المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله القرآن هو الفرقان. قال الله تعالى تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا. وصف الله القرآن بهذا هذا الوصف الجليل المطابق للواقع فان الفرقان هو العلم النافع الصحيح الذي يوضح الحقائق ويميز بين مراتب الاشياء بينات قال تعالى يا ايها الذين امنوا ان تتقوا الله يجعل لكم فرقانا. اي علما ومعارف عظيمة نافعة يفرقون بها بين الامور النافعة والامور الضارة. فعلوم القرآن تعطي العالم بها فرقانا يفرق بين الحق الصحيح وبين من الباطل الفاسد فانه وضح الحق والاصول والعقائد وبينها بطرقها وبراهينها. فبين التوحيد والرسالة والمعاد بيان انا كافيا شافيا بادلتها وبراهينها التي لا تبقي شكا ولا ريبا ولا اشكالا. وابطل ما يضاد ذلك وينادي فيه ويعارضه بالبراهين الدالة على بطلانه. وفرق بين الصراط المستقيم المتضمن معرفة الحق والانقياد له وبين سبل الاخرى وهي سبل المذاهب الباطلة والطرائق الفاسدة. واقام الادلة على فسادها شرعا وعقلا. وفرق بين اولياء الله بذكر صفاتهم وايمانهم واخلاقهم واعمالهم الجميلة الصالحة. وبين اعداء الله بذكر انحراف عقائدهم وضلالهم وسوء مقاصدهم واخلاقهم الرذيلة واعمالهم الفاسدة. وفرق بين الدين الحق الصحيح وهو دين الاسلام الذي يدعو الى الايمان بكل رسول ارسله الله وبكل كتاب انزله الله والا نفرق بين احد من رسله وبين شيء من كتبه بل نؤمن الحق الذي نزلت به الكتب وارسلت به الرسل كلهم. فجمع الدين الاسلامي جميع الاديان الصحيحة. وقرر الحقائق كلها. وذكر ترى انحراف من تناقض في دينه وايمانه فامن ببعض الرسل وبعض الكتب دون بعض. واخبر انه بهذا الايمان المنحرف تناقض وان كفره ببعض الكتب وبعض الرسل يعود على ايمانه الذي زعمه بالابطال. فان الرسل يصدق بعضهم بعضا ويؤمن بعضهم ببعض والكتب السماوية كذلك. وتكذيب بعضهم تكذيب للجميع. ولهذا قال تعالى عن هؤلاء الضالين الضالين الظالمين ان الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون ان يفرقوا ويريدون ان يفرقوا بين الله ورسله ويقولون. ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون ان يتخذوا بين ذلك سبيلا وقال تعالى امرا جميع الخلق قولوا امنا بالله وما انزل الينا وما انزل وما انزل الى ابراهيم واسماعيل واسحاق ويعقوب والاسباط ما اوتي موسى وعيسى وما اوتي موسى وعيسى وما اوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين احد منهم ونحن له مسلمون. فبهذا الايمان الذي امر الله به الخلق كلهم جمع الحق كله والدين ان الصحيح كله واحتوى على اقرار جميع الحقائق الصادقة والحث على جميع العلوم النافعة والمعارف الصحيحة والاخلاق الجميلة والاعمال الصالحة المصلحة للدين والدنيا المصلحة للعقول والقلوب والارواح في الدين والدنيا والاخرة. واخبر تعالى ان هذا القرآن يهدي للتي هي اقوم اي ازكى وافضل واكمل من العقائد والاخلاق والاعمال والعلوم والمعارف والصلاة المطلق والاصلاح والفلاح. وفرق ايضا بين الحلال والحرام والطيب والخبيث. فامر واباح كل طيب نافع من اقوال والافعال الظاهرة والباطنة ومن المآكل والمشارب والملابس والمناكح والمعاملات والاستعمالات. فكل طيب نافع ان اباحه وامر به بحسب حاله وكل خبيث ضار من هذه المذكورات منعه وحرمه. وحذر الخلق عنه رحمة بهم في الامرين فيما اباحه لنفعه وخيره وبركته. وفيما حرمه لضرره وشره. وفرق بين حق الله الخاص وهو بوحدانيته وانه ليس له شريك في شيء من خصائص اوصافه والقيام بعبوديته على وجه الاخلاص والاحسان وبين بحق رسوله الخاص من التوقير والتعزيز والنصرة وتوابعها. وبين الحق المشترك وهو الايمان به وبرسوله ومحبته ومحبة رسوله وطاعته وطاعة رسوله. فهذه لله اصلا ولرسوله تبعا. كما فرق بين حقوقه من العباد ذات كلها وبين حقوق خلقه على اختلاف حقوقهم ومراتبهم من الوالدين والاولاد والاقارب والاصحاب والجيران ابناء السبيل والمساكين والمعاملين والزوجات والازواج. فذكر حقوق هؤلاء مجملة مفصلة حصل بها الفرقان بين من قام بها استحق الثواب الجزيل ومن اهملها او بعضها فاستحق من العقاب بحسب حاله. وفرق بين الاموال التي تؤكل بحق وهي الحاصلة بكل طريق مباح شرعي. وبين الاموال التي تؤكل بالباطل وبغير حق من المعاملات الفاسدة والاستيلاء عليها بغير حق. فذكرها موضحة مفصلة وبين المواريث ومستحقيها واحكام الانكحة وشروطها محرماتها وحقوقها والطلاق والرجعة والعدد وبين الجنايات على النفوس والاموال وموجباتها. وما يترتب عليها من والضمانات. وفرق بين الايمان الصحيحة المنعقدة وبين غيرها من الايمان المحرمة او غير المنعقدة والنذور. وبين احكامي والاقضية العادلة وطرقها وبيناتها ومتعلقاتها. وذكر ما يضاد ذلك وينافيه. وفرق بين العلوم النافعة التي تعين على الدين والدنيا وتنفع في العاجل والاجل فحث عليها وامر بها. وبين العلوم الضارة التي كلها ضرر او ضررها اكثر من نفعها ونهى عنها وحذر منها. فما من علم نافع ومعرفة صحيحة وخلق جميل. وعمل صالح اعي نافع الا بينه وحث عليه ونهى عن ضده فلا بقي شيء يحتاج الى تفصيل وتوضيح وفرقان الا كان هذا القرآن كفيلا ببيانه كافيا للمقبلين عليه. ولا تزال علومه ميسرة للمتذكرين. وكنوزه معدة للمتدبرين واياته ظاهرة للعالمين