ووضعها بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا سلمان ما هذا فقال صدقة عليك وعلى اصحابك فقال ارفعها فانا لا نأكل الصدقة قال فرفعها فجاء الغد بمثله بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد لا يزال الحديث عن خاتم النبوة عن عبد الله ابن بريدة قال سمعت ابي بريدة يقول جاء سلمان الفارسي الى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة بمائدة عليها رطب فوضعه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما هذا يا سلمان فقال هدية لك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لاصحابه ابسطوا ثم نظر الى الخاتم على ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم فامن به وكان لليهود فاشتراه رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا وكذا درهم على ان يغرس لهم نخلا فيعمل سلمان فيه حتى تطعم فغرس رسول الله صلى الله عليه وسلم النخل الا نخلة واحدة غرسها عمر فحملت النخل من عامها ولم تحمل نخلة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شأن هذه النخلة؟ فقال عمر يا رسول الله انا غرستها فنزعها رسول الله صلى الله عليه وسلم فغرسها فحملت من عامها رواه احمد كان من خبر سلمان الفارسي رضي الله عنه انه سمع عن دنو بعثة النبي عليه الصلاة والسلام وسمع ببعض علامات نبوته وان منها انه يقبل الهدية ولا يأكل الصدقة وان بين كتفيه الخاتم وكان يتحرى رضي الله عنه ان يلقاه ويتحرى مكانه بل كان مجيئه الى المدينة تحريا لذلك قول بريدة رضي الله عنه جاء سلمان الفارسي الى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة بمائدة عليها رطب ووضعها بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا سلمان ما هذا ليس السؤال عن نوع الطعام الذي جاء به لانه رطب وانما السؤال عن امر اخر فهمه سلمان فقال صدقة عليك وعلى اصحابك فقال صلى الله عليه وسلم ارفعها فانا لا نأكل الصدقة فهذه العلامة الاولى ظهرت لسلمان انه صلى الله عليه وسلم لا يأكل الصدقة وجاء في بعض روايات الحديث ان النبي صلى الله عليه وسلم امر اصحابه ان يأكلوا وامسك هو صلى الله عليه وسلم وحمل اهل العلم قوله في هذه الرواية ارفعها اي عنه هو صلى الله عليه وسلم فلا تكونوا معارظة للرواية التي فيها امره صلى الله عليه وسلم لاصحابه ان يأكلوا منها وقوله فجاء الغد بمثله اي بمائدة عليها رطب فوضعه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما هذا يا سلمان فقال هدية لك وقوله فجاء الغد بمثله اي بمائدة عليها رطب ووضعه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما هذا يا سلمان؟ فقال هدية لك وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لاصحابه ابسطوا يقال بسط يده اذا مدها اي مدوا ايديكم فتناولوا منها فلم يأمر صلى الله عليه وسلم برفعها عنه وهذه العلامة الثانية وقول ثم نظر الى الخاتم على ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم فامن به وهذه الثالثة اجتمعت له العلامات الثلاث التي ذكرت له فامن برسول الله صلى الله عليه وسلم وقوله وكان لليهود اي كان رقيقا لليهود فاشتراه رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا وكذا درهم اي سعى النبي صلى الله عليه وسلم عند اليهود ان يكاتبوه على مقدار من الفضة وان يغرس لهم نخلا وجاء في بعض الروايات ان يغرس لهم مئتين او ثلاث مئة نخلة فامر النبي صلى الله عليه وسلم اصحابه ان يعينوه فاخذوا يساعدونه بالفسائل هذا يعطيه عشرا وذاك يعطيه خمسا وكان النبي صلى الله عليه وسلم يباشر غرس تلك الفسائل بيده حرصا على عتق سلمان الفارسي رضي الله عنه وقوله فيعمل سلمان فيه حتى تطعم اي حتى تثمر ويؤكل من ثمرها وقول فغرس رسول الله صلى الله عليه وسلم النخل اي كان النبي صلى الله عليه وسلم يباشر الغرس بيده الشريفة الا نخلة واحدة غرسها عمر رضي الله عنه وقوله فحملت النخل من عامها ولم تحمل نخلة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شأن هذه النخلة فقال عمر يا رسول الله انا غرستها فنزعها رسول الله صلى الله عليه وسلم فغرسها فحملت من عامها وقد روى الحاكم في المستدرك من حديث عفان قال حدثنا حماد بن سلمة عن عاصم ابن سليمان وعلي بن زيد بن جدعان عن ابي عثمان النهدي عن سلمان قال كاتبت اهلي على ان اغرس لهم خمسمائة فسيلة فاذا علقت فانا حر فاتيت النبي صلى الله عليه وسلم وقال في تمامه فغرسها رسول الله صلى الله عليه وسلم الا واحدة غرستها بيدي فعلقت جميعا الا التي غرست بيدي المؤمنات والنبي صلى الله عليه وسلم قام بذلك استغفر للمؤمنين والمؤمنات هذا معاشر الاحبة الكرام بعض ما ثبت فيما يتعلق بخاتم النبي صلى الله عليه وسلم والواجب في هذا الباب وقيل في الجمع بين الروايتين بانه يجوز ان يكون كل من سلمان وعمر قد اشترك في غرس هذه النخلة فاضاف الراوي مرة غرسها لعمر ومرة لسلمان رضي الله عنهما ولعل من الحكمة في ذلك ان تظهر المعجزة باطعام جميع النخيل سوى ما لم يغرسه صلى الله عليه وسلم بيده ومعجزة اخرى وهي غرس تلك النخلة ثانيا بيده واطعامها في عامها وعن عبد الله ابن سرجس قال اتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في ناس من اصحابه فدرت هكذا من خلفه فعرف الذي اريد فالقى الرداء عن ظهره ارأيتم موضع الخاتم على كتفيه مثل الجمع حوله خيلان كأنها فآليل فرجعت حتى استقبلته فقلت غفر الله لك يا رسول الله فقال ولك فقال القوم استغفر لك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال نعم ولكم ثم تلا هذه الاية واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات والله يعلم متقلبكم ومثواكم اخرجه مسلم قوله اتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في ناس من اصحابه اي معه صلى الله عليه وسلم مجموعة من اصحابه الكرام رضي الله عنهم وارضاهم وقول فدرت هكذا من خلفه اي ذهبت الى خلف النبي صلى الله عليه وسلم وكان قصده بذلك ان يرى الخاتم الذي كان قد سمع به وقول فعرف الذي اريد يعني عرف النبي صلى الله عليه وسلم انني استدرت وجئت من ورائه من اجل النظر الى الخاتم فالقى الرداء عن ظهره والرداء هو الجزء الذي يوضع على اعلى البدن وازاحته عن الظهر متيسرة وسهلة فلذلك القاه صلى الله عليه وسلم عن ظهره وقوله فرأيت موضع الخاتم على كتفيه مثل الجمع والجمع هو جمع اليد عندما تقبض فرأى الخاتم مثل حجم الجمع تقريبا وتقدم ان الروايات التي جاءت عن الصحابة في وصف حجم الخاتم متقاربة وكل من الرواة يذكر وصفه بحسب ما سنح له فاحدهم يقول مثل زر الحجلة واخر يقول مثل بيض الحمامة وثالث يقول بضعة لحم ورابع يقول مثل الجمع والحديث رواه مسلم في صحيحه بلفظ فنظرت الى خاتم النبوة بين كتفيه عند ناقض كتفه اليسرى جمعا عليه خيلان كامثال الثأليل وناقد الكتف العظم الرقيق الناتئ على طرفها فهذه الرواية تدل على ان خاتم النبوة كان بين الكتفين ولكنه الى الكتف الايسر اقرب وما تقدم في الروايات انه بين الكتفين من باب التقريب والا فانه الى الكتف الايسر اقرب كما هو مصرح به في هذه الرواية وقوله حولها خيلان الخيلان جمع خال وهو معروف يقال له الشامة قطعة صغيرة لونها اسود وقوله كانها ثأليل والثأليل جمع ثألول وهو جزء صغير ناتئ في الجسم يكون صلبا متماسكا وقول فرجعت حتى استقبلته يعني جئت امامه بعد ما رأيت الخاتم فقلت غفر الله لك يا رسول الله. فقال ولك دعا له النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الدعوة العظيمة المغفرة فقال القوم استغفر لك رسول الله صلى الله عليه وسلم اي فزت بهذا الامر العظيم والربح الكبير اي تستغفر لك رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا يدل على عظم شأن هذه الدعوة في قلوب اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وفرحهم بها هو عليه الصلاة والسلام انما يستغفر للناس في حياته اما بعد مماته فلا يستغفر لاحد كما يدل لذلك ما جاء في صحيح البخاري من حديث عائشة رضي الله عنها ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها ذاك لو كان وانا حي فاستغفر لك وهذا دليل واضح انه صلى الله عليه وسلم انما يستغفر للناس في حياته وهو معنى قول الله عز وجل ولو انهم اذ ظلموا انفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول اي في حياته اما تنزيل الاية على ما بعد وفاته فهو خطأ في الفهم وتعد في معرفة مدلول الاية ولهذا قالوا له استغفر لك رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال نعم استغفر لي ولو كان هذا الامر يطلب منه بعد وفاته لطلبه هؤلاء القوم لانفسهم. لكنهم يعلمون ان هذه الفرصة انما كانت ممكنة وقت حياته عليه الصلاة والسلام قوله ولكم اي انه صلى الله عليه وسلم استغفر لكم مستشهدا لذلك بقوله تعالى واستغفر لذنبك وللمؤمنين اعتماد ما ثبتت به النصوص الصحيحة دون ما يذكر في الروايات الضعيفة والاحاديث الواهية والاخبار الموضوعة حكايات المرسلة كما ورد من انها كانت كاثر محجم او كالشامة السوداء او الخظراء او مكتوب عليها محمد رسول الله او سر فانت المنصور او نحو ذلك فلم يثبت منها شيء قاله الحافظ ابن حجر رحمه الله هذا وقد سئل الحافظ برهان الدين الحلبي رحمه الله هل خاتم النبوة من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم او كل نبي مختوم بخاتم النبوة؟ فاجاب لا استحضر في ذلك شيئا ولكن الذي يظهر انه صلى الله عليه وسلم خص بذلك لمعان منها انه اشارة الى انه خاتم النبيين وليس كذلك غيره ولان باب النبوة ختم به فلا يفتح بعده ابدا وروى الحاكم في المستدرك عن وهب بن منبه رحمه الله قال لم يبعث الله نبيا الا وقد كانت عليه شامة النبوة في يده اليمنى الا ان يكون نبينا صلى الله عليه وسلم فان شامة النبوة كانت بين كتفيه فعلى هذا يكون وضع الخاتم بظهر النبي صلى الله عليه وسلم مما اختص به عن الانبياء هذا ونسأل الله عز وجل ان يوفقنا اجمعين لكل خير وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد واله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته