اتفاق والجمع بين الايات انه اذا امكن الجمع كان احسن من ادعاء النسخ الذي لم يدل عليه دليل صحيح ولما كان الموسي قد يمتنع من وصية لما يتوهمه ان من بعده قد يبدل ما وصى به قال تعالى فمن بدله اعوذ بالله من الشيطان الرجيم. كتب عليكم اذا حضر احدكم الموت الوصية للوالدين والاقربين بالمعروف حقا على المتقين فمن بدله بعد ما سمع ان الله سميع عليم. فمن خاف من موص جنفا او ان الله غفور رحيم بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته يقول الله سبحانه كتب عليكم اذا حضر احدكم الموت ان ترك خيرا لوصية للوالدين والاقربين بالمعروف حقا على المتقين الايات اي فرض الله عليكم يا معشر المؤمنين اذا حضر احدكم الموت اي اسبابه كالمرظ المشرف على الهلاك وحضور اسباب المهالك وكان قد ترك خيرا وهو المال الكثير عرفا فعليه ان يوصي لوالديه واقرب الناس اليه بالمعروف على قدر حاله من غير سرف ولا اقتصار على الابعد دون الاقرب على القرب والحاجة. ولهذا اتى بافعى التخوين وقوله حقا على المتقين دل على وجوب ذلك ان الحق هو الثابت قد جعله الله من موجبات التقوى واعلم ان جمهور المفسرين يرون ان هذه الاية منسوخة بايات المواريث وبعضهم يرى انها في الوالدين والاقربين غير الوارثين. مع انه لم يدل لم يدل على التخصيص بذلك دليل. والاحسن في هذا ان يقال ان هذه الوصية للوالدين والاقربين مجملة. ردها الله تعالى فالى العرف الجاري ثم ان الله تعالى قدر للوالدين الوارثين وغيرهما من الاقارب الوارثين هذا المعروف في ايات المواريث بعد ان كان مجرما وبقي الحكم فيمن لم يرثوا من الوالدين الممنوعين من ارث وغيرهما ممن حجب بشخص او وصف ان الانسان مأمور بالوصية لهؤلاء وهم احق الناس ببره. وهذا القول تتفق عليه الامة. فيحصل به الجمع بين القول المتقدمين لان كلا من القائلين بهما كل منهم لحظ ملحظا واختلف المورد. فبهذا الجمع يحصل اي الايصال للمذكورين او غيرهم بعدما سمع اي بعدما عقله وعرف طرقه وتنفيذه. انما اثمه على الذين يبدلون والا فالموصي وقع اجره على الله. وانما الاثم على المبدل المغير. ان الله سميع يسمع سائر الاصوات. ومنه سماع لمقالة نوصي ووصيته. فينبغي له ان يراقب من يسمعه ويراه. وان لا يجور في وصيته عليم بنيته. وعليم بعمل موصى اليه. اذا اجتهد الموصي وعلم الله من نيته ذلك اثابه ولو اخطأ. وفيه التحذير للموصى اليه من التبديل فان الله عليم به. مطلع على فعله فليحذر من الله هذا حكم وصية عادلة. اما الوصية التي فيها حيث وجلف اثم فينبغي لمن حضر الموصي وقت الوصية بها ان ينصحه بما هو الاحسن والاعدل. وان ينهاه عن الجور والجلف وهو والميل بها عن خطأ من غير تعمد والاثم وهو التعمد ذلك فان لم يفعل ذلك فينبغي له ان يصلح بين الموصى اليهم ويتوصل الى العدل بينهم على وجه التراضي والمصالحة ووعظهم بتبرئة ذمة ميتهم فهذا قد فعل معروفا عظيما وليس عليهم كما على مبدل وصية الجائزة ولهذا قال ان الله غفور. اي يغفر جميع الزلات. فيصح عن التبعات لمن تاب اليه ومنه المغفرة لمن غض من من نفسه وترك بعض حقه لاخيه لان من سامح سامحه الله غفور لميتهم الجائر في وصيته اذا احتسبوا بمسامحة بعضهم بعضا لاجل براءة ذمته. رحيم بعباده. حيث شرع لهم كل امر به يتراحم ويتعاطفون فدلت هذه الايات على الحث على الوصية وعلى بيان من هي له وعلى وعيد مبدل للوصية العادلة والترغيب في الاصلاح في الوصية الجائرة وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. الى الحلقة القادمة غدا ان شاء الله. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته