فانهم لا يصلون الى هذه المقامات والدرجات العالية بعض السلف كان يقول اني لاخرج من منزلي. فما يقع بصري على شيء الا رأيت لله علي فيه نعمة او لي فيه عبرة ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته ايها الاحبة لا زال الحديث عن هذه الايات التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يستفتح بها بعد استيقاظه بين يدي صلاته من الليل وهي الايات الاخيرة من سورة ال عمران ان في خلق السماوات والارض واختلاف الليل والنهار لايات لاولي الالباب لايات لاصحاب العقول الراجحات حيث يتعرفون بها على وحدانية الله عز وجل يتعرفون بها على ربوبيته يتعرفون بها على اوصافه الكاملة ويتعرفون بذلك على قدرته تبارك وتعالى على البعث والنشور. ويتعرفون بذلك على ان الله تبارك وتعالى ما خلق هذا الخلق من اجل العبث تعالى وتقدس وتنزه عن ذلك علوا كبيرا هذه الايات ان في خلق السماوات والارض لايات فهنا الله تبارك وتعالى لم يقيد ذلك بانها ايات على كذا وانما اطلقه فهي ايات على الهيته وربوبيته واسمائه وصفاته هي ايات على قدرته هي ايات كثيرة عامة فجاءت بهذا الاطلاق لكن من الذي ينتفع بذلك من الذي يعتبر هم اولوا الالباب اصحاب العقول الصحيحة التي ترشدهم بطريق النظر الصحيح والتفكير السليم الموجه الى ما ينفع ترشدهم الى هذه المطالب العالية. ويتعرفون من خلالها على حقائق كبرى فيعرفون ان هذه الدار ليست بدار قرار ويعرفون انهم لابد لهم من انتقال الى دار اخرى يحاسبون فيها ويجازون على اعمالهم الصغار والكبار. هذه ايات ايها الاحبة مشهودة يشاهدها كل احد. ولكن الله خص هؤلاء اعني اولي الالباب لانهم الذين ينتفعون بها فصح تخصيصهم بذلك كما قال الله تبارك وتعالى ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين مع انه هدى لجميع الخلق لكن لما كان المتقون هم المنتفعون به صح تخصيصهم بذلك اما اولئك من الصم البكم الذين لا يعقلون فهؤلاء كما قال الله تبارك وتعالى ان شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون. فهؤلاء لا عقول لهم ولا اسماع ولا ابصار ينتفعون بها. ولذلك لا خير فيهم. والله يقول بعدها ولو علم الله فيهم خيرا لاسمعهم ولو اسمعهم لتولوا وهم معرضون نسأل الله العافية فهؤلاء حالهم كما قال الله عز وجل انهم الا كالانعام كالبهائم كالسوائم فهم يشاهدون هذه الاجرام العلوية وهذه المخلوقات الارضية من الجبال والوهاد والهضاب والبحار ولكنهم لا ينتفعون بها الذين ينتفعون هم اولو الالباب اذا ايها الاحبة من رزقه الله عز وجل بصرا نافذا ينتفع بما حوله مما يشاهده من ايات الله ودلائل قدرته فهو في نعمة عظيمة قد اجتباه الله وحباه ووفقه وهداه واعطاه ما حرم منه الكثيرون. فتميز عن عالم العجماوات عن عالم الدواب والبهائم بهذا العقل قد يكون الانسان عالما كبيرا في علوم الذرة في علوم النبات في علوم الفلك ويتحدث عن دقة هذا الخلق وعجيب صنعه وهو لا يعرف ربه وخالقه فهذا لا خير في علمه ولا خير في عقله ولا خير في ذكائه فكم من ذكي صار ذكاؤه جناية عليه وكم من ذي علم كان علمه وبالا عليه ادى به الى رد ما جاءت به الرسل عليهم الصلاة والسلام فاولئك الذين فرحوا بما عندهم من العلم لم تنفعهم علومهم ولا ذكاؤهم فكان ذلك سببا لكفرهم وغيهم وهوانهم على ربهم جل جلاله وتقدست اسماؤه وهذا ايها الاحبة اعني قوله تبارك وتعالى لايات لاولي الالباب الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى ذنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والارض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك وقنا عذاب النار يدل على شرف التفكر والاعتبار فان هذه عبادة يعمل فيها اهل الايمان فكرهم حال نظرهم في صفحة الكون فيحصل لهم من العلوم والمعارف والادراكات ما لا يقادر قدره وكذلك حينما ينظرون ويتفكرون في ايات الله المتلوة القرآن يحصل لهم من هذا التدبر الوان الفتوح والهدايات التي تفتح على هذه الاذهان الطيبة النقية لانه كتاب مطهر لا يمسه الا المطهرون. وكذلك معانيه وهداياته لا تنالها الا القلوب الطاهرة كما قال ذلك شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله وذكره الحافظ ابن القيم فهؤلاء هي ايات لاولي الالباب الذين وصفهم الله بالوصف بعده في الاية التالية من هم هؤلاء اصحاب العقول الراجحات كيف نقيم الناس كيف نعرف العاقل من السفيه الجاهل العبرة ايها الاحبة ليست بنياشين يلبسها الانسان. وليست بالقاب يتلقب بها فيقال هذا كبير القوم كبير القبيلة كبير الاسرة عميد هذا المسؤول الفلاني هذا التاجر الفلاني لا من المقياس المعيار ما هو؟ الايات اللي اولي الالباب من هم الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والارض. قائلين ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار. هؤلاء هم العقلاء هذا هو العقل الحقيقي وان ظنه كثير من هؤلاء الذين لا خلاق لهم لا يعرفون الله ولا يعظمونه حق تعظيمه لربما يظنون ان هؤلاء من السفهاء من البسطاء من السطحيين ولكن المعيار عند الله يختلف عن هذا ولهذا لما ذكر الله عز وجل خبر ايوب صلى الله عليه وسلم وذكر قصته عقب الموضع الاول بقوله وذكرى لاولي الالباب وفي الموضع الاخر وذكرى للعابدين نفس القصة كشفنا ما به من ضر واتيناه اهله ومثلهم معهم لما دعا ربه اني مسني الضر وانت ارحم الراحمين فاستجبنا له فرفع الله ضره وعافاه. ختم الله عز وجل خبره في موضع بقوله وذكرى لاولي الالباب. في الموضع الاخر وذكرى للعابدين. العلماء اخذوا منها النتيجة الجمع بين هذا وهذا الموضع بين هذين الموضعين ان اولي الالباب يساوي العابدين وركب عليه الفقهاء مسألة قالوا لو اوصى بماله لا عقل اهل البلد اعطي اعبد اهل البلد لله عز وجل. اكثر الناس عبادة لماذا لاننا جمعنا بين الموضعين فنتج ان اولي الالباب هم العابدون لانه بعيد النظر. هو ينظر الى ما وراء الدنيا اما قصير النظر وهو ينظر الى نظر قصير لا يجاوز انفه ينظر الى كيف يحصل هالمكاسب الطمع كيف يحصل اللذات والشهوات العاجلة المتقضية القريبة ولسان حاله يقول كما قال بعضهم اذا وقعنا في حفرته يفعل فينا قدرته الله العافية قالها بعضهم هات اذا وقعنا في حفرته يفعل فينا قدرته نسأل الله العافية يعني هذا من اولي الالباب هذا يفكر هذا يعرف العواقب هذا يعرف قدرة الله هذا يعظم الله حق التعظيم فهذه عبادة ايها الاحبة التفكر لا تتجلى الا لاصحاب القلوب الحية القلوب اليقظة اما اولئك الذين قد ماتت قلوبهم كل شيء يشاهده يعتبر به فكيف بالسموات والارض كيف بالجبال والبحار يقول كل شيء اشاهده لي فيه عبرة يعتبر في كل شيء اذ رأى انسانا قد احدودب ظهره واعتبر هذه حال الدنيا ايضا رفع رأسه ونظر الى القمر قد صار تحول الى هلال عرف ان هذه سنة الله في هذه حياة يبدأ الشيء صغيرا ثم يكتمل ثم يتلاشى. اذا نظر الى سيارة قديمة ادرك ان حال جميع السيارات والمراكب الجديدة التي لربما تستهوي الكثيرين ان هذا حالها اذا مر بدار خربة تذكر ان حال كل الدور في هذه الدنيا سيصير الى هذا الخراب. اذا رأى ثوبا رثا عرف ان كل جديد يصير الى هذا في كل شيء يعتبر ويتعظ وينتفع غاية الانتباه. اما الذي نظره لا يجاوز انفه فهو ينظر الى نظر قصير. اذا رأى سيارة ذات بهرج فتنته. واذا رأى امرأة لا زال فيها بقية رمق من شباب اخذت بمجامع لبه وعقله فطأش عقله وطلب الحرام ولو كان في ذلك دفع ولو دفع في ذلك العاقبة والاخرة والجزاء عند الله والثواب والجنة الى غير ذلك. الحسن البصري كان يقول تفكروا ساعة خير من قيام ليلة لماذا؟ تفكر ساعة لانه كما جاء عن ابن عباس ركعتان مقتصدتان في تفكر خير من قيام ليلة والقلب ساه هكذا كانوا يقيسون العبادات ويعرفون قدر التفكر فالفكرة عندهم كما يقول الحسن البصري مرآة تريك حسناتك وسيئاتك. اذا هي ذات شأن كبير لكن المشكلة السادر الغافل الذي لا يتفكر متى يرعوي ومتى يرجع ومتى يؤوب ومتى يتوب ومتى الفكرة كما يقول سفيان ابن عيينة نور يدخل قلبك الذي قلبه قد اظلم وقد سفت عليه السوافي هذا كيف ينظر في عمله وحاله ومآله وما هو عليه؟ متى يرعوي؟ متى يتوب؟ متى يستقيم؟ متى تصلح؟ حاله ينظر فيما يقول وفيما يزاول وفيما يعمل اين نيته من هذا؟ في كتاباته في قراءاته في كل شيء في ذهابه في مجيئه في دعوته في كلامه في خطبته هل له فيها نية؟ ما له فيها نية؟ هو ماذا يريد بهذا الكلام؟ ما يريد بهذا بهذه الكتابة؟ هو يريد ما عند الله ولا يريد ما عند الناس بعض الناس سادر حتى في الاعمال التي ظاهرها انها خيرية اعمال صالحة في ظاهرها هكذا. هو غافل ولكنه انما يقوم ويقعد باعزاز نفسه ورفعها. وهو غافل يذهب ويسافر ويكتب في تويتر ويكتب في الفيسبوك ويكتب في المنتديات ويكتب في كل مكان والشغل كله يدور احيانا حول هذه النفس لاعزازها ورفعها ان تكون نفسه هي العليا وينظر العين حوله على هالعداد. كم بلغ عدد المتابعين؟ هذا قيام وقعود ليس لله ولا هذا ما ما يتفكر فقد يكون الانسان اعماله في الظاهر صالحة ولكنه غافل غافل وقد لا يجرؤ الناس على مكالمته قد يظهر هذا للناس ولكنهم لا يستطيعون ان يقولوا صحح نيتك اصلح قصدك اصلح عملك ولا لو صلحت نياتنا ايها الاحبة لكان لساننا الناطق وصوتنا العالي ما مني شيء ولا لي شيء. وما اصبحنا على هذه الحالة نشاهدها من التفرق في احوالنا كلها في جميع الميادين كل واحد يقول انا نحن وهؤلاء اوزاع وهؤلاء اوزاع وهؤلاء اوزاع وهكذا هذي مصيبة بلوى ابتلي بها ابتليت بها الامة في هذا العصر وقبله عصور متطاولة لو صحت منا النيات ايها الاحبة لكان لسان الجميع ما مني شيء ولا لي شيء انا المكدى وابن المكدأ انا في اخر الركض لا يشترط ان يكون الانسان الا ان يكون رأسا هو المسؤول عن المشروع هو المقدم في كل شيء هو الذي يذكر اسمه هو الذي ينوه به هو الذي لا دعك من هذا الكلام انا لا لا قيمة له عند الله عز وجل. لو كنا بهذه المثابة لما استطاع هذا القرد الذي يقال له بشار. لما استطاع ان يصمد يوما واحدا ما يستطيع لو وجد امة بهذه المثابة لسان الحال ما مني شيء ولا لشيء كان في الساقة فهو في الساقة وان كان. هذا نحتاج ان نفكر ان نتفكر فيه وان كما قال بعضهم اذا المرء كانت له فكرة ففي كل شيء له عبرة في احوال الناس في في خلق الله تبارك وتعالى ابن المبارك يذكر ان رجلا مر براهب عند مقبرة ومزبلة هذا الراهب جالس عند مقبرة ومزبلة. فناداه قال له يا راهب ان عندك كنزين من كنوز الدنيا لك فيهما معتبر كنز الرجال وكنز الاموال ينزل رجال المقبرة وكنز الاموال المزبلة اعزكم الله ولعلي ذكرت في بعض المناسبات عبرة كان عندنا هنا المقبرة يقابلها التشليح كنت اعجب حينما انظر الى هذا المشهد من هنا على اليمين تشليح مقبرة السيارات اللي لطالما نظر اليها ناظرون واعجبتهم واستهوتهم حالة حداثتها اوجدها وعلى اليسار مقبرة الرجال مقبرة الناس عبرة كبيرة جدا هذه هي النهاية هذه السيارات وهذولا الناس في الحج كنت اقول اخوان انظروا العبرة هذا بوفيه ممتد ومن هنا اعزكم الله من الجهة الثانية دورات المياه الحياة ما بينهما المطاعم والملاذ وفي النهاية هذه الحياة اللي يغتر بها العالم وهالناس ويتصارعون عليها ويظيعون الدين وتترك الصلاة ويترك ذكر الله عز وجل لكن اللي يفكر يعرف ان هذا كله ماشي ابو ريالين وابو مليونين وابو مليارين هم كلهم لابسين هالخريقة اشماغا وثوب يكفيه ابو عشرة وملفاها على كفن من البلدية مجاني. فلماذا يتهافت الانسان يفكر في مثل هذه الامور ولهذا كما قال بشر الحافي لو تفكر الناس في عظمة الله عز وجل لما عصوه عمر بن عبد العزيز يوم بكى وسألوه قال فكرت في الدنيا ولذاتها وشهواتها فاعتبرت منها بها ما تكاد شهواتها تنقضي حتى تكدرها مرارته ولئن لم يكن فيها عبرة لمن اعتبر ان فيها المواعظ لمن ادكر وما اكثر المواعظ في هذه الحياة الدنيا مليئة بالمواعظ يوعظ الانسان بنفسه ويوعظ بمن يشاهده من غيره لكن الحجب الغفلة كثرة الفضول من الخلطة والنوم الكلام والنظر تحول دون القلب فضلا عن المعاصي بهذا الحسن يقول يا ابن ادم كل في ثلث بطنك واشرب في ثلث ودع الثلث الاخر تتنفس للفكرة تتنفل ولهذا قيل للامام احمد يحصل الخشوع مع الامتلاء لكن الكثير قال ما اراه ما حصل ماذا يحتاج الانسان ان يتأمل فيه ولهذا قالوا الفكرة تذهب الغفلة وتجذب للقلب الخشية كما ينبت الماء الزرع كثرة التفكر ايها الاحبة حياة للقلوب لا شك انه حياة عظيمة واي حياة اختم ابيات لطيفة في هذا المعنى يقول فيها نزهة المؤمن الفكر لذة المؤمن العبر الى ان يقول رب لاه وعمره قد تقضى وما شعر رب عيش قد كان فوق المنى مونق الزهر بخرير من العيون وظل من الشجر وسرور من النبات وطيب من الثمر طيرته واهله سرعة الدهر بالغير نحمد الله وحده ان في ذلك لمعتبر ان في دا لعبرة للبيب ان اعتبر تأمل واذهب اقلب النظر اذهب الى الاحياء القديمة اذهب الى النواحي اللي فيها قصور قديمة كانت في يوم من الايام عامرة باهلها يتمناها كثيرون والان خراب وين اللذات اللي قضيت فيها نسأل الله عز وجل ان يجعلنا واياكم من المعتبرين وان يجعلنا واياكم من اولي الالباب الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والارض قائلين ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه