اعوذ بالله من الشيطان الرجيم ينصركم الله فلا غالب لكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده وعلى الله فليتوكل المؤمنون وما كان لنبي ان يغل ومن يغلو بما غل يوم القيامة ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون افمن اتبع رضوان الله كمن بسخط من الله وما وبئس المصير هم درجات عند الله والله بصير بما يعملون لقد من الله على المؤمنين اذ بعث فيهم رسولا من انفسهم يتلو عليهم اياته يتلو عليهم اياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة ويعلمهم الكتاب والحكمة وان كانوا من قبل لفي بسم الله الرحمن الرحيم. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. يقول الله سبحانه ان ينصركم الله فلا غالب لكم. وان يخذلكم فما من ذا الذي ينصركم من بعده وعلى الله فليتوكل المؤمنون اي يمددكم الله بنصره ومعونته. فلا غالب لكم فلو اجتمع عليكم من في اقطارها وما عندهم من العدد والعدد لان الله لا مغالب له. وقد قهر العبادة واخذ بنواصيهم لا تتحرك دابة الا باذنه. ولا تسكن الا باذنه. وان يخذلكم ويكلكم الى انفسكم. فمن ذا الذي ينصركم من بعده؟ فلا بد ان تنخذلوا ولو جميع الخلق فقد ضمن ذلك الامر باستنصار بالله والاعتماد عليه ذلك الامر باستنصار بالله. والاعتماد عليه والبراءة من الحول والقوة. ولهذا قال وعلى الله فليتوكل المؤمنون. وتقدم المعمول يؤذن بالحصر اي توكلوا على الله لا غيره. لانه قد علم انه هو الناصر وحده. فالاعتماد عليه توحيد محصل للمقصود والاعتماد على غيره شرك غير نافع لصاحبه بل ضار. وفي هذه الاية الامر بالتوكل على الله وحده. وانه بحسب ايمان العبد توكله ثم يقول سبحانه وما كان نبي ان يغل الايات. الغلول هو الكتمان من غنيمة. والخيانة في كل ما يتولاه الانسان. وهو محرم اجماعا بل هو من الكبائر كما تدل عليه هذه الاية الكريمة وغيرها من النصوص اخبر الله تعالى انه ما ينبغي ولا يليق بنبي ان يغل لان يقول لك ما علمت من اعظم الذنوب وشر العيوب. قد سنا الله تعالى انبيائه عن كل ما يجنسهم فيقدح فيهم وجعلهم افضل العالمين اخلاقا واطهرهم نفوسا وازكاهم واطيبهم ونزههم عن كل عيب وجعلهم محل رسالته ومعدن حكمته. الله اعلم حيث يجعل رسالته بمجرد علم العبد بالواحد منهم يجزم بسلامتهم من كل امر يقدح فيهم. ولا يحتاج الى دليل على فساد ما قيل فيه من اعدائهم. لان معرفة بنبوتهم تستلزم دفع ذلك. ولذلك اتى بصيغة يمتنع معها وجود الفعل منهم. فقال وما كان لنبي ان يغل ان يمتنع ذلك ويستحيل على ما اختارهم الله لنبوته. ثم ذكر الوعيد على من غلف قال من يغلو ليأتي بما غل يوم القيامة. ان يأتي به على ظهره حيوانا كان او متاعا او غير ذلك. يعذب به يوم القيامة. ثم توفى كل نفس ما كسبت. الغال وغيره كل يوفى اجره ووزره على مقدار كسبه. وهم لا يظلمون اي لا يزاد في سيئاتهم. ولا يهضمون شيئا من حسناتهم. وتأمل هذا الاحتراز في هذه الاية الكريمة لما ذكر عقوبة الغال وانه يأتي يوم القيامة بما غل ولما اراد ان يذكر توفيته وجزاءه وكان اقتصاره على الغال يوهم بالمفعول ان غيره من انواع العاملين من انواع العاملين قد لا يوفون اتى بلفظ عام جامع له ولغيره ثم يقول انا اتبع رضوان الله كمن باع بسخط من الله الاية يقول تعالى انه لا يستوي من كان قصده رضوان الله والعمل على ما يرضيه فمن ليس كذلك ممن هو مكب على المعاصي مسخط لربه هذان لا يستويان في حكم الله وحكمة الله وفي فطر عباد الله. افمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون. ولهذا قال هم درجات عند الله. اي كل هؤلاء متفاوتون في درجاتهم ومنازلهم بحسب تفاوتهم في اعمالهم. فالمتبعون رضوان الله يسعون في نيل الدرجات العالية والمنازي والغرفات. فيعطيهم الله من فضله وجوده على قدر اعمالهم. ومتبعون لمساخط الله يسعون في النزول في الدركات الى اسفل سافلين كل على حسب عمله. والله بصير باعمالهم لا يخفى عليه منها شيء بل قد علمها واثبت في اللوح المحفوظ ووكل ملائكته الامناء الكرام الاهتبوها ويحفظوها ويضبطوها ثم يقول سبحانه لقد من الله على المؤمنين اذ بعث بهم رسولا الايات هذه المنة التي امتن الله بها على عباده اكبر النعم بل اصلها وهي الامتنان عليهم بهذا الرسول الكريم الذي انقذهم الله به من الضلال وعصمهم به من الهلكة فقال لقد من الله على المؤمنين اذ بعث فيهم رسولا من انفسهم يعرفون نسبه وحاله من قومهم وقبيلتهم ناصحا لهم مشفقا عليهم يتلو عليهم اياته يعلمهم الفاظها ومعانيها ويزكيهم من الشرك والمعاصي والرذائل وسائر مساوئ الاخلاق ويعلمهم الكتاب اما جنس كتاب فديهم القرآن فيكون قوله يتلو عليهم اياته به الايات الكونية او المراد بالكتاب هنا كتابة فيكون قد امتن عليهم بتعليم كتابة والكتاب والكتابة التي بها تدرك العلوم وتحفظ. والحكمة هي السنة التي هي شقيقة القرآن. ووضع الاشياء مواضعها. معرفة اسرار الشريعة. فجمع لهم بين تعليم الاحكام وما به تنفيذ الاحكام وما به تدرك فوائدها وثمراتها. ففاقوا بها الامور العظيمة جميع المخلوقين وكانوا من العلماء الربانيين فان كانوا من قبل بعثة بعثة هذا الرسول لفي ضلال مبين لا يعرفون الطريق المنصف الى ربهم ولا ما يزكي النفوس ويطهرها بل ما يزين لهم جهلهم فعلوه ولو ناقض ذلك عقول العالمين. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين والى الحلقة القادمة غدا ان شاء الله. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته