ويفضلون من انفق من قبل الفتح وقاتل وهو صلح الحديبية على من انفق من بعده وقاتلن. ويقدمون على الانصار ويؤمنون بان الله قال لاهل بدر وكانوا ثلاثمائة وبضعة عشر اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم وبانه لا يدخل النار احد بائع تحت الشجرة بل قد رضي الله عنهم ورضوا عنه وكانوا اكثر من الف واربعمائة. فضائل الصحابة رضي الله تعالى عنهم نوعان فضائل عامة وفضائل خاصة. المؤلف رحمه الله بدأ بذكر الفضائل الخاصة. فبدأ بذكر الفضائل العامة التي تشترك فيها مجموعة من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. اولا اعم ما جاء في فضل الصحابة قول الله تعالى والسابقون الاولون من المهاجرين والانصار والذين اتبعهم باحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه. هذا اعم ما جاء في القرآن من فضائل صحابة النبي صلى الله عليه وسلم توعد الله تعالى هؤلاء بهذا الفضل العظيم والاجر الكبير وهذا من اوسع ما جاء من فضائل الصحابة رضي الله تعالى عنهم الذي يشمل مجموعهم. واما السنة فقوله صلى الله عليه وسلم خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم. وكذلك قوله لا تسبوا اصحابي. فانه بين منزلتهم وعظيم مكانتهم حيث قال فوالذي نفسي بيده لو انفق لو ان احدكم انفق مثل احد ذهبا اي انفق من الذهب بوزن جبل احد العظيم الذي في شمال المدينة ما بلغ مد احدهم ولا نصيفا ما بلغ مد احدهم ولا نصيبه. تدرون ما هو المد المد ملء اليدين المتوسطتين. يعني انت لو كان عندك مثل احد ذهب وانفقته لله تبتغي وجه الله وثبت الاجر فاجر هذا الكم الكبير من الذهب لا يبلغ قدر ما ينفقه صحابي يديه من الذهب او نصيفه نصف المد وهو من اليد واحدة وهذا يبين ايش عظيم ما معهم من الايمان والاخلاص والصدق وعظيم الرغبة. لان المفاضلة ليست في الكمية بالنظر الى الكمية ايهما اكثر اليدين او جبل احد اي ما اكثر ملء اليدين ذهبا او جبل احد ذهبا جبل احد ذهبا من جيهات الكمية لكن ثمة امر وراء الكميات وهو في القلب من الاخلاص والايمان ليس في قلب احد من الناس كما في قلوب الصحابة من الايمان واليقين والاحسان وتقوى العزيز الغفار جل في علاه. ولهذا سبقوا غيرهم رظي الله تعالى عنهم. وصفهم الله بالسابقين ليس سابقا زمنيا بل سبقا زمنيا وسبقا عمليا. رضي الله تعالى عنهم وارضاهم ثم هناك فضائل خاصة بعد هذه الفضائل العامة لاصحاب النبي صلى الله عليه وسلم منها ما ذكر رحمه الله كفضيلة من انفق قبل الفتح وقاتل على من انفق بعد الفتح وقاتل فان الله تعالى قال لا يستوي منكم من انفق من قبل الفتح وقاتل اولئك اعظم درجة من الذين انفقوا من بعد وقاتلوا. فالله اولا نفى المساواة ثم بين الفظيلة اثباتا للذين انفقوا وقاتلوا قبل الفتح وهذا يدل على تقدمهم وهو فظل لمجموع من انفق من قبل الفتح وقاتل. لكن هذا لا يعني نزول من بعدهم في الرتبة والمكانة نزولا لا يثبت لهم فضلا بل قال جل وعلا وكلا وعد الله الحسنى اللهم اجعلنا من اهل الحسنى يا رب العالمين من الحسنى هي الجنة وكلا وعد الله الحسنى من فضله وكرمه سبحانه وبحمده. ففظل الله عز وجل من انفق من قبل الفتح وقاتل وهو صلح الحديبية على من انفق من بعد الفتح وقاتل كما ان فضيلة المهاجرين ارجح من فضيلة الانصار رضي الله تعالى عنهم ولذلك يقول ويقدمون المهاجرين على الانصار وذلك انهم جمعوا الايمان ومزيد عمل على الانصار وهو مفارقة الاوطان والاموال والاهل نصرة لله ورسوله. فجمعوا النصرة والهجرة. واما الانصار فهم انصار فقط دون هجرة لان انهم في اماكنهم ومنازلهم. رضي الله تعالى عن جميعهم. ولذلك اذا ذكر المهاجرون والانصار يقدم الله تعالى في الذكر من يقدم الله في الذكر المهاجرين على الانصار رضي الله تعالى عن الجميع. ويؤمنون بان الله قال لاهل بدر وكانوا ثلاث مئة وبضعة عشر اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم. وهذا فضل من الله لهؤلاء الذين نصروا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونصروا دينه في تلك الكربة والشدة حيث اطلع الله تعالى على اهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم وجعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك شافعا لحاطب النبي بلتعة على عظيم ما وقع منه رضي الله تعالى عنه. لكن فضل الله اسقط عنه ما كان من اجتهادا في غير محله رضي الله تعالى عنه وعن سائر اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. فانه لما كاتب المشركين عام الفتن بان محمدا خادم قال عمر رضي الله تعالى عنه لرسول الله يا رسول الله دعني اضرب عنق هذا المنافق حيث كاتب المشركين بمجيء النبي صلى الله عليه وسلم. فاعتذر حاطب باعتذار قبله رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال لعمر انه شهد بدرا انه شهد بدرا وما يدريك ان الله اطلع على اهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم. ايضا من فضائل العامة فضائل من بايع تحت الشجرة وهم اهل الحديبية وكانوا الفا واربعمئة كما ذكر جابر رضي الله تعالى عنه ومن عدهم من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. ففي الصحيح انه قال صلى الله عليه وسلم لا يدخل النار احد بايع تحت الشجرة لا يدخل النار احد بايع تحت الشجرة وهم الذين انزل الله تعالى فيهم لقد رضي الله عن المؤمنين اذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فانزل السكينة عليهم واثابهم فتحا قريبا نعم هذه الفضائل العامة لمجموعات من الصحابة فضل عام لكلهم فضل عام لمن امن قبل الفتح على من امن بعد الفتح وقاتل فضل عام للمهاجرين على الانصار فضل عام لاهل بدر على غيرهم فضل عام لمن بايع تحت شجرة على غيرهم