آآ يكاد سنا برقه يذهب بالابصار. يقلب الله الليل والنهار ان في ذلك لعبرة لاولي الابصار. وقال تعالى الذي خلق سبع سماوات طباقا ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت كما ان الاسلام وصف بين الاديان فان اهل السنة وسط بين الفرق الاسلامية. وكما ان الاسلام قاض وحاكم ومهيمن على سائر الاديان فكذلك منهج الصحابة والفرقة الناجية حاكم على طوائف الاسلام الحمد لله كما علمنا ان نحمد والصلاة والسلام الاتمان الاكملان على نبيه محمد وعلى اله وصحبه اما بعد فيما يلي نشرع باذن الله تعالى في بيان النظر من حيث حكمه ووسيلته وغايته والمقارنة في ذلك بين اهل السنة والمتكلمين ان امتنا المسلمة هي امة القراءة فبالقراءة بدأ تكوينها وبناؤها وانشاء تصوراتها ومعتقداتها واقامة سائر نظمها وعلاقاتها وقواعد بنائها العقلي والنفسي كل ذلك بدأ بامر القراءة اقرأ باسم ربك الذي خلق. وتميزت هذه الامة بانها امة الجمع بين القراءتين اي قراءة الوحي الشريف وقراءة صفحات هذا الوجود وقراءة هذا الانسان القارئ نفسه. يقول الامام المحقق ابن قيم الجوزية رحمه الله تعالى الرب تعالى يدعو عباده في القرآن الى معرفته من طريقين احدهما النظر في مفعولاته والثاني التفكر في اياته وتدبرها فتلك اياته المشهودة وهذه اياته المسموعة المعقولة فالنوع الاول كما في قوله تعالى ان في خلق السماوات والارض واختلاف الليل والنهار لايات لاولي الالباب ومثل هذا في القرآن كثير والثاني كقوله عز وجل افلا يتدبرون القرآن؟ اما فيما يتعلق بقراءة الوحي الشريف والنظر في الايات التنزيلية فقد حث الله تبارك وتعالى عباده على تدبر ايات القرآن الكريم. فمن ذلك قوله عز وجل كتاب انزلناه اليك مبارك ليدبروا اياته وليتذكر اولو الالباب وقال سبحانه افلا يتدبرون القرآن ام على قلوب اقفالها وقال سبحانه افلم يتدبروا القول ام جاءهم ما لم يأت اباءهم الاولين وقال عز وجل انا انزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون وقال سبحانه كتاب فصلت اياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون ويكثر في القرآن العظيم الايات التي تشير الى ان الله ما انزل كتابه الكريم لمجرد التلاوة بل انزله ليعمل عمله في النفوس والقلوب والعقول كقوله تعالى لقوم يعقلون لقوم يتفكرون لقوم يذكرون لاولي الالباب وبين ان المؤمنين هم الذين ينتفعون بالنظر في ايات الله الكونية ايضا فقال سبحانه المتر ان الله انزل من السماء ماء فسلكه ينابيع في الارض ثم يخرج به ذرعا مختلفا الوانه ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يجعله حطاما ان في ذلك لذكرى لاولي الالباب وقال تعالى ان في خلق السماوات والارض واختلاف الليل والنهار لايات لاولي الالباب الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والارض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار. وقال جل وعلا المتر ان الله ان انزل من السماء ماء فاخرجنا به ثمرات مختلفا الوانها ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف الوانها وغرابيب سود ومن الناس والدواب والانعام الوانه كذلك انما يخشى الله من عباده العلماء ان الله عزيز غفور وبين عز وجل ايضا ان هناك فريقا من الناس اثر ان يغلق منافذ الحس ويعيش في ظلام مطبق بعيدا عن اعمال الفكر والقلب وتدبر ايات الله قال تعالى افلم يسيروا في الارض فتكون لهم قلوب يعقلون بها او اذان يسمعون بها فانها لا تعمى الابصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور وقال سبحانه قل انظروا ماذا في السماوات والارض وما توني الايات والنذر عن قوم لا يؤمنون وقال عز وجل وكأي من اية في السماوات والارض يمرون عليها وهم عنها معرضون وما يؤمن اكثرهم بالله الا وهم مشركون ويقول الشاعر فيا لك من ايات حق لو اهتدى بهن مريد الحق كن هواديا ولكن على تلك القلوب اكنة فليست وان اصغت تجيب المنادي لقد تكررت مادة نظر ومشتقاتها واستعمالاتها نحو خمس وعشرين ومئة مرة في القرآن الكريم والنظر والتبصر هو تقليب البصيرة لادراك حقائق الاشياء ومعرفتها بعد التأمل فيها وفحصها وطلب ذلك من خلال البراهين الحسية المشاهدة وقد دعا القرآن الكريم الى النظر وحث عليه. فقال تعالى قل انظروا ماذا في السماوات والارض وقال عز وجل قل سيروا في الارض فانظروا كيف بدأ الخلق وقال سبحانه اولم ينظروا في ملكوت السماوات والارض وما خلق الله من شيء وقال عز وجل افلم ينظروا الى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها وما لها من فروج. والارض مددناها والقينا فيها رواسي وام بتنا فيها من كل زوج بهيج تبصرة وذكرى لكل عبد منيب. وقال تعالى فلينظر الانسان الى طعامه انى صب بنا الماء صبا. ثم شققنا الارض شقا فانبتنا فيها حبا وعنبا وقبا وزيتونا ونخلا وقال سبحانه فلينظر الانسان مما خلق وقال عز وجل افلا ينظرون الى الابل كيف خلقت والى السماء كيف رفعت والى الجبال كيف نصبت والى الارض كيف سطحت وقال تعالى الم تر ان الله خلق السماوات والارض بالحق وقال سبحانه المتر ان الله انزل من السماء ماء فتصبح الارض مخضرة ان الله لطيف خبير وقال عز وجل الم تر ان الله يزجي سحابا ثم يؤلف بينه ثم يجعله ركاما فترى الودق يخرج من خلاله وينزل من السماء من جبال فيها من برد. فيصيب به من يشاء ويصرفه عمن يشاء فارجع البصر هل ترى من فتور ثم ارجع البصر كرتين ينقلب اليك البصر خاسئا وهو حسير وامر سبحانه بالنظر في احوال الامم السابقة فقال عز وجل فسيروا في الارض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين. وقال سبحانه افلم يسيروا في الارض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم دمر الله عليهم وللكافرين امثالها. حري بالمسلم الا يهدأ له بال ولا يكتحل بنوم ولا يهنأ بطعام ولا شراب حتى يتيقن انه من هذه الفرقة الناجية