حفظ العقول من المقاصد يا فتى. نعم. هذا هو المقصود الرابع من مقاصد الشريعة وهي حفظ العقل وهي تلك الغريزة التي فضل الله عز وجل بها بني ادم على سائر ما خلق. فضل بها المكلف من الانس والجن على سائر ما على سائر ما خلق والمقصود به ذلك العقل التكليفي. فان قلت اوليس في البهائم عقولا؟ فنقول بلى. خلق الله لها خلق الله لها عقولا تدين بها حياتها ولكنها ليست علوقا عقولا تكليفية وانما عقول تدبيرية. يعني انها تدبر امورها فتشم الماء فتشرب تشم العلف فتذهب لتأكل وتتوالد فيما بينها وتتكاثر في اجناسها. واذا رأت الخطر ابعدت لكنه ليس العقل الذي يوجب عليها الصلاة والصيام الزكاة وتحريم المحرمات وايجاد الواجبات. فعقول البهائم تدبيرية. واما عقول المكلفين فهي تكليفية. والعقل التكليفي اعلى منزلة عند الله عز وجل من العقل التدبيري فلا يجوز للانسان ان يهدر كرامة الله له بهذا العقل ويتصرف تصرفا او يفعل فعلا او يتناول مأكولا او مشروبا يتلف عليه هذه الغريزة التي هي من اعظم نعم الله عز وجل عليه والتي هي مناط التكليف مناط التكليف العقل. فمن زال عقله زال تكليفه. والفرقان بينه وبين البهيمة في التصرفات والاقوال انما هو هذا العقل. فلا تزال محفوظة وادميته معصومة. ما دام متحليا بهذا المناط العظيم وهو العقل لكن متى ما زال عقله رأيته يتصرف كتصرفات البهائم فربما يقتل نفسه او يضرب نفسه او يصطدم بالجدار او اذي احبابه او يقول اقوالا هي الى الجنون او يقول اقوالا هي الى الخرافات والهذيان اقرب منها الى العقل فاي شيء من شأنه اتلاف هذا العقل فهو محرم. ولذلك حرم الشارع شربا الخمر لعدة مقاصد لمصلحة التأليف لان الخمر تكون فيها العداوات ولمصلحة حفظ العقل لانها تسرف العقل وتغطيه ولمصلحة حفظ الدين كذلك ولمصلحة حفظ العرض كما بينت لكم سابقا فالمبدأ الذي جعل الشارع يحرم الخمر هو حفظ العقل وقد استجدت انواع من الخمور لم تكن موجودة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم في وقت تنزيل الكتاب والسنة فنقول كل ما خامر العقل وغطاه فخمر كل ما خامر العقل وغطاه فخمر. سواء اكان مش هروبا او او في العروق او محقونا في العروق او كان مشموما جميع ما من شأنه تغطية العقل وافساده واتلافه واذهابه فانه يعتبر حراما بل ان الشارع حرم الغضب نهى عن الغضب قال لا تغضب لان الغضب من جملة ما يعطل العقل ويشوشه فالاشياء التي تستطيع ان تتفادى بها الغضب. انت مأمور بها شرعا. فتوضأ لاذهاب الغضب ليحفظ عقلك وغير واقعك فان كنت قائما فاجلس وان كنت جالسا فاضطجع حتى يذهب عنك فوحة الغضب فان الغضب يغطي العقل ولذلك قال الشارع لا طلاق ولا اعتاق في اغلاق اي شيء من شأنه ان يغلق على العقل؟ فالانسان اذا اوقع طلاقا لا يقع اوقع عتقا لا يقع. لان مناط الحكم عقل فتوجد الاحكام بوجوده وترتفع الاحكام بارتفاعه وترتفع الاحكام بارتفاعه بل حرمت الشريعة قراءة كتب اهل البدع محافظة على العقل فان كتب اهل البدع تتلف العقل وتفسد تفكيره وتشوش سلامة اعتقاده فلماذا حرم الشارع قراءة التوراة للمحافظة على الدين وللمحافظة على العقل فان العقل قد تكون فيه افة وشبهة فيرى الحلال حراما والحرام حلالا والسنة بدعة والبدعة سنة بسبب فساد عقله لما رآه او سمعه من كتب اهل البدع او من افواه اهل البدع فلا تجوز مجالسة اهل البدع للمحافظة على العقل