ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته حاصل ما ذكرناه في الليلة الماضية ان دعاء الاستفتاح قيل له ذلك اعني انه دعاء مع ان بعضه من قبيل الذكر. باعتبار ان الذكر يكون تارة من قبيل الدعاء وتارة من قبيل الثناء والاخبار عن المعبود تبارك وتعالى بصفات الكمال او اخبار العابد عن نفسه بانه يذكر ربه تبارك وتعالى باوصافه الكاملة او باعتبار ان الغالب على هذه الاثار والاحاديث المنقولة في الاستفتاح انها من قبيل الدعاء وعلى كل حال عرفنا ايضا ان دعاء الاستفتاح سنة على قول عامة اهل العلم وليس بواجب. وكذلك ايضا ان ادعية الاستفتاح متنوعة وانه لا بأس في ان يتخير منها المكلف ما شاء فان ذلك لا حرج فيه مما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاء الاستفتاح قيل له دعاء اما باعتبار ان ذلك من قبيل اطلاق الدعاء على بعض الانواع الواردة في الاستفتاح فان بعضها من قبيل الدعاء كما هو معلوم او ان ذلك باعتبار ما ذكرنا في المقدمات مقدمات الاذكار حيث ذكرنا ان الذكر يكون على انواع فالذكر منه ما يكون من قبيل الثناء على الله تبارك وتعالى. والاخبار عن كمالاته. فهذا اكمل الانواع كما قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله. النوع الثاني ما كان من قبيل اخبار العبد عن نفسه حيث يذكر ربه فهذا النوع الثاني ان يخبر عن ذكره لربه يخبر عن نفسه وعن ذكره لربه تبارك وتعالى والنوع الثالث هو ما كان من قبيل السؤال والطلب يسأل ربه فاذا قيل دعاء الاستفتاح فهذا كله من قبيل الدعاء. فهذا الذي يخبر عن ربه باوصاف الكمال ويثني عليه بذلك انما يريد ما عند الله من الاجر فهو سائل بهذا الاعتبار والثاني الذي يخبر عن نفسه انه عابد وذاكر وما الى ذلك هو يريد ما عند الله فهو السائل بهذا الاعتبار والثالث الذي يقول يا رب ويسأل سؤالا مباشرا هذا واظح فيكون الجميع بهذا الاعتبار يقال له دعاء ويقال له ذكر فالذكر يشمل هذه الانواع والدعاء ايضا يصدق على ذلك كله. فلاحظوا مثل هذه الاذكار الواردة. حينما يقول سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا اله غيرك فهذا من النوع الاول الثناء على الله تبارك وتعالى واضافة اوصاف الكمال له وحينما يقول وجهت وجهي للذي فطر السماوات والارض حنيفا وما انا من المشركين ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك امرت وانا من المسلمين فهذا من اي الانواع؟ هذا من النوع الثاني دار العبد عن نفسه انه عابد لربه وانه ذاكر له. لاحظ وقلنا بان هذا الذكر جاء فيه بعد هذا الاخبار اللهم انت ملك لا اله الا انت انت ربي وانا عبدك فهذا من قبيل الثناء على الله عز وجل ثم جاء فيه قال ظلمت نفسي واعترفت بذنبي فاغفر لي ذنوبي جميعا انه لا يغفر الذنوب الا انت. واهدني لاحسن الاخلاق لا يهدي لاحسنها الا انت واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها الا انت هذا من قبيل السؤال فيكون هذا الدعاء او هذا الذكر مما يقال في الاستفتاح انه قد اشتمل على الانواع الثلاثة فلو تأملت جميع الاذكار الواردة في الاستفتاح فهي لا تخرج عن هذه الانواع الثلاثة. ومن ثم قيل له دعاء الاستفتاح بقي في هذه الليلة ايها الاحبة ان نتحدث عن المفاضلة بين ادعية الاستفتاح ما هو الافضل من هذه الادعية والاستفتاحات الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم المفاضلة بينما ورد من اهل العلم من نظر فيه الى المضمون الى ما تضمنته هذه الاحاديث من المعاني فرجح بهذا الاعتبار فمثل شيخ الاسلام رحمه الله جعلها على ثلاثة انواع من هذه الحيثية النوع الاول ما كان من قبيل الثناء على الله والثاني ما كان من قبيل اخبار العبد عن عبادة ربه تبارك وتعالى والنوع الثالث وهو السؤال والطلب وقد مضى كلامه في المقدمات الذي ابان فيه عن ان الثناء على الله تبارك وتعالى هو الافضل من الاذكار ثم يلي ذلك ما كان من نوع الاخبار اخبار العبد عن عبادته لربه تبارك وتعالى وان النوع الثالث هو ما كان من قبيل ما كان من قبيل السؤال فشيخ الاسلام يرى انها بهذا التدريج ان ما كان من قبيل الثناء فهو افضل ومن ثم فهو يقرر بناء على ذلك ان قوله سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا اله غيرك ان هذا افضل وكذلك ما كان من هذا القبيل كقوله الله اكبر كبيرا الله اكبر كبيرا والحمدلله كثيرا والحمدلله كثيرا وسبحان الله بكرة واصيلا وسبحان الله بكرة واصيلا. لكنه حينما يفاضل بين هذه الادعية او الاذكار التي تتضمن والثناء يرجح الاول وهو قوله سبحانك اللهم وبحمدك باي اعتبار؟ باعتبار ان ذلك قد تضمن الباقيات الصالحات تسبيح التحميد كلمة التوحيد سبحانك اللهم وبحمدك وكذلك ايضا وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا اله غيرك. بقي ماذا؟ بقي التكبير مع تكبيرة الاحرام فيكون هذا تضمن افضل الكلام. سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر كما سبق فيكون هذا الذكر متضمنا لهذه الامور وهو افضل الكلام بعد القرآن. وكذلك ايضا ان هذا في القرآن. يعني سبحانك اللهم وبحمدك في القرآن تبارك اسمك في تعالى جدك في القرآن ولا اله غيرك كل ذلك في القرآن يعني من حيث الجملة وان لم يكن ذلك بحروفه كما جاء في الحديث ونحن نعلم كلام اهل العلم في الدعاء في الصلاة. اذا ذكر فيه شيء من غير القرآن مما لم يرد في القرآن. هل يصح او لا؟ سواء كان مما جاء من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم او مما ينشئه العبد من نفسه. الراجح ان هذا لا اشكال فيه ولا يبطل الصلاة وان كان الافضل ان يكون الذكر والدعاء في الصلاة من قبيل المأثور لكن من اهل العلم من يقول بان ذكر اذا كان من غير القرآن فانه لا يصح هكذا يقول بعضهم ولكنه ولكن هذا فيه نظر هذا غير صحيح. لا شك ان ما كان من قبيل ان ما كان من القرآن فهو اكمل وافضل. فالمقصود ان شيخ الاسلام رحمه الله يرجح هذا سبحانك اللهم وبحمدك لهذه الاعتبارات لانه تضمن الباقيات الصالحات وكذلك ايضا انه في القرآن ان مضمون هذه الجمل جميعا موجود بالقرآن. ومن هنا كان اكثر السلف يستفتحون به وكان عمر رضي الله عنه يجهر به يعلم ذلك الناس يعني يجهر به من اجل التعليم يأتي النوع الثاني وهو الخبر عن عبادة الله كما في دعاء الاستفتاح الاخر. وجهت وجهي للذي فطر السماوات والارض. حنيفا فهذا يخبر به عن نفسه انه وجه وجهه لله وانه يوحده ويعبده وما الى ذلك وهذا ايضا متضمن للدعاء لانه جاء في اخره الدعاء فهذا يكون قد جمع بين الانواع الثلاثة واذا كان قد جاء به بعد قوله سبحانك اللهم وبحمدك فشيخ الاسلام رحمه الله يرى ان الاكمل والافضل ان يأتي بسبحانك اللهم وبحمدك ثم يأتي بعده بقوله وجهت وجهي للذي فطر السماوات والارض ليكون متضمنا للانواع الثلاثة هكذا رجح واختار. وبذلك ايضا قال جمع من اهل العلم كابي يوسف صاحب ابي حنيفة والوزير ابن هبيرة من الحنابلة كذلك ايضا ذهب اليه اخرون النوع الثالث وهو ما كان من قبيل الدعاء المحض كقوله اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب فهذا فهذا دعاء والامام احمد رحمه الله يستحسن هذا ان يكون في الاستفتاح يقول ما احسن حديث ابي هريرة في الاستفتاح يقصد هذا. فحتى ان بعض الناس قال له هذا كلام يعني ليس من القرآن فقال وهل الدعاء الا كلام في الصلاة ويجوز و على كل حال من اهل العلم كما سبق من يقول بان الدعاء ينبغي ان يكون من القرآن. ذهب اليه بعض اهل الكوفة ولكن به نظر هذا لا يصح لا اشكال ان يكون الدعاء مما ورد في القرآن ومما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بل مما ينشئه المصلي من عند نفسه ايضا مما يرجح به بعض اهل العلم يعني من طرق الترجيح النظر الى الثبوت والصحة. لا شك ان الذي يقال من ذلك انما هو ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن هذا يتفاوت ايضا فذهب بعض اهل العلم الى اختيار ما ورد في الصحيحين فقدموه على غيره. فاذا نظرنا في جملة الاذكار الواردة فان حديث ابي هريرة رضي الله عنه الذي فيه اللهم باعد بيني وبين خطاياي هذا مخرج في الصحيحين ومن ثم فبعض اهل العلم قدمه ولكن ليس هذا بمفرده الذي ثبت في الصحيحين وانما جاء غيره ايضا مثل حديث اللهم لك الحمد انت نور السماوات والارض ومن فيهن. فهو ايضا مخرج في الصحيحين ثم بعد ذلك يأتي ما اخرجه احدهما البخاري او مسلم فمن ذلك حديث علي رضي الله عنه الذي فيه وجهت وجهي للذي فطر السماوات والارض فهذا اخرجه الامام مسلم في صحيحه وكذلك ايضا ما جاء من قوله اللهم رب جبرائيل وميكائيل فان هذا ايضا قد اخرجه الامام مسلم. اما سبحانك اللهم وبحمدك فالذي اخرجه مسلم انما هو من قول عمر رضي الله عنه انه كان يجهر به في الصلاة اما المرفوع الى النبي صلى الله عليه وسلم فلم يخرج في الصحيحين وانما هو عند بعض اصحاب السنن لكنه ثابت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام ولو قيل بان المكلف الافضل في حقه ان الافضل في حقه ان ينوع في هذه الادعية والاذكار الواردة. كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ولكن هذه الاذكار والادعية على نوعين نوع جاء على سبيل الاطلاق او ان النبي صلى الله عليه وسلم قاله بالصلاة المكتوبة ونوع جاء تقييده بان النبي صلى الله عليه وسلم قاله في صلاة الليل من الامثلة على هذا حديث ابي هريرة اللهم باعد بيني وبين خطاياي. هذا جاء مطلقا وهو في الصحيحين وحديث علي رضي الله عنه وجهت وجهي للذي فطر السماوات والارض هذا كان اذا قام الى الصلاة ولم يحدد ان ذلك في صلاة الليل او في صلاة الفرض وهذا اخرجه الامام مسلم. وكذلك ايضا حديث سبحانك اللهم وبحمدك فان هذا جاء في بعض رواياته انه قاله في قيام الليل. وفي بعض رواياته انه اذا استفتح الصلاة قال كان اذا استفتح الصلاة وهذا يشمل صلاة الليل. صلاة النافلة وصلاة الفريضة ومن ثم يمكن ان يلحق هذا بالمطلق فيكون مثل هذه المواضع ينوع المسلم بينها في صلاة الفريضة وما جاء مقيدا بصلاة الليل فانه يقال في صلاة الليل مثل اللهم لك الحمد انت نور السماوات والارض ومن فيهن. هذا في الصحيحين لكنه كان يقوله في صلاة في صلاة الليل وكذلك حديث اللهم رب جبرائيل وميكائيل فان هذا اخرجه الامام مسلم لكن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقوله في قيام الليل. الخلاصة ان ما جاء على سبيل الاطلاق فان ذلك يقال في صلاة الفريضة والنافلة وفي قيام الليل وما جاء مقيدا بصلاة الليل فالاولى ان يكون ذلك في صلاة الليل وينوع بينها. يعني ما جاء في قيام الليل ينوع بين الاذكار الواردة فيه ادعية الاستفتاح مع ما جاء مطلقا وما كان في صلاة الفريضة او في غير قيام الليل من صلاة النوافل والسنن الرواتب ينوع فيها بما جاء على سبيل الاطلاق هذا وجه من الترجيح اظنه اقرب والله تعالى اعلم ولا شك ان هدي النبي صلى الله عليه وسلم هو الاكمل. هل يجهر بدعاء الاستفتاح الاصل انه يسر به. انما كان عمر رضي الله عنه يجهر بذلك من اجل التعليم كما كان بعض الصحابة رضي الله تعالى عنهم يجهرون بالاستعاذة من اجل التعليم ولكن ان انتفت هذه الحاجة فانه لا يجهر به وانما يقال ذلك سرا وابو هريرة رضي الله عنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم يا رسول الله ارأيتك سكوتك بين التكبير والقراءة ماذا تقول فدل على انه ما كان يجهر به صلى الله عليه وسلم واخيرا هذه الاستفتاحات التي تضمنت الدعاء هي احد بهذا الاعتبار احد المواضع الستة التي يدعى فيها في الصلاة. هذه المواضع اول ذلك بعد تكبيرة الاحرام يعني دعاء الاستفتاح مثل اللهم طهرني بالثلج والبرد والماء البارد ونحو ذلك مما ورد من الادعية في الاستفتاح. الثاني في الركوع كما في حديث عائشة رضي الله تعالى عنها ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في ركوعه وسجوده سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي. فقوله اللهم اغفر لي هذا دعاء لكن الاصل الا يكون الدعاء في الركوع. بمعنى لا يتحرى المكلف الدعاء في الركوع. لان النبي صلى الله عليه وسلم قال اما الركوع فعظموا فيه الرب. واما السجود فاجتهدوا فيه بالدعاء فقمن يعني حري ان يستجاب لكم لكن ما ورد كما في حديث عائشة اللهم اغفر لي في قوله سبحانك اللهم ربنا وبحمدك هذا لا اشكال فيه الثالث اذا رفع من الركوع الرابع في السجود فانه كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول ذلك بالاضافة الى الحديث الذي ذكرته انفا. وهو احرى مواضع الدعاء في الصلاة والخامس بين السجدتين يقول اللهم اغفر لي والسادس اذا فرغ من التشهد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم. فانه يتخير من الدعاء اعجبه كما ثبت ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وشيخ الاسلام رحمه الله يرى ان ما ورد من قبيل الدعاء في اعقاب الصلوات في دبر الصلاة انه محمول على ما كان قبل السلام مثل دعاء الاستخارة ان يقوله قبل السلام وكذلك في مثل اللهم اعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك يرى ان ذلك يقال قبل السلام هذا ما يتعلق بهذه المسألة او المسائل في هذه الليلة وغدا ان شاء الله تعالى نشرح الاحاديث الواردة في الاستفتاح هذا واسأل الله عز وجل ان يعلمنا واياكم ما ينفعنا وان ينفعنا بما علمنا وان يفقهنا في الدين والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد واله وصحبه