ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى اله وصحبه اجمعين. اما بعد وبعد تلك المقدمات التي ذكرتها بين يدي هذا الذكر والدعاء من ادعية الاستفتاح وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم وجهت وجهي للذي فطر السماوات والارض حنيفا وما انا من المشركين. ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك امرت وانا من المسلمين. الى اخر هذا الذكر. ونشرع اليوم ببيان ما تضمنه هذا الاستفتاح وهذا الذكر من المعاني والهدايات فقوله وجهت وجهي يعني توجهت بالعبادة. هذا يكون متضمنا للاخلاص توجيه وتوجه القلب الى ربه وخالقه وفاطره جل جلاله وتقدست اسماؤه وبعضهم يفسره يقول بمعنى صرفت وجهي وعملي ونيتي او اخلصت وجهة وقصدي هذه عبارات لاهل العلم ولا شك ان ذلك يتضمن الاخلاص وتوجه القلب لله تبارك وتعالى الحافظ ابن كثير رحمه الله فسره باخلصت ديني. وافردت عبادتي يعني لله تبارك وتعالى. يعني فسره بتوحيد الوجهة وهي وجهة القلب بالقصد والارادة انه انما يتوجه الى الله وحده دون من سواه يعني لا يكون في القلب ادنى التفات الى المخلوق بهذه العبادة وانما يكون موحدا كما قيل فلواحد كن واحدا في واحد اعني سبيل الحق والايمان فلواحد اي الله كن واحدا في وجهتك كن واحدا في واحدي الطريق التي رسمها الله عز وجل لعباده من اجل سلوكها لا يذهب يمنة ولا يسرة وان هذا صراطي مستقيما. فاتبعوه فهو صراط واحد ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله فلواحد كن واحدا في واحدي اعني سبيل الحق والايماني صراط المستقيم. فهذه الجملة حينما يقول المصلي وجهت وجهي تدل على التوجه لعبادة الله عز وجل وافراده بالعبادة وهذا كما قال الله تبارك وتعالى واقيموا وجوهكم عند كل مسجد بمعنى الاخلاص بالتجرد والتوحيد لله رب العالمين. يعني اخلصوا العبادة له بعبادتكم والمسجد يحتمل ان يكون ما هو اوسع يعني المراد به ما هو اوسع من المسجد الذي يصلى فيه وانما يكون المسجد بمعنى كل موضع يتعبد لله تبارك وتعالى فيه وان المساجد لله فلا تدعوا مع الله احدا. ويحتمل ان يكون المراد بالمسجد والموضع المخصص للصلاة. فهذا كله يقال له مسجد ويكون المعنى اخلصوا العبادة لله تبارك وتعالى اخلصوا عبادتكم اخلصوا صلاتكم وكما قال الله تبارك وتعالى فان حاجوك فقل اسلمت وجهي لله ومن اتبعني وقل للذين اوتوا الكتاب والاميين اسلمتم فان اسلموا فقد اهتدوا. فاسلام الوجه لله عز وجل بمعنى ان يوحد ربه تبارك وتعالى ان يكون مخلصا عابدا لله وحده دون من سواه وهكذا في قوله تبارك وتعالى ومن يسلم وجهه الى الله وهو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى والى الله عاقبة الامور. من يسلم وجهه الى الله بمعنى انه يوحد ربه انه يفرد ربه بالعبادة والطاعة هذا معنى اسلام الوجه لله الاخلاص. التوحيد كل ذلك يفسر به وهو يرجع الى شيء واحد. فحينما نقول وجهت وجهي وجهت وجهي وجهنا يحتمل ان يكون المراد به وجهت ذاتي توجهت اليك بكليتي باعتبار انه عبر بالوجه عن الذات مثلا على وجه من التوسع فهذا احتمال ولكنه يتضمن توجه القلب ولابد لان القلب هو الاساس فاذا توجه القلب الى الله وحده دون من سواه تبعته سائر الجوارح ولهذا كان ذلك متضمنا للاخلاص و لذلك فان بعضهم فسر بتوجه الوجه وتوجيه الوجه بتوجيه القلب فهذا يكون من قبيل التفسير له بما يستلزمه او بما يتضمنه هذا اللفظ يعني وجهت قلبي لعبادة ربي تبارك وتعالى شيخ الاسلام رحمه الله تحدث عن هذه الجملة وذكر نظائرها في القرآن ثم بين ما تحتمله من الوجوه ثم نظم هذه نظم هذه الوجوه بسلك واحد وجمع بينها على عادته في تفننه رحمه الله بتفسير نصوص الكتاب والسنة وهو يجمع المعاني التي يمكن ان يحتملها اللفظ فهو يفسر اسلام الوجه لله تبارك وتعالى سيفسر توجيه الوجه لله عز وجل فيذكر ان اسلام الوجه لله والاحسان هما اصلا هذه الشريعة اسلام الوجه لله عز وجل مع الاحسان ويحتج لهذا ويستدل له فيذكر ان ذلك جاء مقترنا بالاحسان مع تنوع الاستعمال اسلام الوجه وتوجيه الوجه واقامة الوجه كما جاء ذلك في نصوص متعددة من الكتاب والسنة كقوله تبارك وتعالى وقالوا لن يدخل الجنة الا من كان هودا او نصارى تلك امانيهم. قل هاتوا برهانكم ان كنتم صادقين. بلى من اسلم وجهه لله وهو وهو محسن فذكر اسلام الوجه مع مع الاحسان فهذا بسورة البقرة ثم ذكر جزاء هؤلاء قال فله اجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون من جمعوا بين اسلام الوجه لله تبارك وتعالى مع الاحسان ويكون هؤلاء لهم هذه العدة من الله جل جلاله وتقدست اسماؤه. وهكذا في قوله تعالى ومن احسن دينا ممن اسلم وجهه لله وهو محسن فذكر هذا وهذا قال واتبع ملة ابراهيم حنيفا واتخذ الله ابراهيم خليلا يقول فقد انكر ان يكون دين احسن من هذا الدين. وهو اسلام الوجه لله مع الاحسان لان من هنا استفهامية مضمنة معنى الانكار. يعني مضمنة معنى النفي مضمنة معنى النفي. ومن احسن دينا ممن اسلم ممن اسلم وجهه له يعني لا احد احسن دينا ممن اسلم وجهه لله وهو محسن. لا يوجد احد احسن دينا من هذا فهنا جعل اسلام الوجه مع الاحسان اذى احسن الدين احسن الناس دينا تدينا واستقامة وطاعة يقول واخبر ان كل من اسلم وجهه لله وهو محسن فله اجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون يقول وهذان الوصفان يعني اسلام الوجه لله مع الاحسان هذان الوصفان هما الاصلان يعني كون العمل خالصا لله صوابا موافقا للسنة والشريعة. اسلام الوجه لله هذا التوحيد والاخلاص الا يلتفت الى غير الله عز وجل في قربته في طاعته في عبادته. وهو محسن لا يكون محسنا الا اذا كان على السنة العمل يكون صالحا. فمن كان يرجو لقاء ربه بل يعمل عملا صالحا. العمل الصالح هو الذي تابع فيه النبي صلى الله عليه وسلم ولا يشرك بعبادة ربه احدا فهذا يتضمن التوحيد والاخلاص فهنا ذكر الامرين اسلام الوجه لله عز وجل والاحسان يقول وذلك ان اسلام الوجه لله هو متضمن للقصد والنية لله كما قال بعضهم استغفر الله ذنبا لست محصيه رب العباد اليه الوجه والعمل اليه الوجه يعني القصد توجه اليه بالارادة دون من سواه ويوجه اليه العمل الذي يتقرب به دون اشراك فهنا هذه الالفاظ اسلام الوجه اقامة الوجه توجيه الوجه شيخ الاسلام يذكر دلائلها واقيموا وجوهكم عند كل مسجد فاقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها. اقم وجهك وحد ربك وافرده بالطاعة و اخلص له العبادة توجيه الوجه اني وجهت وجهي قول ابراهيم صلى الله عليه وسلم. وجهت وجهي للذي فطر السماوات والارض حنيفا وما انا من المشركين وهذا مثل هذه مثل هذا صدر هذا الحديث وهذا الدعاء الذي نقوله في الاستفتاح. وجهت وجهي للذي فطر السماوات والارض حنيفا وفي الصحيحين من حديث البراء بن عازب رضي الله تعالى عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم كان مما يقول اذا اوى الى فراشه اللهم اسلمت نفسي اليك ووجهت وجهي اليك الاخلاص في كل مكان يفتتح الصلاة بالاخلاص والتوحيد وينام على الاخلاص والتوحيد فكيف يكون في قلب العبد التفات الى ما سوى الله عز وجل وهو يقرر هذا ويردده عند نومه ويقظته وعند صلاته وعند طهوره وفي احواله كلها التوحيد والاخلاص. فكيف يطلب ما عند الناس ويلتفت الى غير الله تبارك وتعالى؟ كيف يتوجه الى ميت يدعوه او الى معبود سوى الله يرجوه او يعظمه او يخافه او نحو ذلك فشيخ الاسلام رحمه الله يذكر ان الوجه لاحظوا الجمع بين هذه المعاني. يقول الوجه يتناول يتناول المتوجه وجهت وجهي والوجه يتناول المتوجه والمتوجه اليه قل اريد هذا الوجه يعني هذه الوجهة وكذلك ايضا يتناول المتوجه نحوه متوجه اليه تقول متوجه الى فلان متوجه الى الله والمتوجه نحوه وتوجه الى كذا الى الناحية الفلانية يعني ان وجهته الى البلد الفلاني مثلا يقول كما يقال اي وجه تريد او اي وجهة وناحية تقصد يقول وذلك انهما متلازمان. الوجه و الوجهة فحيث توجه الانسان توجه وجهه ووجهه مستلزم لتوجهه يعني حيث اراد الانسان حيث قصد فان وجهه يتوجه الى ذلك وتوجه الوجه اليه هذا معنى ذلك انه يقصده فان ذلك يقتضي الوجهة ويربط بين هذه المعاني يقول لا داعي لان نقول مثلا بان تفسير توجيه الوجه انه مجرد القلب لا لا حتى الوجه والوجهة التي تقصدها الوجه الذي تريد ما هو ما عند الله تبارك وتعالى الدار الاخرة يريد بعمله الاخرة او يريد بعمله الدنيا من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوفي اليهم اعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون. اولئك الذين ليس لهم في الاخرة الا النار. وحبط ما صنعوا فيها اطلوا ما كانوا يعملون فيكون مريدا لما عند الله تبارك وتعالى والدار الاخرة. فشيخ الاسلام رحمه الله يقول حيث توجه الانسان توجه وجهه ووجهه مستلزم لتوجهه وهذا في باطنه وظاهره جميعا يعني ان الظاهر يتوجه والباطن يتوجه فلا يلتفت الى غير الله عز وجل. اي يقصد ما عند الله. اي يريد طاعته وحده دون ما سواه. يقول من وجه وجهه ناحية فمعنى ذلك انه يريدها انه يقصدها من وجهه نحو فلان فمعنى ذلك انه انه يقصده ويريده. فهذا يكون في الباطن والظاهر يقول والباطن هو الاصل والظاهر هو الكمال والشعار يعني الان هو يريد الناحية الفلانية. سيتوجه اليها سيقصدها. نعم فهي وجهته يقول فاذا توجه قلبه الى شيء تبعه وجهه الظاهر لاحظ ما حملها على القلب فقط قل يتبعه الوجه الظاهر فاذا كان العبد قصده ومراده وتوجهه الى الله فهذا صلاح ارادته وقصده فاذا كان مع ذلك محسنا فقد اجتمع ان يكون عمله صالحا لان المحسن كما سبق هو الذي عمله على السنة. ولا يشرك بعبادة ربه احدا في موضع اخر ذكر ايضا نتكلم على توجيه الوجه لله تبارك وتعالى في قوله اني وجهت وجهي قل ابراهيم صلى الله عليه وسلم. وجهت وجهي للذي فطر السماوات والارض. قال لان الوجه انما يتوجه الى حيث توجه القلب فهو تابع تابع له. يقول والقلب هو الملك فاذا توجه الوجه نحو جهة كان القلب متوجها اليها ولا يمكن الوجه ان يتوجه بدون القلب فكان اسلام الوجه واقامته وتوجيهه مستلزما لاسلام كان اسلام الوجه واقامته وتوجيهه مستلزما لاسلام القلب واقامته وتوجيهه. جعله من باب اللازم فهذه التفسيرات التي يذكرها العلماء صحيحة اقامة الوجه لله تبارك وتعالى من فسره بالاخلاص اقامة القلب نعم الذات الوجه توجه كل هذا صحيح لا اشكال فيه المصلي يقول انا توجهت اليك وجهت وجهي اليك يعلن بذلك انه مريد لله تبارك وتعالى بعمله انه ليس في قلبه ادنى التفات الى احد سواه من التفت يقال وجهه لكذا لما ذكر بعض المناخ او من يتهم بالنفاق عند النبي صلى الله عليه وسلم وذكر لهم النبي صلى الله عليه وسلم انه يصلي فماذا قالوا؟ اما ترى وجهه للمنافقين باعتبار انه مصغ اليهم يميل اليهم بتوجه وقلبه فهو كانه منهم وجهت وجهي لمن للذي فطر السماوات والارض فطر يعني الذي اوجدهما وخلقهما من غير مثال سابق فهذا هو الفقر تقول اصل هذه المادة الفاء والطاء والراء يدل على ابتكار وايجاد من غير مثال سبق للذي فطر السماوات والارض ابدعهما واوجدهما من غير نظير يعني الان لو نظرنا الى احوال الناس في الدنيا وفي صناعاتهم يقال ان الصين وهي من اكبر البلاد الصناعية كما هو معروف. بانهم يقلدون ولا يبتكرون يعني اعطهم ما شئت من الصناعات فانهم يصنعون على غراره يصنعون مثيلا له لربما طبق الاصل على مستوى الصناعات المتفاوتة عندهم لكن هل يبتكرون المعروف انهم لا يبتكرون. هذا هو المعروف عنهم وانما يقلدون الصناعات الاخرى. على مستويات يعني قد يقلد على نفس المستوى نفس مستوى الصناعة. وقد يكون دونها فهي مراتب تلك الصناعات عندهم لكنهم ينظرون الى فعل غيرهم والى ابتكار الصناع ثم بعد ذلك يحاكونه فهذا على مثال سابق لكن من ابتكر شيئا على غير مثال سابق يقال هو الذي فطره قل انا فطرت البئر بمعنى حفرتها اولا لم تكن محفورة ومن هنا فالله فاطر السماوات والارض يعني انه الموجد لهما على غير مثال على غير مثال سابق هو المبدع لذلك خلقهما على هذه الحال والسماوات هنا الذي فطر السماوات والارض يشمل ذلك هذه الاجرام العلوية العظام السماوات السبع وما تحويه من الافلاك والنجوم وما الى ذلك فطر السماوات والارض فهو يقول انا توجهت الى هذا الخالق المبدع الذي يستحق ان يعبد واذا تتبعت نصوص القرآن تجد في مواضع كثيرة ان العبادة القرآن يقرر ان العبادة ينبغي ان تصرف لمن كان خالقا ايشركون ما لا يخلق شيئا يا ايها الناس اول امر في القرآن والمصحف يا ايها الناس اعبدوا ربكم من الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون. الذي جعل لكم الارض فراشا والسماء بناء وانزل من السماء ماء فاخرج به من الثمرات رزقا لكم فلا تجعلوا لله اندادا وانتم تعلمون على اختلاف اقوال المفسرين في هذا الموضع لكن منها وانتم تعلمون انه هو الخالق وحده لانهم كانوا يقرون بهذا فكيف تعبدون؟ سواه فالارتباط بين العبادة والخلق هذا ظاهر في القرآن كثير وان العبادة ينبغي ان تصرف لمن خلق واوجد فهنا وجهت وجهي للذي فطر السماوات فالذي لا يخلق لا يستحق ان يعبد ولا ان يقصد ولا يتوجه اليه فهذا المبدع الخالق الموجد من العدم حقيق بان تتوجه الوجوه اليه وان تقبل القلوب عليه وان ترتبط به كل الارتباط دون من سواه فهذا الذي تعول عليه القلوب في سائر احوالها ولا يصح التفات الى احد غيره ولا يرجى الا رضاه ولا يخاف الا من سخطه الوقت ادركنا وبقي بقي بقايا على كل حال كثير لكن اسأل الله عز وجل ان ينفعنا واياكم بما سمعنا وان يجعلنا واياكم هداة مهتدين والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى صحبه السلام عليكم