عندها بعد ان اتم نوح صلوات الله وسلامه عليه دعوته لقومه امر الله نوحا ان يصنع السفينة والله اعلى واعلم الدرس السادس نبي الله نوح دعوته لقومه موقف قومه منه ومن دعوته دعاؤه عليهم بالهلاك الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا وامامنا حبيبنا ومولانا وقرة عيننا محمد بن عبدالله وعلى اله وصحابته اجمعين. اما بعد فقد تكلمنا في الدرس في السابق عن نبي الله ادم صلوات الله وسلامه عليه وسنتكلم في هذه الليلة كذلك عن ادم. ولكن عن ادم الثاني او ادم الاصغر وهو نبي الله نوح صلوات الله وسلامه عليه. وقيل له ادم الثاني او ادم الاصغر لقول الله تبارك تعالى ولقد نادى نوح فلنعم المجيبون ونجيناه واهله من العظيم واجعلنا ذريته هم الباقين وتركنا عليه في الاخرين سلام على نوح في العالمين. فكل من على الارض هم من ذرية نوح عليه الصلاة والسلام مصداقا لطلب نوح من ربه تبارك وتعالى وقال نوح الرب فلا تذر على الارض من الكافرين ديارا. وذلك ان الله اهلك كل من على الارض. وذكر كثير من اهل العلم ان الذين نجوا مع نوح من المؤمنين لم يكن لهم نسل بل بقي النسل في ذرية نوح عليه الصلاة والسلام ونوح صلوات الله وسلامه عليه من اولي العزم من الرسل. بل هو اول رسول ارسل الى اهل الارض. وذلك ان ادم صلوات الله وسلامه عليه نبي وليس برسول. واول رسول هو نوح صلوات الله وسلامه عليه. وذلك ان الناس عندما يأتون ادم يوم القيامة يريدون منه ان يشفع لهم عند ربه تبارك وتعالى بان يعجل الحكم فيهم فيعتذروا ادم صلوات الله وسلامه عليه ويقول وهل اخرجكم من الجنة غيري؟ اذهبوا الى نوح او ولرسول ارسل الى الارض المؤمنين والمؤمنات وللمؤمنين والمؤمنات ولا تزد الظالمين لا تدارى. وذكر عنه الله قالوا مجنون وازدجر فدعا ربه اني مغلوب فانتصر ومنها قول الله تبارك وتعالى ولقد نادانا نوح فلنعم المجيبون فنوح صلوات الله وسلامه عليه هو اول رسول ارسل الى الارض. وقد جاء ان رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم كم كان بين ادم ونوح؟ فقال عشرة قرون وهذا اخرجه ابن حبان في صحيحه. وجاء عن ابن عباس رضي الله عنهما انه قال كان بين ادم ونوح عشرة قرون كلهم على الاسلام والقرن كما ذكر اهل العلم اما ان يكون مائة سنة او ان المقصود من القرن هو الجيل من الناس كل جيل قرن فيكون قريب من اربعين سنة او يكون القرن مائة سنة. ونوح صلوات الله وسلامه عليه ذكر في القرآن الكريم ثلاثا واربعين مرة. وذلك ان البشر بعد ادم مكثوا قرونا طويلة وهم امة واحدة على التوحيد على الفطرة فطرة الله التي فطر الناس عليها. حتى جاءتهم الشياطين فادخلت عليهم الشرور متنوعة وذلك ان قوم نوح صلوات الله وسلامه عليه مات منهم اناس صالحون فجاءهم الشيطان وامرهم ان ان يصوروا لاولئك الصالحين صورا حتى اذا رأوهم تذكروهم وتذكروا عبادتهم فكان ذلك سببا في نشاطهم في العبادة واستمروا على ذلك زمنا. حتى مات اولئك القوم. فجاء من بعدهم ثم من بعدهم. فجاءهم ونظر الى هذه الصور وقال لهم ان هذه الصور بها كانوا يستشفعون وبها ينزل عليهم المطر وكانوا يدعونها فادعوها فدعوها من دون الله تبارك وتعالى وهو مصداق قول الله تبارك وتعالى عنهم مكرا كبارا وقالوا لا تذرن الهتكم ولا تذرن ودا ولا اسواع ولا يموت ويعوق ونسرا. فعبدوا هذه الصور من دون الله تبارك وتعالى. وهذا هو المشهور عن ابن عباس رضي الله تبارك وتعالى عنهما وهو الذي صرح به كثير من اهل العلم كالامام القرطبي وابن القيم وابن كثير وغيرهم من اهل العلم. وقد اخرج الامام البخاري والامام مسلم في صحيحيهما من حديث عائشة رضي الله عنها ان ام سلمة وام حبيبة وهما زوجتا النبي صلى الله عليه وسلم ذكرتا كنيسة رأينها بالحبشة فيها تصاوير ذكرنها للنبي صلى الله عليه وسلم وذلك ان ام سلمة وام حبيبة كانتا قد هاجرتا الى الحبشة قبل زواج النبي بهما وذلك ان زوجة ام سلمة قد توفي وان زوج ام حبيبة قد تنصر. وتزوجهما النبي صلى الله عليه وسلم. فلما عند النبي يوما ما ذكرتا له كنيسة يقال لها ماريا. رأيناها في الحبشة وكانت فيها تصاوير. فقال صلوات الله وسلامه عليه ان اولئك كان فيهم الرجل الصالح فمات فبنوا على قبره مسجدا. وصوروا فيه تلك الصور اولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة ومصداق هذا ما ذكره الله تبارك وتعالى في كتابه العزيز من قصة اهل الكهف. وقد قال سبحانه وتعالى اعترضنا عليهم ليعلموا ان وعد الله حق وان الساعة لا ريب فيها وان الساعة لا ريب فيها اذ يتنازعون بينهم امرهم فقالوا ابنوا عليه بنيان ربهم اعلم بهم قال الذين غلبوا على امرهم لنتخذن عليهم مسجدا. وقد غير واحد من اهل العلم ان الذين غلبوا على امرهم هم شرار الخلق او شرار اهل القرية فبنوا على اولئك الصالحين كما فعل غيرهم. لما كفر اولئك القوم من ذرية ادم صلوات الله وسلامه عليه ارسل الله ان نبيه نوح وامره ان يدعوهم الى عبادة الله تبارك وتعالى وحده فلم يقصر ودعا الى الله جل وعلا اخدم عدة اساليب في الدعوة الى الله جل وعلا. فمما استخدمه من الاساليب اولا الترغيب. كما في قول الله تبارك وتعالى عن نوح فقلت استغفروا ربكم انه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم باموال وبنيه ويجعل لكم جنات ويجعل لكم انهارا. ثم استخدم معهم الترهيب فذكر الله عنه انه قال لهم اني اخاف عليكم عذاب يوم اليم. واستخدم معهم الحوار. ومنه ما ذكر الله تبارك وتعالى عنه انه قال فخلق الله سبع سماوات طباقا وجعل القمر فيهن نورا وجعل الشمس سراجا والله انبتكم من الارض نباتا ثم يعيدكم فيها ويخرجكم اخراج والله جعل لكم الارض بساطات لتسلكوا منها سبلا فجاجا واستخدم معهم كذلك الصبر وتحمل الاذى وكان هذا من اساليبه صلوات الله وسلامه عليه ان وتحمل ما جاءه منهم من اذى وكلنا يعلم ان نوحا صلوات الله وسلامه عليه كما قال الله تبارك وتعالى صلى نوحا الى قومه فلبث فيهم الف سنة الا خمسين عاما فلبث فيهم الف سنة الا خمسين عاما فاخذهم الطوفان وهم ظالمون وكان يتلطف معهم في الدعوة الى الله تبارك وتعالى. وذلك لما جاءوه وطلبوا منه ان يطرد الضعفاء الاراضي على قولهم فكان قول نوح صلوات الله وسلامه عليه ان اجري الا على الله. وما انا بطارد الذين امنوا انهم ملاقوا ربهم ولكني اراكم قوما تجهلون ويا قوم من ينصرني من الله ان طردتهم. افلا تذكرون؟ ولا اا اقول لكم عندي خزائن الله ولا اعلم الغيب. ولا لا اعلم الغيب ولا اقول اني ملك. ولا اقول للذين تزدري اعينكم لن يؤتيهم الله خيرا. الله اعلم بما فيه انفسهم اني اذا لمن الظالمين. ولما اتهموهم بالضلال فما زاد ان قال صلوات الله وسلامه عليه قال يا قوم ليس بي ضلالة ولكني رسول من رب العالمين. اي والله كيف تكون به ضلالة انما بعثه الله لتزول به الضلالة. صلوات الله وسلامه عليه. ولما قالوا له ما نرى لك علينا من فضل وانا كاذبا قال يا قومي ارأيتم ان كنت على بينة من ربي واتاني رحمة من عنده فعميت عليكم انلزمكموها وانتم لها كارهون وهكذا استمر في الدعوة الى الله تبارك وتعالى وقومه يكيلون له الاذى كيلا حتى ان هذا الاذى تمثل في قول الله تبارك وتعالى فقال الملأ الذين كفروا من قومه ما نراك الا بشرا مثلنا هذا اول رد ردوا به على نوح صلوات الله وسلامه عليه. ما نراك الا بشرا مثلنا. وما نراك اتبعك الا الذين هم هم اراذلنا فادي الرأي. يعني نراك اتبعك اراذلنا. ضعفاؤنا وهم اتباع الانبياء. نراك اتبعك الذين هم ارادوا ديننا بادي الرأي اي الذين لم يتمهلوا حتى في معرفة الحق من الباطل. بل كان رأيهم سريعا واتخذوا قراره دون تمهل ودون دراسة. ثم قالوا كذلك وما نرى لكم علينا من فضل حتى تكونوا انتم افضل منا بل نظنكم كاذبين وقالوا كذلك انا لنراك في ضلال مبين. وقالوا لو شاء الله لانزل ملائكة وقالوا ما سمعنا بهذا في ابائنا الاولين وقالوا ان هو الا رجل به جنة هذا رد قوم نوح عليه صلوات الله وسلامه عليه تمثل في هذه الامور الثمانية الاول انت بشر كمثلنا. نتبع بشرا مثلنا. الثاني اتباعك اراذلنا. الذين هم يتخذون الرأي دون دراسة. الثالث ما نرى لكم علينا من فضل انتم كامثالنا ما لكم علينا من فضل حتى نتبعكم ولا تتبعوننا الرابع نظنكم كاذبين الخامس نراك في ضلال مبين. السادس لو شاء الله لانزل ملائكة. لم لم ينزل الملائكة؟ فنتبع الملائكة. السابع ما سمعنا بهذا لابائنا الاولين الثامن هي كجنة بك جنون هكذا اتهموا وردوا على نبي الله نوح صلوات الله وسلامه عليه وهو كما قال الله تبارك وتعالى ما يقال لك الا ما قد قيل للرسل من قبلك فهذه التهم كما سيأتينا في قصص الانبياء هي التهم المكررة الموجهة بانبياء الله صلوات الله وسلامه عليهم تزيد تهمة او تنقص تهمة ولكنها بشكل مجمل هي التهم التي توجه او الاسباب التي يكون لاجلها امتناع الكافرين من اتباع المرسلين ثم واجهوه بالاذى اذوه صلوات الله وسلامه عليه. والا بما صار نوح صلوات الله وسلامه عليه من اولي العزم من الرسل الا لذلك الاذى الذي اصابه من قومه صلوات الله وسلامه عليه. منها اتهموه بالجنون وهو مصداقه قول الله تبارك كذبت قبلهم قوم نوح فكذبوا عبدنا وقالوا مجنون وازدجر واتهموه بالضلال. قال الملأ من قومه انا لنراك في ضلال مبين. اتهموه بالجدل العقيم يا نوح قد جادلتنا فاكثرت جدالنا فاتنا بما تعدنا ان كنت انت من الصادقين. ثم توعدوه بالرجم. قالوا لان لم تنتهي يا نوح لتكونن من المرجومين. ثم منه ويصنع الفلك وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه. قال ان تسخروا منا فان نسخر منكم كما تسخرون ثم كان بعد ذلك سوء الادب مع نبي الله نوح صلوات الله وسلامه عليه ونهارا. فلم يزدهم دعائي. الا فرارا واني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا اصابعهم في اذانهم جعلوا اصابعهم في اذانهم واستغشوا ثيابهم واصروا واستكبروا استكبارا. ثم اني دعوتهم جهارا اني اعلنت لهم واسررت لهم اسرارا. وكل هذا لم ينفع مع قوم نوح صلوات الله وسلامه عليه وتأملوا قولهم يا نوح قد جادلتنا فاكثرت جدالنا فاتنا بما تعدنا ان كنت من الصادقين قد جادلتنا واكثرت جدالنا فاتنا بما تعدنا. ان كنت صادقا انك رسول من عند الله تبارك وتعالى الينا فلا الى الاكثار من الجدال معنا. فقد بلغتنا ونحن كذبنا وسئمنا من كثرة الخصومة معك. وقد توعدتنا بعذاب فاتنا بالعذاب. هكذا ردوا على نوح صلوات الله وسلامه عليه فقال نوح انما يأتيكم به الله ان شاء وما انتم بمعجزين نعم اما هو صلوات الله وسلامه عليه فوظيفته البلاغ. اما العذاب فعند الله تبارك وتعالى وهذا مصداق قول النبي صلى الله عليه وسلم لقومه قل لو ان عندي ما تستعجلون به لقضي الامر بيني وبينكم والله اعلم بالظالمين الامر ليس بيد نوح ولا بيد محمد ولا ابراهيم ولا عيسى ولا موسى صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين بل هو بيد خالقهم وربهم سبحانه وتعالى. وبقي نوح صلوات الله وسلامه عليه ثابتا على دينه متوكلا على ربه تبارك وتعالى مشفقا على امته تائبا في دعوته مئات السنين وقومه لا يزدادون الا سخرية منه وعنادا واصرارا على ما هم عليه من الشرك حتى قالوا لا تذرن الهتكم ولا تذرن ودا ولا سواع ولا يغوث ويعوق ومع هذا استمر في دعوة حتى قال الله له لن يؤمن من قومك الا من قد امن انتهى لن يؤمن احد اديت الذي عليه ولن يتبعك احد بعد الذين اتبعوك. عندها قال نوح كافرين ديارا انك ان تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدون الا فاجرا كفارا حكمت يا رب انه لن يؤمن احد بعد الذين امنوا اذا يا رب عجل لهم العذاب فدعا نوح صلوات الله وسلامه عليه على قومه ولذلك عندما يأتي الناس نوحا يوم القيامة فيقولون يا نوح انت اول رسول ارسله الله الى الارض اشفع لنا عند ربك يقول اني دعوت على قومي فهو قد دعا على قومه واستجاب الله دعوته وقبل ذلك كان نوح صلوات الله وسلامه عليه لما واجهه قومه بالاذى وتوعدوه بالرجم وغير ذلك تحداهم اكبر تحدي حتى انه قال بعض اهل العلم ان معجزة نوح صلوات الله وسلامه عليه تتمثل في ذلك التحدي الذي به قومه. قال الله تبارك وتعالى كبر عليكم مقامي وتذكيري بايات الله فعلى الله توكلت فعلى الله توكلت فاجمعوا امركم وشركاءكم ثم لا يكن امركم عليكم ثم مقضوا الي ولا تنظرون هكذا تحدى نوح قومه صلوات الله وسلامه عليه. وهذا الكلام من نوح يدل على ثقة ويقين لا يكونان ابدا الا لامثال نوح. صلوات الله وسلامه عليه. وهذا التحدي تمثل في خمس سور. الصورة الاولى قوله لهم اجمعوا امركم. لا تختلفوا علي. لا يقل احد شيئا والاخر شيئا. مع ان اختلافهم جيد بالنسبة له. ولكنه قال اجمعوا امرك لا تختلفوا علي اتفقوا حتى تكونوا كالجسد الواحد. اجمعوا امركم. ثم قال وشركاءكم استعينوا بشركائكم من الجن والانس والاصنام التي تدعونها من دون الله تبارك وتعالى. وشركاءكم ثم قال ثم لا يكن امركم عليكم غمة لا تكتموا لا سروا لبعضكم البعض لا تجلسوا في الليالي تحدثوا نهارا جهارا اجمعوا امركم لا يكن عليكم امركم غمة ثم اقضوا الي انجزوا اتفقوا اعدموني ارجموني افعلوا ما تشاؤون. ولا تنظرون ولا تمهلوني ولننظر هل تستطيعون ذلك ام لا ولم يستطيعوا ولذلك كما قلت ذكر بعض اهل العلم ان هذه كانت معجزة نوح صلوات الله وسلامه عليه. وهذا المقام الذي قامه نوح صلوات الله وسلامه عليه لا شك انه تتقاصر عنه الصناديد من الرجال. عندما يقف في وجه الكفرة الفجرة الذين توعدوه وهددوه بشتى انواع العذاب يقف بينهم هذا الموقف العظيم لا شك انه يدل على ثقة وتوكل ويقين بنصر الله تبارك وتعالى تمرنوا صلوات الله وسلامه عليه في الدعوة الى الله تبارك وتعالى حتى بلغ السيل الزبى عند ذلك قال نوح صلوات الله وسلامه عليه. قال ربي ان قومي كذبون فافتح بيني وبينهم فتحا. ونجني ومن معي من المؤمنين. قال نوح وولده الا خسارا ومكروا مكرا كبارا وقالوا لا تذرن ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يموت ويعوق ونسرا اضلوا كثيرا ولا تزد الظالمين الا ضلالا ممارا فلم يجدوا لهم من من دون الله انصارا. وقال نوح الرب لا تذر على الارض من الكافرين انك ان تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدون الا فاجر كفارا رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا