وموت غير الشهيد. الرابع مما يجب به الغسل الموت فان الموت موجب للغسل ولكن المؤلف قصره على موت غير الشهيد. فاستثنى الشهيد من وجوب الغسل. وهذا من موجبات الغسل التي لا خلاف فيها بين العلماء وغسل الميت ليس لكونه نجسا او انه تنجس بالموت. انما سببه تطييبه وتنظيفه وقيل ان سببه تعبدي. والذي يظهر والله تعالى اعلم ان المقصود غسل الميت تطيبه وتنظيفه. لان النبي صلى الله عليه وسلم امر ام عطية ومن معها من النساء ان يغسلن ابنته ثلاثا وخمس وسبعا او اكثر من ذلك اذا رأينا ذلك فدل ذلك على ان المقصود من غسل الميت تطييبه وتنظيفه. وليس انه نجس لان النجاسة يكفي في ازالتها واذهاب اثرها غسلة واحدة ولا يحتاج الى تكرار كما تقدم و يدل لذلك ايضا ان المقصود التطييب والتطهير للميت قول النبي صلى الله عليه وسلم اغسله بماء وسدر وكفنوه في ثوبيه انما يقصد به التطييب والتنظيف. ثم كل هذا يؤكد الغرض والغاية من غسل الميت وان غسل الميت يقصد به تطييبه وتطهيره وتنظيفه لا ازالة ما يمكن ان هنا من حدث او نجاسة حلت به بسبب الموت. واستثنى المؤلف رحمه الله الشهيد من ذلك ان النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم كان قد دفن قتلى احد دون ان يغسلهم. وقد جاء ذلك في ما رواه جابر ابن عبد الله رضي الله تعالى عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يجمع بين الرجلين من قتلى احد في ثوب واحد ثم يقول ايهم اكثر اخذا للقرآن فاذا اشير اي حفظا له ظبطا له فاذا اشير الى احدهما قدمه في اللحد. وقال انا شهيد على هؤلاء يوم القيامة الشاهد من هذا الحديث قوله امر بدفنهم في دمائهم ولم يغسلوا ولم يصل عليهم. وهذا الحديث في ان الشهيد لا يغسل وهو في شهيد المعركة على وجه الخصوص. اما من يثبت له وصف الشهادة في غير ذلك كالغريق والحريق وصاحب الهدم والمبطون. فهؤلاء يغسلون. فالمقصود بالشهيد هنا المعركة بين الكفار واهل الاسلام هو الذي يثبت له ما ذكر النبي صلى الله عليه ما ذكر جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم من ان او امر بدفنهم في دمائهم ولم يغسلوا ولم يصلي عليهم فالموت موجب للغسل وهو حق للميت لا خلاف فيه بين العلماء ولكن ذلك يستثنى منه شهيد المعركة القتيل في حرب اهل الكفر