هل اتى على الانسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا وهل هنا بمعنى قد اي قد اتى على الانسان حيل من الدهر لم يكن شيئا مذكورا ان الحياة هبة الهية كما ان الاسلام وصف بين الاديان فان اهل السنة وسط بين الفرق الاسلامية. وكما ان الاسلام قاض وحاكم ومهيمن على سائر الاديان فكذلك منهج الصحابة والفرقة الناجية حاكم على طوائف الاسلام الحمد لله نستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمدا عبده ورسوله ارسله بالحق بشيرا ونذيرا بين يدي الساعة من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصهما فانه لا يضر الا نفسه ولا يضر الله شيئا يقول الله تبارك وتعالى ممتنا على عباده بنعمة الحياة ومنحة ربانية لا يملك التصرف فيها الا واهبها سبحانه يقول تعالى وانا لنحن نحيي ونميت ونحن الوارثون وقال تعالى هو يحيي ويميت وقال عز وجل ثم سواه ونفخ فيه من روحه فكما ان نفخ هذه الروح واذاعها في الجسد من افعال الربوبية المحضة لا ينبغي ان ينازعه فيها احد كذلك استرداد هذه الروح من شأن الله وحده سواء تم ذلك بالموت الطبيعي ام بواسطة البشر باذن من الله يقول عز وجل يا ايها الذين امنوا كتب عليكم القصاص في القتلى وسياق القرآن الكريم يدل على ان الحياة نعمة وهبة جسيمة ينفرد الله عز وجل باعطائها وينفرد باخذها يقول تبارك وتعالى كيف تكفرون بالله وكنتم امواتا فاحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم اليه ترجعون ان حياتنا ليست ملكية خاصة لنا بل هي وديعة الله عندنا ونحن مجرد امناء عليها يوضح هذا المعنى قصة زواج ابي طلحة الانصاري رضي الله عنه من ام سليم رضي الله تعالى عنها انها كانت معه حتى ولد له بني وكان يحبه ابو طلحة حبا شديدا ومرض الصبي مرضا شديدا وتواضع ابو طلحة لمرضه او تضعضع له فكان ابو طلحة يقوم صلاة الغداة يتوضأ ويأتي النبي صلى الله عليه وسلم فيصلي معه ويكون معه الى قريب من نصف النهار ويجيء يقيل ويأكل فاذا صلى الظهر تهيأ وذهب فلم يجيء الى صلاة العتمة فانطلق ابو طلحة عشية الى النبي صلى الله عليه وسلم. وفي رواية الى المسجد ومات الصبي فقالت ام سليم لا ينعين الى ابي طلحة احد ابنه حتى اكون انا الذي انعاه له فهيأت الصبي فسدت عليه ووضعته في جانب البيت وجاء ابو طلحة رضي الله عنه من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى دخل عليها ومعه ناس من اهل المسجد من اصحابه فقال كيف ابني فقالت يا ابا طلحة ما كان منذ اشتكى اسكن منه الساعة وارجو ان يكون قد استراح فاتته بعشائه فقربته اليهم فتعشوا. وخرج القوم قال فقام الى فراشه فوضع رأسه ثم قامت فتطيبت وتصنعت له احسن ما كانت تصنع قبل ذلك ثم جاءت حتى دخلت معه الفراش فما هو الا ان وجد ريح الطيب كان منه ما يكون من الرجل الى اهله فلما كان اخر الليل قالت يا ابا طلحة ارأيت لو ان قوما اعاروا قوما عارية لهم فسألوهم اياها اكان لهم ان يمنعوهم فقال لا قالت فان الله عز وجل كان اعارك ابنك عارية ثم قبضه اليه فاحتسب واصبر فغضب ثم قال تركتني حتى اذا وقعت بما وقعت به نعيت الي ابني فاسترجع وحمد الله فلما اصبح اغتسل ثم غدا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى معه فاخبره فقال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم بارك الله لك ما في غابر ليلتكما والشاهد من هذا الحديث قول ام سليم رضي الله عنها يا ابا طلحة رأيت لو ان قوما اعابوا قوما عارية لهم فسألوهم اياها اكان لهم ان يمنعوهم؟ فقال لا قالت فان الله عز وجل كان اعارك ابنك عارية ثم قبضه اليه فاحتسب واصبر والعارية هي العين المأخوذة للانتفاع بان يستعير انسان من اخر سيارته ليسافر بها ثم يعيدها اليه وهي امانة في يد المستعير. يحافظ عليها ويردها الى مالكها متى طلبها او بانقضاء وقتها وللمعير الرجوع في عقد العارية متى شاء ان تعظيم الله لحرمة الحياة الانسانية ينعكس في صور كثيرة منها اباحة اكل المحرمات للمضطر خوفا من الموت ولاجل حفظ نعمة الحياة يقول الله تعالى انما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما اهل به لغير الله فمن اضطر غير باغ ولا عاد فان الله غفور رحيم فالصائم في رمضان اذا خشي الهلاك جاز له الافطار ولقد حرم الاسلام قتل النفس وشدد في عقوبته ايما تشديد وقتل النفس يشمل قتل الانسان نفسه ويشمل قتل الانسان لغيره من الناس كما قال تعالى في النوع الاول ولا تقتلوا انفسكم ان الله كان بكم رحيما وفي النوع الثاني قال ولا تقتلوا النفس التي حرم الله الا بالحق والشريعة الاسلامية تحرم ما يسمى بالموت الرحيم وهو قتل المريض الميؤوس من شفائه مهما كانت جسامة مرضه ومهما بلغت درجة اشرافه على الموت المحقق والهلاك الواضح ومن مظاهر ذلك الاتفاق على تحريم الاعتداء على حياة الجنين اذا نفخت فيه الروح ان الله اعطاك هبة الحياة لتعيش وتبقى الى اجل فاذا جاء اجلهم فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون ولكي تشعرا بقيمة الحياة بل بقيمة لحظة واحدة من الحياة تخيل رجلا كافرا عاش مئة سنة واسلم في اه لحظاته الاخيرة ثم مات ما قيمة هذه اللحظات التي اورثته سعادة الابد والفطرة السوية جبلت على حب الحياة وحب الخلود فيها وهو ما يسمى بغريزة حب البقاء وابليس لما اراد ان يغوي الابوين قال يا ادم هل ادلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى وفي الحديث القدسي يقول الله تعالى وما ترددت في شيء انا فاعله ترددي في قبض نفس عبدي المؤمن يكره الموت فاكره مساءته وقالت عائشة رضي الله تعالى عنها في حديثها مع النبي صلى الله عليه وسلم اينا لا يكره الموت ان قتل النفس او الانتحار كظاهرة شائعة في بعض المجتمعات غير الاسلامية بدأت تتسرب الى مجتمعنا المسلم ولم تلقى الاهتمام الكافي بالدراسة والتحليل والتفسير ثم التصدي لها والمنتحر في جريمة الانتحار يسقط كما تسقط الورقة الذابلة التي كانت تستحق الرعاية من شجرة المجتمع ان زحف هذه الظاهرة الى المجتمعات الاسلامية مؤخرا يعتبره البعض من اثار الثورة الاعلامية والاتصالاتية على الشعوب التي خلخلت الروابط الاجتماعية التقليدية وتسببت في تدهور انساق القيم التي كانت تحكم وهذه المجتمعات ومن اعجب الظواهر ظاهرة انتحار الشباب عن طريق الانترنت. او الانتحار الجماعي. حيث يعقدون ميثاقا بينهم يتعاهدون فيه على الانتحار ويتبادلون آآ خبرات هذه الجريمة ووسائلها واجهزتها اما مصطلح اه قتل النفس او الانتحار يعني قتل الذات بذاتها قالوا انتحر الشخص اي ذبح نفسه او نحر بعيره ويقال تناحر القوم اي تشاجروا لحد الهلاك. وقال الله تعالى معاتب نبيه صلى الله عليه وسلم من شدة في شفقته على الذين لا يؤمنون حتى كاد يهلك نفسه من الغم والحسرة لعدم ايمانهم فلعلك باخع نفسك الا يكونوا مؤمنين. اي مهلك نفسك غما ولقد شاع في السنوات الاخيرة استعمال الانتحار كسلوك احتجاجي وتم تسييس هذه الجريمة وهذا التسييس لن يغطي الجريمة والعدوان على حدود الله تبارك وتعالى. ولن يجعل عدو نفسه المنتحر بطلا. شهيدا والانتحار ليس حدثا منعزلا ولكنه عملية دينامية معقدة فالسلوك الانتحاري واقع على متصل كونتينيوم لمراحل متعددة تشمل تصور الانتحار وهذا يكون كاملا ثم التأملات الانتحارية النشطة ثم تخطيط لهذا التأمل ثم محاولة الانتحار وتتراكم محاولات نشطة وربما ينتهي بالانتحار الكامل وفي اثناء هذه المراحل قد يتذبذب في هذه العملية الدينامية وفقا لتأثير آآ العمليات البيولوجية والنفسية والاجتماعية والسلوك الانتحاري اعم من الانتحار فان السلوك الانتحاري عملية مركبة اي انه سلسلة افعال متعاقبة. تساوي الفعل ومقدمات ومحاولاته والشروع فيه فسلسلة افعال السلوك الانتحاري هي اولا التهديد بالانتحار ثانيا الشروع فيه ثالثا الانتحار الفعلي اذا كل انتحار هو سلوك انتحاري وليس كل سلوك انتحاري انتحارا ولابد هنا ان نفرق بين الانتحار الذي هو شر والتضحية التي هي خير فالانتحار سلوك مرضي. والتضحية كما يحصل في الجهاد. موضع اعجاب اجتماعي. يضحي من اجل امته او اه عقيدته. فالانتحار هو ارادة قتل الذات عن وعي المنتحر وارادته فهو فعل الانسان بذاته. اما التضحية فهي ارادة بلوغ غاية ودعم قضية. والذود عن قيمة بالمجازفة تعريض حياته حتى الموت اما الانتحار فهو نتيجة ارادة وتخطيط واع وتصميم يعني هناك قصد اجرامي اذا ادانة الانتحار لا تعني ادانة التضحية وامتداح التضحية لا يقود الى مدح الانتحار اما المضحي فانه لا يطلب الموت للموت ولكنه يتعرض للخطر ويرضى بالخطر دفاعا عن قضيته فالانتحار اسبابه لا اخلاقية اما التضحية فسببها اخلاقي. وفي بعض اشكال الانتحار لا يكون المنتحر واعيا لنتيجة فعله المؤدية الى الموت ففي بعض الامراض النفسية اه او العقلية آآ مثل بعض المرضى الذهانيين السيكوتيك يسمع اصواتا اي هلاوس سمعية تأمره بان ينتحر ويشعر بانه مطارد ويحاول الهروب بالانتحار فمثل هذا حسابه على الله ونحن على يقين من عدل الله ورحمته بعباده وان رحمته تسبق غضبه الانتحار يشكل اعتداء على خصيصة من خصائص الربوبية فالذي وهبك الحياة ونفخ فيك الروح هو فقط الذي من حقه اخذها متى شاء فمن تعجل قتل نفسه فقد نازع الله في سلطانه ولهذا قال عز وجل في المنتحر بادرني عبدي بنفسه حرمت عليه الجنة. حري بالمسلم الا يهدأ له وبال ولا يكتحل بنوم ولا يهنأ بطعام ولا شراب حتى يتيقن انه من هذه الفرقة الناجية