ومما يعين على تحقيق الاخلاص الحرص على عبادات الخفاء. والنظر في احوال السلف في ذلك. قال الحسن البصري ان كان الرجل لقد جمع القرآن وما يشعر به جاره. وان كان الرجل لقد فقه الفقه الكثير وما يشعر به الناس وان كان الرجل ليصلي الصلاة الطويلة في بيته وعنده زوار. وما يشعرون به. ولقد ادركنا اقواما ما كان على ظهر الارض من عمل يقدرون على ان يعملوه في سر. فيكون علانية ابدا. وقد قال الزبير بن العوام رضي الله طبعا من استطاع منكم ان تكون له خبيئة من عمل صالح فليفعل. وكان ابو وائل الشقيق بن سلمة اذا صلى في بيته ينشجون شيجا لو جعلت له الدنيا على ان يفعله واحد يراه ما فعله وهذا ابن مبارك حينما خرج في غزو بلاد الروم فالتقى المسلمون بالعدو خرج علج من العدو يطلب المبارزة ويدور بين الصفين فخرج جاء له رجل من المسلمين فما امهله العلج ان قتله. وخرج الثاني فقتله العلج. وخرج الثالث فقتله. فخرج له ابن مبارك فصاوره ثم قتل العلج وهو مستخف يخفي وجهه. فاجتمع عليه الناس ينظرون من هو الذي يعني قتل هذا العلج الذي اذى المسلمين فجعل يغطي وجهه بكمه حتى جاء احدهم فرفع كمه عوا فاذا هو عبد الله ابن مبارك فقال له ابن مبارك وانت ممن يشنع علينا يعني انه سخط عليه فعله. وهذا رجل مسلم كان في جيش مسلمة ابن عبد الملك وقد حاصر مسلمة حصنا من حصون الكفار. وادب الناس للدخول من نقب هناك فتحة في فما دخله احد ثم انه جاء رجل من عرض الجيش فدخله ففتحه الله عليهم فنادى مسلمة. اين صاحب النقب؟ فما جاء احد؟ ونادى اين صاحب النقب؟ فما خرج اليه احد فقال اني عزمت عليه ان يأتي. فلما كان الليل اتى رجل برثامه فقال صاحبه والنقب يأخذ عليكم ثلاثا. الا تجعلوا اسمه في صحيفة الى الخليفة. وان لا تأمروا له بشيء والا تسألوه ممن هو. فقال مسلمة ذلك له. فقال الرجل انا هو ثم ذهب فكان مسلمة لا يصلي صلاة بعد ذلك الا قال اللهم احشرني مع صاحب النار هكذا كانوا سلف اذا مر الزمان بذكرهم وقف الزمان لهم مجلا مكبرا ليست العبرة بالشهرة. العبرة بحالك مع الله. الصحابة الذين توفي عنهم النبي صلى الله عليه وسلم اكثر من مئة الف كما قال السيوطي العد لا يحصرهم توفي عما يزيد عشر الف الف الف اي عما يزيد على مائة الف. منهم من هم مع النبي صلى الله عليه وسلم في الفردوس الاعلى من الجنة. ومع ذلك لا يعرفهم منا احد. ما ذكره ابن ابي البر في الشيعة في معرفة الاصحاب ولا ذكرهم الاثير في اسد الغابة في معرفة الصحابة ولا ذكره ابن حجر حتى في الاصابة في تمييز الصحابة وكتابه اجمع الكتب المؤلفة في يسمع الصحابة واشملها واوسعها. مع ذلك التراجم التي فيه لا تصل الى ثلاثة عشر الفا. وليسوا كلهم من الصحابة القسم الثالث للمخضرمين والقسم الرابع فيمن ذكر من الصحابة على وجه الغلط والسهو. هم يعني اكثر من مئة والذين ذكروا في الكتب لا يبلغون شيئا لا يبلغون الا شيئا يسيرا من هذا العدد ومع ذلك فمن وهم مع النبي منهم من هو مع النبي صلى الله عليه وسلم في الفردوس الاعلى ومع ذلك لا يعرفهم احد. فليست العبرة بالشهرة. بل السالف كانوا يفرون من الشهرة قال ابراهيم ابن ادهم ما صدق الله عبد احب الشهرة. وقال ابن الحارث لا يجد حلاوة الاخرة رجل ان يحب ان يعرفه الناس وقال ايوب ما صدق الله عبد الا سره الا يشعر بمكانه وهذا الامام الشافعي يقول وددت ان الناس تألموا هذا العلم يعني كتبه على الا ينسب الي منه شيء. والامام احمد يقول طوبى لمن اكمل الله ذكره. واخبار السلف في ذلك مستفيضة. لكن هنا مسألة. ايثار الخمول والرغبة عن الشهرة ليس معناها ان يترك الانسان تعليم العلم والدعوة الى الله. فليس لاحد اكرمه الله بالعلم ان يقعد في بيته ويترك الدعوة الى الله ويترك نشر الخير ويقول كان السلف يستترون باعمارهم وكانوا لا يحبون الظهور ليس ذلك لاحد. هذا قول من لم يعرف احوالهم. فانهم كانوا مع ما تقدم من عظيم احوالهم في الاخلاص. كانوا ابذل الناس للعلم كانوا يجلسون في مجالسهم وينشرون الخير ويعلمون العلم. فهذا هو التعامل الصحيح مع هذه الاثار