ما الى ذلك من الافات المهلكة. ولهذا كان جنس سيئات القلب اعظم من جنس سيئات لان سيئات الجوارح في نظر الناس محل وقاية. حيث انها تقع في اعين الناس لكن السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله حمد الشاكرين. واثني عليه ثناء عباده المقرين بفضل وعظيم احسانه وجوده. لا احصي ثناء عليه هو كما اثنى على نفسه. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه ومن اتبع سنته باحسان الى يوم الدين. اما بعد فان كثيرا من الناس يسألون عن الدعاء. الذي يدعونه في ما يرجونه من ان يكون ليلة القدر. الجواب على هذا انه ليس ثمة دعاء خاص الا ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما جاء في السنن ان عائشة رضي الله تعالى عنها قالت يا رسول الله ارأيت ان علمت اي ليلة ليلة قدر ما اقول؟ قال قولي اللهم انك عفو تحب العفو فاعف عني. فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يبتدأ عائشة رضي الله تعالى عنها بتعليم دعاء خاص لهذه الليلة انما اجاب عائشة رضي الله تعالى عنها لما سألت عن افضل ما تدعو به لو علم ان الليلة ليلة القدر فوجهها صلى الله عليه وعلى اله وسلم الى هذا الدعاء فقال قولي اللهم انك عفو تحب العفو فاعف عني. وهذا الدعاء تضمن توسل الى الله عز وجل بصفته واسمه وفعله ثم جاء بعده الطلب فالتوسل هنا باسمه العفو وبانه جل وعلا يحب العفو وهذا فعل. ثم جاءت المسألة فاعف عني. وهذا من اقصر الدعاء الذي تضمن توسلا الى الله عز وجل ودعاء له باسمائه. كما قال جل وعلا ولله الاسماء الحسنى فادعوه بها فمن الدعاء بالاسماء الحسنى ان يتوسل العبد الى الله عز وجل باسمائه وقول العبد اللهم معناه يا الله فان اللهم هي اصلها الله اضيفت اليها الماء الايه؟ بجمع القلب حضوره في السؤال والطلب قال جماعة من اهل العلم بل الميم في قول الداعي اللهم عوض عن الياء التي هي اذ جاءوا النداء فاصل الكلمة يا الله. فلما حذفت ياء انتقلت الى ميم في اخر الكلمة فصارت اللهم وسواء قيل انها لجمع القلب او قيل انها تعوذ للياء المقصود ان الداعي اذا قال اللهم فهو يدعو الله باسمه الله وهو من اعظم اسماء الله جل وعلا. وقيل انه الاسم الاعظم واستدلوا لذلك بان جميع اسماء الله عز وجل ترجع اليه وهو المقدم عند ذكر فان اول ما يذكر من اسمائه يذكر اسمه الله سبحانه وبحمده. وعلى كل حال الصحيح فيما يتعلق الاسم الاعظم ان الاسم الاعظم ليس مختصا باسم من اسمائه على وجه التعيين. بل كل اسم دل على عظمة الله وجلاله دل على عزته وكماله دل على عظيم اسمائه وصفاته فهو اسم من اسماء الله العظمى. وعليك ان الاسم الاعظم ليس اسما واحدا بل واسماء متعددة. فالله من الاسماء التي توصف بانها الاسم الاعظم العظيم الحميد المجيد الحي القيوم وما اشبه ذلك من الاسماء التي تدل على عظيم ما اتصف به الرب جل في علاه هي من الاسماء العظمى ليس اسما واحدا بعينه هذا اصح ما قيل في معنى الاسم الاعظم او في تعيين الاسم الاعظم و في بقولك اللهم توسل الى الله عز وجل بهذا الاسم الذي عنه يصدر كل خير وهو شامل لاسماء الله عز وجل سواء الاسماء المتعلقة بالذات او الاسماء المتعلقة بالفعل. ولذلك قد الله في اعظم اية في اعظم اية في كتابه فقال الله لا اله الا هو الحي القيوم فذكر هذا الاسم في اول اية هي اعظم اية في كتاب وكذلك تقدمه في السورة التي هي وصف الرحمن ونسبه وبيان كماله قل هو الله الله احد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد. ففي التعريف به جل في علاه عرف نفسه بانه الله وانه احد اي لا شريك له سبحانه وبحمده. فقولك ايها المؤمن اللهم قال يا الله اللهم انك عفو اي هذا وصفك وهو من اسمائك والعفو الغفور جل في علاه. وصف الله تعالى بانه عفو. اي انه يمحو الخطايا والسيئات ويتجاوز عنها ويصفح. فالعفو هو الذي يتجاوز عن سيء العمل. وهو الذي يمحوه وهو الذي لا يؤاخذ به. فالعفو يتضمن معنيين. انتبه! العفو الذي تتوسل الى الله تعالى به في قولك اللهم انك عفو تحب العفو يتضمن معنيين المعنى الاول انه الذي يعفو عن السيئات محوها والتجاوز عنها وعدم المؤاخذة بها هذا المعنى الاول البحر والتجاوز وعدم المؤاخزة له بها. اما المعنى الثاني الذي يتضمنه معنى العفو فهو انه جل في علاه يستر على المذنب يستر الذنب يغفره سبحانه وبحمده فلا يطلع عليه احد. وهذا من جميل كرمه انه يتجاوز عن السيئات انه يمحوها سبحان وبحمده وانه ايضا لا يفضحك بها بل يسترك. وهذا تكليل فظل وتكريم انعام على العبد فقولك اللهم انك عفو اي تمحو السيئات اللهم انك عفو اي تستر والذنوب ثم قال تحب العفو هذا دعاء وتوسل الى الله وجل بفعله وهو انه يحب العفو جل في علاه. ولذلك يثيب على العفو ويعطي عليه عطاء جزيلا فالله تعالى يحب من يتجاوز عن عباده. ومن يمحو السيئات ومن يسترها وذلك جاء في الصحيح ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من ستر مسلما ستره الله من ستر مسلما ستره الله فجعل الستر على العبد في سيئاته وخطأه وخلله جزاءه ستر رب العالمين. فالله يحب تحب العفو يحب الصفح والتجاوز نحو السيئات ستر الخطايا وعدم فضحها واظهار كل ذلك مما يحبه الله عز وجل. فانت تتوسل اليه بصفته وبفعله. وهذا من دعاء الله باسمائه باسمائه الحسنى وصفاته العلى التي توجب العطاء. بعد هذا قال فاعف عنا فاعف عني. اي فتجاوز عني وسيء عمله وسيء العمل هنا يشمل نوعين من الاعمال. النوع الاول ترك الواجبات فان ترك الواجبات سيء يتطلب عفوا ومغفرة. والثاني من العمل الذي يندرج في السيئات انتهاك الحرمات. سواء كانت الحرمة حرمة دم حرمة مال حرمة عرظ كلها من السيئات التي ترجو الله وتسأله ان يتجاوز عنك بقولك اللهم انك عفو تحب العفو فاعف عني. فاذا قلت اعف عني استحضر كم من الواجبات فرطت او نقصته او لم توفه حقه. واستحضر كم من السيئات اقترفته يداك لو اردنا ان نحصي ذلك لوجدنا اثقالا عظيمة وخطايا جزيلة منها ما تذكرون ومنها ما لا تذكره منها ما تعلم ومنها ما لا تعلمون ولذلك في مقام طلب العفو جاء الاطلاق تفصيل لان الخطأ كثير. والذنب عظيم ولا ينفك احد من خطيئة تقترفها يداه لهذا اللهم اغفر ذنبي كله دقه وجله صغيره وكبيرا علنيته وسره او واخرة ما علمت منه وما لم اعلم. كل هذا في ادعية النبي صلى الله عليه وسلم في مقام طلب المغفرة لكثرة ذنوب عند الناس وتنوعها واختلاف الوانها ومنها ما يعلمونه ومنها ما لا يعلمونه منها ما يذكرونه ومنها ما يصدق عليه قوله تعالى احصاه الله ونسوه. فما احوجنا الى ان نديم سؤال قال العفو والمغفرة لا تظن يا عبد الله انك قد كملت حق الله عليك وانك سلمت من السيئات والخطايا. كثير من الناس يتوهم ان عدم تورطه في السيئات الظاهرة والكبائر والعظائم من الذنوب المعلنة كالزنا والسرقة وما اشبه ذلك. ضمانة انه قد ادى حق الله وهو بهذا يجري على نفسه. وبهذا يخطئ على نفسه. فحق الله عظيم. ثمة في القلوب قد تكون موبقة وانت لا تشعر بها. فكم في القلوب من كبر؟ لا يظهر للناس لكنه قد امتلأ به القلب او دب الى القلب ويوشك ان يهلكه. الم تسمع ما في الصحيح في الحديث عبد الله ابن مسعود رضي الله تعالى عنه قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم لا يدخل الجنة. من كان في به مثقال ذرة من كبر. مثقال يعني وزن ذرة. والذرة هي ما لا يحصيه موازين الدنيا لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر. اعندك ضمانة ان قلبك قد سلم من وما اكثر اسباب الكبر في حياته الناس؟ من الناس من يغريه بالكبر نسبه ومنهم من يغريه ماله ومنهم من يغريه بالكبر جمال ثيابه وجمال مظهره ومنهم من يغريه من الكبر جنسيته ومنهم من الكبر وظيفته ومنصبه ومنهم ومنهم بل ومنهم من يغيه بالكبر طاعته لربه نعوذ بالله من الخذلان فيرى لنفسه منزلة انه اعلى من غيره عبادة ولا يعلم ان ذاك الذي نظر اليه باحتقار قلبه ان يكونوا هو عند الله اعلى منه. بحس امرئ من الشر ان يحقر اخاه المسلم. اي يكفيه من ما كان علوا ومنزلة وعلما ومعرفة وعبادة يكفيه ان ينظر الى غيره من اخوانه المسلمين احتقار سواء احتقار لجهل احتقار لضعف عبادة احتقار لتورط في خطأ احتقار لاي سبب سواء كان سببا دينيا او كان سببا دنيويا. هذه افات لا لا ينظر اليها الناس بل كثير من الناس لا يسأل الله عز وجل العفو عما يدب في قلبه من كبر. لا يسأل الله العفو عما يدب في قلبه من حسد. فيسأل الله العفو عما في قلبه من حقد لا يسأل الله العفو عما في قلبه من افات متعددة رياء عجب انه يغفل عن انه يحتاج في سؤاله العفو ان يسأل الله ان يعافيه عما ظهر وخفي. عن عن السر والعلن عن الغيب والشهادة. ما احوجنا الى استذكار مثل هذه المعاني. ونحن نقول ونردد اللهم انك عفو تحب العفو فاعفو عنا نعم اللهم اعفو عنا السر والاعلان من والمخالفة. اللهم اعف عنا ما ظهر وما بطن. اللهم اعف عنا. كل ذنب وسيئة صغيره كبيره في القدم والحاضر علمناها او لم نعلمها. فكلنا اهل اسراف وخطأ وتجاوز ان لم يعفو عنا ربنا هلكنا والله ان لم يشملنا الله بعفوه ورحمته فإننا هالكون. لا تظن ان طاعتك كافية في نجاحك فان في خطئك وقصورك وتقصيرك ما يمكن ان يكون سببا لهلاكك. لذلك لا تثق بشيء الا برحمة الله فاستمسك بها. لا تثق بشيء الا بفظله وانعامه وجوده واحسانه. فهو الكريم المنان. اللهم انك عفو تحب العفو فاعف عنا. سلوه بصدق ان يعفو عنكم. فما اكثر خطايا الناس بصدق ان يعفو السر والعلن والظاهر والباطن والقديم والحاضر ما كان في حقه وما كان في حق خلقه. كم من السيئات احب الخلق اقترفناها ونسيناها اغتبنا كذبنا حقدنا حسدنا تكلمنا بباطل هظمنا حقا في مال حقا في عرض حقا في دم بجناية على احد بنوع من عناية ونسيها اما في صغر واما في عمل واما في زمالة احيانا يجري بين الناس في هذه الاماكن نوع من مشاجرة وتنتهي وتبقى القلوب مشحونة بانواع من الاذى ويمشي كل واحد منهم وفي قلبه من على او في اعتداءه على اخيه ما يؤخذ به. حاجة الى ان ان نسأل الله العفو عن هذا برد قيل اهلها من كان عنده لاخيه مظلمة فليتحلله اليوم قبل ان لا يكون درهم ولا دينار. انما هي الحسنات فنسأله العفو. اللهم انك عفو تحب العفو فاعف عنا