مقام الفقه ثانيا فانه لا يفقه احد العلم على وجهه الا ان يكون فقيها في كتاب الله عارفا به كذلك في هدي النبي صلى الله عليه وسلم وانت تعلم ان كتاب الله جمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا اما بعد ايها الاخوة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وينعقد هذا المجلس الذي اسأل الله سبحانه وتعالى ان يجعله من مجالس ذكره وحمده وشكره سبحانه وتعالى على ما ولاه من النعم التي اعظمها نعمة الاسلام ينعقد هذا المجلس للثامن من الشهر الثامن من سنة خمس وثلاثين واربعمائة والف من الهجرة النبوية الشريفة على صاحبها الصلاة والسلام في مدينة الرياض في ارتفاع الدورة العلمية دولة الشيخ عبد الله بن جبريل رحمه الله تعالى وهذا المجلس مقدمات في علوم الشريعة وهذه المقدمات لا يمكن ان يقدر لها نضمن يكون متضملا لها على التمام والكمال بكل وجه ولا سيما مع كون هذا المجلس فيه قدر من الاقتصاد من جهة الوقت ولهذا بيننا نأتي بهذا المجلس ان شاء الله على ما هو اهم المقاصد في هذه المقدمات وهي ست مقدمات في علوم الشريعة المقدمة الاولى في حقيقة علم الشريعة. واصدق حقيقة يوصف بها علم الشريعة انه عبادة لله سبحانه وتعالى فهذه اصدق الحقائق في بيان ماهية هذا العلم وحقيقته فان العلم اذا عرف عرف باعتباره مجردا وقد تكلم اهل العلم واهل النظر في حد العلم ما هو ولكن العلم الذي هو محل المقصود هو العلم الالهي الذي بعث الله به الانبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام وهو علم الاستجابة الذي سمى الله سبحانه وتعالى اهله بالايمان وخشيته في قول الله جل ذكره انما يخشى الله من عباده العلماء فاذا ذكر هذا العلم واريد معرفة حقيقته فان اصدق حقيقة فيه ان يقال انه عبادة لله سبحانه وتعالى وهو العلم بما بعث الله به انبياءه ورسله عليهم الصلاة والسلام. الى ان بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بما جعل الله في سنته ونبوته من الكمال والتمام وانزل عليه القرآن الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وقد قال الله سبحانه وتعالى لنبيه كما جاء في الحديث القدسي الذي رواه الامام مسلم وغيره من حديث عياض ابن حمار المجاشعي ان النبي صلى الله عليه وسلم قال قال الله تعالى اني خلقت عبادي حنفاء كلهم فاتتهم الشياطين فاشتعلتهم عن دينهم وحرمت عليهم ما احللت لهم وامارة من يشركوا بي ما لا منزل به سلطانا وان الله نظر الى اهل الارض طبقتهم عربهم وعجمهم الا بقايا من اهل الكتاب وانما بعثتك لابتليك وابتلي بك وانزلت عليك كتابا تقرأه نائما ويقظان لا يغسله الماء فهذا هو كلام الله الذي انزله الله على عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم وما اوحى الله عز وجل الى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم من الحكمة النبوية التي لم يؤتى نبي من الانبياء كحكمته عليه الصلاة والسلام وصارت حكمته ونبوته هي اية صدقه عليه الصلاة والسلام فانما اتاه الله من الكتاب وما اتاه من الحكمة والنبوة هو اية صدق النبي صلى الله عليه وسلم واعظم اياته عليه الصلاة والسلام هذا الكتاب الذي انزله الله عليه وان كانت ايات النبي صلى الله عليه وسلم تقع له كما يقع لغيره من الانبياء في الايات التي يجريها الله سبحانه وتعالى على يد نبيه صلى الله عليه وسلم وعن هذا قال النبي صلى الله عليه واله وسلم كما في الصحيح وغيره من حديث ابي هريرة رضي الله عنه ما من الانبياء من نبي الا قد اوتي من الايات ما مثله امن عليه البشر وانما كان الذي اوتيت وحيا اوحى الله الي فارجو ان اكون اكثرهم تابعا يوم القيامة واخذ الله عز وجل الميثاق على الانبياء بوجوب تصديق النبي صلى الله عليه وسلم ان ادركوه مع علم الرب سبحانه وتعالى ان محمدا هو خاتمهم وان نبي من الانبياء لا يكون مصادفا لزمانه الا ما يكون من امر عيسى عليه الصلاة والسلام حينما ينزل في اخر الزمان فانه يقضي بشريعة النبي صلى الله عليه وسلم ومع ذلكم قال الله عز وجل في كتابه واذا اخذ الله ميثاق النبيين لما اتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال ااقررت ما خطرتم على ذلكم اصري قالوا اقررنا قال فاشهدوا وانا معكم من الشاهدين وسمى الله جل وعلا ما اتاه نبيه نورا قال الله عز وجل فالذين امنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي انزل معه وهو القرآن اولئك هم المفلحون فسمى الله كتابه بالنور واتبعوا النور الذي انزل معه اولئك هم المفلحون وفي قوله جل ذكره وكذلك اوحينا اليك روحا من امرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الايمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا فاخص وصف للعلم في بيان حقيقته ان يقال انه عبادة لله سبحانه وتعالى بل من اعظم العبادات واشرفها. ويتعلق بمقام منه الوجوب ووجوب العلم بحق الله سبحانه وتعالى وربوبيته واخلاص الدين له سبحانه وتعالى وما ترتب على ذلك من الاحكام الواجبة التي اوجبها الله على المكلفين ويقع قدر من هذا العلم الالهي يكون مشروعا ومن فروض الكفاية ومما يندب اليه في بعض المقابر واذا تحقق لك هذا المعنى وان علم الشريعة هو عبادة لله فان العبادة يجب ان تكون على قاعدة الشريعة فيها باعتبار ان تكون خالصة لوجه الله سبحانه فعلم الشريعة كالصلاة يجب ان يكون خالصا لوجه الله ويتفرع عن هذا المعنى ان علم الشريعة يصان عن حظوظ النفس واخلاقها الفاسدة وما يكدر عبادة الله سبحانه وتعالى مما لا يليق بمقام العبد مع عابده وبمقام الانسان مع ربه سبحانه وتعالى فلا بد ان يكون حاضرا في نفوس طلبة العلم ان علم الشريعة عبادة يجب ان يبتغى بها وجه الله سبحانه وتعالى اخلاصا ومنهجا واقتصادا ولذلكم فان العلم الالهي الذي بعث الله به نبيه صلى الله عليه وسلم اوجب خشية الله جل وعلا فيما ذكره الله سبحانه وتعالى بقوله انما يخشى الله من عباده العلماء ولهذا صار الانبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام هم اصدق الخلق عبادة لله سبحانه بما اتاهم الله من العلم فهذا المعنى يجب ان يكون مقيدا في القلوب. وان يكون محل عناية وفقه فان العلم الشرعي هو مقصود لذاته وقد تكلم بعض اهل الاحوال وبعض الشراح من المتأخرين وبعض اهل التصوف وذكروا في العلم ان العلم وسيلة الى العمل. وهذا ذكره طائفة من طائفة من متأخر الشراح وذكره طائفة من اهل الاحوال والتصوف وغيرهم فجعلوا العلم وسيلة الى غاية. وهو العمل وهذا الترتيب فيه نظر كبير في الشريعة ولا يتجه فان العلم مقصود لذاته. فان معرفة الله سبحانه وتعالى والعلم به. وباسمائه وصفاته وبافعاله وبربوبيته وبشرعه وما الى ذلك من مقامات الايمان التي شرعها الله سبحانه وتعالى هي مقصودة لذاتها وان كان العمل ايضا يكون من الاصول المقصودة لذاتها ولا سيما اذا فقدت مسألة المسألة الاولى التي تبين هذا السقط في هذه الكلمات التي ذكرها من ذكرها من المتأخرين من جهة ان العلم وسيلة وليست غاية اذا فقهت مسألتين من المسائل المستقرة عند ائمة السنة والجماعة المسألة الاولى ان الايمان قول وعمل وهذا مما يعلم اجماع اهل العلم عليه اجماع الصحابة رضي الله تعالى عنهم ومن مضى على سبيلهم متبعا لهم باحسان. فقد اجمعوا على ان الايمان قول وعمل ومعنى انه قول انه قول باللسان وقول بالقلب وهو تصديق القلب ومعنى انه عمل انه عمل بالقلب وعمل بالجوارح فاذا تحقق ان الايمان اصله متصل بالعلم والعمل وهو في حقيقته قول وعمل فان العلم هنا يعلم انه اصل ولابد ولم يختلف عامة المسلمين في ان العلم من اصول الايمان. بل هذا متفق عليه بين اهل القبلة العلم من اصول الايمان ولذلكم فان ما يذكره بعض المتأخرين من جعل العمل وسيلة الى غاية. اراد بعض من هؤلاء ممن لهم منهج حسن في جملته ارادوا ان يعظموا مقام العمل بالعلم ولكنهم اتوا على ترتيب فيه نظر وبعضهم ربما رتب هذا الكلام على خطأ في منهجه كما يقع في بعض كلامه اهل التصوف والاحوال الذين جعلوا العلم الذي بعث الله به النبي صلى الله عليه وسلم موصلا الى بعض الحقائق مما يسمونها في الاحوال او المكاشفات او التأثيرات التي زعموها وهي مخالفة لهدي النبي صلى الله عليه وسلم فاذا يعلم ان العلم اصل بذاته. كما ان العمل اصل والايمان قول وعمل. الايمان علم وعمل فلا يقال ان يكون وسيلة. وان كان العلم الذي شرعه الله سبحانه وتعالى هو العلم الذي يوجب طاعة الرب سبحانه تعالى ويوجب تقواه ويوجب خشيته سبحانه وتعالى. من جهة العمل به. ولهذا هو علم الاستجابة. واذا نظرت الى العلم الذي ذكر في كتاب الله سبحانه وتعالى فان الله ما سمى في كتابه العلم الا العلم الذي اوجب خشيته واتباع انزله على انبيائه ورسله عليهم الصلاة والسلام وما دون ذلك فانه يسمى معرفة كما سمى الله اهل الكتاب معرفة. الذين اتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون ابناء واما اذا ذكر العلم في كتاب الله فان العلم يراد به الاستجابة لامر الله سبحانه وتعالى ولكن لا يتصور ان تقطع الاستجابة ولا ان يقع العمل وقد علمنا ان العمل انما هو العمل الذي شرع فاذا علمت ان العمل هو العمل الذي شرع فلا يتصور وجود العلم لا يتصور وجود العمل الا ومعه العلم وعلى هذا فان حقيقة العلم متصلة بالعمل ولابد ولهذا فان العلم الالهي لا بد ان يكون متضمنا العمل تارة او مستلزما له تارة في سياق النصوص ولوجود بعض هذه الشبهة عرض لطوائف من المرجئة ان العمل ليس من الايمان على هذا التقدير. فلا يقع على هذا الترتيب الذي الذي ذكره المرجئة ولا يقع على الترتيب الذي ذكره طائفة من اهل الاحوال والتصوف. بل المنهج الذي مضى عليه السلف رحمهم الله ان العلم اصل وان العمل اصل وان الايمان قول وعمل المسألة الثانية التي تبين هذه الحقيقة ان الله سبحانه وتعالى بين انه معبود بمعرفته ان الله سبحانه وتعالى بين انه معبود بمعرفته. كما قال الله جل وعلا ولله الاسماء الحسنى فادعوه بها. ولا سيما ان العمل اذا اطلق في كلام كثير من المتأخرين انصرف عندهم الى الاعمال اعمال الجوارح التي يسمونها الاعمال الظاهرة وانت اذا نظرت الى اصول دين الانبياء وما شرع في شرائعهم علمت ان هذه الاعمال هي من اصول دينهم لكنك هل تعلم من وجه ابين ان ما قبل ذلك هو كذلك من اصول دينهم. ولهذا لما سمى النبي صلى الله عليه وسلم الايمان قال ان تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر والقدر خيره وشره. ولما سمى الاسلام كما في حديث عبدالله ابن المتفق عليه قال بني الاسلام على خمس شهادة ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله واقام الصلاة وايتاء الزكاة وحتى لا يقع في ظمن بعظ الناظرين في كلام النبي صلى الله عليه وسلم كما عرظ ذلك لطوائف من المرجاة وغيرها الذين جعلوا العمل ليس داخلا في مسمى الايمان فان النبي صلى الله عليه واله وسلم لما ذكر العمل جعله في بعض المقام من الامام بل جعله هو الايمان. كما جاء في حديث وفد عبد القيس المتفق على صحته عند الشيخين وغيرهما من حديث عبد الله عن ابن عباس وحديث ابي سعيد الخدري عند الامام مسلم لما جاءه وفد عبد القيس وقالوا يا رسول الله انا حي من ربيعة وبيننا وبين الكفار المدراء ولا نستطيع ان نأتيك الا بشهر حرام فامرنا بامر غسل اخبر به من وراءنا وندخل به الجنة قال امركم باربع وانهاكم ان اربى امركم بالايمان بالله وحده. اتدرون من الايمان بالله وحده؟ قال الله ورسوله اعلم. قال شهادة ان لا اله الا من الله وان محمدا رسول الله واقام الصلاة وايتاء الزكاة وصوم رمضان وان تؤدوا خمسا من المغنم ونهاهم عن الدباء والحنجب والمزفة المخيم فهذه الاثار النبوية يبين بها ان الشريعة جعلت العلم اصلا. وعن هذا قال الله عز وجل في كتابه ولله ان اسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في اسمائه ونتيجة هذه المقدمة في حقيقة العلم الشرعي انه عبادة لله. وانه اصل يتعبد به الرب سبحانه وتعالى وانه يوجب العمل والاستجابة. انما المؤمنون الذين استجابوا لله وللرسول والعمل وفي قول الله يا ايها الذين امنوا استجيبوا لله وللرسول اذا دعاكم لما يحييكم فالعمل اصل في الايمان والعلم اصل في الايمان. المقدمة الثانية في مشاريع علم الشريعة علم الشريعة اصله كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم فهذان الاصلان الكتاب والسنة هما اصل علم الشريعة وكل علم ذكره العلماء في مسائل الاستدلال والادلة او في مسائل الاحكام ونتائج الادلة فانه يكون متفرعا عن الكتاب والسنة ولابد حتى يكونوا علما معتبرا صحيحا فاصل علم الشريعة هو الكتاب والسنة واذا اعتبرت هذه المقدمة وفقهتها بان لك ما في كتاب الله سبحانه وتعالى من اصناف السياقات التي جاءت على اوجه متنوعة من جهة اللغة في امر الله سبحانه وتعالى لعباده المؤمنين بل وللناس اجمعين ان يطيعوا الله ورسوله وان يستجيبوا لله ولرسوله. وان يصدقوا المرسلين الى غير ذلك من في السياقات كقول الله جل وعلا يا ايها الذين امنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الامر منكم وفي قول الله جل وعلا من يطع الرسول فقد اطاع الله. يا ايها الذين امنوا استجيبوا لله وللرسول اذا دعاكم بما يغنيكم انما كان قول المؤمنين اذا دعوا الى الله ورسوله ليحكم بينهم ان يقولوا سمعنا واطعنا واولئك هم المفلحون فعلم الشريعة مشرعه واصله الكتاب والسنة واذا نظرت بسير السلف الصالحين من الصحابة رضي الله تعالى عنهم واهل القبور الثلاثة الفاضلة. ومن جرى على هديهم وجدت انهم يؤسسون دون علم الشريعة على الكتاب والسنة ولهذا يجب على طالب العلم ان تكون اعظم عنايته في طلب العلم بالقرآن. حفظا وتدبرا ولا يصح ان عالما في الشريعة وهو لا يحفظ كتاب الله. ولذلك فانه لا يأتي على درجة التحقيق والاجتهاد المطلق الا ان يكون حافظا بكتاب الله فقيها في احكامه. حسن التدبر لتأويله كما قال الله جل وعلا افلا يتدبرون القرآن لو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا ولذلكم يجب على طالب العلم ان يعنى بالقرآن حفظا وتفسيرا ومعرفة وقد قال اكابر العلماء من المحققين كشيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله في اخر عمره بانه في نفسه بعض الحاجة والندم ان صرف اوقاتهم في كثير من المصنفات والكتب ولم يجعل ذلك في النظر في كلام الله سبحانه وتعالى مع ما عرف به الشيخ رحمه الله علي شيخ الاسلام مع ما عرف به رحمه الله من العناية بالتفسير والكتابة فيه وفقه القرآن. ولكن لقوة معرفته بحقها هذا الكتاب الذي لم ينزل الله على نبي من الانبياء كتابا على هذه الصفة التي اشتمل عليها كتاب الله سبحانه وتعالى المنزل على عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم فان الله جعله كتابا يجب على الخلق والمكلفين جميعا من الجن والانس ان يعملوا به الى قيام الساعة فجعله الله هو الكتاب المنزل على خاتم الانبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام فإذا اصل العلم من حيث المشرعة ومن حيث الابتداء العناية بالكتاب. اصله كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وهذه ليست من المقدمات الايمانية المحضة التي لا يترتب عليها اثر في العلم والفقه بل هذه مقدمة يجب ان يخاطب بها العلماء وعندي انه لا يفقه احد حقيقة الادلة المسماة في علم اصول الفقه الا اذا فقه هذه المقدمة والا فانه قد يتبادر سؤال اذا قيل ان الكتاب والسنة هي اصل الادلة وجامعها. فما وجه ان علماء الاصول رحمهم الله ذكروا جملة اخرى من الادلة فانا اذا نظرنا في كتب اهل الاصول قاطبة وجدنا انهم يذكرون الكتاب والسنة ثم يذكرون ادلة فيسمون الاجماع ويكون الاتفاق على كونه دليلا ويذكرون خلافا شاذا في هذا عن النظام ونحوه ونجد انهم يذكرون بعد ذلك ما يسمى بالادلة المختلفة فيها. كالقياس والاستحسان والمصلحة المرسلة وقول الصحابي والاستصحاب وعمل اهل المدينة عند مالك واصحابه فهذه الادلة يقع لها هذا السؤال ما وجه كونها ادلة تنصب للاستدلال ويستدل بها وتبنى الاحكام التكليفية عليها. مع انا نقول كما هو متواتر في كتاب الله سبحانه وتعالى ان الجامع لاحكام الشريعة كلها اصولا وفروعا هو الكتاب والسنة ما نظم العلماء رحمهم الله اعني علماء اصول الفقه الا لحسن فقههم ان الكتاب والسنة هو اصل العلم. ولهذا فان كل دليل من هذه الادلة هو في حقيقته متولد ومتفرع عن الكتاب والسنة واذا نظرت في بعض الخلاف في هذه الادلة فان من لم يجعل هذا الدليل دليلا انما اخره عن رتبة الادلة لكونه عنده لم ينتظم اتصاله بدليل الكتاب والسنة فانك اذا نظرت مثلا الى كلامهم في دليل القياس اي قياس التمثيل الذي يستدل به في الفروع وما ذكروه من الخلاف في ذلك بين الائمة الاربعة والجمهور وبين طائفة في الظاهرية. فانك ترى ان ابا محمد ابن حزم الى الظاهرية مثلا لا يعتبر دليل القياس فاذا سألت ولم يعتبر دليل القياس بانه كنتيجة في بحث ابي محمد ابن حزم وعن الظاهر لم يتصل بالكتاب والسنة فان القياس له اركان كما هو معروف ومن اركانه العلة فان ابن حزم يرى ان هذا مبني على ان الشريعة قال له لا وعلى ان العلة مدركة ويرى ان هاتين المقدمتين لا يتجه تصحيحهما فلما لم يقع عنده هذا الركن واتصاله بالكتاب والسنة فانه نازع في كون الشريعة المعللة ونازع في العلم بالعلة على ثقل على تقدير وجودها وثبوتها ولهذا لم يعتبر هذا في الادلة ومثله مما تكلم اصحاب ابي حنيفة في دليل الاستحسان ورأيتم ما في كتب الاصول ولا سيما في كتب الشافعية من المعارضة لكلام الحنفية في دليل الاستحسان فان بين هذين المذهبين الذين تباعدا في الكلام في دليل الاستحسان انما هو لان دليل الاستحسان في فقه علماء الحنفية يرونه متصلا ومتفرعا عن الكتاب والسنة وعن هذا انتظم تصحيحه وان كان اعني دليل الاستحسان حتى عند اصحاب ابي حنيفة ليس وجها واحدا من ثمة اوجه يسلم بها جمهور الحنفية وثمة اوجه من دليل الاستحسان فيها مادة من النساء ولما رأى بعض الحنفية ان اصحابه يصححون هذا الدليل واستقر هذا في مذهب الامام ابي حنيفة. ورأى ان بعض الاوجه التي سميت في دليل الاستحسان ليست مما استبان لبعض المجتهد الحنفية انها متصلة بالكتاب والسنة راح يصحح دليل الاستحسان ولكن يسمي تحته ما هو مستقر من المعاني حتى سمى بعض علماء الحنفية النسخ من دليل الاستحسان مع ان النسخ حكم منفك في اصله لكنهم لما استقر عند اصحابهم من اصحاب ابي حنيفة وشرع ذلك فيهم عن التصحيح الاستحسان راح بعض محققيهم يلتمسون له اوجها قد استقر تصليحها. فقالوا ومن النسخ او هو من الاستحسان النسخ مع ان النسخ لا ينازع فيه الشافعي واصحابه فاذا المقصود ان الادلة عن الادلة التي ذكرها علماء الاصول هي متفرعة. ومن لم يفقه هذا التفرع وترتيبه لا يكون فقيها في علم اصول الفقه فضلا ان فقيها في حسن الالحاق والترتيب بين علم الفقه وعلم اصول الفقه ولذلك فان طالب العلم يجب ان يكون مقبلا اعلى الكتاب وعلى هدي النبي صلى الله عليه واله وسلم وسنته. وهذا يوجبه مقام الديانة. اولا ويوجبه قد اجمع المسلمون عليه وتواتر. وصنف اهل العلم في هدي النبي صلى الله عليه وسلم وسنته. وكثر في المتأخرين انهم يخصون احاديث الاحكام بالتصنيف وهذا قد قصد به معنى من العلم والفقه لكن وقع لبعض طلبة العلم بعد ذلك ما هو من مادة الغلط فيما يظهر فصار عامة ما يعرفه منه سنة النبي صلى الله عليه وسلم ما يتعلق بهذه الاحاديث التي خصها بعض المتأخرين ببعض مختصراتهم مما يسمى احاديث الاحكام او احاديث الحلال والهواء وهذا الاقتصاد اذا غلب فانه يكون خطأ لا شك ان الاحكام ان الادلة التي تشيع في الاحكام الفقهية لها مقام من العناية والاختصاص ولكن علم الشريعة كما نعرف وعلم جامع ولم يدخله التصنيف هو التخصيص الا متأخرا. ولهذا لما صنف المتقدمون في سنة النبي صلى الله عليه وسلم صنفوا تصنيفا جامعا في عامة ما صنفوه كما تراه في الكتب الستة وغيرها ولذلك فانها خص ما يوصى به طالب العلم كنتيجة لهذه المقدمة ان يقبل على الكتاب. وان يقبل على سنة النبي صلى الله عليه وسلم ولا سيما الكتب التي استفاض فيها هدي النبي صلى الله عليه وسلم واخصها الصحيح ان صحيح البخاري وصحيح مسلم ثم بعد ذلك السنن ومسند الامام احمد وموطأ الامام مالك وسنن الدارمي. فهذه الكتب التسعة التي كثر تداولها بين اهل العلم وما يتصل بها من الكتب الاخرى المتعلقة بالهدي والاثار المقدمة الثالثة في اصناف العلم فانه يعلم ان العلم ابتدأ في عهد النبي صلى الله عليه وسلم لما كان الوحي ينزل على النبي والصحابة يسمعون كلامه واللغة فصيحة لم يدخلها شو ونقص فان العلم كان على وجه الفقه من الكتاب والسنة ثم لما قلت الفصاحة ودخل اللغة ما دخلها وتأخر الكلام في بعض الاحاديث من جهة اسانيدها وصار ثمة تفصيل في الاسانيد والرجال انتظمت العلوم على اصناف وصار يسمى كل علم باسم او بالقاب مشهورة معروفة وقد انتظمت تسمية علم الاعتقاد بعلم اصول الدين او التوحيد او الايمان او الشريعة كما هو بين في تسمية العلماء الذين كتبوا في هذه العلوم فانهم سموا علم اصول الدين بهذا اللقب وسموه بالشريعة وسموه بالتوحيد وسموه بالايمان وكلها اسماء تتجه على معاني صحيحة والخلاف بينها تنوع ولفظي وسمي علم الفقه وسمع علم اصول الفقه وسمي الحديث. وما يتعلق به من العلوم وسمي تفسير القرآن وسميت بعض العلوم المتصلة بذلك كعلم السلوك او ما يكون من علوم اللغة المفسر للشريعة فهذه الاصناف من العلوم ينبغي لطالب العلم ان يقدر فيها بعض المعاني. المعنى الاول ان يعرف ان الانفكاك بين هذه العلوم انفكاك اضافي وليس انفكاكا ذاتيا. بمعنى ان الفرق بين علم اعتقاد وبين علم الفقه او اصول الفقه ليس ثمة بين هذه العلوم مادة من التباين المطلق بل كل علم من هذه العلوم يتصل بالعلم الاخر ولهذا فان الصدر الاول ولا سيما الصحابة رضي الله تعالى عنهم كما هو معلوم معلوم في احوالهم صاروا ائمة في علم الشريعة جملة فهذا التخصص وهذا التمايز في الاسماء لا ينبغي ان يغلب على طالب العلم حتى يكون فقير الحال وفقير العلم في علم من علوم الشريعة وعامة امره عامة نظره في اسم واحد من هذه الالقاب فان هذا لا يتصور كما يقع في بادية النظر انه يفوت به الفقه لهذا العلم الذي لم يقبل عليه بل عند التحقيق عند التحقيق العلم الذي اقبل عليه ما لم يقرنه بغيره معرفة فانه لا يكون فقيها فيه. ولا يكون محققا تنفيه فان من اقبل على الفقه وحده ولم يكن له نظر معتبر في العلوم الشرعية الاخرى لا يكون فقيها في الفك فضلا عن علمه وفقهه في غيره فانت لا وكيف ذلك؟ قيل لان الفقه مبني على غيره فان الفقه مبني على غيره. الفقه نتيجة من جهة كونه احكاما. وهذه النتيجة مبنية على مقدمات وهذه المقدمات هي الادلة وتعلم ان الادلة من جهة تسميتها في علم اصول الفقه ايضا يتصل بها مقام من حسن الاستصحاب لمناسبة لهذا الحكم المعين من احكام فروع الشريعة والا فانك تستطيع ان ترى ان بعض المسائل قد يتصل بها هذا الدليل ويتصل بها هذا الدليل بل انك اذا نظرت في خلاف الفقهاء رحمهم الله لا تجد مسألة قالت الحنفية فيها قولا او قال الشافعية فيها قولا ثم قال وهذا رأينا ولا دليل عندنا هل وقف طالب من طلبة العلم على ان مدرسة من مدارس الفقهاء او فقيها من اعيان الفقهاء يسمي حكما ولا يسمي له دليلا هذا لم يقع ولن يقع. فاذا انما الفقه هو الالحاق اي الادلة اكثر اتصالا بهذه المسألة هل هو هذا الدليل العام ام هذا الدليل المطلق؟ هل هو دليل القياس؟ ام هو دليل المصلحة المرسلة؟ ام هو دليل الاستصحاب فهذا التميز في الفقه هو الذي توزن به المسائل وعليه من لم يكن عارفا بعلم اصول الفقه كيف يكون فقيها ومن لم يكن عارفا بقواعد الدين المذكورة في علم الاعتقاد وعلم اصول الدين كيف يكون فقيها محققا للفقه ومثله في العلوم الاخرى فانه ليس ثمة علم ومن علم الشريعة. التي صنفت باسم من الالقاب المتأخرة بعد عصر الصحابة رضي الله تعالى عنهم لا يمكن ان علما من هذه العلوم يوصل الى غايته على التحقيق باعتباره علما منفكا عن غيره من اصناف العلوم ولهذا فان من اخص ما يوصى به طلبة العلم بعد العناية بمشرعة العلم وهو الكتاب والسنة انهم اذا صاروا الى اصناف العلوم اذا حقق في المقدمة الثانية وهي مشرعة العلم الذي هو العلم بالكتاب حفظ القرآن العناية بالسنة حفظا او استظهارا وسعة النظر في كتب السنة وكثرة التقليب في ذلك تبصرا ونظرا واعتبارا وتفقها اذا انتقل الى اصناف العلم وصار له تخصص من جهة دراسته او رغبته او ميل نفسه وعقله الى نوع من العلو كعلم الحديث او علم الفقه او علم اصول الفقه فان من حيث الابتداء لا بأس به. ويقع فيه بعض الفائدة وان كان ليس بالضرورة انه هو الفاضل الناس بل الفاضل هو الجمع والفاضل هو الشمول ومن اخص ما ينقص المسلمين في عصرهم هذا مما كان شائعا في الاصول السالفة هم العلماء الذين انصح ان يقال العلماء الشموليون في علمهم فانهم في هذا العصر غلب التخصص وهذه الغلبة قدر منها حسن وقدر منها فيه نظر. وفيه تعقب. ولذلك فانه يوصل متخصص في احد هذه الالقاب كعلم الفقه او علم اصول الفقه او نحوها يوصى ان يكون له حظ معتبر من بقية علوم الشريعة. فاذا كنت في تخصص الفقه او في تخصص العقيدة او في تخصص التفسير. او في تخصص اصول الفقه هل من بقية علوم الشريعة اجعل لنفسك منها حظا معتبرا؟ ليس بالضرورة هو الاحاطة ولكن لا ينبغي ان تكون فقيرا فيها فانك اذا كنت فقيرا فيها فلا تحسبن انك تصل الى تحقيق في العلم الذي تسميت به وانتسبت اليه. وهذا الذي اذا نظرتم في سير العلماء الى قرون قريبة فان الذي كان معروفا عندهم هو العناية والعناية وللعلم وان كان يكون لبعضهم من العناية ببعض العلوم اكثر فهذا ليس هو محل المنازعة. محل المنازعة ان يقبل بعض طلبة العلم على علم واحد ويغفلون غفلة ظاهرة عن بقية العلوم. حتى صار مقبلا الى علم ثم اذا سئل عن بعض الاحكام من احكام العبادات او احكام المعاملات التي تنتاب الناس يقول ان هذا ليس من تخصصي او انه لا يكون عارفا بغالب الاحكام لاسيما ان الاحاطة التي يقصد ذكرها هنا هي احاطة متيسرة في الغالب لمن كان عنده حسن في النظر وحسن في وحسن في ترتيب مداركه على ما يناسب من العلوم المقدمة الرابعة في طبقات العلم فان العلم كما ذكر الامام الشافعي رحمه الله قال العلم الطبقات الخمس ولابد ان طالب العلم يستصحب هذا الترتيب تنظيما لمداركه وملكته العلمية حتى يكون نظره في علم الشريعة مثمرا المقصود الاعلى من النظر في هذا العلم وهو المعرفة بالله وبشريعته جل وعلا فيعنى بالطبقة الاولى من العلم وهي اصل كل علم من هذه الاسماء التي سميت فيما بعد فيعنى باصول مسائل الاعتقاد اذا نظر في هذا العلم ويعنى باصول مسائل الفقه. اذا نظر في هذا العلم ويعنى باصول التفسير اذا نظر في هذا العلم وهلم جرا في العلوم الاخرى وهذا الاعتبار اذا سميتم الطبقة الاولى من العلم يقصد به ان يكون ميزانا في بقية العلوم فانه ربما غلب على بعض الناظرين في علم العقيدة مثلا الاشتغال في النظر في الردود واقوال الطوائف المخالفة لمذهب السلف رحمهم الله قبل ان يتقن على مقام من التحقيق والتفصيل وحسن الاستدلال لمقام التقرير في عقيدة السلف ولهذا فانما في كتب العلماء ككتب شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله فيها هذه المادة وهذه المادة فيها تقرير مقام الاعتقاد وهو الاصل المقصود الاول. وفيها مقام الرد ومقام الجواب ودفع الشبهات فينبغي بل يجب على طالب العلم من حزن من حيث التأسيس والتأصيل ان يكون معنيا بضبط اصول الاعتقاد على ما دل عليه الكتاب والسنة واجمع عليه الصحابة رضي الله تعالى عنهم فاذا صار محققا فقيها في هذا لم تلتمس عليه المسائل وعرف الجواب عن الشبهات التي تعلم ولا سيما انك تعلم ان الشبهات ليست مادة واحدة منتهية. فقد عرض في شيخ الاسلام ابن تيمية من الكلام والشبهات ما لم يعرظ في زمان الامام احمد وعرظ في زمان الامام احمد ما لم يعرظ في عصر التابعين في اصل التابعين ما لم يعرض في عصر الصحابة بل حتى في عصر الصحابة عرظ في اخر عصر الصحابة ما لم يكن معروفا في خلافة الخلفاء الراشدين فاذا المعيار ان تكون عارفا باصل العلم. ومثله اذا جئت الى علم اصول الفقه فلا بد ان تكون متقنا لاصوله. واذا جئت الى الفقه فاعرف رؤوس المسائل. التي عليها غالب النظر عند الفقهاء. وفيها كما لا يخفى فيها مصنفات واسعة وهي ما عرف بالمختصرات التي صنفها اصحاب المذاهب على طرق ائمتهم وفقهائهم فاذا اتقن طالب العلم هذه الاصول اتقن الطبقة الاولى من العلم وصار قادرا على التفريغ والتحول من هذه الطبقة الى ما بعدها من الطبقات فينظر في مسائل الخلاف على قدر من حسن النظر ويعرف في كل خلاف درجته ورتبته. فان الخلاف في مسائل اصول الدين له مقام يختلف عن المسائل الخلافية المقولة في مسائل الفروع فان الدين والعلم كما نعلم اما ان يكون اصولا واما ان يكون اما في مسائل الاصول فانه قد استقر ان الخلاف في ذلك ليس معتبرا وانه يجب العمل بما اجمع عليه الصحابة رضي الله تعالى عنهم ولكن اذا جئنا للخلاف في مسائل الفروع اما في باب الاحكام والنتائج او في باب الاستدلال كالخلاف بمسائل اصول الفقه فان هذا قد يقع فيه بعض التقصير من جهة حسن الفقه فيه. فان طالب العلم اذا نظر في الاحكام الفقهية وجد انها في الجملة على قسمين اما من مسائل الاجماع ان يكون اجماعا صريحا او يكون دون ذلك مما يضاف الى الاجماع ويحتاج الى بعض التحليل مما قد يسمى بالاجماع السكوت واذا جاء الى مسائل الخلاف قلب الادلة حتى يصل الى الترجيح ومما ينبغي ان يعلم ان الخلاف بين الفقهاء رحمهم الله ليس درجة واحدة ولذلك فان المسألة الفقهية من جهة الخلاف توزن بالكتاب والسنة وهذه قاعدة مسلمة ومستقرة بالوظاهرة الوجوب من جهة الديانة ولكن هذه القاعدة لها فقه وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين. فكيف يكون طالب العلم فقيها في هذا الخلاف وكيف يكون حسن الترجيح فانك اذا نظرت الى الخلاف وجدت انه مراتب فاما ان يكون الخلاف قريبا من الشاذ اما ان يكون الخلاف اعني الخلاف الفقهي قريبا من الشاذ بمعنى ان سواد العلماء وان عامة العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم على قول ولكن يعرض النقل في بعض كتب الفقه او بعض كتب الشروع شيء من الخلاف في المسألة فهذا اذا كان الخلاف شاذا فلا يعتبر به ولا يعمل به اذا تحقق انه من القول الشاد وربما صار في حقيقته ابعد من كونه شاذا بل مخالفا للاجماع الرتبة الثانية ان يكون الخلاف محفوظا وليس جادا ولكنه مخالف لقول الجماهير واوردوا او ويقصدوا بالجماهير هنا جمهور المتقدمين من الفقهاء والمحدثين من وافوا الى مدرسة الرأي والفقه او يضاف الى مدرسة فقهاء المحدثين فاذا صار القول على خلاف قول جمهور المتقدمين من الصحابة والتابعين ومن بعدهم ولكن الخلاف محفوظ فانه لا يصح لاحد ان يقول يجب العمل بقول الجمهور لان هذا الاطلاق يرفع الرد الى الكتاب والسنة مع كون الخلاف محفوظا فليجب العمل بما دل عليه الكتاب والسنة وهذا مجمع عليه من العلماء عند القرون الثلاثة الفاضلة. وان كلا يؤخذ من قوله ويترك وان كان بعض المتأخرين رحمهم الله لما خشي من الدخول في الاقوال الشاذة صار يقيد بعض الدرجات على اقوال الائمة الاربعة وما يكون من شبه الالزام بها لكن هذا مما لا يتحقق فاذا اذا كان القول هو القول الذي عليه الجماهير المتقدمين فانه يرجع الى الادلة لانها هي الحاكم وهي الاصل ولكن هل القول بان الدليل هو الحاكم في ذلك اعني دليل الكتاب والسنة او ما يتفرغ عنه هل يعني هذا عدم استصحاب طالب العلم في نظره في المسألة وفقهه فيها ان هذا القول قد قال به المتقدمين ترك الاستصحاب يقع عنه في كثير من الحال قدر من الخلل والسقط لان هؤلاء اعني الجماهير المتقدمين هم من ائمة العلم والدين وقد قال كثير من الفاحصين من كبار العلماء الفاحصين لاقوال الائمة كشيخ الاسلام ابن تيمية وابي عمر ابن عبد البر والامام ابن كثير كذلك وطائفة من اهل العلم قد نصوا على ان الاقوال التي عليها جماهير في المتقدمين من الفقهاء والمحدثين هي الراجحة في الجملة. وقد يخلد او تخرج بعض المسائل عن ذلك ولهذا قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله بانه باستقرائه لمسائل الشريعة يقول فهي من القول الذي عليه الجماهير من المتقدمين هو الراجح في الجملة فهذا ليس معيارا يعتبر دليلا هذا ليس دليلا لا يصح ان ينصب في الادلة فيقال اذا كان القول هو قول الجمهور صار هذا دليلا على صحته هذا ليس من معايير الادلة لكنه من ما يستصحب في الفقه والنظر ولا سيما اذا كان المتقدمون قد اختلف نصرهم ولهذا ضرب الامام ابن الجميع مثلا بمسألة قال فاذا ذهب في الليث ابن سعد والثوري والاوزاعي ومالك قال فهؤلاء الاربعة هم ائمة الدنيا في زمانهم وكل واحد منهم فانه في مصر من الابصار ولهذا من فقه طالب العلم اذا نظر في كتب الخلاف وسمى الفقيه في كتابه من قال بهذا القول ان يكون عارفا بامصالهم وبعصرهم. فانك تقرأ مثلا في كتاب لابن قدامة رحمه الله ويقول وبهذا قال فلان وفلان ويسمي لك جملة ومعشرا من العلماء. فاذا تختلفت واختلف العصر بان هنا وصار عاد عليه اهل الحديث او جمهور اهل الحديث وجمهور اهل الرأي وصار معروفا في الحجاز والمدينة ومكة في ذلك الوقت وصار معروفا عند علماء العراق وصار معروفا عند علماء الشام. فاذا صار القول وعلى هذا القدر فانه كما علل الامام ابن تيمية يغلب ان يكون هو الصواب فهذا مما يستصحب ولا يضع فيه لا افراط ولا تفريط لا افراط بلزوم قول الجمهور على كل تقدير فان الاعتبار بالكتاب والسنة ولا يقع تفريط بتجاهله وكأنه يترك قول الجمهور كما يترك قولا قد عرض لبعض العلماء او كقول من اقوال اهل الظاهر او نحو ذلك ثم اذا صار طالب العلم الى ترجيح ما خالف قول الجمهور فان هذا كما قلنا اذا كان مبنيا على ترتيب مناسب صحيح المنهج من الادلة فانه سائغ لكن ينبغي ان يكون متأدبا مع القول الذي قال به جمهور الائمة رحمهم الله ولا يصح ان يعبر بعبارة توهم قول الجمهور او تضيف اليه البراءة من الدليل فان هذا في غالبه مادة من الجهل ولربما قال بعض المبتدئين عن قول الجمهور بان هذا القول لا دليل عليه فهذا انما هو في غالبه مادة من الجهل. ومن كثر جهله ربما زاد يقينه في نفسه والا فان العارف في المسائل يعرف ان الاقوال التي مضى عليها كبار المتقدمين ولا سيما بين تلك المدرستين اللتين سميتا في الابتداء بمدرسة الرأي ومدرسة اهل الحديث اذا كان هذا عليه فئة من اهل الرأي وفئام من فقهاء المحدثين فانه ينبغي ان يوقر وانتم ترون ان المحققين من المتأخرين وبالاخص اعيانهم شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله. ومن عنايته وفقهه مع ما هو عليه من مقام الديانة والفضل والعلم وتعظيم الكتاب والسنة والبراءة من البدعة الا انه كان عليا فوق ما هو عني معني باقوال الجمهور فانه معني بفقه الامام احمد رحمه الله. حتى انه قال اني لم ارجح مسألة في الجملة الا ولاحمد فيها رواية لم يذهب يقول لم ارجح مسألة في الجولة الا ولأحمد رحمه الله فيها رواية قد يجعلها اصحابه هي المذهب او يجعلونها خلاف المذهب فهذا هي العناية باقوال المتقدمين هي قدر من التوازن لا ينبغي ان يكون فيها افراطا بجعل هذا ليلا فان هذا لا يصح ولكن ينبغي ان يوقر اولئك الصالحون الفقهاء اتباعا للهدي الذي شرع الله في كتابه اولئك الذين هدى الله فبهداه مقتدى فيما ذكره الله في امر الانبياء او من كان على منهجهم ولهذا قال الله جل وعلا والسابقون الاولون من المهاجرين والانصار والذين اتبعوهم باحسان فهم افقه في دين الله في الجملة ولكن هذا كما ذكرنا انما يكون على هذا القدر من الاعتدال والا فان الاعتبار من حيث الاستدلال والترجيح هو بدليل الشريعة الذي هو الكتاب والسنة او ما تفرغ عن ذلك من الادلة المسماة عند علماء اي اصول الفقه ولكن فرق بين تسميتك لهذا دليلا وبين كونه معنى يستصحب حتى يكون الفقه على وجهه متزنا مقتصدا معتدلا. واذا نظرت بطوقة الخلاف الثالثة وهي التي لا ترى لجماهير المتقدمين بها قولا ومنتظما. بل الخلاف فيها شاحن ومشهور فان هذه المسألة اذا رجح فيها طالب العلم فان ترجيحه يجب ان يكون ترجيحا مقتصدا والا يكون ترجيحا غاليا وان لا يكون ترجيحا مبالغا فيه وهي كثير من المسائل من احكام العبادات او احكام المعاملات التي اختلف فيها الفقهاء اختلافا مشهورة وطالب العلم المحقق ينبغي ان يكون متوازنا بين النظر في كتب الفقه في احكام الفروع وبين العناية بمقام الادلة ولهذا ذكرنا في المقدمة الثانية ان اصل العلم وان اصل الفقه والعناية بالدليل من الكتاب والسنة ومن كان معرفته بكلام الله في قلبه قد حفظه وفقه ومعرفته بسنة النبي صلى الله عليه وسلم واسعة هذا هو الفقه واما ان يلتمس المسألة وينظر اليها جذعه ثم يقلبها في يوم ويومين وثلاثة ثم يتحول من كون نظره في المسل جذعا الى مجزوما به محققا يطرح به الاقوال فان هذا المنهج لم يكن المنهج الذي سار عليه السابقون الاولون صحيح ان البحث في المسائل منهج معروف لكن لا يؤتى على هذا الوجه. ولهذا ينبغي ان يكون على الاقبال على طلب العلم على نفس الطريقة التي صار عليها اولئك العلماء من اخذ العلم الواحد من هذه العلوم جملة كاملة حتى نظر طالب العلم فيه ثم يعود بعد ذلك الى التحقيق في المسائل والتمييز بما يكون من الخلاف فيها والترجيح في مواليد الخلاف اذن او لا نعم الله اكبر الله اكبر اشهد ان لا اله الا الله ان محمدا رسول الله حي على الصلاة حيا الله فيا ربنا الله اكبر لا اله الا الله بارك الله فيك الحمد لله فإذا خلاصة هذه المقدمة وهي ما يتعلق بطبقات العلم ان طالب العلم القاصد في علم الشريعة الى حسن الفقه والفهم فيه ان يجعل الاصل ووضبت لاصل هذا العلم علما وعملا وميزانا ومعيارا وهو الكتاب والسنة وقد يرى او يلاحظ اني كررت ذلك لما ارى فيه من التقصير وصارت كتب السنة انما يبحث فيها في بعض المسائل وكان يجب وربما اقول ينبغي احيانا بحسب حال الانسان ان ينظر الى السنة على هذه الصفة من الشمول فان من نظر في هدي النبي صلى الله عليه وسلم على هذا الشمول الذي صنف عليه الائمة في سنة الرسول صلى الله عليه واله وسلم فان هذا يصيب فقها واسعا سواء نظر في علم الفقه او نظر في علم الاصول او نظر في علم تفسير او نظر في مسائل السلوك او نظر في علم الاعتقاد فان من كان معرفته بكلام الله ورسوله ابلغ كان فقهه اظهر وهذا مما يجب ان يعنى به. ولهذا اذا نظرتم في سير العلماء تجدون انهم يذكرون في كتب السير والاخبار انهم حفظوا القرآن وهم ابناء عشر وابناء بضعة عشر وما الى ذلك. لان هذا كان من العلم او من المعنى الذي استقر انه لا علم في الشريعة على وجه صحيح الا بحسن العلم بالكتاب والسنة ثم حسن النظر بعد ذلك فيما اعتبره الفقهاء واهل العلم في فقههم لعلوم الشريعة التي مضى ذكرها فطالب العلم يصيب هذا التحقيق اذا احسن النظر في الكتاب والسنة ثم احسن الانتقال بعد ذلك الى تلك الطبقات التي اشار اليها الامام الشافعي رحمه الله فيما سماه بطبقات العلم وهذه الطبقات وان كان التفصيل فيها قد يطول لكن يقصد من معاني ذكرها يقصد ان يصان نظر طالب العلم عن ان يشتغل ببعض او بعض الفروع التي ليس فيها مادة ظرورية له. ويترك ما هو من جليل المسائل وكبيرها وهذا شأن يعرظ لبعظ طلبة العلم فربما قلبوا كلاما ونظرا ووقتا فيما لا يكون من العلم الاول الذي يقصد اليه وربما كان من يسير الامر او مما يسع فيه الامر وربما كان في بعض الاحوال مما يحسن تركه وقد تكون اضافته الى العلم اضافة فيها نظر من اصلها ربما اشتغلوا ببعض الاحوال التي لم يشتغل بها سلفهم رحمهم الله فهذا مما ينبغي لطالب العلم ان يراقبه من نفسه حتى لا يتوهم انه في علم وهو ليس كذلك ان العلم ما كتبه اهل العلم واعتبروه وما مضوا عليه في هديهم رحمهم الله المقدمة الخامسة في فقه العلم وهذا المعنى يجب ان يكون مستصحبا ويذكر فيه قول النبي صلى الله عليه وسلم في دعائه لعبدالله ابن عباس اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل وفي قوله صلى الله عليه واله وسلم كما في الصحيح وغيره من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين والتماس هذا الفقه باسمه العام وليس بالاسم اللقب الخاص الفقه في الدين يتحصن بعد توفيق الله سبحانه وتعالى واقبال العبد على ربه سبحانه وسؤال الله جل وعلا والتبرع اليه ان يرزق عبده الفقه بالدين كما دعا نبيكم صلى الله عليه واله وسلم فان دعوة نبينا عليه الصلاة والسلام تحرك القلوب الى ذلك المعنى لما دعا لعبدالله ابن عباس لقوله اللهم فقهه في الدين وقد استجاب الله دعوة نبيه عليه الصلاة والسلام فصار ابن عباس من ائمة الفقهاء وصار عمر كما هو معروف في السير يجعله مع كبار الصحابة من البدريين ونحوهم فبعد هذا المقام الديني بين العبد وبين ربه من الاستعانة بالله جل وعلا في الوصول الى هذا المقام فان ما يورث الفقه في الدين هو الاقبال على الكتاب والسنة ثم بعد ذلك الانتخاب وهذه هي الكلمة المقصودة في هذا السياق. وفي هذه المقدمة مما لم يشر اليه من قبل حسن الانتخاب في القراءة في كتب العلماء فانكم تعلمون ان الكتب اصبحت بالالاف والوقت لا يبلغها ولا معشارها ومما يؤسف له احيانا ان بعض طلبة العلم ربما تركوا الفاضل من الكتب الى ما دونها وربما بعض الكتب التي تورث فقها جليلا لا يلتفتون اليها الا في نادر البحوث وهم متقدمون في رتبهم العلمية. ولا سيما ما يعرف بالرتب بالرتب الاكاديمية واعني بتلك الكتب كتب المتقدمين من العلماء وكتب المحققين من المتأخرين فمن اراد ان يحقق فقها فقد وفقه الله للاقبال على ربه سبحانه وتعالى فانه يلتمس السبب بالاقبال على الكتاب والسنة وكثرة النظر في كلام الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ثم بعد ذلك حسن الانتخاب من كتب العلماء ككتب الامام الشافعي مثلا فانها مما يبني المدارك ويبني الفقه الصحيح وفيها حسن النظر وحسن الاستدلال وما قابلها من الكتب التي نزعت بعض الفقهاء لغيرهم من ائمة الفقهاء. ككتاب الحجة على اهل المدينة لمحمد بن الحسن الشيباني صاحب الامام ابي حنيفة وما في المدونة ونحوها من اراء الامام مالك وما في مسائل الامام احمد وهي جملة مسائل كما هو معروف برواية عدد من اصحابه ما الذي اراه ان طالب العلم يقرأ بهذه الكتب ولربما قال البعض ان مذهب ابي حنيفة او مالك له ترتيب في كتب اصحابه فيقال ليس المقصود الوصول الى مذهب ابي حنيفة او مذهب مالك في هذه المسألة او حتى مذهب الشافعي الذي كتب بنفسه ولكنه المقصود الى تحقيق الملكة العلمية المتزنة ومحاكاة المتقدمين في حسن فقههم فان العلم يقع على هذه الرتبة من المحاكاة والنفوس تتأثر والعقول يتصل بعضها ببعض على هذا المعنى من حسن التأثر بنظم الفقهاء الكبار وانت ترى انه لو فرض قول في الشعر فان الشاعر انما يحرك موهبته في الشعر بالنظر في شعر كبار الشعراء كشعراء المعلقات او من جاء بعدهم من كبار الشعراء فهذا الانتخاب من كتب المتقدمين وكتب محقق المتأخرين فاذا اقبل طالب العلم على هذا الانتخاب استطاع ان ينظر في كل علم من هذه العلوم عددا ربما لا يكون واسعا من حيث العدد لكنه يستطيع ان يأتي على ضبطه وان يأتي على فقهه وعن هذا قلت في المقدمة السابقة فيما يتعلق باصناف العلم انهم من المقدور عليه ان يكون طالب العلم له حظ معتبر مناسب مفيد مؤثر في علمه ولو كان في تخصص ان يكون له نظر في التخصصات الاخرى لو اخذ من كل علم خمسة كتب اربعة كتب ولكنه احسن الانتخاب فيها واقبل عليها فانه يصيب باذن الله خيرا كثيرا فهذا فيما يتعلق بفقه العلم ان يلتمس الفقه عند اربابه فان الفقه فتح يفتحه الله على من يشاء وفضل يؤتيه الله سبحانه وتعالى من يشاء من عباده ولهذا من تحقيق بعض العلماء الجويني امام الحرمين لما تكلم عن المجتهد في اصول الفقه وذكر ما درج عليه علماء اصول الفقه من شروط المجتهد المطلق التي ترى اعتادوا على ذكرها من جهة علمه الى حديث الحلال والحرام وعلمه بموارد الاجماع والخلاف ونحو ذلك لكنها بالمعالي بل والله ترى هذا المعنى غيره ايضا من علماء الاصول قال ابو المعالي وعندي ان المجتهد يكون له وصف اخر وهو ان يكون فقيه النفس ان يكون فقيه ان يكون فقيه النفس. وهذا الفقه الذي اشار اليه الذي اشار اليه ابو المعالي اشار اليه غيره حامد ولكن بطريقة اخرى. فان ابا حامد لما ذكر المجتهد قال ان المجتهد يجمعه وصفان فذكر الوصف الاول فيما يتعلق بامانته ودينه وذكر الوصف الثاني قال ان يكون عارفا بمدارك الشريعة وهذا الذي جعلني حينما ذكرت طبقات العلم قلت لابد لطالب العلم في كل علم يدخله ان يعرف اصله وان يتقن قواعد هذا العلم قال ان يكون عارفا بممالك الشريعة متمكنا يقول ابو حامد الغزالي رحمه الله ان يكون عارفا بمدارك الشريعة متمكنا من استثارة الظن النظر فيها وتقديم ما يجب تقديمه وتأخير ما يجب تأخيره فهذه المعاني من الفقه ينبغي لطالب العلم ان يحاولها وان يلتمسها في فقه كبار الفقهاء من المتقدمين او محقق المتأخرين والا يضيع وقتا في ما يكون ليس كذلك اما في علم غيره اهم منه. واما مع الاسف وربما هذه من الكلمات المناسبة لعصرنا اكثر من غيره من امر ليس من العلم في شيء في كثير مما يتكلم فيه الناس الان فيما عرف بوسائل التواصل الاجتماعي والانترنت والتويتر واسماء تحضرني ولا تحضرني نعم يوجد فيها نفع وخير ما الى ذلك لكن فيها ايضا بالمقابل مادة ليست نافعة للمسلمين فينبغي لطالب العلم ان يكون حسن التمييز في هذه الامور وان لا يضيع وقته فيما لا يكون ينفعه عند ربه سبحانه. المقدمة السادسة واختم بها وقد اشار الاخ الى قرب وقت اقامة الصلاة المقدمة السادسة في خلق العلم فان العلم ايها الاخوة له خلق ومن اخص ما ينبه اليه طالب العلم في هذا المقام ان يتقي الله في العلم الذي حمله ان يتقي الله في العلم الذي حمله فان هذا علم نزل على الانبياء وهذا العلم اصله كلام الله وكلام نبيه وسماه نبينا عليه الصلاة والسلام ميراث الانبياء فهذا الميراث يجب ان يصان وان يتعامل معه بشريف الاخلاق وما ظلت الامم الكتابية الا لما لم يحسنوا الاخذ لهذا العلم. تارة بالتكذيب وتارة بمقامات يراها من يراها بعيدا عن مادة التكليب وهي تورث قدرا من ذلك. في بعض الحال ومن المقامات التي عرضت لبعض الامم الكتابية المنحرفة عن كتابها انهم اتخذوا العلم باغيا بينهم وهذه المادة مع الاسف صار كثير من المسلمين اليوم يقع فيها او في شيء منها وربما وقع في مادة من الهوى الخفي كما ذكره الامام ابن تيمية رحمه الله لما ذكر ان مقاما من الهوى الخفي قد يعرض لبعض مشتغلين بعلوم الشريعة ولا يحسبه من مادة الهواء. وهو في حقيقته من مادة الهواء فيجب على طالب العلم ان يوقر هذا العلم وان يحفظه رحمة وعدلا وقسطا والا يبغي به فان البغي بالعلم هو من اخلاق الكفار. الذين كفروا بالله وكذبوا المرسلين وساروا الى الكفر المطلق برب العالمين سبحانه وتعالى. لما اتخذوا العلم بغيا بينهم فان هذا موجب للضلال الاكبر فينبغي لطالب العلم ان يحفظ دينه وان يحفظ امانته وقد ذكر الامام ابن تيمية رحمه الله عند حديث بريدة القضاة ثلاثة في النار وقاظا بالجنة قال فاذا كان هذا يقدره من يقدره في من يقضي بين الناس في اموالهم فانه يجب تقديره في من يقضي بين الناس في دينهم والا يقضي المسلم على اخيه المسلم الا قضاء العدل. والا يكون في امر الدين الا ما استبان له والا اعمل بما اوجبه الله على عباده ولا تكفوا ما ليس لك به علم ان السمع والبصر والفؤاد كل اولئك كان عنه مسؤولا. وكم قال الكبار من فقهائنا وائمتنا رحمهم الله في من المسائل لا ادري الكلمة التي ربما غابت عن كثير منا اليوم فهذه من الوصية الشرعية التي ترونها في كتاب الله البينة فيما ذكره الله من اخلاق الامم الكتابية ومن اخلاقهم التي ذكر الله عنهم وقد ضلوا بها ما ذكره الله في قوله وقالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء وهم يتلون الكتاب. قال شيخ الاسلام رحمه الله وهذا الخلق من اخلاق الامم الكتابية المنحرفة عن كتاب تعرض لبعض المسلمين فان بعض اهل الاحوال والتعبد والتفكر اي المشتغلين بطرق التصوف ونحوها ربما لا يرون صاحب العلم والنظر على شيء وربما صاحب النظر لا يرى هذه الطريقة على شيء فهذه احوال تعرض اما ان يكون بغيا واما ان يكون تركا كما ذكره الله جل وعلا في احوال الامم الكتابية هذه مقدمة وارجو ان تكون مفيدة في مدخل هذه الدورة العلمية التي اسأل الله لي ولكم وللقائمين عليها ولمستمعيها ولملكيها التوفيق في السداد والاخلاص لرب العالمين سبحانه وتعالى اخلاصا يوجب محبته ويوجب رضاه جل وعلا. وبالله التوفيق وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد