و قالوا لان التواتر لا يفيد الا في المحسوس ورب شهرة لا اصل لها. فمن باب اولى ان يعتمد على قول واحدة عن نفسه لانه اعرف بنفسه وجماهير اهل العلم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين اما بعد تقدم معنا انه يجب على العامي ان يستفتي في المسائل التي تعرض له لقوله عز وجل فاسألوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون ولغيره من النصوص الواردة في هذا كما تقدم ذكره فيما مضى ولانه لا سبيل للعامي الى معرفة شرع الله الا بسوار العلماء ومن هنا وجب على العامي ان يستفتي العلماء الاشخاص الذين يستفتيهم العامي ويسألهم ويقلدهم في مسائل الشرع اما ان يكونوا اه من من عرفوا ممن عرفوا بالعلم والعدالة فحينئذ يجوز للعامي ان يستفتيهم اذا هذا تحرير محل النزاع اذا كان العامي يعرف ان المسؤول بالمسألة الشرعية متصف بصفة العلم والورع جاز له ان يسأله ولا حرج عليه في ذلك الحالة الثانية اذا كان متصفا احدى الصفتين اما الجهل اما العلم او الورع لكنه لا يتصف بالصفة الاخرى فمن كان عالما لكنه ليس من اهل العدالة فحينئذ لا يجوز استفتاؤه ولا يجوز اخذ الدين والعلم منه. لقوله عز وجل يا ايها الذين امنوا ان جاءكم انفاسكم بنبأ فتبينوا ان تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين هكذا ايضا اذا كان يعرفه بالعدالة والتقوى. لكنه يعرف انه ليس من اهل العلم. فمن لا يجوز له ان يسأله. لان الله تعالى قال فاسألوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون. فجعل المسؤول من اهل الذكر فدل هذا على ان من لا يعلم فيجب عليه ان يسأل لا ان يسأل والعالم هو المجتهد الذي يأخذ الاحكام من الادلة اما من يقلد غيره فلا يجوز ان يؤخذ بقوله. بل يجب الرجوع الى العلماء الحالة الثالثة اذا كان المسؤول مجهولا لا يعلم عن حاله في العدالة او حاله في العلم فحينئذ لا يجوز ايضا ان يسأل عند جماهير اهل العلم لان القاعدة الشرعية ان المجهول لا يجوز الاعتماد على قوله وآآ حكي عن بعض الحنفية انه يجوز سؤال المجهول قالوا لان مجهول العدالة يجوز سؤاله فهكذا يجوز سؤال مجهول العلم لكن الاصل الذي بني عليه لا يسلمه جمهور فهم يقولون مجهول العدالة لا يجوز سؤاله ولا الرجوع اليه ولا استفتاؤه فهكذا مجهول العلم قالوا والعادة ان من دخل بلدا سأل مفتيها ولو لم يكن عارفا بعلمه وهذا لا يصح الدلال به وذلك لان عمل العوام لا يصح ان يكون مستندا ودليلا شرعيا اذا لا يستفتي العامي الا من يفتي بعلم ويكون عنده عدالة ومن ثم يجب على العامي ان يبحث عن من يريد ان يستفتيه ليعرف صلاحيته للفتوى وهذا محل اتفاق بين اه العلماء وهكذا ايضا لا بد ان يكون وجهه بالسؤال لمن يعتقد انه يفتيه بشرع الله بما ورد عن رسوله صلى الله عليه تكلم اما من يغلب على ظنه انه ليس من اهل الاجتهاد فهذا لا يجوز سؤاله ننتقل الى مسألة اخرى وهي ما هي الطرق التي يتوصل بها العامي لمعرفة ان صالح للفتوى. ومن اهل الاجتهاد هناك عدد من الطرق الطريق الاول ان يستفيض بين الناس ويتواتر ان هذا الشخص من اهل الفتيا وانه اهل لها وهذه طريقة صحيحة لان الاستفاضة بين الناس وعدم انكار آآ استفتاءه من اهل العلم دليل على انه صالح ومما يدل على اعتبار هذه الطريقة انه اذا اشتهر بين الناس وبين علماء الشريعة ان فلانا اهل للفتوى وان الامة ترجع اليه وتسأله عما يشكل عليها هذا يدل على علمه لان الامة لا تجتمع على ضلالة وقد ورد ان النبي صلى الله عليه وسلم قال هذا اثنيتم عليه خيرا فوجبت له الجنة الطريق الثاني الاخبار باهلية المفتي بان يخبر عالم عدل عن شخص اخر بان فلانا من اهل الفتوى ولابد ان يكون المخبر من اهل الفتوى بحيث تتوفر فيه شروط التزكية وشروط العلم اما اذا كان المخبر ليس من اهل العلم فلا يجوز الاعتماد على قوله. وهكذا لو كان المخبر ليس من اهل الفتوى ولا من اهل فلا يجوز الاعتماد على قوله وهكذا لو كان ليس عدلا فلا يجوز الاعتماد على قوله وهذه الطريقة قد اختارها اه كثير من اهل العلم وان كان قد وقع اختلاف فيها. للعلماء في هذه المسألة ثلاثة اقوال القول الاول بانه يكفي العالم الواحد العدل في الدلالة على غيره ويكفي آآ خبر الواحد وانه لا يلزم اكثر من ذلك وهذا قول ابن الصلاح والنووي وابن حمدان و آآ طائفة من اهل العلم والقول الثاني انه لا بد ان يكون المخبر اثنين فاكثر وهذا هو قول القاضي قال القاضي له ان يعول على قول عدلين وهذا هو قول الباقلاني والغزالي وطائفة الاكتفاء بخبر الواحد العدل هو الذي عليه الجمهور وينبغي ما الدليل على انه يكتفى بخبر واحد ان الشريعة اجازت الاعتماد على شهادة الشهود وهؤلاء اولى ثمان هذا الباب ليس من باب الشهادة وانما من باب الخبر وهو بمثابة الترجمة وبمثابة الرواية بمثابة الرواية والتزكية في الرواية تقبل من واحد فهكذا تزكية في باب الفتوى تقبل من واحد لكن لابد ان يكون هذا المزكي بصلاحية المزكي للفتوى من اهل العلم والبصر ويميز الملبس من اه غيره ولا يكفي ان ان يثني عليه بل لا بد ان ينص على انه من اهل الفتوى وانه يجوز الرجوع الى تواة فالعامي اذا علم عين المفتي ودل عليه وبين له انه عالم مفتي فحينئذ اه يجوز له ان يرجع الى قول هذا الواحد ويعتمد قول ذلك المفتي الطريق السالس الانتصاب للفتوى فاذا انتصب عالم مجتهد للفتوى بمشهد من العلماء ولم ينكر عليه احد منهم فهذا دليل على صلاحية الفتوى اه قال ابو الخطاب لا يجوز للمستفتي ان يفتي الا من يغلب على ظنه انه من اهل الاجتهاد ما يراه من انتصابه للفتوى بمشهد من اعيان الناس واخذ الناس عنه واجماعهم على سؤاله وجمهور اهل العلم يرون ان هذه الطريقة صحيحة لمعرفة آآ المفتي الاهل ولذلك ينبغي بعلماء الشريعة ان يحتسبوا في بيان الزيف من انتصب للفتوى وهو ليس من اهلها. فاولئك الذين يفتون في القنوات التلفزيونية ينبغي تعرية احوالهم والكشف عن اه عنهم اذا كانوا ليسوا مؤهلين للفتوى الطريقة الرابعة انتصاب المجتهد للعلم وتوليه التدريس. فهذه الطريقة آآ وهكذا ايضا توليه وهكذا ايضا توليه النصح بين الناس وآآ يكون ممن يتولى جانب المواعظ هذه الطريقة قد ذكرها بعض العلماء لكن الصواب انها ليست من طرائق معرفة اهلية اه المتكلم للفتوى ولذلك نقل جماعات من اهل العلم انكار كون هذا الطريق طريقا صحيحا لمعرفة المفتي وممن انكر ذلك شيخ الاسلام ابن تيمية حيث يقول لا يجوز له استفتاء من اعتزى الى العلم وان انتصب في منصب التدريس او غيره وهكذا ايضا انكرها ابن الصلاح والنووي وابو الخطاب آآ والمرداوي وآآ ابن حمدان وجماعات من اهل اه العلم الطريق الخامس الذي ذكره بعض الناس اخبار المكلف عن نفسه بانه مفتن فهذه قد ذكرها بعضهم وجماهير اهل العلم على انه لا يصح الاستناد على قول الانسان عن نفسه بانه من اهل الفتوى. فاذا قال الشخص عن نفسه بانه مفتي ولو كان منتسبا الى علم فانه لا يقبل منه هذا القول عند جماهير اهل العلم وآآ قد قال طائفة من الشافعية كابي بكر بن فورك والجويني وبن برهان والغزالي انه يكفي ذلك وقال الغزالي والمختار يكفيه ان يتعرف عدالته بقول عدلين ويسمع عنه قوله اني مفتن على انه لا يصح الاعتماد على اخبار المكلف عن نفسه بانه اهل للفتوى. قالوا لان الانسان قد يخبر عن نفسه ويكون كاذبا في هذا الخبر. لانه لا يقبل الا خبر العدل. وهذا لا يعرف بعدالة وكم من انسان من اهل العدالة يظن انه اهل للفتوى. ولا يكون الامر كذلك لانه اصلا لا يعرف شروط الفتوى ومن ثم لا يصح الاعتماد على قوله بانه مفتن ننتقل الى مسألة اخرى هذه المسألة هي مسألة التقليد عند تعدد عند تعدد المجتهدين اذا كثر المجتهدون في البلد ووجد في البلد اثنان او اكثر ممن يجوز استفتاؤهم فماذا يفعل العامي؟ هل يجوز له ان يستفتي اي واحد منهم او لابد من البحث في اعيان المفتين لمعرفة الاعلم والاورع والاوثق ليقلده دون اه غيره هذه المسألة من المسائل الخلافية التي وقع الاختلاف فيها بين اهل العلم وحاصل اقوالهم ترجع الى قولين. القول الاول ان المقلد لا بد ان يجتهد في اعيان المفتيين ولا يأخذ الا بقول الاعلم والاوثق. وهذا رواية عن الامام احمد. وقد اختارها ابن قدامة وابن نقيم والطوفي وجماعات اختارها من الشافعية ابن سريج والقفال القاضي اه حسين استدلوا على ذلك بانه آآ لابد من الترجيح بين اعيان المفتين قالوا بانه آآ عندما لا نميز قول عال عندما لا نميز الشرع لابد ان نسلك او سقط طرق التي نظن انها توصلنا الى الشرع. ومن ثم لابد من الترجيح بين اعيان المفتيين والقول الثاني بانه لا يجب على العامي الاجتهاد في اعيان المفتين بل يجوز له ان يقلد ايهم شاء وهذا هو المشهور من مذهب الامام احمد وهو قول اكثر الشافعية و يدل على ذلك عدد من الادلة الدليل الاول انه ما زال المسلمون في كل عصر ومصر يقلدون اي واحد من العلماء ولا يكتفون بسؤال الافظل عن سؤال المفظول. وكذلك في عصر صحابة فانهم لم يقصروا لم يقصروا العامة على استفتاء الافضل منهم والدليل الثاني ان الله عز وجل قال فاسألوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون. فلم يقل اسألوا افضل اهل الذكر. فدل هذا على انه يجوز الاكتفاء بسؤال الواحد منهم والدليل الثالث انه لا يوجد في الكتاب والسنة فرق بالائمة المجتهدين بين شخص وشخص ومن هنا فان الرجوع الى اي واحد منهم جائز كما انه في الشهادة يجوز الاعتماد على اه شهادة اثنين ولو لم يكون هما الافضل الامر الثالث ان تحديد الافضلية قد يقع فيه اختلاف وتفاوت. وان كان هذا الاستدلال فيه آآ نظر على ما اه سيأتي والدليل الاخر ان تكليف العامة بالاجتهاد في اعيان المفتيين ابتداء فيه عسر وحرج عظيم وآآ اما اذا كان ذلك بعد العلم باقوالهم فهذه مسألة اخرى ثمان المفتي اجازت الشريعة اه الرجوع الى اي واحد منهم ثم انه قد يتعدد المفتون ويكثرون جدا فيكونون بالالوف في بعض البلدان. فلو اوجب على الانسان ان يرجح بينهم لعسر عليه ذلك. ولا عسر عليه الوصول الى افضل المجتهدين ومن ثم فان الصواب من اقوال اهل العلم انه يجوز للعامي عند تعدد المجتهد ان يسأل اي واحد منهم ولا يلزمه ان يخص بسؤاله افضل العلماء المسألة الثالثة التي نأخذها والرابعة التي نأخذها في هذا اللقاء مسألة التقليد عند اختلاف المجتهدين المسألة التي قبلها عند تعدد المجتهدين وهنا عند اختلاف المجتهدين اذا كان هناك مسألة فقهية واختلف المجتهدون فيها وعلم العامي باختلاف العلماء. فحينئذ من يقلد العامي. هل يجوز له ان يقلد اي واحد منهم او لابد من الترجيح بين اقوالهم هذه المسألة رأى فيها جمهور العلماء ان العامي يجب عليه ان يرجح بين اصحاب هذه الى اقوال والترجيح اما ان يكون بحسب المفتيين وذلك باعتبار ثلاث صفات. الصفة الاولى هي صفة العلم فان الاعلم اقرب لان يكون قوله هو الموافق للشرع والصفة الثانية صفة الورع فان صاحب التقوى والورع حري بان يوفق للصواب والقول الحق الصفة الثالثة الاكثرية. فان قول الاكثر يغلب على الظن انه هو الحق في المسائل ويدل على هذا القول عدد من الادلة اولها ان الحق في احد الاقوال. وما عداه باطل لان ارى الصواب في احد اقوال الفقهاء وما عداها فهي اقوال آآ خاطئة اذا تقرر هذا فانه لا بد ان يعمل الانسان بغالب ظنه انه هو الموافق للشرع. لانه لا يعمل بقول قولي فلان لانه فلان وانما يعمل به لانه يغلب على ظنه انه الاقرب لان يكون هو الشرع يدل على ذلك قوله عز وجل اتبعوا احسن ما انزل اليكم من ربكم. فامر بالترجيح فامر الترجيح وهذا القول هو قول آآ جماهير اهل العلم فممن قال بهذا القول الجويني والغزالي والسمعاني وابن الصلاح قدامى والطوفي وابن القيم والشاطبي والنووي وغيرهم ويدل على هذا عدد من الادلة اذا استدللنا بدليلين فيما سبق الدليل الثالث ان العبرة في الاحكام بالقدرة والاستطاعة ومن كان عنده تمييز بين المفتين فعنده فهو قادر على الترجيح بين اقوالهم والدليل الاخر ان الاقوال المتعارضة لا مرجحة بينها وحينئذ فلابد من اختيار احدها. ولا مزية لاحدها على الاخر. ولو اختار الانسان ما يوافق هواه لكان متبعا للهواء وليس سائرا على طريقة الشريعة ومن هنا فان الصواب انه لا بد من الترجيح بين المفتيين عند اختلافهم مثال ذلك اذا اختلف العالم فلان والعالم فلان في مسألة فقهية. وعرف العامي باقوالهم فانه لا بد من بين اقوالهم وهذه هي طريقة العقلاء في كل فن وطريقة مثال ذلك لو اختلف الاطباء على مريظ من المرظى فقال بعظهم خذ الدواء الفلاني. وقال اخرون خذ الدواء الفلاني فحينئذ العقلاء يرجحون بين اقوالهم فينظرون من هو الاعلم ينظرون من هو صاحب الخبرة السابقة ينظر هنا آآ الى قول آآ الاكثرية لو قدر ان عالمين اختلفا احدهما اعلم والاخر اورع. فحين اذ يقدم قول الاعلم يقدم قول الاعلم لماذا؟ لان مبنى مسائل العلم على العلم وليس على الورع. وكم من تقي لا يفقه من العلم شيئا لكن لو قدر تساويهما في العلم فانه يرجح بينهما بحسب الورع. لان صاحب الورع يوفق للقول الصواب. قال تعالوا واتقوا الله ويعلمكم الله. وقال تعالى ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين. وقال سبحانه يا ايها الذين امنوا وان تتقوا الله يجعل لكم فرقانا. اي قدرة تميزون بها بين الحق ومن آآ الباطل ننتقل بعد ذلك الى طرق اثبات مذهب الامام من المعلوم ان الفقيه اذا اردنا ان نثبت له مذهبا في المسألة لابد ان يكون ذلك بطريقة معتبرة فلا يصح ان تنسب الى فقيه انه يقول بقول الا اذا آآ كان ذلك مبنيا على اسس صحيحة فما هي الاسس التي تمكننا من نسبة قول من الاقوال الى فقيه من الفقهاء هناك عدد من الطرق لعلنا نرجئ البحث فيها الى لقائنا القادم في يومنا هذا اخذنا عددا من المسائل السنة الاولى من يجوز سؤاله؟ وذكرنا انه لا بد ان يكون متصفا بالعلم والورع. وبنينا عليه ان الجاهل والفاسق والمجهول لا يجوز الاعتماد على اقوالهم والاستفتاؤهم المسألة الثانية اخذنا الطرق التي نعرف بها المتأهل للفتوى ومن ذلك الاستفاضة ومن ذلك انتصابه للفتوى بمحظر من العلما بدون انكار منهم ومن ذلك اخبار فقيه مجتهد عدل عن غيره بانه اهل للفتوى ثم تكلمنا بعد ذلك عن مسألة تعدد المجتهدين وقلنا بان الصواب انه يجوز للمستفتي ان يسأل اي واحد منهم شاء ثم تكلمنا عن مسألة التقليد عند اختلاف المجتهدين. قلنا الصواب انه آآ لا بد من الترجيح بينهم بحسب صفات علم والورع والاكثرية. اسأل الله جل وعلا ان يوفقنا واياكم لخيري الدنيا والاخرة. وان يجعلنا واياكم من الهداة المهتدين هذا والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين