اعوذ بالله من الشيطان الرجيم يا ايها الذين امنوا انفقوا من طيبات ما كتبتم ومما اخرجنا لكم من الارض ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ولستم بأخذيه الا واعلموا ان الله غني حميد الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلا. والله واسع عليم يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤتى الحكمة فقد اوتي خيرا كثيرا وما يذكر الا اولو الالباب بسم الله الرحمن الرحيم. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. يقول الله سبحانه يا ايها الذين امنوا انفقوا من طيبات ما كسبتم الباري عبادة على انفاقه مما كسبوا. في التجارات ومما اخرج لهم من ارض من الحبوب والثمار. وهذا يشمل الزكاة النقدي والعروض كلها. المعدة للبيع والشراء والخارج الارضي للحبوب والثمار يدخل في عيونها الفرض والنفل. وامر تعالى ان يقتل الطيب منها ولا يقصد الخبيث. وهو الرديء الدين يجعلونه لله ولو بذله لهم من لهم حق عليه لم يرتدوه ولم يقبلوه الا على وجه المغابات والاغماض. فالواجب اخراج الوسط من هذه الاشياء. والكمال اخراج العالي والممنوع اخراج الرديء. فان هذا لا يجزئ عن الواجب ولا يحصو فيه الثواب التام في المندوب واعلموا ان الله غني حميد. او غني عن جميع المخلوقين. فهو الغني عن نفقات المنفقين. وعن طاعات الطائعين. وانما امرهم بها وحثهم عليها بنفعه محض فضله وكرمه عليهم. ومع كمال كمال غناه وسعة عطاياه. وهو الحميد فيما يشرعه لعباده من الاحكام الوصية لهم الى دار السلام وحميد في افعاله التي لا تخرج عن الفضل والعدل والحكمة. وحميد الاوصاف لان اوصافه كلها محاسن وكمالات لا يبلغ العباد كنها ولا يدركون وصفها. فلما حثوا على انفاق نافع ونهاهم عن الامساك الضار. انهم بين داعيين. داعي الرحمن يدعوهم للخير ويعدهم عليه الخير والفضل والثواب العاجل والاجل واخلاف ما انفقوا وداعي الشيطان الذي يحثهم على الامساك ويخوفهم من انفقوا ان يفتقروا فمن كان مجيبا نداء الرحمن وانفق مما رزقه الله فليبشر بمغفرة الذنوب وحصول كل مطلوب. ومن كان مجيبا لداعي الشيطان فانه ان قيدوا حزبه ليكونوا لاصحاب السعير. فليختل العبد اي الامرين اليق به. فختم الاية بانه واسع عليم. او اي واسع الصفات كثير الهبات عليم من يستحق المضاعفة من العاملين وعليم من هو اهل فيوفقه لفعل الخيرات. وترك المنكرات فلما ذكر احوال المنفقين الاموال وان الله اعطاهم من عليهم باموال التي يدركون بها النفقات في الطرق الخيرية وينالون بها المقامات السنية ذكر الله افضل من ذلك وهو انه يعطي الحكمة من يشاء من عباده ومن اراد بهم خيرا من خلقه والحكمة هي العلوم النافعة والمعاني الصائبة والعقول المسددة والالباب الرزينة واصابة الصواب في الاقوال والافعال وهذا افضل العطاء واجل الهبات. ولهذا قال ومن يؤتى الحكمة فقد اوتي خيرا كثيرا لانه خرج من ظلمة الجهالات الى نور الهدى ومن حمق الانحراف بالاقوال والافعال الى اصابة الصواب فيها وحصول السداد. ولانه كمل بهذا الخير العظيم. واستعدوا لنفع الخلق اعظم نفع في دينهم ودنياهم. وجميع الامور لا تصلح الا بالحكمة التي هي وضع الاشياء في مواضعها وتنزيل منازلها والاقدام في محل اقدام والاحجام في موضع الاحجام ولكن ما يتذكر هذا الامر العظيم وما يعرف قدر هذا جسيم الا اولو الالباب. وهم اهل العقول الوافية. والاحلام الكاملة. فهم الذين يعرفون النافع فيعملونه. والضار فيتركونه وهذان الامران وهما ضل النفقات المالية وبذل الحكمة العلمية افضل ما تقربه المتقربون الى الله واعلى ما وصلوا به الى اجل الكرامات وهما اللذان ذكرهما النبي صلى الله عليه وسلم بقوله لا حسد الا في اثنتين رجل اتاه الله مالا فسلطه على هلكته بالحق اتاه الله الحكمة فهو يعلمها الناس. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. والى الحلقة القادمة غدا ان شاء الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته