وزادكم ايمانا وعلى ربهم يتوكلون. الذين يقيمون الصلاة ومن انا رزقناهم ينفقون. اولئك هم المؤمنون حقا. لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم. فذكر في هذه الاية ما يثمره الايمان المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله الفصل الاول في عقائد الدين الكلية. قال تعالى قولوا امنا بالله وما انزل الينا او ما انزل الى ابراهيم. الى ابراهيم واسماعيل واسحاق يعقوب والاسباط وما اوتي موسى وعيسى وما اوتي موسى وعيد وما اوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين احد منهم ونحن له مسلمون. وفي القرآن ايات كثيرة تشرح هذه الاصول الكلية وتفصلها. وتبين اسماء الله وصفاته وافعاله والاءه وتفصل احوال اليوم الاخر وما فيه من الحساب والعدل والفضل والثواب والعقاب. وتبين احوال الرسل عليهم الصلاة والسلام واوصافهم وهداهم وما دعوا اليه والكتب المنزلة عليهم وما فيها من الحقائق النافعة والهداية المتنوعة. وقد جمع الله في هذه في الاية بين الامر الموجه الى الظاهر والباطن قول اللسان والاعتراف والتحقق بالقلب بجميع هذه الاصول. وبين الخضوع والانقياد في الباطن الظاهر والاخلاص التام لله بجميع حقوق الدين. فهذه العقائد الصحيحة النافعة تملأ القلوب امنا وايمانا ويقينا ونورا وهداية عبدا لله وتألها له وانابة اليه في كل الاحوال. ولجوءا اليه في كل النوازل والمهمات. وطمأنينة بمعرفته وسكونا الى فذكره والثناء عليه وتوجب للعبد قوة التوكل على الله والاعتماد الكامل والاستعانة به في مزاولة الاعمال الدينية والدنيوية وكلما ضعفت ارادة العبد ووهت قوته في محاولة المهمات امده هذا الامام الصادق بقوة قلبية تتبعها الاعمال البدنية. وكلما احاطت به المخاوف كان هذا الايمان حصنا حصينا يلجأ اليه المؤمن فيطمئن قلبه وتسكن نفسه. قال تعالى الذين قال لهم ان الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم ايمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم. وهذا الايمان الصادق واليقين الصحيح. يحمل صاحبه على العزة والقوة والشجاعة القولية والفعلية انه متى يتيقن العبد ان الله هو النافع الضار المعطي المانع. وان من اعتز به فهو عزيز. ومن التجأ لغيره فهو الذليل. وان قلق كلهم فقراء الى الله لا ينفعون ولا يضرون. اوجب له ذلك القوة بالله والالتجاء اليه. والا يخاف ولا يرجو احدا غير الله ولا يطمع الا في فضله. وبهذا يتم له التحرر من رق المخلوقين. والا يعلق قلبه باحد منهم في نفع ولا دفع ولا تضر بل يكون الله وحده مولاه وناصره يتولاه في طلب المنافع ويستنصره في دفع المضار فيتم له من كفاية المولى وتيسيره تيسير اموره ما لا يتم لمن لم يكن معه هذا الايمان ويحصل له من قوة القلب وشجاعته ما لا يصل اليه من لم يبلغ درجته. وهذا من ثمرات الايمان الصحيح. ومن ثمراته ايضا ان يسلي العبد عند المصائب ويهون عليه الشدائد والنوائب. ومن يؤمن بالله يهدي قلبه وهو العابد الذي تصيبه المصيبة في علم انها من عند الله وان ما اصابه لم يكن ليخطئه وما اخطأه لم يكن ليصيبه. فيرضى ويسلم اقدار المؤلمة وتهون عليه المصائب المزعجة بصدورها من عند الله وايصالها الى ثوابه. قال تعالى ولا تهينوا في ابتغاء القوم ان تكونوا تألمون فانهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون. وكان الله عليما حكيما. ولهذا يوجد عند المؤمنين الصادقين حين تصيبهم النوازل والقلاقل والابتلاء من الصبر والثبات والطمأنينة والسكون والقيام بحق الله. ما لا يوجد عشرا معشاره عند من ليس كذلك وذلك لقوة الايمان واليقين. ومن ثمرات الايمان الصادق انه يقوي الرغبة في فعل الخيرات والتزود من من الاعمال الصالحات ويدعو الى الرحمة والشفقة على المخلوقات وذلك بسبب داعي الايمان وبما يحتسبه العبد عند الله من الثواب الجزيل ومن ثمراته ايضا انه ينهى عن الشرور والفواحش كلها ما ظهر منها وما بطن. ويحذر من كل خلق رذيل. قال تعالى انما المؤمنون الذين اذا ذكر الله وجلت قلوبهم. واذا تليت عليهم اياته من اعمال القلوب والجوارح والقيام بحق الله وحق الخلق. فهذه الاخلاق الحميدة هل يتوصل اليها بغير الايمان؟ وهل يعصم العبد من انحلال الاخلاق المؤدية الى الهلاك الا الايمان. وهل اودت بكثير من الخلق الامور المادية والشهوات البهيمية والاخلاق السبعية وهبطت بهم الى الهلاك الا حين فقدت رح الايمان. وهل تؤدى الامانات والحقوق الواجبة بغير وازع الايمان؟ وهل تثبت القلوب عند المزعجات وتطمئن النفوس عند الكريهات الا بعدة الايمان. وهل تقنع النفوس برزق الله وتتم لها الراحة والحياة الطيبة في هذه الدار الا بقوة الايمان وهل يتحقق العبد بالصدق في اقواله وافعاله ومعاملاته ويكون امينا شريفا معتبرا عند الله وعند خلقه الا بالايمان فكل اس تنبني عليه هذه الامور الجليلة سوى الايمان فهو منهار. وكل رقي مادي لا يصحبه الايمان فهو هبوط ودمار الاوان يحمل العبد على الصبر على قضاء الله والشكر لنعم الله والشفقة على عباد الله والتخلق بكل خلق جميل والتخلي من كل خلق رذيل. ومصداق ذلك ما هو موجود في كل متصف بالايمان. ومفقود ممن لم يكن كذلك. فان وجدت موصوفا بعض هذه الصفات وهو غير ملتزم للاسلام. فعن الدين الاسلامي قد اخذها. وقد يصبغها بغير صبغة الدين. فليأتي المعترض بمثال واحد يخرج عن هذا الاصل ان كان صادقا. فان الدين يهدي للتي هي اقوم ويدعو الى كل خير. قال تعالى يا ايها الذين امنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون. وقال سبحانه ولتكن منكم امة يدعون الى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر واولئك هم المفلحون. ومن ثمرات الايمان انه يأمر بالعدل والقسط في جميع المعاملات واداء الحقوق المتنوعة الواقعة بين الناس. وينهى عن الظلم في الدماء والاموال والاعراض والحقوق كلها وهل يمكن صلاح هذه الامور الا بالعدل والقسط الذي هو روح الدين وقوامه. قال تعالى ان الله يأمر بالعدل والاحسان وايتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي. وقال تعالى الا يا ايها الذين امنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله شهداء لله ولو على انفسكم او الوالدين والاقربين يكن غنيا او فقيرا فالله اولى بهما. واذا اعتبرت تفاصيل العدل في الاحكام الشرعية المتعلقة بالعقود والمعاملات من معاوضات وشركات وحقوق المواريث والزوجية والاقارب والمعاملين. وجدتها في غاية العدل والانتظام اصلحي للاحوال الجالب للمنافع الدافع للمضار والمفاسد. اصل تابع لما قبله. وهذا الايمان الصحيح الشامل لاصول الايمان وحقائقه يتضمن الخضوع الكامل لله والانابة اليه في كل الاحوال. وذلك هو غاية صلاح القلوب والارواح. فيدخل فيه الاخلاص لله في عبوديته والاحسان المتنوع بكل وجه لله الخالق. ويدخل فيه الايمان بكل كتاب انزله الله وبكل رسول ارسله الله وبكل حق نزلت به الكتب وجاءت به الرسل واتفقت عليه الفطر السليمة والعقول المستقيمة. وهو الدين المزكي للقلوب المطهر للنفوس منمي للاخلاق دين الحكمة والفطرة دين العقل الصحيح والنقل الصريح. دين يبرأ من الوثنيات والالحاد وانحلال الاخلاق. دين قد جاء جميع الطيبات والمنافع وتحريم الخبائث والمضار. يأمر بكل معروف شرعا وعقلا. وينهى عن كل منكر وبغي وعدوان. دين فيه صلاح القلوب والاجساد والسعي لكل منفعة دينية ودنيوية معينة على الدين. دين نزل من عند العزيز الحميد لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد. لا يتمكن مبطل من نقد اصل من اصوله. ولا يخبر بما تحيله العقول. بل بما تشهد به العقول الصحيحة او لا الى تفصيله وبيانه دين جمع الانبياء والمرسلين وعليه جميع الاصفياء والعلماء الربانيين ائمة الهدى ومصابيح الدجى ونبذه كل مشرك وجاحد ممن مرضت عقولهم وانحلت اخلاقهم وطغت عليهم المادة فدمرت اديانهم تدميرا. المؤمن بالله حقا قد اقتنع المؤمن بالله حقا قد تنعم بعبادة الله راجيا ثوابه. وتنعم بنصيبه من الدنيا على الوجه الاكمل فانه تناول من حله ووضعه في محله قاصدا به قيام ما عليه من الواجبات مستعينا به على عبادة ربه. المؤمن وصفه التواضع للخلق وللحق يتبع الحق اين كان ويدين بالنصيحة لعباد الله على اختلاف مراتبهم والجاحد وصفه التكبر على الحق وعلى الخلق والاعجاب بالنفل لا يدين بنصيحة احد من الخلق المؤمن سليم القلب من الغش والغل والحقد صدوق اللسان حسن المعاملة. وصفه الحلم والوقار والسكينة والصبر والرحمة والوفاء والثبات لا يذل الا لله قد صان قلبه ووجهه عن بذله وتذلله لغير ربه قد جمع بين السعي في فعل الاسباب النافعة والتوكل على الله والثقة به وطلب العون منه في كل الامور. وبقوة توكله وثقته وطمعه بربه قد يسره الله لليسرى وجنبه العسرى. اذا الدنيا والنعم والمحاب تلقاها بالشكر وصرفها فيما ينفعه ويعود عليه بالخير. واذا اصابته المكاره تلقاها بالصبر والاحتساب الاجر والثواب والرجاء لفرج الله بزوالها. فيكون ما عوض من الخير والايمان والطمأنينة اعظم مما فاته من محبوب او حصل له من المكروه فهذه الخصال الجميلة من عقائد صادقة واخلاق راقية واداب سامية. هل يمكن ان يتصف بها الا المؤمن حقا؟ وهي من اكبر البراهين على ان الدين بعقائده واخلاقه هو الدين الحق الذي يؤول اليه اولو الالباب والحجى. وارباب البصائر والنهى ولا يزهد فيه الا الارذال الذي نختار الضلالة على الهدى والشقاوة بالسعادة لها في على المؤمنين الاخيار وحنين المتتابع على الصادقين الابرار الذين عمرت قلوبهم بمعرفة محبة الله ومحبته ولهجت السنتهم بذكر الله والثناء عليه وعمرت اوقاتهم بطاعته وخدمته. وحنوا بهذا الايمان الحقيقي على الخلق بالرأفة رحمة والنصح ومنعهم هذا الايمان من كل خلق رذيل كما حثهم على كل خلق جميل. اين الامام الصحيح من اهل الرياء والتملق والنفاق واين الايمان ممن دأبهم الفسوق والعصيان والشقاق؟ اين الايمان من المعرضين عن معرفة الله ومحبته الناكبين عن طاعته وخدمته؟ واين ممن ملئت قلوبهم بالتعلق بالحب والتعظيم والخوف والرجاء للمخلوقين. وخلت من تعلقها برب العالمين. اين الايمان من الطعانين اللعانين واين الايمان من الكذابين والنمامين؟ واين الايمان من المعاملين بالربا والغشاشين؟ فليس الايمان بالتحلي والتمني وانما الايمان ما وقر في القلوب وصدقته الاعمال عند التمحيص والتحقيق. والامتحان يظهر الكاذب وصادق الايمان