذه الكلمة معناها انهم لزموا الخط الصحيح والصراط المستقيم لزموا عبادة الله دونما احد سواه فتكسر هذه الاوثان والاصنام بجميع اشكالها مهما تصورت بصور شجر او حجر او قبر او بشر كل هذا سيلغى وكل هذه الزعامات التالفة التي بنيت على هذه المعبودات الباطلة ستنتهي هذا ساد لقبر وتأتيه اموال انتهى هذا يقوم على دينهم وهو من كبار ائمتهم في الكفر والضلال اذا انتهت تلك المعبودات الباطلة انتهى فيأخذ حجمه الصحيح يأخذ حجمه الطبيعي ولهذا الذين يعادون الرسل عليهم الصلاة والسلام ويردون دعوة التوحيد ويردون دعوة الحق احيانا كما يقول المعلم رحمه الله ومنهم من يكون له في الباطل شهرة ومعيشة. ستنقطع بعد ما كان هو المقدم هو المعظم هو الامام هو القائد سيأخذ حجمه الصحيح على الرف قد يكون من اجهل الجاهلين فيكون من عوام المسلمين اذا دخل في الاسلام وقبل ذلك كان هو الزعيم الذي لا يرد له امر ولا يجترئ احد على مخالفته وهنا ردوا هذه الكلمة لانها ستلغي تلك الالهة المدعاة من دون الله عز وجل التي تصرف لها العبادة وتعجبوا كيف جعل الالهة الها واحدا فكان الرسل عليهم الصلاة والسلام يبدأ من هنا ما يبدأ بقيم ولا بامور مشتركة هنا يا قومي اعبدوا الله ما لكم من اله غيره. لو قال لهم نبدأ بالاخلاق نبدأ بالحياء نبدأ الرفق نبدأ صلة الرحم نبدأ اطعام الطعام نبدأ الرحمة بالانسان والحيوان لو قالوا نبدأ قضايا من هذا القبيل لرحبوا وقالوا اهلا وسهلا ومرحبا كلنا نوافقك على هذا ونعطيك ونوليك ونؤيدك ونقويك لكن حينما يقال لهم لا اله الا الله هنا يفترق الناس الى مؤمنين وكفار فهذه الكلمة فارقة بين الناس ومن هنا صار الناس الى اهل الايمان واهل كفر صاروا الى موحدين ومشركين ووقعت العداوة بين الرسل واتباع الرسل مع هؤلاء من عسكر الشيطان وجنده من اهل الاشراك والكفر ومحادة الله ومحادة رسله عليهم الصلاة والسلام فتحقيق هذه الكلمة ايها الاحبة قولا وعملا واعتقادا واداء لمقتضاها هو توحيد الالهية الذي هو قطب الرحى لدعوة الرسل. هو قطب رحى الدين. هو الاساس الذي تبنى عليه الاعمال هو المنطلق كما سبق هذا الفيصل بين اهل الايمان واهل الاشراك فهذا تضمنها لتوحيد الالهية. بقي الكلام على تظمنها لنوعي التوحيد الاخرين ولا تستطيلوا ايها الاحبة هذا الكلام. فهذه الكلمة وما يتلوها من قول سبحان الله والحمد لله والله اكبر هي اجل الكلمات واشرف الكلمات واعظم الكلمات بعد القرآن وهن من القرآن كما سيأتي فذلك اجل الذكر واشرفه ومن هنا نحن نرددها نردد هذه الكلمات اذا استيقظ الانسان قالها يرددها بعد كل صلاة لكن ما الذي تحتها؟ لماذا لا تغير واقعنا؟ انسان يقول مثل هذه الكلمات حينما يتعار من الليل او يقولها بعد كل صلاة. ثم يقول يا عيدروس يا جيلاني يا بدوي يا علي يا حسين هذا لا يمكن ولا يتصور انسان فهم هذا ثم يلتفت الى غير الله. انسان فهم هذا يمكن ان يتعاظم مخلوق في قلبه فيخافه اكثر مما يخاف ربه تبارك وتعالى ان يرجو مخلوقا ان يعلق قلبه بمخلوق ويردد مثل هذه الكلمات فهذا هنا نحن نبين ما تحت هذه الجمل من المعاني والهدايات لاننا سنحتاج الى هذا في مواضع من هذه الاذكار وسأحيل الى هذا الكلام. حينما نأتي لاذكار اخرى فيما يقال بعد الصلاة وغير ذلك ساحيل الى هذا التفصيل والبيان الذي اذكره في هذا الموضع وان لم نبين ما تحت هذه الكلمات العظيمة الجليلة التي اجل الكلام بعد القرآن ما الذي سنبينه؟ وما الذي سنوضحه وسترون من هذا اشياء تدل على عظم وشرف هذه الكلمات التي تضمنها هذا الحديث ومن هنا لا نستغرب حينما يقول النبي صلى الله عليه وسلم في اخره بان من فعل ذلك غفر له وان دعا استجيب له وان صلى صلاته لا غرابة والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه