ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فالسلام الله عليكم ورحمته وبركاته في هذه الليلة نشرع بالكلام على ادعية الاستفتاح واول ذلك مما اورده المؤلف هنا هو اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الابيض من الدنس اللهم اغسلني من خطاياي بالثلج والماء والبرد هذا الحديث هذا الدعاء وهذا الاستفتاح جاء من حديث ابي هريرة رضي الله تعالى عنه كما اشرنا في الليلة الماضية وذلك انه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسكت بين التكبير وبين القراءة اسكاتة قال احسبه قال هنية فقلت بابي وامي يا رسول الله اسكاتك بين التكبير والقراءة ما تقول قال اقول اللهم باعد بيني وبين خطاياي الحديث فهنا في قول ابي هريرة رضي الله تعالى عنه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسكت بين التكبير وبين القراءة اسكاته. كان يسكت عرفنا ان هذا التعبير يدل على المداومة غالبا انه كان من عادته صلى الله عليه وسلم انه يسكت سكتة يسيرة بين تكبيرة الاحرام والقراءة حينما يكبر تكبيرة الاحرام يسكت سكتة قصيرة ثم بعد ذلك يشرع في الفاتحة وهنا كان هذه تدل على المداومة وكثرة الفعل تدل على تكرره وقد تستعمل بمجرد وقوعه. فهنا قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسكت بين التكبير وبين القراءة. هذا يدل على ان هذه السكتة بهذا الحديث المخرج في الصحيحين انها ثابتة وسنة ان الامام يسكت في هذا الموضع وهذا السكوت كما يوضحه حديث ابي هريرة لما سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فاخبره انه يقول هذا الدعاء. انه يقول هذا الاستفتاح بمعنى انه لم يكن يسكت صلى الله عليه وسلم من اجل ان يقرأ من خلفه الفاتحة كما ذكر ذلك بعض اهل العلم قالوا يسكت من اجل ان يتيح الفرصة لمن خلفه ليقرأ الفاتحة وهذا غير صحيح. فهذه سكتة ثابتة لقراءة الاستفتاح والمأموم كذلك يعني انه يقرأ الاستفتاح في هذه السكتة فان قراءة الامام للاستفتاح لا تكفي عن قراءة المأموم. واما السكوت بعد الفاتحة من اجل ان يقرأ المأموم الفاتحة فهذا لا يصح فيه حديث. لا يصح فيه حديث ما ورد في ذلك فهو ضعيف الاسناد. ومن هنا فان الامام لا يشرع له ان يسكت بعد الفاتحة سكوتا يطول من اجل ان يقرأ المأموم الفاتحة وانما كان يسكت سكوتا يسيرا بقدر ما يتراد اليه النفس فقط. ولهذا فان بعض المأمومين لربما ينكر على الامام انه لا يعطيهم فرصة ووقتا كافيا لقراءة الفاتحة. وهذا غير مشروع في حق الامام. يعني ان فعل ذلك يكون قد قد خالف هدي النبي صلى الله عليه وسلم. اذا متى يقرأ الامام؟ متى يقرأ المأموم الفاتحة يقرأها في سكتات الامام. فينبغي ان تكون قراءة الامام قراءة مفصلة مترسلة يقرأ اية اية فيقرأ المأموم في سكتاته اذا السكتة التي بعد الفاتحة لا تثبت انما بقدر ما يتراد اليه النفس هنا هذه السكتة ليس المقصود انه يبقى صامتا لا يتكلم بشيء. وانما المقصود انه لا يجهر بشيء فهم بالنسبة اليهم يكون ذلك في حكم السكوت. ولكن هنا لما سأله ابو هريرة رضي الله تعالى عنه اخبره بماذا يقول اذا لم يكن صلى الله عليه وسلم صامتا في هذه السكتة انما هو سكوت عن الجهر لا عن مطلق القول والذكر هو سكوت عن قراءة القرآن. يعني قبل ان يشرع بالفاتحة فيسكت سكتة يسيرة. قال يسكت اسكاتة يعني الاسكاتة يعني السكوت الذي يعقبه الذي يقتضي بعده كلاما. قال اسكاته سكت اسكاته يعني ليس سكوتا دائما مستمرا ليس بعده نطق ولا كلام ولا قراءة وانما اسكاته يعني انها محدودة يعقبها بعد ذلك القراءة يعقبها بعد ذلك النطق يعقبها بعد ذلك التلاوة او الكلام يقال سكت فلان اسكاتة يعني سكتة محدودة ثم تكلم بعدها اذى هو المراد والله تعالى اعلم وهذه الاسكاتة هي اسكاتة يسيرة كما يدل عليه قوله في هذا الحديث قال احسبه قال هنية قال هنية بنية وهنيهة يعني انها سكتة يسيرة فالهنية هي اليسير من الشيء يعني سكتة قصيرة ليست بسكتة طويلة فهنا النبي صلى الله عليه وسلم كان يسكت اسكاتة لكنه يقول فيها سرا دعاء الاستفتاح وهذه الاسكاتة محدودة ويسيرة وقصيرة. قال احسبه قال هنية يعني يسكت اسكاتة هنية او يسكت هنية يعني سكوتا يسيرا فهذه على رواية الظن احسبه قال هنية هذه من رواية عبدالواحد ابن زياد ولكن وهي عند البخاري ولكن في رواية اخرى عند مسلم قال سكت هنية بدون شك. ما قال احسبه. قال هنية وانما قال سكت هنية من غير تردد سكت وقتا قصيرا فقال له ابو هريرة رضي الله عنه بابي وامي بابي وامي. يسأل النبي صلى الله عليه وسلم ويفتيه بابيه وامه. بابي وامي يا رسول الله بين التكبير والقراءة ما تقول لاحظوا هنا دل على انه عرف ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول شيئا ما قال هل تقول فيه شيئا وانما قال ما تقول باعتبار انه يقول لكن ما الذي يقوله مما لم يجهر به؟ فسأله عن ذلك وهنا فداه بابيه وامه بابي وامي. فالباء هنا تتعلق بمحذوف مقدر اما اسم يعني انت مفدا بابي مفدى بابي وامي او بفعل يعني فديتك بابي وامي ما تقول نعم وهذا يدل على ان النبي صلى الله عليه وسلم يفدى بالاباء والامهات عليه الصلاة والسلام ولكن هل يقال ذلك لغيره او لا بعض اهل العلم منع من ذلك قال لا يقال هذا الا له لان حق الوالدين ومنزلة الابوين يا ما قد علمتم وبعضهم قال لا بأس بذلك مطلقا وبعضهم يقول لا بأس لمن كان من اهل العلم او من اهل الصلاح ولا يقال لغيرهم من المفرطين المضيعين على كل حال هنا قال بابي وامي فهنا سأله قال اسكاتك بالرفع هنا على الابتداء اسكاتك ما تقول فيه او بالنصب اسكاتك على انه مفعول بفعل مقدر يعني اسألك اسكاتك او على نزع الخافظ حرف الجر يعني بمعنى انه يقول ما تقول في اسكاتك فلما حذف حرف الجر جاء منصوبا اسكاتك ما تقول وجاء ذلك في رواية قال ما تقول في سكتتك بين التكبير والقراءة هذا يفسر قوله اسكاتك او اسكاتك ما تقول يعني ما تقول في سكتتك بين التكبير والقراءة هذه الرواية مصرحة بالصيغة التي جاء عليها السؤال من غير تقدير. وفي رواية لمسلم ارأيت سكوتك يعني معناه اخبرني سكوتك ما تقول فيه فلاحظوا هنا سماه سكوتا وقال ما تقول فيه؟ عرف انه يقول اذا هذا السكوت هو بمعنى عدم الجهر وليس بمعنى انه يكون صامتا فهنا قوله ما تقول لربما يكون استدل على انه كان يقول شيئا انه رأى مثلا رأى شفت النبي صلى الله عليه وسلم فعرف انه يقرأ كما كانوا يعرفون قراءته في السرية باضطراب لحيته عليه الصلاة والسلام وكانت له لحية كثة وكانت لحيته صلى الله عليه وسلم تغطي صدره عليه الصلاة والسلام. فكانوا يعرفون القراءة باضطراب باضطراب لحيته وما كان صلى الله عليه وسلم يأخذ منها لا من طولها ولا من عرضها ولا من اسفلها وهو القدوة والاسوة الكاملة الذي امرنا بالائتساء والاقتداء به وهنا على كل حال سأله عما يقول فاجابه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب باعد يعني ابعد فجيء به على صيغة المبالغة باعد مبالغة في المباعدة لان المفاعلة تدل على المبالغة مثل ضاعف و باعد هذه بعض اهل العلم كالحافظ ابن القيم رحمه الله يقول انها تدل على البعد ذكره ابن القيم رحمه الله احتمالا تدل على البعد من الجانبين باعد لان المفاعلة المباعدة في الاصل ان تكونوا ان تكون بين شيئين مثل المحادة المقاتلة المناظرة فالمباعدة تكون ايضا من الجانبين يعني يبتعد هو عن الخطايا وعن اثارها كما سيأتي وهي ايضا تكون بعيدة عنه. باعد بيني وبين خطاياي كانه يقول اللهم باعد بيني وبين خطاياي وباعد بين خطاياي وبيني. ابعدني عنها وابعدها عني. لا يكون هناك كاقتراب بحال من الاحوال بيني وبين خطاياي. يعني مجانبة الخطايا والمبالغة في ذلك باعد بيني وبين خطاياي. الخطايا جمع خطية كالعطايا جمع عطية فهنا هذه الخطايا باعد بيني وبين خطاياي. الذي يقول ذلك من هو النبي صلى الله عليه وسلم. فهذه الخطايا ما المراد بها؟ هل هي خطايا سابقة وقعت او ان المقصود بها خطايا لاحقة. يعني مما يقع او يمكن ان يقع للانسان في مستقبل الايام. هذا هذا يحتمل فان كان المراد بها اللاحقة يعني التي تقدر في المستقبل او يتخوف من حصولها فمعناه اذا قدر لذنب فباعد بيني وبينه وان كان المراد بها السابقة فيكون معنى ذلك باعد بيني وبينها يعني يكون بالمحو والمغفرة والتجاوز عما سلف وكان باعد بيني وبين خطاياي فهو يكون اما ان يكون يقصد بذلك خطايا لم تقع باعد بيني وبينها لا تقع ولا تصدر عني او انها خطايا وقعت وهو يقول يا رب تجاوز واعفو عما كان من ذلك كما باعدت لاحظ باعد بيني وبين خطاياي باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب. لاحظ اللهم باعد بيني وبين خطاياي فاعاد هنا بين ثانية تقول مثلا هذا فراق بيني وبينك فبين هذه كثير من اهل العلم عامة اهل العلم من النحات واهل اللغة يقولون انها لا تكرر اذا كانت بين ظاهرين الى الاسماء الظاهرة مثلا او بين لفظين ظاهرين وانما تكرر اذا كانت معطوفة على مضمر مجرور او نحو ذلك باعد بيني وبين خطاياي لاحظ بيني وبين اعادها مرة ثانية ما قال باعد بيني وخطاياي. بيني وبين خطاياي هذا هو الشائع كما باعدت بين المشرق ما قال وبين المغرب. لان المشرق والمغرب اسمان ظاهران المشرق والمغرب. فما جاءت بين بينهما. فتسقط اذا كانت بين ظاهرين ولكن الواقع ان هذا ليس باضطراد لاحظ هنا في نفس الحديث ابو هريرة رضي الله عنه لما سأله قال يا رسول الله ارأيت نعم او قال اسكاتك بين التكبير والقراءة اسكاتك بين التكبير والقراءة هنا بين اسكاتك الضمير الكاف ثم جاءت بين وبعدين القراءة ما قال وبين القراءة لكن قبله كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسكت بين التكبير وبين القراءة فاعادها بين اسمين ظاهرين فهذا احد الشواهد التي تدل على صحة اعادة بين لفظت بين هذه بين ظاهرين بين اسمين ظاهرين هنا لم يذكر ضمير بين التكبير وبين القراءة ما قال بين التكبير القراءة فهذا من ناحية اللغة صحيح ليس خطأ ولكن الغالب انها تسقط بين الظاهرين وتكون مثبتة اذا كان ذلك في العطف على المضمر. والله تعالى اعلم هذه فائدة جانبية يحتاج اليها طلاب العلم. لاحظ هنا ان النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي يقول اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب يعني كتبعيدك بين المشرق والمغرب وجه الشبه ان المشرق والمغرب لا يلتقيان. فهذا يذكر على سبيل المبالغة في المباعدة قل بين فلان وفلان كما بين المشرقين كما بين المشرق والمغرب فهنا يعني معناه غاية المباينة. والمباعدة ولاحظ هنا يمكن ان نقول بين فلان وفلان بالواو ويمكن ان نقول بين فلان وبين فلان ان نعيدها بين الاسمين. لكن الغالب بين فلان فلان لكن حينما نقول بينك وبين فلان ضمير اللي هو كاف الخطاب بينك وبين نعيد بين مرة اخرى. ما تريدون انتم مثل هذه الاشياء اليسيرة في الاعراب لكنها فائدة عزيزة والا فنحن لا نشتغل بهذا في مثل هذه المجالس فعلى كل حال هنا يعني ارادوا المبالغة في المباعدة بينه وبين خطاياه فيكون ذلك بهذه المثابة لا يقترب منها ولا تقترب منه بحال من الاحوال سواء قلنا ان ذلك المقصود به المباعدة بينه وبين ما وقع او المباعدة بينه وبين ما هو مرتقب يعني في المستقبل بيني وبين خطاياي. الان هذه التي لم تفعل لم تقع اذا قدرنا ان المقصود بيني وبين خطاياي يعني المرتقبة فكيف سماها خطايا واضافها اليه تسميتها خطايا لا اشكال فيه باعتبار انها توصف بذلك لكن كيف اضافها اليه؟ خطاياي يعني الافعال التي لو فعلتها تصير خطايا نعم وتنسب اليه فالمقصود هو الحفظ توفيق بترك المعاصي والجنايات والذنوب او ما كان واقعا فالمطلوب هو المغفرة. واذا كان النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي يقول ذلك فهذا منه من قبيل اظهار العبودية والتذلل والتواضع وتعظيم المعبود جل جلاله والا فالنبي صلى الله عليه وسلم قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ولكن يمكن ان يقال بان هذه المغفرة التي حصلت للنبي صلى الله عليه وسلم قد قدرت وركبت على اسباب منها استغفاره صلى الله عليه وسلم ولهذا كان يكثر من الاستغفار. فالله قد غفر له كما نقول ندعو للنبي صلى الله عليه وسلم بالوسيلة والفضيلة او هي متحققة له لكن يمكن ان يكون الله تبارك وتعالى قد قدر له ذلك بهذا بهذا الاعتبار يعني جعله كائنا مقدرا وجعله مسببا عن دعاء المؤمنين ايضا هذا مضى الكلام عليه وعلى كل حال في هذا ارشاد من النبي صلى الله عليه وسلم لامته اعلمهم كيف يقولون. ويحتمل ان ذلك كان ايضا قبل ان يوحى اليه انه قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. ولكن هذا في بعد لان النبي صلى الله عليه وسلم كان ملازما للاستغفار حتى بعد ما اعطاه الله عز وجل ذلك يعني غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر فهو اعبد الناس لربه واعظمهم تواضعا واخباتا واستغفارا لان العبد يحتاج الى الاستغفار ازاء النعم التي اعطاه الله اياه لانه لا في شكرها وهو بحاجة الى الاستغفار ازاء التقصير في الطاعات والعبادات. بحاجة الى الاستغفار ازاء ما يقع من الاولى وقد ذكرنا في بعض المناسبات ان الانسان يمكن ان يتوب من فعل المكروه ومن ترك المستحب فكل هذا قلد يحصل عمران ابن حصين رضي الله عنه لما كانت تسلم عليه الملائكة فلما اكتوى لم يعد ذلك يقع له فتاب لاحظ الكي ليس بمحرم وانما هو مكروه على الارجح فلما تاب منه رجع اليه ذلك. يعني صار يسمع تسليم الملائكة. فدل على ان التوبة تكون من فعل المكروه. ومن فعل خلاف الاولى ومن التقصير عموما ومن ترك المستحب والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد واله وصحبه السلام عليكم ورحمة