ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا. ومن سيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا يا ايها الذين امنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن الا وانتم مسلمون يا ايها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والارحام ان الله كان عليكم رقيبا يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم اعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم. ومن يطع الله ورسوله. فقد فاز فوزا عظيما اما بعد معاشر المؤمنين هناك نظرة للحياة قد امر الله سبحانه وتعالى ان ننظرها وان نتعامل مع الحياة من خلالها اذا اختلت هذه النظرة وحصل فيها خلل او اضطراب اضطربت حياتنا واضطربت علاقتنا مع الله سبحانه وتعالى هذه النظرة هي ما جاء في قول الله سبحانه وتعالى وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون المعنى والحكمة والمقصد من الحياة هو عبادة الله سبحانه وتعالى فليست هذه الدار التي نعيشها اليوم دار جزاء او ثواب او عطاء من الله سبحانه وتعالى وانما هي دار ابتلاء واختبار فنحن نخضع معشر الاحبة في كل لحظة في يومنا وليلتنا لاختبارات متتالية متتابعة اختبار امام امر من اوامر الله هل نستجيب ام لا ثم يتلوه اختبار امام معصية تعرض لنا قد نهانا الله سبحانه وتعالى عنها وتدفعنا النفس الامارة بالسوء لها ونختبر امامها هل نمتنع ام لا ثم يتلوه اختبار في مصيبة او نازلة او شر هل نصبر ام لا نصبر وهكذا الدنيا تتتابع علينا في كل لحظة وفي كل حين بين هذه الامور الثلاثة بين امر يراد منا الاستجابة له وبين نهي يراد منا الامتثال والامتناع عما نهى الله عنه وبين مصيبة او هم او حزن او شر بشكل عام يراد منا ان نصبر عليه ثم يتبع ذلك ايضا وهو الاعم الاغلب بين نعمة نحن مبتلون امامها ان اشكرها ام لا نتقلب نحن بين هذه الامور بينما بعض الناس عنده مفهوم منتكس للحياة ايضا صوره ربنا عز وجل احسن تصوير وبيان حينما قال عز من قائل ومن الناس من يعبد الله على حرف فان اصابه خير اطمأن به وان اصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والاخرة ذلك هو الخسران المبين هذه الاية كما يقول المفسرون نزلت في قوم من الاعراب جاءوا الى المدينة واسلموا وبايعوا النبي صلى الله عليه وسلم فلما لم يروا مغنما من مغانم الدنيا بل اصابهم شيء من المرض واجتاحتهم حمى المدينة واصابتهم شيء من اللأواء والضراء انتكسوا وانقلبوا على اعقابهم لان النظرة الصحيحة الى الحياة كانت غائبة عنهم فارتدوا على ادبارهم فانزل الله سبحانه وتعالى قوله ومن الناس من يعبد الله على حرف والحرف هو الطرف فشبههم الله سبحانه وتعالى لمن يقف على طرف جبل على حافة جبل ينتظر يتعامل مع ربه كما يتعامل مع تاجر من تجار الدنيا تعاملا ماديا مصلحيا محضا ينتظر من وراء عبادته لله ان تغدق عليه الدنيا فقط فاذا حبس الله سبحانه وتعالى عنه شيئا من الدنيا او شيئا مما اراده من الدنيا انتكس وظن ان الله سبحانه وتعالى حرمه لذلك يمتنع عن عبادته وتتكرر هذه النظرة حتى امتدت الى بعض شبابنا اليوم وقد وقفت على حكايات كثيرة من هذا الباب بنت من البنات كانت تصلي وتعبد الله ثم تركت الصلاة فلما نوصحت وقيل لها لماذا فعلت هذا قالت كنت ادعو الله سبحانه وتعالى بوظيفة معينة فلم يعطني الله سبحانه وتعالى هذه الوظيفة فقط تعاملت مع الصلاة كما تعامل هؤلاء الذين ان اصابهم خير اطمئنوا به وان اصابتهم فتنة انقلبوا على وجوههم لذلك معشر الكرام يجب ان نصحح هذه النظرة في انفسنا اولا وان نغرسها في ابنائنا وان نوضحها لهم فنحن احيانا من حيث لا نشعر نغرس فيهم هذه النظرة المادية ونتعامل معهم فيما يتعلق بعبادة الله تعاملا ماديا فنقول لهم صلوا حتى تنجحوا في الاختبار او صلوا حتى يوفقكم الله في الدنيا لأ نحن لا نصلي حتى ننجح في الاختبار ولا حتى يوفقنا الله في الدنيا نحن نصلي لان الله امرنا بالصلاة ولو تتابعت علينا مصائب الدنيا كلها ولو لم نرى في الدنيا ما يفرحنا لا نصلي لاجل الدنيا لا نعبد الله سبحانه وتعالى لاجل غرظ من اغراظ الدنيا نحن احيانا من حيث لا نشعر نغرس فيهم هذا التعامل المادي مع العبادات يجب ان نرسخ في انفسنا اولا وفي ابنائنا اننا نعبد الله سبحانه وتعالى لان الله هو الذي امرنا بذلك لان الله هو ربنا وخالقنا وهو الذي امرنا بعبادته بغض النظر عن حالتنا الدنيوية ما شأنها وما وظعها وهل نحن كما يسمي بعض الناس ناجحون دنيويا ام لا بان مفهوم النجاح الدنيوي ايضا قد حصل له شيء من الاضطراب والخلل فيقال للرجل هذا ناجح لان عنده مال لكنه لا يصلي مثلا لا يعرف الله لا يعبد الله ولكن لانه كون مالا او شركة هنا او تولى منصبا هناك يشار اليه بانه ناجح وهو اخسر الاخسرين لان الناجح هو كما قال ربنا سبحانه فمن زحزح عن النار وادخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا؟ الا متاع الغرور. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني واياكم بما فيه من الايات والذكر الحكيم. اقول قولي هذا واستغفر الله العظيم لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه انه هو الغفور الرحيم الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده محمد ابن عبد الله وعلى اله وصحبه اجمعين معشر الكرام هناك حقائق يجب ان نستوعبها وان نغرسها في قلوب ابنائنا الحقيقة الاولى ان الله سبحانه وتعالى امرنا بعبادته وان عبادتنا لله سبحانه ليست مشروطة باي شرط ولا قيد بل نحن مأمورون بعبادة الله والامتثال لاوامر الله بلا شرط ولا قيد الامر الثاني ان الدنيا ليست دار جزاء وان ما يتعرض له الانسان في الدنيا من خير او شر هو ابتلاء واختبار فان الله سبحانه وتعالى يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب فليس عطاء الله الدنيوي دليلا على محبته ولا دليلا على رضاه فقد يغدق الله الدنيا على ابغض الناس اليه لان الدنيا لا تساوي عند الله شيئا كما صح ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال لو كانت الدنيا تساوي عند الله جناح بعوضة ما سقى منها كافرا شربة ماء فاذا رأيت الانسان تغدق عليه الدنيا وتفتح عليه ابوابها وهو معرض عن الله وعن طاعة الله فاعلم ان هذا استدراج ليس هذا نجاحا وليس هذا توفيقا وليس هذا امرا مما يمدح او يغبط النجاح والتوفيق من عرف طريق الله ومن عبد الله ومن يأتي الى الصلاة في اوقاتها ومن تنهض نفسه لعبادة ربه محبا مقبلا خائفا راجيا هذا هو التوفيق اما الدنيا لهوانها على الله ولقلة قيمتها عنده سبحانه يعطيها من يحب ومن لا يحب واما الاخرة فان الله عز وجل لا يعطيها الا من يحب اما ما يعرض للانسان في هذه الحياة انما هو ابتلاء واختبار. قال ربنا سبحانه ونبلوكم بالشر والخير فتنة والينا ترجعون فاذا اصابتك مصيبة او اصاب احد ابنائك مصيبة او شيئا من هذا القبيل فاعلم انه اختبار فاذا صبرت واحتسبت وقلت ما قال الصالحون الذين اذا اصابتهم مصيبة قالوا انا لله وانا اليه راجعون. اولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة واولئك هم المهتدون الذين اهتدوا للمعنى عرفوا الحياة عرفوا حقيقتها ولو كانت الدنيا عند الله سبحانه وتعالى حصرا على اوليائه لما ابتلى احدا من انبيائه بشر انظروا الى انبياء الله انظروا الى ما تعرضوا من ابتلاء واختبار ومحن واخرهم وخاتمهم وخيرهم محمد صلى الله عليه وسلم مات كل اولاده في حياته الا فاطمة رضي الله عنها دفن اولادا ستة بنات وثلاثة اولاد دفنهم بيده وهو حي عليه الصلاة والسلام كان يمرض عن رجلين سحر اتهم في عقله فقيل عنه مجنون وقيل عنه شاعر وقيل عنه كذاب طرد من الطائف واغري به السفهاء والمجانين حتى ادموا عقبه الشريفة عليه افضل الصلاة واتم التسليم. بل بلغ الى ان في عرضه عليه الصلاة والسلام في حادثة الافك الشهيرة تتابعت البلاءات على النبي صلى الله عليه وسلم فماذا كان حاله عليه الصلاة والسلام؟ كان يقوم الليل ويقول لام المؤمنين عائشة رضي الله عنها افلا اكون عبدا شكورا افلا اكون عبدا شكورا هذه النظرة التي يجب ان نغرسها فينا وفي اولادنا واذا نظر الانسان الى الحياة بهذه النظرة هانت عليه كل مصيبة. وتيسرت عليه كل حال وعرف حقيقة ما اخلق لاجله وما يراد منه في هذه الحياة ثمان الله قد اعطانا كل شيء لماذا اذا اخذ منا شيئا واحدا اقمنا الدنيا ولم نقعدها اليس الله هو الذي اعطاك العينين اللتين ترى بهما واللسان والشفتين والرئة والمعدة والقدمين واليدين واعطاك الامن واعطاك الطعام وجعلك تتلذذ به واعطاك واعطاك واعطاك وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها فما بال السفيه اذا سحب الله او اخذ الله او حرمه الله من نعمة واحدة وعنده ملايين النعم ينسى هذه النعم ويمسك هذه النعمة هذا هو الكنود الذي قال عنه ربنا سبحانه وتعالى ان الانسان لربه لكنود. قال الحسن البصري رحمه الله الكنود هو الذي يعد المصائب وينسى النعم ارأيت انسانا احسنت اليه الدهر كله اعطيته المال الكثير اعطيته سيارة ووظفته في وظيفة وزوجته واويته وحميته من الشرور واعطيته كل ما تملك ثم قصرت معه في امر من الامور جحدك وانكر فضلك ما تقول عنه ماذا تصفه وانت انسان لست انت المعطي على الحقيقة فما بالنا نجحد الله الذي اعطانا كل شيء ولم يحرمنا من شيء سبحانه الا ليختبرنا ويبتلينا فنسأل الله سبحانه وتعالى ان يجعلنا واياكم من الشاكرين وان يجعلنا واياكم من الصابرين. نسأله سبحانه وتعالى ان يجعلنا ممن اذا اعطي شكر واذا ابتلي صبر واذا اذنب استغفر انه ولي ذلك والقادر عليه. اللهم اغفر لنا ذنوبنا اللهم اغفر لنا ذنوبنا. اللهم اغفر لنا ذنوبنا واسرافنا في امرنا وثبت اقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين. اللهم لا تدع لنا في مقامنا هذا ذنبا الا غفرته ولا عيبا الا سترته. ولا هما الا فرجته ولا حاجة من حوائج الدنيا والاخرة. الا يسرتها واتممتها يا رب العالمين اللهم فرج هم المهمومين ونفس كرب المكروبين واقض الدين عن المدينين واشف مرضانا ومرضى المسلمين وارحم موتانا وموتى المسلمين. اللهم كن لاخواننا المستضعفين في كل مكان. اللهم كن لاخواننا المستضعفين في كل مكان. اللهم كن لاخواننا المستضعفين في غزة. اللهم كن لهم معينا ونصيرا. اللهم عليك باعدائهم اعداء الدين. اللهم عليك بالصهاينة المعتدين. اللهم شتت شملهم. اللهم فرق جمعهم. اللهم اضرب بعضهم ببعض. واخرج اخواننا من بينهم سالمين. اللهم امنا في اوطاننا. واصلح ائمتنا وولاة امورنا. ووفق للحق امامنا وولي امرنا يا رب رب العالمين عباد الله ان الله يأمر بالعدل والاحسان وايتاء ذي القربى. وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي. يعظكم لعلكم تذكرون فاذكروا الله يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم. ولذكر الله اكبر. والله يعلم ما تصنعون