اعوذ بالله من الشيطان الرجيم اولئك تقتلون انفسكم وتخرجون فريقا منكم من ديارهم تظاهرون عليهم بالاثم والعدوان وان يأتوكم اسارى تفادوهم وهو محرم عليكم اخراج افتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما يفعل ذلك منكم الا خزي من الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون اله اشد العذاب وما الله بغافل عما تعملون اولئك الذين اشتروا الحياة الدنيا بالاخرة فلا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينصرون ولقد اتينا موسى الكتاب من بعده بالرسل واتينا عيسى ابن مريم البينات وايدناه بروح القدس افكل ما رسول بما لا تهوى انفسكم استكبرتم ففريق كذبتم وفريقا تقتلون وقالوا قلوبنا غلف بل لعنهم الله بكفرهم فقليلا ما يؤمنون ولما كتاب من عند الله مصدق فيما معهم وكانوا من قبل وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما كفروا به لعنة الله على الكافرين بئس ما اشتروا به انفسهم ان يكفروا بما انزل الله بغيا ان ينزل الله من فضله على من من عباده بغضب على غضب وللكافرين عذاب مهين بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. يقول الله سبحانه اذ اخذنا ميثاقكم لا تسفكون دمائكم ولا تخرجون انفسكم من دياركم ثم اقررتم وانتم تشهدون هذا الفعل المذكور في هذه الاية. فعل الذين فعل للذين كانوا في زمن الوحي بالمدينة وذلك ان الاوس والخزرج وهم الانصار كانوا قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم مشركين. وكانوا يقتتلون على عادة الجاهلية فلزت عليهم الفرق الثلاث من فرق اليهود بنو قريظة وبنو النظير وبنو قينقار وكل فرقة منهم خالفت حالفت فرقة من اهل المدينة. فكانوا اذا اقتتلوا اعان اليهودي حليفه على مقاتليه. الذين تعينهم الفرقة الاخرى من اليهود سيقتل اليهودي اليهودي فيخرجه من دياره اذا حصل جلاء ونهب ثم اذا وضعت الحرب اوزارها وكان قد حصل اسارى بين الطائفتين فدى بعضهم بعضا والامور الثلاثة كلها قد فرضت عليهم فرض عليهم الا يسلك بعضهم دم بعض. ولا يخرج بعضهم بعضا من ديارهم. واذا وجدوا اسيرا منهم وجب عليهم فداؤه امنوا بالاخير وتركوا الاولين. فانكر الله عليهم ذلك فقال افتؤمنون ببعض الكتاب وهو فداء الاسير وتكفرون البعض وهو القتل والاخراج وفيها دليل على ان الايمان يقتضي فعل الاوامر واجتناب النواهي. وان المأمورات من الايمان قال تعالى فما جزاء من يفعل ذلك منكم الا خزي في الحياة الدنيا. وقد وقع ذلك فاخزاهم الله فسلط رسوله فقتل من قتل وسبي من سبي منهم واجري من اجلي ويوم القيامة يردون الى اشد العذاب اي اعظمه. وما الله بغافل عما تعملون. ثم اخبر تعالى عن السبب الذي اوجب لهم الكفر البعض الكتاب والايمان ببعضه فقال اولئك الذين اشتروا الحياة الدنيا بالاخرة توهموا انهم ان لم يعينوا حلفائهم حصل لهم عار تختار النار على العار. فلهذا قال فلا يخفف عنهم العذاب بل هو باق على شدته. ولا يحصلهم راحة بوقتها من الاوقات ولا هم ينصرون اي يدفع عنهم مكروه ثم يقول سبحانه ولقد اتينا موسى الكتاب الايات. يمتن تعالى على بني اسرائيل ان ارسلهم كليمه موسى واتاه التوراة ثم تابع بعدهم بالرسل الذين يحكمون بالتوراة الى ان ختم انبيائهم بعيسى عليه السلام واتاهم الايات البينات ما يؤمن على مثله البشر ايدناه بروح القدس اي قواه الله بروح القدس. قال اكثر المفسرين انه جبريل عليه السلام. وقيل انه الايمان الذي يؤيد الله به عباده ثم مع هذه النعم التي لا يقدر قدرها. لما اتوكم بما لا تهوى انفسكم استكبرتم على الايمان بهم. ففريقا منهم كذبتم وفريقا تقتلون. فقدمتم الهوى على الهدى واثرتم الدنيا على الاخرة. وفيها من التوبيخ والتشديد ما الا يخفى ثم يقول سبحانه وقالوا قلوبنا غلف الايات. اي اعتذروا عن الايمان لما دعوتهم اليه يا ايها الرسول بان قلوبهم قل اي عليها غلاف واغطية فلا تفقه ما تقول يعني فيكون هم بزعمهم عذر لعدم العلم. وهذا كذب منهم فلهذا قال تعالى بل لعنهم الله بكفرهم اي انهم مطرودون ملعونون بسبب كفرهم فقليلا المؤمنون منهم او قليلا ايمانهم وكفرهم وهو الكثير وكفرهم هو الكفير. اي ولما جاءهم من عند الله على يد افضل الخلق وخاتم الانبياء. الكتاب المشتمل على ما معهم من التوراة فقد علموا به وتيقنوه على انهم اذا كان وقع بينهم وبين المشركين في الجاهلية حروب استنصروا بهذا النبي وتوعدوهم بخروجه وانهم يقاتلون مشركين معه فلما جاءهم هذا الكتاب والنبي الذي عرف كفروا به بغيا وحسدا. ان ينزل الله من فضله على من يشاء من عباده. فلعنهم الله فغضب عليهم غضبا بعد لكثرة كفرهم وتوالي شكهم وشركهم ولهم في الاخرة عذاب مهين. اي مؤلم موجع وهو صلي الجحيم وفوت النعيم المقيم فبئس الحال حالهم. وبئس ما استعاضوا واستبدلوا من الايمان بالله وكتبه ورسله. الكفر به وبكتبه وبرسله مع علمهم وتيقنهم فيكون اعظم اعظم لعذابهم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. والى الحلقة القادمة في غدا ان شاء الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته