المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله قال الامام ابن القيم رحمه الله بسم الله الرحمن الرحيم قال الشيخ احمد بن عيسى رحمه الله في شرحه فائدة عدد ابياتها ستة الاف وثلاثمائة وثلاثون او اربعون بيتا تقريبا واما فصولها فهي مئة وواحد وتسعون فصلا وليس فيها ابواب قوله بسم الله الاسم في المخلوق غير المسمى وفي حق الخالق لا غير ولا عين خلافا للمعتزلة الذين يقولون اسماؤه غيره وهي مخلوقة كما في البدائع انتهى من التوضيح قال الامام ابن القيم رحمه الله الحمد لله الذي شهدت له بربوبيته جميع مخلوقاته واقرت له بالعبودية جميع مصنوعاته قال الشيخ احمد بن عيسى رحمه الله في شرحه قوله مخلوقاته الى مصنوعاته المخلوق هو المصنوع من التوضيح قال الامام ابن القيم رحمه الله وادت له الشهادة جميع الكائنات قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله وادت له الشهادة في هذه البراعة الاشارة الى توحيد الربوبية وتوحيد الالوهية قال الامام ابن القيم رحمه الله انه الله الذي لا اله الا هو بما اودعها من لطائف صنعه وبديع اياته وسبحان الله وبحمده عدد خلقه قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله عدد خلقه هو وما عطف عليه منصوب على انه نعت لسبحانه ويحتمل ان يكون على المفعولية المطلقة ويمكن ان يكون منصوبا لسبحانه انتهى من رسائل الشيخ عبداللطيف قال الامام ابن القيم رحمه الله ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته ولا اله الا الله الاحد الصمد الذي لا شريك له في ربوبيته ولا شبيه له في افعاله ولا في ولا في ذاته والله اكبر عدد ما احاط به علمه وجرى به قلمه ونفذ فيه حكمه من جميع برياته ولا حول ولا قوة الا بالله تفويض عبد لا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا بل هو بالله والى الله في مبادئ امره ونهاياته واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له ولا صاحبة ولا ولد ولا والد له ولا كفؤ له الذي هو كما اثنى على نفسه وفوق ما يثني عليه احد من جميع برياته واشهد ان محمدا عبده ورسوله وامينه على وحيه وخيرته من بريته وسفيره بينه وبين عباده وحجته على خلقه ارسله بالهدى ودين الحق بين يدي الساعة بشيرا ونذيرا وداعيا الى الله باذنه وسراجا منيرا ارسله على حين فترة من الرسل وطموس من السبل ودروس من الكتب قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله طموس الى قوله ودروس هما بمعنى واحد قال الامام ابن القيم رحمه الله والكفر قد اضطرمت ناره قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله اضطرمت ناره اي تأججت قال الامام ابن القيم رحمه الله وتطايرت في الافاق شراره وقد استوجب اهل الارض ان يحل بهم العقاب وقد نظر الجبار تبارك وتعالى اليهم فمقتهم عربهم وعجمهم الا بقايا من اهل الكتاب قال الشيخ احمد بن عيسى رحمه الله في شرحه يشير الى حديث عياش ابن حمار المجاشعي الذي رواه مسلم في صحيحه ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم قال ذات يوم في خطبته الا ان ربي امرني ان اعلمكم ما جهلتم مما علمني الحديث في التوضيح قال الامام ابن القيم رحمه الله وقد استند كل قوم الى ظلم ارائهم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله الى ظلم ارائهم جمع ظلمة ضد النور قال الامام ابن القيم رحمه الله وحكموا على الله سبحانه وتعالى بمقالاتهم الباطلة واهوائهم وليل الكفر مدلهم ظلامه شديد قتامه وسبل الحق عافية اثارها مطموسة اعلامها ففلق الله سبحانه بمحمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم صبح الايمان فاضاء حتى ملأ الافاق نورا واطلع به شمس الرسالة في حنادس الظلم سراجا منيرا فهدى الله به من الضلالة وعلم به من الجهالة وبصر به من العمى وارشد به من الغي وكثر به بعد القلة واعز به بعد الذلة قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله بعد القلة بالكسرة والذلة بالضم قال الامام ابن القيم رحمه الله واغنى به بعد العيلة واستنقذ به من الهلكة وفتح به اعينا عميا واذانا صما وقلوبا غلفا فبلغ الرسالة وادى الامانة ونصح الامة وكشف الغمة وجاهد في الله حق جهاده وعبد الله حتى اتاه اليقين من ربه وشرح الله له صدره ورفع له ذكره ووضع عنه وزره وجعل الذلة والصغار على من خالف امره واقسم بحياته في كتابه المبين وقرن اسمه باسمه قال الشيخ احمد بن عيسى رحمه الله في شرحه قوله وقرن اسمه هذا كما قال حسان ابن ثابت رضي الله عنه اغر عليه للنبوة خاتم من الله ميمون يلوح ويشهد وضم الاله اسم النبي الى اسمه اذا قال في الخمس المؤذن اشهد وشكله من اسمه ليجله فذو العرش محمود وهذا محمد من التوضيح قال الامام ابن القيم رحمه الله فاذا ذكر ذكر معه كما في الخطب والتشهد والتأذين فلا يصح لاحد خطبة ولا تشهد ولا اذان ولا صلاة حتى يشهد انه عبده ورسوله شهادة اليقين وصلى الله وملائكته وانبياؤه ورسله وجميع خلقه عليه كما عرفناه بالله وهدانا اليه وسلم تسليما كثيرا قال الشيخ احمد بن عيسى رحمه الله في شرحه السلام بمعنى التحية والسلامة من النقائص والرذائل من التوضيح قال الامام ابن القيم رحمه الله اما بعد فان الله جل ثناؤه وتقدست اسماؤه اذا اراد ان يكرم عبدا بمعرفته ويجمع قلبه على محبته شرح صدره لقبول صفاته العلا وتلقيها من مشكاة الوحي فاذا ورد عليه شيء منها قابله بالقبول وتلقاه بالرضا والتسليم واذعن له بالانقياد فاستنار به قلبه واتسع له صدره وامتلأ به سرورا ومحبة فعلم انه تعريف من تعريفات الله تعالى قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته التعريفات هي البشائر المذكورة في قوله تعالى لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الاخرة قال الامام ابن القيم رحمه الله تعرف به على لسان رسوله فانزل تلك الصفة من قلبه منزلة الغذاء اعظم ما كان اليه فاقة ومنزلة الشفاء اشد ما كان اليه حاجة وسكن اليها قلبه فجال من المعرفة في ميادينها واسام عين بصيرته في رياضها وبساتينها قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله واسام الى اخره من الصوم وهو الرعي وهذه استعارة وتشبيه قال الامام ابن القيم رحمه الله لتيقنه بان شرف العلم تابع لشرف معلومه ولا معلوم اعظم واجل ممن هذه صفته وهو ذو الاسماء الحسنى والصفات العلى وان شرفه ايضا بحسب الحاجة اليه وليست حاجة الارواح قط الى شيء اعظم منها الى معرفة باريها وفاطرها اه ومحبته وذكره والابتهاج به وطلب الوسيلة اليه والزلفى عنده ولا سبيل الى هذا الا بمعرفة اوصى فيه واسمائه فكلما كان العبد بها اعلم كان بالله اعرف وله اطلب واليه اقرب وكلما كان لها انكر كان بالله اجهل واليه اكره ومنه ابعد والله تعالى ينزل العبد من نفسه حيث ينزله العبد من نفسه فمن كان لذكر اسمائه وصفاته مبغضا وعنها نافرا منفرا فالله له اشد بغضا وعنه اعظم اعراضا وله اكبر مقتا حتى تعود القلوب الى قلبين قلب ذكر الاسماء والصفات قوته وحياته ونعيمه وقرة عينه لو فارقه ذكرها ومحبتها لحظة لاستغاث يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك فلسان حاله يقول يراد من القلب نسيانكم وتأبى الطباع على الناقلين قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته هذا البيت للمتنبي من قصيدة الطباع بالكسر السجية جبل عليها الانسان قال الامام ابن القيم رحمه الله ويقول واذا تقاضيت الفؤاد تناسيا الفيت احشائي بذاك شحاحا قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله واذا تقاضيت البيت اي طلب من الفؤاد قال الامام ابن القيم رحمه الله ويقول اذا مرضنا تداوينا بذكركم فنترك الذكر احيانا فننتكس ومن المحال ان يذكر القلب من هو محارب لصفاته نافر عن سماعها معرض بكليته عنها زاعم ان السلامة في ذلك كلا والله ان هو الا الجهالة والخذلان والاعراض عن العزيز الرحيم فليس القلب الصحيح قط الى شيء اشوق منه الى معرفة ربه تعالى وصفاته وافعاله واسمائه ولا افرح بشيء قط كفرحه بذلك وكفى بالعبد عما وخذلانا ان يضرب على قلبه سرادق الاعراض عنها والنفرة قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله يضرب بالبناء للمفعول وسرادق بالضم والنفرة بضم النون قال الامام ابن القيم رحمه الله والتنفير والاشتغال بما لو كان حقا لم ينفع الا بعد معرفة الله والايمان به وبصفاته واسمائه والقلب الثاني قلب مضروب بسياط الجهالة فهو عن معرفة ربه ومحبته مصدود وطريق معرفة اسمائه وصفاته كما انزلت عليه مسدود قد قمش شبها من الكلام الباطل قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله قمش شبه اي جمع قال الامام ابن القيم رحمه الله وارتوى من ماء اجل غير طائل قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله غير طائل اي غير نافع قال الامام ابن القيم رحمه الله تعج منه ايات الصفات واحاديثها الى الله عجيجا وتضج منه الى منزلها ضجيجا بما يسومها تحريفا وتعطيلا ويأول معانيها تغييرا وتبديلا قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله يؤول يصح ان يكون يولي او يؤول واما يؤلي بالهمز والياء فلا مناسبة له هنا لانه الحلف قال الامام ابن القيم رحمه الله وقد اعد لدفعها انواعا من العدد وهيأ لردها ضروبا من القوانين قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله من القوانين القانون مقياس كل شيء وجمعه قوانين واذا دعي الى تحكيمها ابا واستكبر وقال تلك ادلة لفظية لا تفيد شيئا من اليقين قد اعد التأويل جنة يترس بها من مواقع سهام السنة والقرآن وجعل اثبات صفات ذي الجلال تجسيما وتشبيها يصد به القلوب عن طريق العلم والايمان مزجى البضاعة من العلم النافع الموروث عن خاتم الرسل والانبياء ولكنه مليء بالشكوك والشبه والجدال والمراء قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله الجدال والمراء هما مترادفان قال الامام ابن القيم رحمه الله خلع عليه كلام الباطل خلعة الجهل والتجهيل فهو يتعثر باذيال التكفير لاهل الحديث والتبديع لهم والتضليل قد طاف على ابواب الاراء والمذاهب يتكفف اربابها فانثنى باخسر المواهب والمطالب عدل عن الابواب العالية الكفيلة بنهاية المراد وغاية الاحسان فابتلي بالوقوف على الابواب السافلة الملآنة بالخيبة والحرمان وقد لبس حلة منسوجة من الجهل والتقليد والشبهة والعناد فاذا بذلت له النصيحة ودعي الى الحق اخذته العزة بالاثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد فما اعظم المصيبة بهذا وامثاله على الايمان وما اشد الجناية به على السنة والقرآن وما احب جهاده بالقلب واليد واللسان الى الرحمن وما اثقل اجر ذلك الجهاد في الميزان والجهاد بالحجة واللسان مقدم على الجهاد بالسيف والسنان ولهذا امر الله في السور المكية حيث لا جهاد باليد انذارا وتعذيرا فقال تعالى فلا تطع الكافرين وجاهدهم به جهادا كبيرا راء وامر تعالى بجهاد المنافقين والغلظة عليهم كونهم بين اظهر المسلمين في المقام والمسير فقال تعالى يا ايها النبي يجاهد الكفار والمنافقين واغلظ ومأواهم جهنم وبئس المصير قال الامام ابن القيم رحمه الله فالجهاد بالعلم والحجة جهاد انبيائه ورسله وخاصته من عباده المعصومين بالهداية والتوفيق والاتفاق ومن مات ولم يغزو ولم يحدث نفسه بالغزو مات على شعبة من النفاق وكفى بالعبد عما وخذلانا ان يرى عساكر الايمان وجنود السنة والقرآن وقد لبسوا للحرب لئمته واعدوا له عدته واخذوا مصافهم ووقفوا مواقفهم وقد حمي الوطيس ودارت رحى الحرب واشتد القتال وتنادت الاقران النزال النزال وهو في الملجأ والمغارات والمدخل مع الخوالف كمين واذا ساعد القدر وعزم على الخروج قعد فوق التل مع الناظرين ينظر لمن الدائرة ليكون اليهم من المتحيزين ثم يأتيهم وهو يقسم بالله جهد ايمانه اني معكم وكنت اتمنى ان تكونوا انتم الغالبين فحقيق بمن لنفسه عنده قدر وقيمة الا يبيعها بابخس الاثمان والا يعرضها غدا بين يدي الله ورسوله لمواقف الخزي والهوان وان يثبت قدميه في صفوف اهل العلم والايمان والا يتحيز الى مقالة سوى ما جاء في السنة والقرآن فكان قد كشف الغطاء وانجلى الغبار وابان عن وجوه اهل السنة مسفرة ضاحكة مستبشرة وعن وجوه اهل البدعة عليها غبرة ترهقها قترة يوم تبيض وجوههم وتسود وجوه قال ابن عباس تبيض وجوه اهل السنة وتسود وجوه اهل البدعة والفرقة والضلالة قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله اهل الفرقة بضم الفاء الافتراق واما بكسر الفاء فهي الجماعة قال الامام ابن القيم رحمه الله فوالله لمفارقة اهل الاهواء والبدع في هذه الدار اسهل من موافقتهم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله لمفارقة اهل الاهواء اسهل من مرافقتهم فرع من الجناس قال الامام ابن القيم رحمه الله اذا قيل احشروا الذين ظلموا وازواجهم قال امير المؤمنين عمر بن الخطاب وبعده الامام احمد ازواجهم اشباههم ونظرائهم وقد قال تعالى واذا النفوس زوجت قالوا فيجعل صاحب الحق مع نظيره في درجته وصاحب الباطل مع نظيره في درجته هنالك والله يعظ الظالم على يديه اذا حصلت له حقيقة ما كان في هذه الدار عليه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا يا ويلتا ليتني لم اتخذ فلانا خليلا لقد اضلني عن الذكر بعد اذ جاءني وكان الشيطان خذولا وصل وكان من قدر الله وقضائه ان جمع مجلس المذاكرة بين مثبت للصفات والعلو قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله بين مثبت للصفات هو المؤلف قال الامام ابن القيم رحمه الله وبين معطل لذلك فاستطعم المعطل المثبت الحديث استطعام غير جائع اليه ولكن غرضه عرض بضاعته عليه قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله استطعام غير جائع هو الذي ليس له رغبة في الشيء وليس له اهمية لديه وانما مراده عرض بضاعته عليه فطالب العلم الموفق هو الذي يستطعم العلم برغبة تامة كرغبة الجائع للطعام احوج ما كان اليه قال الامام ابن القيم رحمه الله فقال له ما تقول في القرآن ومسألة الاستواء فقال المثبت نقول فيها ما قاله ربنا تعالى وما قاله نبينا صلى الله عليه وعلى اله وسلم نصف الله تعالى بما وصف به نفسه وبما وصفه به رسوله من غير تحريف ولا تعطيل قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله من غير تحريف ولا تعطيل التحريف تأويل المعنى وصرفه عن معناه الى معنى اخر والتعطيل هو نفيه بالكلية مثاله الاستواء فنفيه تعطيل وتأويله باستولى تحريف قال الامام ابن القيم رحمه الله ومن غير تشبيه ولا تمثيل قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله ومن غير تشبيه ولا تمثيل التشبيه تشبيه الله بخلقه او العكس واما التمثيل فهو مرادف للتكييف فهو تمثيل صفات الله بصفات خلقه قال الامام ابن القيم رحمه الله بل نثبت له سبحانه ما اثبته لنفسه من الاسماء والصفات قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله بل نثبت الى اخره هذا هو ملخص معتقد اهل السنة والجماعة قال الامام ابن القيم رحمه الله وننفي عنه النقائص والعيوب ومشابهة المخلوقات قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله وننفي عنهن قائص والعيوب هذا احد نوعي تنزيه الله وقوله ومشابهة المخلوقات هذا هو النوع الثاني قال الامام ابن القيم رحمه الله اثباتا بلا تمثيل وتنزيها بلا تعطيل فمن شبه الله بخلقه فقد كفر ومن جحد ما وصف الله به نفسه فقد كفر وليس ما وصف الله به نفسه او ما وصفه به رسوله تشبيها فالمشبه يعبد صنما والمعطل يعبد عدما والموحد يعبد الها واحدا صمدا ليس كمثله شيء وهو السميع البصير والكلام في الصفات كالكلام في الذات قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته هذه قاعدة نافعة قال الامام ابن القيم رحمه الله فكما انا نثبت ذاتا لا تشبه الذوات فكذلك نقول في صفاته انها لا تشبه الصفات فليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته ولا في افعاله فلا نشبه صفات الله بصفات المخلوقين ولا نزيل عنه سبحانه صفة من صفاته لاجل تشنيع المشنعين وتلقيب المفترين كما انا لا نبغض اصحاب رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم لتسمية الروافض لنا نواصب قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله الروافض سموا بذلك لانهم رفضوا زيد ابن علي لما اثنى على ابي بكر وعمر قوله نواصب سموا بذلك لنصبهم العداوة لال البيت والظاهر ان مذهبه منقرض لانه مبني على الملك وهو المقصود منه ولم يقصد منه الدين قال الامام ابن القيم رحمه الله ولا نكذب بقدر الله ولا نجحدك مال مشيئته وقدرته لتسمية القدرية لنا مجبرة ولا نجحد صفات ربنا تبارك وتعالى لتسمية الجهمية والمعتزلة لنا مجسمة مشبهة حشوية قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله حشوية يعني انهم كالحشو والقشور التي لا حاصل لها وغيرهم اللب والثمر وحاصل ذلك ان مذهب السلف في اصحاب رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم وسط بين النواصب والروافض وفي افعال العباد وسط بين القدرية والمجبرة وفي الصفات وسط بين الجهمية والمشبهة وفي الايمان وسط بين الخوارج والمرجئة قال الامام ابن القيم رحمه الله ورحمة الله على القائل فان كان تجسي من ثبوت صفاته تعالى فاني اليوم عبد مجسم الى فان كان تجسي من ثبوت صفاته لديكم فاني لي يوم عبد مجسم ورضي الله عن الشافعي حيث يقول اذا كان رفضا حب ال محمد فليشهد الثقلان اني رافضي وقدس الله رح القائل وهو شيخ الاسلام ابن تيمية اذ يقول ان كان نصبا حب صحب محمد فليشهد الثقلان اني ناصبي فصل واما القرآن فاني اقول انه كلام الله منزل غير مخلوق منه بدأ واليه يعود تكلم الله به صدقا وسمعه جبريل حقا وبلغه محمدا صلى الله عليه وعلى اله وسلم وحيا وانكافها يا عين صاد وحميم عين قاف والف لام راء وقا ونون عين كلام الله حقيقة قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله وانكافها يا عين صاد الى اخره انما ذكر الحروف المقطعة تنبيها على غيرها لانه اذا ثبت ان الحروف التي لم يظهر لنا معناها من كلام الله فالكلام الذي معناه واضح داخل في مفهوم الموافقة فهو من باب اولى واحرى قال الامام ابن القيم رحمه الله وان الله تعالى تكلم بالقرآن العربي الذي سمعه الصحابة من النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم وان جميعه كلام الله وليس قول البشر ومن قال انه قول البشر فقد كفر والله يصليه سقر ومن قال ليس لله بيننا في الارض كلام فقد جحد رسالة محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم فان الله بعثه يبلغ عنه كلامه والرسول انما يبلغ كلام مرسله فاذا انتفى كلام المرسل انتفت رسالة الرسول قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله ومن قال ليس لله بيننا كلام الى قوله انتفت رسالة الرسول هذا قد عقد له فصلا مستقلا في النونية كما سيأتي ان شاء الله تعالى قال الامام ابن القيم رحمه الله ونقول ان الله فوق سماواته مستو على عرشه بائن من خلقه قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله بائن من خلقه ومعنى بائن من خلقه هو ما ذكره بعده بقوله ليس في مخلوقاته شيء من ذاته ولا في ذاته شيء من مخلوقاته قال الامام ابن القيم رحمه الله ليس في مخلوقاته شيء من ذاته ولا في ذاته شيء من مخلوقاته وانه تعالى اليه يصعد الكلم الطيب وتعرج الملائكة والروح اليه وانه يدبر الامر من السماء الى الارض ثم يعرج اليه وان المسيح رفع بذاته الى الله قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله وان المسيح رفع بذاته الى الله اي لانه حي فرفع بدنه وروحه بخلاف سائر الانبياء الذين قد ماتوا فانما رفعت ارواحهم فقط لان النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم صلى بهم ببيت المقدس ورأى ارواحهم في السماوات على اختلاف منازلهم ولم يصلي بابدانهم ولم يرها فتنبه قال الامام ابن القيم رحمه الله وان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم عرج به الى الله حقيقة قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته واما النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم فالصواب انه عرج بروحه وبدنه قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله قالت وقد كشفت نقاب الحسن هو ما تنقبت به المرأة وفيه اشارة انها عفيفة بحيث انها متنقبة والى انها غاية في الحسن قال الامام ابن القيم رحمه الله وان ارواح المؤمنين تصعد الى الله عند الوفاة فتعرض عليه وتقف بين يديه وانه تعالى هو القاهر فوق عباده وهو العلي الاعلى وان المؤمنين والملائكة المقربين يخافون ربهم من فوقهم وان ايدي السائلين ترفع اليه وحوائجهم تعرض عليه فانه سبحانه هو العلي الاعلى بكل اعتبار قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله بكل اعتبار اي علو القدر وعلو القهر وعلو الذات قال الامام ابن القيم رحمه الله فلما سمع المعطل منه ذلك امسك ثم اسرها في نفسه وخلا بشياطينه وبني جنسه واوحى بعضهم الى بعض اصناف المكر والاحتيال وراموا امرا يستحمدون به الى نظرائهم من اهل البدع والضلال قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله يستحمدون به الى اخره ان يطلبون به ان يحمدهم نظراؤهم قال الامام ابن القيم رحمه الله وعقدوا مجلسا يبيتون في مساء يومه ما لا يرضاه الله من القول والله بما يعملون محيط واتوا على مجلسهم ذلك بما قدروا عليه من الهذيان واللغط والتخليط وراموا استدعاء المثبت الى مجلسهم الذي عقدوه ليجعلوا نزله عند قدومه عليهم ما من المكر وتمموه فحبس الله سبحانه عنهم ايديهم والسنتهم فلم يتجاسروا عليه ورد الله كيدهم في نحورهم فلم يصلوا بالسوء اليه وخذلهم المطاع قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله فخذلهم المطاع اي كبيرهم ورئيسهم قال الامام ابن القيم رحمه الله فمزقوا ما كتبوه من المحاضر وقلب الله قلوب اوليائه وجنده عليهم من كل باد وحاضر قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله وقلب الله قلوب الى اخره اي صرفها قال الامام ابن القيم رحمه الله واخرج الناس لهم من المخبئات كمائنها ومن الجوائف والمنقلات دفائنها وقوى الله جأش عقدي المثبت وثبت قلبه ولسانه وشيد بالسنة المحمدية بنيانه فسعى الى عقد مجلس بينه وبين خصومه عند السلطان وحكم على نفسه كتب شيوخ القوم وائمتهم المتقدمين وانه لا يستنصر من اهل مذهبه بكتاب ولا انسان وانه جعل بينه وبينكم اقوال من قلدتموه ونصوص من على غيره من الائمة قدمتموه وصرخ المثبت بذلك بين ظهرانيهم حتى بلغه دانيهم لقاصيهم فلم يذعنوا لذلك واستعفوا من عقدة مطالبهم المثبتة بواحدة من خلال ثلاث مناظرة في مجلس علم على شريطة العلم والانصاف تحضر فيه النصوص النبوية والاثار السلفية وكتب ائمتكم المتقدمين من اهل العلم والدين فقيل لهم لا مراكب لكم تسابقون بها في هذا الميدان وما لكم بمقاومة فرسانه يدان فدعاهم الى مكاتبة ما يدعون اليه فان كان حقا قبله وشكركم عليه وان كان غير ذلك سمعتم جواب المثبت وتبين لكم حقيقة ما لديه فابوا ذلك اشد الاباء واستعفوا غاية الاستعفاء فدعاهم الى القيام بين الركن والمقام قياما في مواقف الابتهال حاسري الرؤوس نسأل الله ان ينزل بأسه باهل البدع والضلال قال الامام ابن القيم رحمه الله وظن المثبت والله ان القوم يجيبونه الى هذا قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله وظن المثبت الى اخره انما ظن ذلك لان اكثرهم اصحاب ديانة فلا يجادلون الا على شيء يعتقدون صوابه فظن المثبت ان اعتقادهم يجريهم على المباهلة الجهمية يقولون ان النبي عرج به الى محل رحمة الله لا الى الله وهم كفار كما قال المؤلف في هذا الكتاب ولقد تقلد كفرهم خمسون في عشر من العلماء في البلدان وقد عقد المؤلف في هذا الكتاب فصلا مستقلا في حكم تكفير اهل البدع كما ستقف عليه ان شاء الله تعالى ولا يوجد في غير هذا الكتاب من سائر كتبه التي اطلعنا عليها قال الامام ابن القيم رحمه الله توطن نفسه عليه غاية التوطين وبات يحاسب نفسه ويعرض ما يثبته وينفيه على كلام رب العالمين وعلى سنة خاتم الانبياء والمرسلين وينجرد من كل هوى يخالف الوحي المبين ويهوي بصاحبه الى اسفل السافلين فلم يجيبوا الى ذلك ايضا واتوا من الاعذار بما دله على ان القوم ليسوا من اولي الايدي والابصار فحينئذ شمر المثبت عن ساق عزمه وعقد لله مجلسا بينه وبين خصمه قوله ما بالصبر لي عنان اراك يداني يدان قوة وقدرة قال الامام ابن القيم رحمه الله وتحدثت عندي حديثا خلته صدقا وقد كذبت به العينان فعجبت منه وقلت من فرحي به يشهده القريب والبعيد ويقف على مضمونه الذكي والبليد وجعله عقد مجلس التحكيم بين المعطل الجاحد والمثبت المرمي بالتجسيم وقد خاصم في هذا المجلس بالله وحاكم اليه بريء الى الله من كل هوى وبدعة وضلالة وتحيز الى فئة رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم وما كان اصحابه عليه والله سبحانه هو المسؤول الا يكله الى نفسه ولا الى شيء مما لديه وان يوفقه في جميع حالاته لما يحبه ويرضاه فان ازمة الامور بيديه وهو يرغب الى من يقف على هذه الحكومة ان يقوم لله قيام متجرد عن هواه قاصدا لرضا مولاه ثم يقرأها متفكرا ويعيدها ويبديها متدبرا ثم يحكم فيها بما يرضي الله ورسوله وعباده المؤمنين ولا يقابلها بالسب والشتم كفعل الجاهلين والمعاندين فان رأى حقا تبعه وشكر عليه وان رأى باطلا رده على قائله واهدى الصواب اليه فان الحق لله ورسوله والقصد ان تكون كلمة السنة هي العليا جهادا في الله وفي سبيله والله عند لسان كل قائل وقلبه وهو المطلع على نيته وكسبه وما كان اهل التعطيل اولياءه ان اولياؤه الا المتقون المؤمنون المصدقون وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون الى عالم الغيب والشهادة فينبئكم ما كنتم تعملون فصل وهذه امثال حسان مضروبة للمعطل والمشبه والموحد ذكرناها قبل الشروع في المقصود فان ضرب الامثال مما يأنس به العقل لتقريبها المعقول من المشهود قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله لتقريبها المعقول من المشهود هذا هو فائدة ضرب الامثلة قال الامام ابن القيم رحمه الله وقد قال تعالى وكلامه المشتمل على اعظم الحجج وقواطع البراهين وتلك الانفال نضربها للناس وما يعقلها الا العالمون وقد اشتمل منها على بضعة واربعين مثلا قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله وقد اشتمل منها على بضعة واربعين مثلا اي القرآن قال الامام ابن القيم رحمه الله وكان بعض السلف اذا قرأ مثلا لم يفهمه يشتد بكاؤه ويقول لست من العالمين وسنفرد لها ان شاء الله كتابا مستقلا متضمنا لاسرارها ومعانيها وما تضمنته من كنوز العلم وحقائق الايمان قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته الظاهر ان المؤلف لم يفعل ولكنه ذكر نبذة مفيدة في اعلام الموقعين على ذكر القياس قال الامام ابن القيم رحمه الله والله المستعان وعليه التكلان المثل الاول ثياب المعطل ملطخة بعذرة التحريف وشرابه متغير بنجاسة التعطيل وثياب المشبه متضمخة بدم التشبيه وشرابه متغير بدم التمثيل قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله التحريف والتعطيل والتشبيه والتمثيل كلها قد تقدم بيان معناها ولما كان المعطل شرا من المشبه وكلاهما على ضلال اتى بوصف المعطل بالعذرة وبوصف المشبه بالدم فرحمه الله ما ادق فهمه ومن المعلوم انها كلها نجسة ولكن العذرة اشد نجاسة وتأمل قوله في المثال الخامس كيف جعل مصباح المعطر لم ينر من اصله ومصباح المشبه انار ولكن غرقت فتيلته في عكر التشبيه وهي حثالة الزيت وخثارته فطفأت بعد ان انارت وهذا لان المعطل شر من المشبه كما تقدم ومثله ما يأتي في المثل التاسع حيث جعل المعطل لم يركب في سفينة النجاة اصلا والمشبه بعد ان ركب انكسرت به فصار يشاهد الغرق بالعيان وهو بكسر العين كما قرره الشيخ عبدالرحمن بن حسن ومثله العاشر حيث جعل من هل المعطل كالسراب الذي هو عدم ومن هل المشبه ماء حقيقيا ولكنه متغير والمنهل هو المورد والمشرب قال الامام ابن القيم رحمه الله والموحد طاهر الثوب والقلب والبدن يخرج شرابه من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين المثل الثاني شجرة المعطل مغروسة على شفا جرف نهار وشجرة المشبه قد اجتثت من فوق الارض ما لها من قرار وشجرة الموحد اصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي اكلها كل حين باذن ربها ويضرب الله الامثال للناس لعلهم يتذكرون المثل الثالث شجرة المعطل شجرة الزقوم فالحلوق السليمة لا تبلعها وشجرة المشبه شجرة الحنظل فالنفوس المستقيمة لا تتبعها وشجرة الموحد طوبى يسير الراكب في ظلها مئة عام لا يقطعها المثل الرابع المعطل قد اعد قلبه لوقاية الحر والبرد كبيت العنكبوت والمشبه قد خسف بعقله فهو يتجلجل في ارض التشبيه الى البهموت وقلب الموحد يطوف حول العرش ناظرا الى الحي الذي لا يموت المثل الخامس مصباح المعطل قد عصفت عليه اهوية التعطيل فطفئ وما انار ومصباح المشبه قد غرقت فتيلته في عكر التشبيه فلا تقتبس منه الانوار ومصباح الموحد يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار والمثل السادس قلب المعطل متعلق بالعدم فهو احقر الحقير وقلب المشبه عابد للصنم الذي نحت بالتصوير والتقدير والموحد قلبه متعبد لمن ليس كمثله شيء وهو السميع البصير المثل السابع نقود المعطل كلها جيوف فلا تروج علينا وبضاعة المشبه كاسدة لا تنفق لدينا وتجارة الموحد ينادى عليها يوم العرض على رؤوس الاشهاد هذه بضاعتنا ردت الينا المثل الثامن المعطل كنافخ الكير اما ان يحرق ثيابك واما ان ينجسك واما ان تجد منه ريحا خبيثة والمشبه كبائع الخمر اما ان يسكرك واما ان ينجسك والموحد كبائع المسك اما ان يحذيك واما ان يبيعك واما ان تجد منه ريحا طيبة المثل التاسع المعطل قد تخلف عن سفينة النجاة ولم يركبها فادركه الطوفان والمشبه قد انكسرت به اللجة فهو يشاهد الغرق بالعيان والموحد قد ركب سفينة نوح وقد صاح به الربان اركبوا فيها بسم الله مجريها ومرساها ان ربي لغفور رحيم المثل العاشر منهل المعطل كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى اذا جاءه لم يجده شيئا فرجع خاسئا حسيرا ومشرب المشبه من ماء قد تغير طعمه ولونه وريحه بالنجاسة تغيير ومشرب الموحد من كأس كان مزاجها كافورا عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا وقد سميتها بالكافية الشافية بالانتصار للفرقة الناجية وهذا حين الشروع في المحاكمة والله المستعان وعليه التكلان ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم حكم المحبة ثابت الاركان ما للصدود بفسخ ذاك يداني قال الشيخ احمد بن عيسى رحمه الله قوله حكم المحبة هذا اول الشروع في النظم وهو من بحر الكامل متفاعل متفاعل متفاعل متفاعل متفاعل متفاعل وافتتح الناظم هذه المنظومة بشيء من النسيب وهو التغزل والتشبيب كلها بمعنى واحد واما الغزل فهو الف النساء والتخلق بما وافقهن وليس مما ذكر في شيء فمن جعله بمعنى التغزل فقد اخطأ وقد نبه على ذلك قدامى واوضحه في كتابه نقد الشعر وفي قوله حكم المحبة الى اخره براعة الاستهلال وهو قد يكون الابتداء مناسبا للمقصود لان هذا الكتاب في المحاكمة بين الطوائف انتهى من التوضيح واعلم ان المؤلف ذكر بهذه المقدمة اشارات خفية قد تخفى على اكثر الطلبة ومراده بالمحبة محبة الخالق وانما ذكر كلاما مجملا في المحبة المطلقة وذكر التشبيب جريا على قاعدة الشعراء اذا اراد احدهم مدحا او هجاء ونحوه ذكر بين يدي ذلك التشبيب بمحبوبته وذكر محاسن اوصافها ثم يخلص الى مقصوده باسلوب حسن وهذا مناسب جدا لانه ان كان المقصود مدحا فكأنه قال ان هذا الممدوح احسن من وصل هذه المحبوبة التي هذه صفاتها وان كان هجاء فكأنه قال ان هذا المهجو اقبح من صد هذه المحبوبة التي هذه صفاتها قوله ثابت الاركان وانما يثبت كل حكم بتوفر شروطه وانتفاء موانعه فشروط المحبة قسمان قسم يتعلق بالمحبوب وهو ان يكون حسنا ومحسنا فاذا اجتمعا زادت المحبة وقويت وهنا قد اجتمعا لان الله تعالى له الكمال المطلق وهو المحسن العظيم احسانه وقد اشار الناظم بقوله ان وقاضي الحسن الى الامر الاول وقوله في مجلس الاحسان الى الامر الثاني القسم الثاني يتعلق بالمحب وهو توفر الدواعي للمحبة وهي العقل والفطرة السليمة والشرع اي الرسل وما جاءوا به قوله ما للصدود بفتح الصاد اسم فاعل قوله بفسخ ذاك الحكم يداني اي قوة وقدرة وطاقة المراد باليد هنا القدرة تسمية للشيء بسببه لان القدرة هي تحرك اليد يقال فلان له يد في كذا وكذا ومنه قول زياد لمعاوية اني قد امسكت العراق باحدى يدي والاخرى فارغة انتهى من التوضيح اي ولثبوت اركان هذا الحكم لا يطيق الصدود فسخه قال الامام ابن القيم رحمه الله ان وقاضي الحسن نفذ حكمها فلذا اقر بذلك الخصمان قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله ان كيف وقاضي الحسن الحسن هو الجمال واستعار له قاضي فشبهه في قوته وسلطته على المحبوب بقاضي الحسن في قوة الخصوم ونفاذ حكمه فكذلك حسن هذا المحبوب حكم على محبها بثوب المحبة انتهى من شيخنا ومثله في التوضيح ومن زعم قاضي الحسن هو العقل لانه هو اهل التحسين والتقبيح فقد اخطأ مراد المصنف قوله نفذ حكمها اي حكم المحبة اي كيف يقدر الصدود على فسخه وقد ثبتت اركانه ونفذه قاضي الحسن واقر به الخسمان وشهدت به شهود الوصل قوله فلذلك التنفيذ اقر بذلك الحكم الخسمان اي المدعي والمنكر ومراد المؤلف بالخصم المنكر للصفات كالجهمية ونحوهم يعني انهم وانكروا مكابرة فلا دليل معهم على قولهم فيلزمهم الاقرار اما طوعا او كرها كما قال تعالى ولله يسجد من في السماوات والارض طوعا وكرها اه قال الامام ابن القيم رحمه الله واتت شهود الوصل تشهد انه حقا جرى في مجلس الاحسان قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله واتت شهود الوصل وهي العقل والفطرة والرسل وما جاءوا به من الكتاب والسنة سماها شهود الوصل لان من تمسك بالكتاب والسنة اتصل بالله اتصالا دائما لا انقطاع معه ومن اعرض عنهما انقطع عن ربه انقطاعا باتا لا اتصال معه حتى يعود اليهما ويراجعهما قوله تشهد انه اي هذا الحكم حقا جرى في مجلس الاحسان وقد تقدم انه احد شروط المحبة قال الامام ابن القيم رحمه الله فتأكد الحكم العزيز فلم يجد فسخ الوشاة اليه من سلطاني قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته اي لما ثبت حكم المحبة ونفذه قاضي الحسن واقر به الخصمان وشهد به الشهود تأكد تأكدا لا تستطيع الوشاة ان تفسخه قال الامام ابن القيم رحمه الله ولاجلي ذا حكم العذول تذاتل اركان منه فخر للاذقان قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله ولاجل ذا اي ما تقدم من ثبوت حكم المحبة الى اخره حكم العذول تداعت اي تجاذبت الاركان منه اي حيطانه واساساته فخر للاذقان اي سقط من اصله قال الامام ابن القيم رحمه الله واتى الوشاة فصادفوا الحكم الذي حكموا به متيقنا البطلان ما صادف الحكم المحل ولا هوس توفى الشروط فصار ذا بطلان قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله واتى الوشاة فصادفوا الحكم الذي حكموا به وهو ما يأتي بقول المصنف حكم الوشاة بغير ما برهان وقوله متيقن البطلان وسبب بطلانه هو ما ذكره بالبيت بعده وهو قوله ما صادف الحكم المحل البيت وسبب بطلان حكمهم انه لم يصادف محله ولم تتم شروطه فحينئذ تيقن بطلانه قال الامام ابن القيم رحمه الله فلذاك قاضي الحسن اثبت محضرا بفساد حكم الهجر والسلوان قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته طوله فلذلك اي اجتماع شروط حكم المحبة وبطلان حكم الوشاة قاضي الحسن اثبت محضرا والمحضر السجل والمشهد قاله في القاموس اي ما يتضمن دعوى المدعي وانكار المنكر وصورة الحكم بين الخصمين فهذا المحضر الذي اثبته قاضي الحسنية ضما فساد حكم الهجر والسلوان قال الامام ابن القيم رحمه الله وحكى لك الحكم المحال ونقضه اسمع اذا يا من له اذنان قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله وحكى لك الحكم المحال اي شرحه قاضي الحسن وبينه وحكى لك نقضه فاسمع اذا يا من له اذنان وهو ما ذكره بقوله قال الامام ابن القيم رحمه الله حكم الوشاة بغير ما برهان ان المحبة والصدود لدان قال الشيخ احمد بن عيسى رحمه الله حكم الوشاة بغير ما برهان الوشاة جمع واش يقال وشاكلامه اي كذب ووشى به الى السلطان وشاية اي سعى من التوضيح قوله ان المحبة وضدها الذي هو الصدود لدان اي سواء كما في القاموس قال الامام ابن القيم رحمه الله والله ما هذا بحكم مقسط اين الغرام وصد ذي هجران قال الشيخ احمد بن عيسى رحمه الله قوله والله ما هذا بحكم مقسط القسط بالكسر العدل من التوضيح قوله اين الغرام وصد ذي هجراني الغرام هو الحب اللازم للقلب الذي لا يفارقه بل يلازمه كملازمة الغريم لغريمه ومنه سمي عذاب النار غراما للجومه لاهله وعدم مفارقته لهم وهذا البيت جاء به الناظم ابطالا لحكم الوشاة وتأكيدا لحكم قاضي الحسن قال الامام ابن القيم رحمه الله شتان بين الحالتين فان ترد جمعا فم الضدان يجتمعان يا والها هانت عليه نفسه اذ باعها غبنا بكل هوان اتبيع من تهواه نفسك طائعا بالصد والتعذيب والهجران قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله فما الضدان يجتمعان الضدان هما اللذان لا يجتمعان وقد يرتفعان كالسواد والبياض والحاصل انه لما ثبت حكم المحبة وجب العمل به وهو محبة المحبوب الذي اجتمعت فيه الشروط من الحسن والاحسان وكذلك الدواعي متوفرة في المحب كما ذكر المؤلف في كتاب مفتاح دار السعادة وجوب محبة الباري من نحو ثمانين وجها فانقسمت قلوب الناس ثلاثة اقسام احدها الذي عمل به واحب ربه وباريه والمحسن اليه وتعلقت به رغبته ومحبته وحده دون من سواه فهؤلاء سعداء الدارين ائمة اهل العلم الثاني ما ذكره بقوله يا والها الثلاثة الابيات الواله المحب الذي قد حيرته المحبة قال الامام ابن القيم رحمه الله اجهلت اوصاف المبيع وقدره ام كنت ذا جهل بذي الاثمان قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله اجهلت اوصاف المبيع وقدره اي ما اعد الله لمحبيه من الثواب العاجل والاجل او اجهلت الدنيا وخساستها وحقرها كيف تبيع نفسك بها قلت وهو عندي اقرب لقوله المبيع وان للعهد الذكري قوله ام كنت ذا جهل بذي الاثمان الذي هو عمرك ونفسك والمقصود ان هذا القلب واله ولها محبة ولكن صده الجهل والاعراض عن محبة المحبوب الاعظم وهم اكثر الناس الذين اشتغلوا بحطام الدنيا او بعشق الصور او المناصب والولايات فناداه اولا بقوله يا والها ثم وبخه بقوله اتبيع ما تهواه الى اخره القلب الثالث ما ذكره بقوله قال الامام ابن القيم رحمه الله وهل لقلب لا يفارق طيره اغصان قائمة على الكثبان قال الشيخ احمد بن عيسى رحمه الله واها لقلب الاربعة الابيات واها كلمة يقولها المتعجب من طيب الشيء وكذلك في التفجع من التوضيح قوله لا يفارق طيره الاغصان المراد به القدود كقوله اأغصان بان ما ارى ام شمائل قوله قائمة على الكثبان اي الارداف لان ذلك يسمى الكثيب والنقى واعلم ان للشعراء الفاظا صارت بينهم حقائق عرفية وان كانت في الاصل مجازا لكثرة دورانها في كلامهم وتعاطيه مستعملاتها لانهم الفوا ذلك من تداولها وتكرارها على مسامعهم فمن ذلك الغصن اذا اطلقوه فهموا منه القوام والكثيب يفهمون منه الردف والورد يفهم منه الوجه والايقاح يفهم منه الثغرة والراح اذا اطلقوه فهموا منه الريق والنرجس يفهمون منه العيون وكذا السيف والسهم والسحر والبنفسج والريحان والعذار كل هذه انتقلت عن وصفها الاصلي وصارت حقائق عرفية نقلها الاصطلاح من التوضيح قال الامام ابن القيم رحمه الله ويظل يسجع فوقها ولغيره منها الثمار وكل قطف داني قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله ويظل يسجع فوقها ولغيره السجع الكلام المقفى قوله منها الثمار وكل قطف داني اشارة الى ان الكتاب والسنة قطف دان لا يحتاج الى تعب ومشقة وانما يحتاج الاعتصام بهما دون ما سواهما قال الامام ابن القيم رحمه الله ويبيت يبكي والمواصل ضاحك ويظل يشكو وهو ذو شكران قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله ويبيت يبكي اي من الصد والهجر والاعراض والمواصل ضاحك اي السني ويظل يشكو وهو ذو شكراني اي ذو شبع يقال شكرت الدابة اذا شبعت قال الامام ابن القيم رحمه الله هذا ولو ان الجمال معلق بالنجم هم اليه بالطيران قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله هذا ولو ان الجمال البيت فيه دليل على قوة همته وارادته وحاصل الابيات الاربعة ان هذا القلب له همة قوية ورغبة تامة بما عند الله ومحبته صادقة وعنده معرفة وعلم ولكن حجبه عن المقصود وتقديمه اراء الرجال على الكتاب والسنة تحكمها ورضي بها اعتقد في الله اشياء باطلة فحجبه خبث عقيدته وصده عن ادراك المقصود الاعظم فهو لا يزال يصجع فوق هذا الغصن وقطوفه دانية اليه قريبة منه لا تحتاج لكلفة بل لو مد يده اليها لتناولها ويظل يشكو ويبكي ويتوجع وكل خير قريب منه لو اراده وقصده ولكن حجته تقديمه اراء الرجال على الوحيين ولو رفض كلما عداهما وتمسك بهما لتناول هذه القطوف الدانية وهم الجهمية ونحوهم لان فيهم علما وعقلا اصحاب ديانة وزهد ومحبة في الخير ويتوخون الحق ولو يظنون احدا احسن حالة منهم لزاحموه على تلك الحالة ولكن حجبهم ما تقدم نعوذ بالله من الخذلان قال الامام ابن القيم رحمه الله لله زائرة بليل لم تخف عسس الامير ومرصد السجان قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله لله زائرة فقولهم لله فلان اصله لله دره بفتح الدال وهو اللبن الذي ارتضعه اي ما اعجب هذا اللبن الذي نشأ به هذا المولود واضافته لله للتعظيم لانه منشيء العجائب قوله بليل فيه دليل ان هذا زارته بالطيف كما سيأتي التصريح به في كلامه ان شاء الله تعالى قريبا وفيه اشارة الى ان الليل هو خلوة المحبين باحبتهم قوله لم تخف عسس الامير ومرصد السجان عس من باب رد طاف الليل قال الامام ابن القيم رحمه الله قطعت بلاد الشام ثم تيممت من ارض طيبة مطلع الايمان قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله قطعت بلاد الشام ثم تيممت يعني ان هذه المحبوبة جاءت من الشام الى ارض طيبة وهي المدينة المنورة مطلع الايمان قال الامام ابن القيم رحمه الله واتت على وادي العقيق فجاوزته ميقاته حلا بلا نكران قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله واتت على وادي العقيق هو ذو الحليفة فجاوزت ميقاته حلا اي لم تحرم لانها لا قصد لها سوى محبوبها بلا نكران اما لانها صاحبة حاجة تتكرر ومن له حاجة تتكرر قد جوزوا له تجاوز الميقات بلا احرام او لانها شبيهة بالمجاهدين وقد رخص لهم ذلك قال الامام ابن القيم رحمه الله واتت على وادي الاراك ولم يكن قصدا لها فاعلم بان ستراني قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله واتت على وادي الاراك ولم يكن قصدا لها اي قصد الطريق وادي الاراك فاخذت على يسارها وتركت مكة عن يمينها وليس ذلك طريق من قصد مكة وانما فعلت ذلك فألا بان ستراني قال الامام ابن القيم رحمه الله واتت على عرفات ثم محسر ومنن فكم نحرته من قربان قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله فكم نحرته من قربان لان علامات المحبة الصادقة بذل اغلى ما يحب المحبوب كما قيل وليس عجيب بذل الغالي للغالي قال الامام ابن القيم رحمه الله واتت على الجمرات ثم تيممت ذات الستور وربة الاركان قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله واتت على الجمرات البيت تأمل كيف رتب المصنف مناسك الحج فبدأ بعرفة ثم وادي محسر ثم منن ثم الجمرات ثم الكعبة وهي المراد بقوله ثم تيممت ذات السطور وربة الاركان قال الامام ابن القيم رحمه الله هذا وما طافت ولا استلمت ولا رمت الجمار ولا سعت لقراني قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله هذا وما طافت البيت لانها لم تأتي للنسك وانما اتت لزيارة محبيها ومحبوبها واعلم ان المؤلف كثيرا ما يذكر مناسك الحج ويشبب بها في غير موضع كما هنا وفي اول صفة الجنة وغيرهما وقد صرح في موضع اخر ان الحج من اعلى انواع المحبة لانه رضا للمحبوب قال الامام ابن القيم رحمه الله ورقت الى اعلى الصفا فتيممت دارا هنالك للمحب العاني قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله ورقة الى اعلى الصفا البيت كانه في دار الارقم ابن ابي الارقم وفي قوله الصفا اشارة الى ان المحبة صافية من الطرفين ليس فيها ما يشوبها قال الامام ابن القيم رحمه الله اتردلين اعارها اثوابه والريح اعطتها من الخفقان قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته ثم تعجب المؤلف من سرعة سيرها كيف قطعت مسافة نحو شهر ونصف من ارض الشام الى مكة في ليلة واحدة وكيف دلت الطريق فقال اترد لي اي اتظنه اعارها اثوابه حتى صارت بمنزلته والريح اعطتها من الخفقان في سرعته وخفتها ثم رجع عن كلامه السابق فقال قال الامام ابن القيم رحمه الله والله لو ان الدليل مكانها ما كان ذلك منه في امكاني قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته والله لو ان الدليل الى اخره اي ان الدليل لا يستطيع ولا يتمكن ان يفعل مثل ما فعلت قال الامام ابن القيم رحمه الله هذا ولو سارت مسير الريح ماء وصلت به ليلا الى نعمان قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله هذا ولو سارت مسير الريح ما وصلت به اي بهذا السير ليلا الى نعمان بفتح النون واد وراء عرفة وهو نعمان الاراك قاله في القاموس يعني انها لو مشتك مشي الريح ما تمكنت ان تصل في ليلة واحدة الى نعمان الاراك وذلك لان الريح الشمالية لا تهب بالليل كما قيل الحرة لا تسري بليل وايضا لو هبت ما استمرت في هبوبها كل الليل ولو قدر ذلك ما تمكنت ان تقطع هذه المسافة البعيدة بليلة واحدة قال الامام ابن القيم رحمه الله سارت وكان دليلها في سيرها سعد السعود وليس بالدبران قال الشيخ احمد بن عيسى رحمه الله قوله سارت وكان دليلها في سيرها البيت لان الذي يجيء من الشام قاصدا مكة يتيمم جهة مطلع سعد السعود لانه في جهة الجنوب ولو استدل بالدبران لما اهتدى ويحتمل ان مراده التفاؤل باسم سعد السعود لان النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم يعجبه الفأل وكان يقول اذا بعثتم الي بريدا فابعثوه حسن الاسم حسن الوجه من التوضيح وكل من سعد السعود والدبران من منازل القمر الثمانية والعشرين المعروفة قال الامام ابن القيم رحمه الله وردت جفار الدمع وهي غزيرة فلذا كما احتاجت ورود الضاني قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله وردت جفار الدمع وهي غزيرة الجفار مورد من الموارد في طريق مكة قريب من سفينة والسويرقية فاستعار لها من دموعها موردا غزيرا قوله فلذاك اي لورودها جفار الدمع ما احتاجت ورود الضاني يحتمل انه موضع مثل الجفار والمعنى انها لما وردت هذا المورد الغوير الذي هو جفار الدمع لم تحتجل الماء حتى ترد الضأن ويحتمل انها لم تحتج ورود الضأن الذي هو اشد البهائم عطشا بحيث لو تلبث يوما واحدا ما وردت ما استطاعت ان تعيش قال الامام ابن القيم رحمه الله وعلت على متن الهوى وتزودت ذكر الحبيب ووصله المتداني قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله وعلت على متن الهوى لانه من اسرع الاشياء في السير ولو وجدت اسرع منه لركبته قوله وتزودت ذكرى الحبيب ووصله المتداني اشارة الى ان المسافر اذا حدث نفسه بدنو سفره وحصول مقصوده هانت عليه مشقة السفر ومواصلة السير واعلم ان المؤلف ذكر لهذه الزائرة دليلا يدلها في سفرها وموردا تشرب منه ومركوبا وطعاما تتزوده لان كل مسافر لابد له من هذه الاشياء فذكر ان دليلها سعد الشعود الذي يضرب به المثل في الفأل الحسن وموردها من دموعها الغزيرة شوقا الى محبوبها وخوفا من فواتها ومركوبها متن الهوى الذي هو اسرع الاشياء قطعا للمسافة وطعامها ذكر الحبيب ووصله الذي ليس على قلب المحب الذ منه قال الامام ابن القيم رحمه الله وعادت بزورتها فاوفت بالذي وعادت وكان بملتقى الاجفان قال الشيخ احمد بن عيسى رحمه الله في شرحه قوله وعدت بزورتها اي انها وعدت بالزيارة فاوفت بالذي وعدت به في المنام ولهذا قال وكان بملتقى الاجفان وكما قال قبل ذلك لله زائرة بليل الى اخره من التوضيح وفي نسخة بمقلة الاجفان اي مجيئها كان بمقلته كقولهم احملك على رأسي وانك في عيني ونحوه قال الامام ابن القيم رحمه الله لم يفجأ المشتاق الا وهي داء خلة الستور بغير ما استئذان قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله لم يفجأ المشتاق اشارة الى ان شوقه اليها تشوقه اليه او ابلغ قوله الا وهي داء خلة السطور بغير ما استئذان لان الصبر على المحبوب ولو بقدر الاستئذان يعد من الجفاء او لان مشروعية الاستئذان اذا كان ما ثم حاجة متكررة فهي داخلة في قوله تعالى طوافون عليكم قال الامام ابن القيم رحمه الله قالت وقد كشفت نقاب الحسن ماء بالصبر لي عنان اراك يداني طمعا ولكن المنام دهان ان كنت كاذبة الذي حدثتني فعليك اثم الكاذب الفتان قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله ان كنت كاذبة الذي حدثتني هذا يسمى حسن التخلص عند اهل البديع وقد سبقه الى هذا حسان ابن ثابت رضي الله عنه حيث يقول من قصيدة يذكر فيها غزوة بدر وكيف فر المشركون فقال يهجو الحارث بن هشام ان كنت كاذبة الذي حدثتني فنجوت منجى الحارث بن هشام ترك الاحبة ان يناضل دونهم ونجى برأس طمرة ولجام قال الامام ابن القيم رحمه الله جهم ابن صفوان وشيعته الاولى جحدوا صفات الخالق الديان قال الشيخ احمد بن عيسى رحمه الله في شرحه قوله جهم ابن صفوان هو جهم بن صفوان الراسبي ابو محرز السمرقندي الضال المبتدع رأس الجهمية كان كاتبا للحارث ابن شريح فلما طرده تعبد وكان يغشى مجلس ابي حنيفة ثم احدث مقالته الخبيثة من التعطيل لصفات الرب تعالى وزعمه ان القرآن مخلوق ونفى الرؤية وجميع الصفات وقتله سالم بن احوز المازني وكان على شرطة خراسان بامر نصر ابن سيار سنة ثمان وعشرين ومئة من الهجرة وسالم هذا هو مقدم عساكر بني امية على خراسان قوله وشيعته الاولى اي الذين جحدوا صفات الخالق الديان والجهم هو اعظم الناس نفيا للصفات بل وللاسماء الحسنى قوله من جنس قول الباطنية القرامطة حتى ذكروا عنه انه لا يسمي الله شيئا ولا غير ذلك من الاسماء التي يسمي بها المخلوق لان ذلك بزعمه من التشبيه الممتنع وهذا قول القرامطة الباطنية وحكي عنه انه لا يسميه الا قادرا فاعلا لان العبد عنده ليس بقادر ولا فاعل اذ هو رأس المجبرة من التوضيح قال الامام ابن القيم رحمه الله بل عطلوا منه السماوات العلى والعرش اخلوه من الرحمن ونفوا كلام الرب جل جلاله وقضوا له بالخلق والحدثان قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله ونفوا كلام الرب جل جلاله وقضوا له اي لكلامه بالخلق والحدثان قال الامام ابن القيم رحمه الله قالوا وليس لربنا سمع ولا بصر ولا وجه فكيف يدان قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته هذا من باب الاولى والاحرى فانهم اذا نفوا السمع والبصر الذي قد اقر غيرهم من المبتدعة فنفيهم ما نفاه غيرهم من باب اولى واحرى والوجه كاليدين قال الامام ابن القيم رحمه الله وكذاك ليس لربنا من قدرة وارادة او رحمة وحنان كلا ولا وصف يقوم به سوى ذات مجردة بغير معاني قال الشيخ احمد بن عيسى رحمه الله في شرحه قوله كلا ولا وصف يقوم به هذا تعميم بعد تخصيص ومعنى يقوم به اي يتصف به قوله سوى ذات مجردة اي مفردة خالية من الصفات بغير معاني اي صفات وقوله كلا ولا وصف يقوم به الى اخره اي ان الباري تعالى عندهم لا يوصف الا بانه الوجود المطلق والوجود المطلق انما يكون في الاذهان لا في الاعيان انتهى من التوضيح قال الامام ابن القيم رحمه الله وحياته هي نفسه وكلامه هو غيره فاعجب لي ذا البهتان قال الشيخ احمد بن عيسى رحمه الله في شرحه قوله وحياته هي نفسه اي ان الصفات ترجع الى مجرد الذات المقدسة قوله وكلامه هو وغيره اي ان كلامه مخلوق من جهة المخلوقات لانه غيره وما كان غيره فهو مخلوق من التوضيح فاعجب لذا البهتان قال الامام ابن القيم رحمه الله وكذاك قالوا ما له من خلقه احد يكون خليله وخليله المحتاج عندهم وفي ذا الوصفية دخول عابد اوثاني بل كل مفتقر اليه لذاته في اسر قبضته ذليل ولأجلي ذا ضحى بجعد خالد قصري يوم ذبائح القربان قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله ولاجل ذا اي انكار الخلة والكلام ضحى بجعد خالد قصري يوم ذبائح القربان اي يوم عيد الاضحى وخالد هو ابن عبد الله القسري بفتح القاف البجلي اليماني امير مكة للوليد وسليمان ابني عبد الملك وامير العراقين لهشام بن عبدالملك كان بواسط ثم قتل بالكوفة سنة ست وعشرين ومئة من الهجرة وهو ابن ستين سنة واما الجعد ابن درهم فيقال انه من موالي بني مروان اصله من حران وسكن دمشق واخذ بدعته عن بيان ابن سمعان واخذها ابان عن طالوت ابن اخت لبيد ابن الاعصم وزوج ابنته عن لبيد بن الاعصم الساحر لعنه الله واقام الجعد بدمشق حتى اظهر القول بخلق القرآن فتطلبه بنو امية فهرب منهم فسكن الكوفة فلقيه بها الجهم ابن صفوان فتقلد عنه هذا القول واخذ عن الجهم الجريري ثم الترمذي بشر المريسي واخذ عن بشر احمد بن ابي دؤاد قال الامام ابن القيم رحمه الله اذ قال ابراهيم ليس خليله كلا ولا موسى الكليم الداني شكر الضحية كل صاحب سنة لله درك من اخيه قربان