الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ وليد بن راشد السعيدان حفظه الله. يقدم احسن الله اليكم فضيلة الشيخ هذا السائل يقول هل الامر في باب الاعتقاد يفيد الوجوب والامر في باب الاداب يفيد الاستحباب الحمد لله رب العالمين وبعد. المتقرر عند العلماء ان ما ورد مطلقا فيجب بقاؤه على اطلاقه ولا يجوز تقييده الا بدليل كما ان ما ورد عاما يجب بقاؤه على عمومه ولا يجوز تخصيصه الا بدليل. والادلة التي استدل بها الاصوليون على ان الامر يفيد الوجوب وردت مطلقة من غير تقييد لا بباب عبادات او عقائد او بباب اداب. فالذي يريد تقييد الامر المفيد للوجوب في كونه باب في باب العقائد او الاداب او العبادات فقط دون باب الاداب فانه يريد منا ان نقيد ما ورد مطلقا ونحن نرفض ان نقيد شيئا من مطلقات الالفاظ الشرعية كتابا وسنة الا بدليل من الكتاب والسنة. فلو رجعت الى استدلالات الاصوليين رحمهم الله تعالى في ان الامر يفيد الوجوب وجدتها ادلة مطلقة من الكتاب والسنة. لم تقيد لا بكون الامر واردا في باب الاداب ولا بكون الامر واردا في باب العبادات او في باب الاعتقادات. وانما خرجت مطلقة وبناء على ذلك فاي صيغة من صيغ الامر اي صيغة من صيغ الامر في اي باب من الابواب اوردت في شيء من مسائل الاعتقاد او وردت في شيء من باب من ابواب العبادات او وردت في شيء من ابواب الاداب فان واجب علينا ان نحمل الامر المتجرد عن القرينة على افادة الوجوب بغض النظر عن بابه الذي ورد فيه بل اننا نجد اوامر في باب الاداب تفيد الوجوب. وذلك كما في الصحيحين من حديث عمر بن ابي سلمة رضي الله عنهما قال رآني النبي صلى الله عليه وسلم ويدي تطيش في الطعام. فقال صلى الله عليه وسلم يا سم الله. فالتسمية على الطعام هذه يذكرها العلماء في ابواب الاداب. مع اننا نقول بان التسمية من الاكل ولذلك اخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم ان الشيطان يستحل الطعام الذي لا يذكر عليه اسم الله عز وجل. ثم قال صلى الله عليه وسلم وكل بيمينك والاكل باليمين من جملة الاداب. ليس من جملة العقائد وانما من جملة الاداب ومع ذلك فاننا نقول ان الاكل باليمين من جملة الواجبات المتحتمات فلا يجوز للانسان ان يأكل بشماله الا لضرورة او حاجة ملحة بل ان النبي صلى الله عليه وسلم اخبرنا بان من طبيعة الشيطان عند اكله وشربه انه يأكل بشماله ويشرب بشماله منهيون نهي تحريم عن التشبه بافعال الشياطين. ثم قال صلى الله عليه وسلم وكل مما يليك. وهذا امر وارد في باب الاداب والعلماء يحملونه ايضا على الوجوب. وكذلك في الصحيحين من حديث عبدالله ابن ابي قتادة عن ابيه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم لا يمسكن احدكم ذكره وهو يبول هذا نهي في باب الاداب. ومع ذلك العلماء يحملونه على التحريم. فاذا باب الامر في باب الاداب او العبادات كله مفيد للوجوب الا اذا ورد الصارف له. وباب النهي سواء اكان في باب العبادات او في باب الاداب كله مفيد للتحريم الا اذا ورد الصارف لاطلاق الادلة ولا يجوز تقييد المطلق الا بدليل. وثمة وجه اخر ايضا يبين لنا بطلان التفريق بين باب الاداء وباب العبادات وهو انك اذا نظرت الى الاداب وجدتها عبادات واذا نظرت الى العبادات وجدتها اداب فليس هناك فرقان مستقيم يميز الاشياء بين كونها عبادة وليست ادبا او ادبا وليست بعبادة. فعبادات الشريعة كلها اداب واداب الشريعة كلها عبادات اه كيف نقول بان الامر اذا ورد في باب العبادات يفيد الوجوب واذا ورد في باب الاداب يفيد الندب؟ فان الادب عبادة والعبادة ادب فكون انسان يأكل بيمينه هذا ادب وعبادة. وكون الانسان يسمي الله عند الطعام هذا ادب وعبادة. وكون الانسان يأكل مما يليه. هذا ادب وعبادة فاذا لا يستطيع الانسان ان يفرق لنا بين ما كان من باب العبادات ولا يدخل فيه شيء من الاداب او في باب الاداب ولا يدخل فيه شيء من العبادات والشريعة لا تبني احكامها على ما لا ضابط له ولا فرقان فيه وانما الشريعة تبني احكامها على الاشياء المنضبطة التي لا تختلف والشيء المنضبط هو ان نقول ان الامر في اي باب ورد يفيد الوجوب سواء اورد في باب العقائد. او ورد في باب العبادات او ورد في باب الاداب لا شأن لنا في الباب الذي وردت فيه الصيغة. وانما لنا الشأن في نفس الصيغة وذاتها. فمتى ما ثبت انها من صيغ الامر المقررة عند الاصول فاننا نحملها مباشرة على الوجوب الا اذا ورد الصادف فتفيد الاستحباب. والله اعلم