وبيان انواع المصائب ومن حيث خرجت فولي وجهك شطر المسجد الحرام. وانه للحق من ربك وما الله اي ومن حيث خرجت في اسفارك وغيرها وهذا للعموم. فولي وجهك شطر المسجد الحرام اي جهة ثم خاطب الامة عموما فقال ومن حيث خرجت فولي وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنت وليتم نعمتي عليكم ولعلكم تهتدون وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطرا. وقال وانه للحق من ربك. اكده بان واللام لان لا يقع لاحد فيه ادنى شبهة ولان لا يظن انه على سبيل التشهي لا الامتثال. وما الله بغافل عما تعملون. بل هو مطلع عليكم في جميع احوالكم. فتأدبوا ومعه وراقبوه بامتثال اوامره واجتناب نواهيه. فان اعمالكم غير مغفول عنها. بل مجازون عليها اتم الجزاء. ان خيرا فخير وان شرا فشر. وقال هنا لان لا يكون للناس عليكم حجة. اي شرعنا لكم استقبال الكعبة المشرفة. لينقطع عنكم احتجاج الناس من اهل الكتاب والمشركين فانه لو بقي مستقبلا بيت المقدس لتوجهت عليه الحجة فان اهل الكتاب يجدون في كتابهم ان قبلته المستقرة هي الكعبة البيت الحرام. والمشركون يرون ان من مفاخرهم هذا البيت العظيم. وانه من ملة ابراهيم. وانه اذا لم يستقبله محمد صلى الله الله عليه وسلم توجهت نحوه حججهم وقالوا كيف يدعي انه على ملة ابراهيم وهو من ذريته؟ وقد ترك استقبال قبلته فباستقبال الكعبة قامت الحجة على اهل الكتاب والمشركين. وانقطعت حججهم عليه. الا من ظلم منهم. اي من احتج منهم بحجة وظالم فيها وليس لها مستند الا اتباع الهوى والظلم. فهذا لا سبيل الى اقناعه والاحتجاج عليه. وكذلك لا معنى لجعل الشبهة التي يريدونها على سبيل الاحتجاج محلا يؤبه لها. ولا يلقى لها بال. فلهذا قال تعالى فلا تخشوهم لان حجتهم باطلة. والباطل مخذول مخذول صاحبه. وهذا بخلاف صاحب الحق. فان للحق صولة وعزا. يوجب خشية من هو معه. وامر تعالى بخشيته التي هي اصل كل خير فمن لم يخشى الله لم ينكف عن معصيته ولم يمتثل امره. وكان صرف المسلمين الى الكعبة مما حصلت فيها فتنة كبيرة اشاعها اهل الكتاب والمنافقون والمشركون. واكثروا فيها من الكلام والشبه. فلهذا بسطها الله تعالى وبينها اكمل بيان. واكدها انواع من التأكيدات التي تضمنتها هذه الايات. منها الامر بها ثلاث مرات مع كفاية المرة الواحدة. ومنها ان المعهود الى ان الامر اما ان يكون للرسول فتدخل فيه الامة تبعا او للامة عموما. وفي هذه الاية امر فيها الرسول بالخصوص في قوله طول لي وجهك والامة عموما في قوله فولوا وجوهكم. ومنها انه رد فيه جميع الاحتجاجات الباطلة التي اوردها اهل العناد وابطلها شبهة شبهة كما تقدم توضيحها. ومنها انه قطع الاطماع من اتباع الرسول قبلة اهل الكتاب. ومنها قوله وانه الحق من ربك فمجرد اخبار الصادق العظيم كاف شاف. ولكن مع هذا قال وانه للحق من ربك. ومنها انه اخبر وهو العالم بالخفيات ان اهل الكتاب متقرر عندهم صحة هذا الامر. ولكنهم يكتمون هذه الشهادة مع العلم. ولما كانت اوليتهم ولنا الى استقبال القبلة نعمة عظيمة. وكان لطفه بهذه الامة ورحمته لم يزل يتزايد. وكلما شرع لهم شريعة فهي نعمة عظيمة. قال ولاتم نعمتي عليكم. فاصل النعمة الهداية لدينه. بارسال رسوله وانزال كتابه. ثم بعد ذلك النعم المتممات لهذا الاصل لا تعد كثرة ولا تحصر. منذ بعث الله رسوله الى ان قرب رحيله من الدنيا. وقد اعطاه الله من الاحوال والنعم واعطى امته ما به نعمته عليه وعليهم. وانزل الله عليه اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي. ورضيت لكم الاسلام دينا. فلله لله الحمد على فضله الذي لا نبلغ له عدا. فضلا عن القيام بشكره. ولعلكم تهتدون. اي تعلمون الحق وتعملون به. فالله تبارك وتعالى من رحمته بالعباد قد يسر لهم اسباب الهداية غاية التيسير. ونبههم على سلوك طرقها. وبينها لهم اتم تبيين حتى ان من جملة ذلك ان يقيض للحق المعاندين له فيجادلون فيه فيتضح بذلك الحق. وتظهر اياته واعلامه ويتضح بطلان الباطل وانه لا حقيقة له ولولا قيامه في مقابلة الحق لربما لم يتبين حاله لاكثر الخلق وبضدها تتبين الاشياء فلولا ما عرف فضل النهار ولولا القبيح ما عرف فضل الحسن ولولا الظلمة ما عرف منفعة النور ولولا الباطل ما اتضح الحق اتضاحا ظاهرا فلله الحمد على ذلك يتلو عليكم اياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة. ويعلمكم يقول تعالى ان انعامنا عليكم باستقبال الكعبة واتمامها بالشرائع والنعم المتممة ليس ذلك ببدع من احساننا ولا باوله. بل انعمنا عليكم باصول النعم ومتمماتها. فابلغها ارسالنا اليكم هذا الرسول الكريم منكم تعرفون نسبه وصدقه وامانته وكماله ونصحه. يتلو عليكم اياتنا وهذا يعم الايات القرآنية وغيرها فهو يتلو عليكم الايات المبينة للحق من الباطل. والهدى من الضلال. التي دلتكم اولا على توحيد الله وكماله. ثم على صدق رسوله بالايمان به ثم على جميع ما اخبر به من المعادي والغيوب. حتى حصل لكم الهداية التامة والعلم اليقيني. ويزكيكم ان يطهروا اخلاقكم ونفوسكم بتربيتها على الاخلاق الجميلة وتنزيهها عن الاخلاق الرذيلة. وذلك كتزكيتكم من الشرك الى التوحيد. ومن الرياء الى الاخلاص ومن الكذب الى الصدق. ومن الخيانة الى الامانة ومن الكبر الى التواضع. ومن سوء الخلق الى حسن الخلق. ومن التباغض والتهاجر والتقاطع الى التحاب والتواصل والتوادد وغير ذلك من انواع التزكية. ويعلمكم الكتاب اي القرآن الفاظه ومعانيه والحكمة قيل هي السنة وقيل الحكمة معرفة اسرار الشريعة والفقه فيها. وتنزيل الامور منازلها. فيكون على هذا التعليم السنة داخلا في تعليم الكتاب. لان السنة تبين القرآن وتفسره وتعبر عنه. ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون. لانهم كانوا قبل بعثته في ضلال مبين لا علم ولا عمل. فكل علم او عمل نالته هذه الامة فعلى يده صلى الله عليه وسلم وبسببه كان فهذه النعم هي اصول النعم على الاطلاق. ولا هي اكبر نعم ينعم بها على عباده. فوظيفتهم شكر الله عليها والقيام بها. فلهذا قال تعالى اذكركم فامر تعالى بذكره ووعد عليه افضل جزاء وهو ذكره لمن ذكره. كما قال تعالى على لسان رسوله من ذكرني في ذكرته في نفسي. ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم. وذكر الله تعالى افضله ما تواطأ عليه القلب واللسان هو الذكر الذي يثمر معرفة الله ومحبته وكثرة ثوابه. والذكر هو رأس الشكر. فلهذا امر به خصوصا. ثم من بعده امر بالشكر عموما فقال واشكروا لي اي على ما انعمت عليكم بهذه النعم. ودفعت عنكم صنوف النقم والشكر يكون بالقلب اقرارا بالنعم واعترافا وباللسان ذكرا وثناء. وبالجوارح طاعة لله وانقيادا لامره واجتنابا لنهيه. فالشكر فيه بقاء النعمة الموجودة وزيادة في المفقودة قال تعالى لئن شكرتم لازيدنكم. وفي الاتيان بالامر بالشكر بعد النعم الدينية من العلم وتزكية الاخلاق والتوفيق للاعمال بيان انها اكبر النعم. بل هي النعم الحقيقة التي تدوم اذا زال غيرها. وانه ينبغي لمن وفقوا لعلم او عمل ان الله على ذلك ليزيدهم من فضله. وليندفع عنهم الاعجاب فيشتغلوا بالشكر. ولما كان الشكر ضده الكفر نهى عن ضده وقال ولا تكفرون. المراد بالكفر هنا ما يقابل الشكر. فهو كفر النعم وجحدها وعدم القيام بها. ويحتمل ان يكون المعنى امن فيكون الكفر انواعا كثيرة اعظمه الكفر بالله ثم انواع المعاصي على اختلاف انواعها واجناسها من الشرك فما دونه امر الله تعالى المؤمنين الاستعانة على امورهم الدينية والدنيوية بالصبر والصلاة. فالصبر هو حبس النفس وكفها على ما تكره. فهو ثلاثة اقسام. صبرها على طاعة الله حتى تؤديها. وعن معصية الله حتى تتركها. وعلى اقدار الله المؤلمة فلا تتسخطها. فصلوا هو المعونة العظيمة على كل امر فلا سبيل لغير الصابر ان يدرك مطلوبه. خصوصا الطاعات الشاقة المستمرة فانها مفتقرة اشد الافتقار الى تحمل الصبر وتجرع المرارة الشاقة. فاذا لازم صاحبها الصبر فاز بالنجاح. وان رده المكروه والمشقة عن الصبر والملازمة عليها. لم يدرك شيئا وحصل على الحرمان وكذلك المعصية التي تشتد دواعي النفس ونوازعها اليها وهي في محل قدرة العبد. فهذه لا يمكن تركها الا قدر عظيم وكف لدواعي قلبه ونوازعها لله تعالى. واستعانة بالله على العصمة منها. فانها من الفتن الكبار. وكذلك البلاء عشاق خصوصا ان استمر فهذا تضعف معه القوى النفسانية والجسدية. ويوجد مقتضاها وهو التسخط. ان لم يقاومها صاحبها بالصبر لله التوكل عليه واللجأ اليه والافتقار على الدوام. فعلمت ان الصبر محتاج اليه العبد بل مضطر في كل حالة من احواله. فلهذا امر الله به واخبر انه مع الصابرين اي مع من كان الصبر لهم خلقا وصفة وملكة بمعونته وتوفيقه وتسديده فهانت عليهم بذلك المشاق والمكاره وسهل عليهم كل عظيم. وزالت عنهم كل صعوبة. وهذه معية خاصة تقتضي محبته ومعونته ونصره وقربه وهذه منقبة عظيمة للصابرين. فلو لم يكن للصابرين فضيلة الا انهم فازوا بهذه المعية من الله. لكفى بها فضلا وشرفا. واما الجمعية العامة فهي معية العلم والقدرة كما في قوله وهو معكم اينما كنتم. وهذه عامة للخلق. وامر تعالى بالاستعانة بالصلاة لان الصلاة هي عماد الدين ونور المؤمنين. وهي الصلة بين العبد وبين ربه. فاذا كانت صلاة العبد صلاة كاملة مجتمعا فيها ما يلزم فيها او ما يسن وحصل فيها حضور القلب الذي هو لبها. فصار العبد اذا دخل فيها استشعر دخوله على ربه ووقوفه بين يديه موقف العبد الخالق المتأدب مستحظرا لكل ما يقوله وما يفعله. مستغرقا بمناجاة ربه ودعائه. لا جرم ان هذه الصلاة من اكبر المعونة جميع الامور فان الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر. ولان هذا الحضور الذي يكون في الصلاة يوجب للعبد في قلبه وصفا وداعيا يدعوه الى امتثال اوامر ربه واجتناب نواهيه. هذه هي الصلاة التي امر الله ان نستعين بها على كل شيء في سبيل الله اموات بل احياء ولكن لا تشعرون. لما ذكر تبارك وتعالى الامر وبالاستعانة بالصبر على جميع الامور. ذكر نموذجا مما يستعان بالصبر عليه. وهو الجهاد في سبيله. وهو افضل الطاعات البدنية واشقها على النفوس لمشقته في نفسه ولكونه مؤديا للقتل وعدم الحياة. التي انما يرغب الراغبون في هذه الدنيا لحصول الحياة ولوازمها. فكل ما يتصرفون به فانه سعي لها. ودفع لما يضادها. ومن المعلوم ان المحبوب لا يتركه العاقل. الا لمحبوب اعلى منه واعظم اخبر تعالى ان من قتل في سبيله بان قاتل في سبيل الله لتكون كلمة الله هي العليا ودينه الظاهر لا لغير ذلك من الاغراض فان انه لم تفوته الحياة المحبوبة بل حصل له حياة اعظم واكمل مما تظنون وتحسبون. فالشهداء احياء عند ربهم يرزقون. فرح بما اتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم. الا خوف عليهم ولا هم يحزنون. يستبشرون بنعمة من الله وفضل وان الله لا يضيع اجر المؤمنين. فهل اعظم من هذه الحياة المتضمنة للقرب من الله تعالى؟ وتمتعهم برزقه البدني من المأكولات والمشروبات اللذيذة والرزق الروحي. وهو الفرح والاستبشار. وزوال كل خوف وحزن. وهذه حياة برزخية. اكمل من الحياة الدنيا بل قد اخبر النبي صلى الله عليه وسلم ان ارواح الشهداء في اجواف طيور خضر ترد انهار الجنة وتأكل من ثمارها وتأوي الى قناديل معلقة بالعرش. وفي هذه الاية اعظم حث على الجهاد في سبيل الله وملازمة الصبر عليه. فلو شعر العباد بمال المقتولين ان في سبيل الله من الثواب لم يتخلف عنه احد ولكن عدم العلم اليقيني التام هو الذي فتر العزائم وزاد نوما نائم فات الاجور العظيمة والغنائم. لما لا يكون كذلك؟ والله تعالى قد اشترى من المؤمنين انفسهم واموالهم. بان لهم الجنة يقاتلون هنا في سبيل الله فيقتلون ويقتلون. فوالله لو كان للانسان الف نفس تذهب نفسا فنفسا في سبيل الله. لم يكن عظيما في جانب هذا العظيم ولهذا لا يتمنى الشهداء بعد ما عاينوا من ثواب الله وحسن جزاءه الا ان يردوا الى الدنيا حتى يقتلوا في سبيله مرة بعد مرة وفي الاية دليل على نعيم البرزخ وعذابه. كما تكاثرت بذلك النصوص الخوف والجوع ونقص من الاموال والانفس والثمرات ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الاموال والانفس والثمرات وبشر الصابرين اخبر تعالى انه لابد كأن يبتلي عباده بالمحن ليتبين الصادق من الكاذب والجازع من الصابر. وهذه سنته تعالى في عباده. لان السراء لو استمرت لاهل الايمان ولم يحصل معها محنة لحصل الاختلاط الذي هو فساد. وحكمة الله تقتضي تمييز اهل الخير من اهل الشر. هذه فائدة المحن. لا صلاة ما مع المؤمنين من الايمان ولا ردهم عن دينهم. فما كان الله ليضيع ايمان المؤمنين. فاخبر في هذه الاية انه سيبتلي عباده شيء من الخوف من الاعداء والجوع اي بشيء يسير منهما. لانه لو ابتلاهم بالخوف كله او الجوع لهلكوا. والمحن تمحص لا تهلك ونقص من الاموال وهذا يشمل جميع النقص المعنوي للاموال من جوائز سماوية وغرق وضياع واخذ الظلمة للاموال من الملوك الظلمة وقطاع الطريق وغير ذلك. والانفس اي ذهاب الاحباب من الاولاد والاقارب والاصحاب. ومن انواع الامراض في بدن العبد او بدن من يحبه والثمرات اي الحبوب وثمار النخيل والاشجار كلها والخضر ببرد او برد او حرق او افة سماوية من جراد ونحوه. فهذه الامور لابد ان تقع لان العليم الخبير اخبر بها. فوقعت كما اخبر. فاذا وقعت انقسم ناس قسمين جازعين وصابرين. فالجازع حصلت له المصيبتان. فوات المحبوب وهو وجود هذه المصيبة. وفوات ما هو اعظم منها وهو الاجر بامتثال امر الله بالصبر. ففاز بالخسارة والحرمان ونقص ما معه من الايمان. وفاته الصبر والرضا والشكران. وحصل له السخط الدال على شدة النقصان. واما من وفقه الله للصبر عند وجود هذه المصائب. فحبس نفسه عن التسخط قولا وفعلا. واحتسب اجرها عند الله وعلم ان ما يدركه من الاجر بصبره اعظم من المصيبة التي حصلت له. بل المصيبة تكون نعمة في حقه. لانها صارت طريقا لحصول فهو خير له وانفع منها. فقد امتثل امر الله وفاز بالثواب. فلهذا قال تعالى وبشر الصابرين. اي بشرهم بانهم يوفون اجرهم وهم بغير حساب. فالصابرون هم الذين فازوا بالبشارة العظيمة والمنحة الجسيمة. ثم وصفهم بقوله الذين اذا اصابتهم المصيبة وهي كل ما يؤلم القلب او البدن او كليهما مما تقدم ذكره. قالوا انا لله اي مملوكون لله ودبرون امره وتصريفه فليس لنا من انفسنا واموالنا شيء. فاذا ابتلانا بشيء منها فقد تصرف ارحم الراحمين بمماليكه واموالهم اعتراض عليه بل من كمال عبودية العبد. علمه بان وقوع البلية من المالك الحكيم الذي ارحم بعبده من نفسه. فيوجب له ذلك الرضا عن الله والشكر له على تدبيره لما هو خير لعبده وان لم يشعر بذلك. ومع اننا مملوكون لله فانا اليه راجعون يوم المعاد. فمجاهدة كل عامل بعمله. فان صبرنا واحتسبنا وجدنا اجرنا موفرا عنده. وان جزعنا وسخطنا لم يكن حظنا الا السخط وفوات الاجر ابن العبد لله وراجع اليه من اقوى اسباب الصبر. عليهم صلوات اولئك الموصوفون بالصبر المذكور عليهم صلوات من ربهم اي ثناء وتنويه بحالهم. ورحمة عظيمة. ومن رحمته اياهم ان وفقهم للصبر الذي ينالون به كمال الاجر واولئك هم المهتدون الذين عرفوا الحق. وهو في هذا الموضع علمهم بانهم لله وانهم اليه راجعون. وعملوا به وهو هنا صبرهم لله. ودلت هذه الاية على ان من يصبر فله ضد ما لهم. فحصل له الذم من الله والعقوبة والضلال والخسار ما اعظم الفرق بين الفريقين وما اقل تعب الصابرين واعظم عناء الجزعين. فقد اشتملت هاتان الايتان على توطين النفوس على المصائب قبل وقوعها لتخف وتسهل اذا وقعت. وبيان ما تقابل به اذا وقعت وهو الصبر. وبيان ما يعين على الصبر. وما للصابر من الاجر ويعلم حال غير الصابر بضد حال الصابر. وان هذا الابتلاء والامتحان سنة الله التي قد خلت. ولن تجد لسنة الله تبديلا