الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ وليد بن راشد السعيدان حفظه الله يقدم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. يقول احسن الله اليكم. هل شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله يعذر من وقع في الشرك الاكبر في هذه الامة بالجهل ام لا الحمد لله رب العالمين وبعد المتقرر عند العلماء ان رفع الجهل حكم شرعي منوط بالقدرة على العلم والعمل لان القاعدة العامة عند اهل السنة والجماعة انه لا تكليف الا بعلم ولا قاعدة الا ولا عقوبة الا بعد انذار فالله عز وجل امرنا بان نرفع الجهل عن انفسنا في المسائل التي لا نعلم حكم الله فيها وهذا امر لا بد وان يربط بالقدرة والطاقة والاستطاعة فمن كان قادرا على رفع الجهل عن نفسه ولكنه تباطأ وتكاسل واشغلته الدنيا فان جهله هذا بما جهله من من الاحكام الشرعية لا يعتبر عذرا له. لانه كان قادرا على رفعه والطرق عنده متيسرة فكل جهل يستطيع الانسان ان يرفعه عن نفسه فانه لا يعتبر عذرا له في تفويت مأمور او الوقوع في محظور واما الجهل الذي لا يستطيع الانسان ان يرفعه عن نفسه بمعنى ان الطرق متعسرة. فهو يريد بكل قوته وما اتاه الله من قدرة ان يرفع الجهل عن نفسه في هذه المسألة ولكن ليس ثمة طريق يستطيع به ان يصل الى رفع الجهل وقد ضرب لها العلماء بمثالين المثال الاول فيمن نشأ في بادية بعيدة عن العلم والعلماء وليس بينه وبين العلماء اي وسيلة من وسائل الاتصال ولا يستطيع هو ان يتصل في رفع الجهل باحد منهم. فهو يريد في قرارة نفسه ان فهو يريد من قرارة نفسه ان يرفع الجهل ولكن ليس ثمة طريق يرفعه به. فهذا الرجل اذا وقع في شيء من المخالفات الشرعية اما بتفويت بعض المأمورات الشرعية او الوقوع في بعض المخالفات الشرعية فانه يعتبر معذورا. معذورا لان الجهل الذي وقع فيه هو الجهل الذي قد انسدت ابواب ارتفاعه عنه الانقطاع وسائل رفعه ومثلوا لها كذلك بمن نشأ في بادية بعيدة عن العلم والعلماء عفوا ومثلوا لها كذلك بالكافر اذا اسلم في دار حرب. فان دار الحرب في الاعم الاغلب تخلو من عموم المسلمين فضلا عن طلبة العلم فيهم. فاذا اسلم كافر في هذه الدار ولم يهاجر ووقع في بعض المخالفات الشرعية ثم ادعى بعد ذلك الجهل فان قرائن الحال التي تصاحب دعواه للجهل تصدق هذه الدعوة. فاذا وقع في شيء من المخالفات فانه يعذر بجهله فهاتان المسألتان مما يضرب اهل السنة بهما مثالا على الجهل الذي يعذر به صاحبه. وعليهما قس والجامع في ذلك ان الجهل يجب على المكلف رفعه. فاذا كان مستطيعا ان يرفعه عن نفسه ولكن اهمل وتباطأ وتكاسل واشغلته الدنيا وشهواتها فانه وان في مخالفات شرعية فهو اثم. ولا حق له ان يدعي انه كان جاهلا بها لان طرق رفع الجهل عنه في هذه المسائل متيسر ولله الحمد فالتفريط ينسب له هو والا فالطرق متيسرة. والعلماء موجودون. ووسائل الاتصال ممكنة. فما الذي جعلك لا ترفع الجهل عن نفسك واما اذا كان الانسان لا يستطيع اصلا ان يرفع الجهل عن نفسه في بعض المسائل الشرعية عجزا حقيقيا فان او حينئذ يرتفع عنه التكليف بالامر برفع الجهل اذ التكليف منوط بالقدرة على العلم والعمل. فلا واجب مع العجز لان الله عز وجل يقول وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا. فاذا احفظ هذا الفرقان بين الجهل الذي يعذر به صاحبه والجهل الذي لا يعذر به صاحبه. فالجهل الذي يعذر به هو الجهل الذي قد انقطعت وسائل رفعه عجز الانسان عن رفعه عجزا حقيقيا. والجهل الذي لا يعذر به صاحبه هو ذلك الجهل الذي كان الانسان مستطيعا ان يرفعه عن نفسه ولكنه فرط في رفعه. وما ذكرته لك هو خلاصة ما قرره ابو العباس ابن تيمية رحمه الله في مسألة الجهل الذي يعذر به صاحبه والجهل الذي لا يعذر به صاحبه. ولكن لابد وان تعلم وفقك الله ان اغلى لا يعذرون بالجهل في مسائل التوحيد الكبار المعلومة من الدين بالضرورة. والتي وان انقطع تعلمها من العالم فيها الا انه لا ينقطع دليلها الحسي والفطري كالاقرار بوجود الله عز وجل. هذه لا تحتاج الى عالم يعلمك ولا الى مفت يفتيك. لانها مسألة حسية فطرية. فهي من مسائل الدين التي لا يعذر الانسان بالجهل فيها. فلو ان انسانا جاحد وجود الله عز وجل فانه كافر مرتد. ولا حق له ان يقول لقد كنت جاهلا بان الله موجود ولم يعلمني احد بان الله موجود. وكذلك مسألة الوقوع في الشرك الاكبر كالسجود لغير الله عز وجل والذبح لغير الله. والطواف بالقبور ونحوها من تلك المسائل العقدية الكبيرة. هذه ايضا لا يعذر احد بالجهل فيها. وكذلك انكار الملائكة وانكار الرسل وانكار وحدانية الله عز وجل واستحقاقه للعبادة. فهذه المسائل دل عليها الدليل الحسي والفطري وان انقطع فيها طريق تعلم وكنت بعيدا عن اهل العلم والعلماء ففطرتك تدلك على ذلك. وكذلك تأملك وتفكرك في ايات الله الكونية تدلك على ان المستحق للعبادة انما هو الله وحده لا شريك له. فاذا القاعدة في مثل هذه المسائل تقول لا عذر بالجهل في مسائل التوحيد الكبار المعلومة من الدين بالضرورة اي التي صار العلم بها فطريا حسيا مشهورا بين العام والخاص. لا يمكن احد ان ينكرها بل حتى صغار المسلمين يعرفونها. فهذه المسائل العقدية الكبيرة لا يعذر احد بالجهل فيها. وبناء على ذلك فابو العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى مع تقريره السابق فانه يقول بقول اهل السنة في هذه المسألة وهو عدم العذر في مسائل للتوحيد الكبار فابن تيمية لا يعذر احدا اشرك بالله عز وجل في مسألة قد عم العلم بها وصارت مما يعلم من الدين بالضرورة فلا يعذر من سجد لغير الله بسبب كونه جاهلا. ولا يعذر من انكر وجود الله او انكر وجود الملائكة او جحد وجود الرسل او انكر البعث ويوم القيامة. ثم ادعى الجهل بعد ذلك ابن تيمية وغيره من من اهل السنة لا يعذرونهم لانها من مسائل التوحيد العقدية الكبيرة التي صارت مما يعلم من الدين بالظرورة والتي توافرت الادلة على اثباتها فهذا خلاصة ما قرره ابو العباس والله اعلم